ليبيا: مقتل 5 جنود قرب درنة وحواجز لـ«داعش» في ضواحي سرت

TT

ليبيا: مقتل 5 جنود قرب درنة وحواجز لـ«داعش» في ضواحي سرت

قُتل خمسة من جنود الجيش الليبي الذي يقوده المشير خليفة حفتر في اشتباكات قرب مدينة درنة التي تسيطر عليها جماعات متشددة في شرق ليبيا، في وقت وردت تقارير عن نصب عناصر من تنظيم داعش حواجز جنوب مدينة سرت، التي كانت حتى شهور قليلة مضت «عاصمة» هذا التنظيم الإرهابي في ليبيا. وتزامنت هذه التطورات مع مزاعم عن اقتحام ميليشيات مسلحة مقر هيئة صياغة الدستور في مدينة البيضاء، شرق ليبيا.
وقال رئيس هيئة صياغة الدستور نوح عبد السيد المغربي، أمس، إن مقر الهيئة وكل أعضائها بخير ولم يصب أحد منهم بأذى، موضحاً أن المقر يحظى بحماية أمنية. لكنه أوضح، في المقابل، أن عشرات المتظاهرين دخلوا مقر الهيئة مساء أول من أمس، لكنهم لم يكونوا مسلحين، لافتاً إلى أن الهيئة تعمل من مقرها في البيضاء منذ ثلاثة أعوام من دون أي مشاكل أمنية. وكان المغربي قد دعا أعضاء الهيئة إلى عقد اجتماع أمس لإعادة التصويت على مسودة الدستور، بعد رفع جلسة مساء أول من أمس، على إثر دخول المحتجين إلى مقر الاجتماع.
وتحدثت مصادر أخرى عن «حصار» فرضه مسلحون مجهولون على مقر هيئة الدستور، احتجاجاً على تصويت الأعضاء بالموافقة على مسودة دستور جديد بأغلبية 43 صوتاً من أصل 44.
وعبّرت بعثة الأمم المتحدة في ليبيا، في بيان مقتضب، عن عدم رضاها في شأن التقارير التي تفيد بوقوع اعتداء على مقر الهيئة التأسيسية لصياغة الدستور في مدينة البيضاء، معتبرة أن الهيئة منتخبة ومستقلة ويجب السماح لها بالعمل دون تهديد أو تدخل.
إلى ذلك، توعد الجيش الوطني الليبي، على لسان الناطق الرسمي باسمه العقيد أحمد المسماري، بأن يرد «بشكل قوي على التدخل الإيطالي في سواحل ليبيا». وقال المسماري إن القائد العام للجيش المشير حفتر «لن يقبل بتقسيم ليبيا، ولن يقبل بتواجد المشروعات الأجنبية فيها». ووصف الناطق الليبي التدخل الإيطالي بأنه «استهتار يستهدف التشويش» على المبادرة الفرنسية التي جمعت حفتر برئيس حكومة الوفاق فائز السراج قرب باريس.
من جانبه، انتقد عبد السلام البدري، نائب عبد الله الثني رئيس الحكومة الانتقالية في شرق البلاد، ما وصفه بسماح السراج للسلطات الإيطالية بإدخال بوارجها إلى المياه الإقليمية الليبية بحجة مكافحة الهجرة غير الشرعية. ونقلت وكالة الأنباء الليبية عن البدري قوله إن «السراج لا يملك الشرعية لمنح أي أذونات لقوات أجنبية بالتدخل في شأننا الداخلي»، مضيفاً أن عليه الرجوع إلى البرلمان المعترف به دولياً للحصول على الموافقة قبل منح الإذن للإيطاليين بدخول المياه الليبية.
وكان السراج الذي عاد مساء أول من أمس إلى طرابلس عقب جولة شملت فرنسا وإيطاليا والجزائر، انتقد إثارة لغط حول «السيادة»، قائلاً إنه اتفق على السماح لقوات قتالية إيطالية تشمل سفنا ومروحيات وطائرات بدخول المياه الإقليمية الليبية، مضيفاً أن ما طلبه من إيطاليا هو مساعدات لوجيستية وبرامج تدريب لخفر السواحل وحرس الحدود «حتى تتمكن قواتنا من إنقاذ حياة المهاجرين، ومواجهة المنظمات الإجرامية التي تقف وراء تدفق المهاجرين غير الشرعيين وعمليات التهريب بمختلف أشكاله، وباتت تمتلك قدرات تفوق ما لدينا». وأكد أن سيادة ليبيا «خط أحمر».
ميدانياً، قُتل خمسة جنود من القوة المساندة لقوات الجيش الوطني الليبي، وأصيب 4 آخرون أثناء صد هجوم قام به عناصر «مجلس شورى درنة» الإرهابي في شرق ليبيا. وقال مصدر عسكري إن مجموعات إرهابية استهدفت 3 نقاط تابعة لقوات الجيش جنوب درنة. وأفيد بأن جندياً قُتل وأصيب اثنان من رفاقه أثناء محاولة إنقاذ قائد طائرة حربية من طراز «ميغ 23» أسقطها بصاروخ، كما تردد، عناصر «مجلس شورى درنة». وقُتل الطيار في تحطم الطائرة التي كانت تشارك في غارات على مواقع المتشددين في المدينة.
على صعيد آخر، نقل موقع «بوابة الوسط» الليبي عن مصادر محلية بضواحي سرت أن عناصر من تنظيم داعش نصبوا نقطة تفتيش على طريق الخط الزراعي ليلة السبت - الأحد. وأضافت المصادر أن عناصر التنظيم أوقفوا إحدى السيارات المارة وفتشوها بحثاً عن عسكريين أو عناصر من الشرطة. ولفت الموقع إلى أن دوريات تابعة لقوات «البنيان المرصوص» (التي تهيمن عليها مدينة مصراتة) توغلت في مشروع اللود الزراعي، تحت غطاء جوي، ومشطت المنطقة بحثاً عن عناصر هاربة من سرت العام الماضي، وكذلك طريق الجفرة جنوب سرت بمطار السبعين. وطردت قوات «البنيان المرصوص» تنظيم داعش من معقله في سرت بعد معارك استمرت شهوراً، وشاركت فيها طائرات أميركية.



دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
TT

دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)

مع توجّه الحكومة اليمنية بطلب إلى الأمم المتحدة لعقد مؤتمر للمانحين لجهة دعم خطة الاستجابة الإنسانية في البلاد، بعد تزايد الاحتياجات الإنسانية الملحَّة، جددت منظمات دولية وأممية الدعوة إلى زيادة التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية.

وفي حين تواصل الجماعة الحوثية إعاقة جهود الإغاثة في البلاد، ذكر الإعلام الرسمي أن سفير اليمن لدى الأمم المتحدة، عبد الله السعدي، أكد على ضرورة أن تظل الأزمة الإنسانية في اليمن على رأس أولويات الأمم المتحدة والمجتمع الدولي للحد من المعاناة المتزايدة، داعياً إلى تكثيف الجهود للإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المختطَفين والمعتقَلين، ومحاسبة المسؤولين عن مختلف الانتهاكات، في إشارة إلى الجماعة الحوثية.

وفي بيان اليمن أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، خلال الجلسة الخاصة بتعزيز تنسيق المساعدات الإنسانية والإغاثية، حذَّر السعدي المجتمع الدولي من خطورة تجاهل الانتهاكات التي ترتكبها الجماعة الحوثية لخدمة أجندتها السياسية، بما في ذلك استخدام المساعدات الإنسانية لخدمة أهدافها العسكرية وتحويل المناطق الخاضعة لسيطرتها إلى سجون لمن يعارضونها.

أكثر من 19 مليون يمني بحاجة إلى المساعدات خلال العام المقبل حسب تقديرات أممية (الأمم المتحدة)

وأعاد البيان اليمني التذكير بأهمية نقل مقرات الوكالات الأممية والمنظمات الدولية إلى العاصمة المؤقتة عدن لضمان سلامة العاملين في المجال الإنساني، وتوفير بيئة آمنة للعمل بعيداً عن التدخلات؛ ما يساهم في تحسين القدرة على إيصال المساعدات إلى الفئات المحتاجة في مختلف المناطق. وتتهم الحكومة اليمنية وأوساط إغاثية وحقوقية محلية وأممية ودولية الجماعة الحوثية بالاستمرار في اختطاف العاملين بالمجال الإغاثي، وتبني حملات إعلامية مسيئة للعمل الإنساني، ورفض الاستجابة لطلبات عائلات المختطفين بالسماح بزيارتهم والاطمئنان على صحتهم الجسدية والنفسية، وتقديم الرعاية لهم.

سوء التنظيم والتخطيط

وجدَّدت الحكومة اليمنية التذكير بالأضرار الكبيرة التي تسببت بها الفيضانات والسيول التي ضربت عدة مناطق يمنية هذا العام، إلى جانب مختلف التطرفات المناخية التي ضاعفت من الآثار الناجمة عن الحرب في مفاقمة الأوضاع الإنسانية والاقتصادية؛ ما زاد من أهمية وضرورة تكثيف دعم المجتمع الدولي لليمن في مواجهة هذه التحديات.

جهات دولية تتهم الجماعة الحوثية بإعاقة أعمال الإغاثة بعد اختطاف موظفي المنظمات (رويترز)

ولا يتوقع جمال بلفقيه رئيس اللجنة العليا للإغاثة في الحكومة اليمنية أن يكون الدعم كبيراً أو كافياً لمواجهة مختلف المتطلبات والاحتياجات، مشيراً إلى أن عملية حشد الأموال لا بد أن تقترن بكيفية تنظيم إدارة العمل الإنساني والإغاثي، وخلق شراكة حقيقية بين الحكومة اليمنية والقطاع الخاص، والمنظمات المحلية والجهات الإغاثية الحالية، لإيصال المساعدات.

وفي حديثه لـ«الشرق الأوسط»، يصف بلفقيه الأزمة الإنسانية في بلاده بالأشد قسوة؛ ما يجعل من غير الممكن على اليمنيين الصمود أمام متطلبات معيشتهم، في ظل استمرارها وتصاعدها، منوهاً بأن حجم الأموال التي يمكن الحصول عليها ليس مهماً إذا لم يتم تنظيم عمليات الإغاثة للوصول بكفاءة إلى كل المستحقين.

وانتقد بلفقيه، وهو أيضاً مستشار وزير الإدارة المحلية، التوجهات الأممية الموسمية لزيادة التمويل، عند نهاية عام وبداية عام جديد، مع غياب التخطيط والتنظيم الفاعلين، وعدم مراعاة الاحتياجات المحلية للمتضررين من الأزمة الإنسانية في كل محافظة.

فيضانات الصيف الماضي في اليمن فاقمت من الأزمة الإنسانية وزادت من احتياجات الإغاثة (الأمم المتحدة)

من جهتها، أكدت منظمة «هيومن رايتس ووتش» أن اليمن أصبح يعيش «واحدة من أكبر الأزمات الإنسانية في العالم»، وفقاً لبيانات الأمم المتحدة؛ ما يزيد من احتياجات التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية، بما فيها الغذاء والمياه والإمدادات الطبية.

واتهمت المنظمة، في بيان حديث لها، الجماعة الحوثية، باحتجاز وإخفاء 17 شخصاً على الأقل من موظفي الأمم المتحدة، بالإضافة إلى عشرات الموظفين من المنظمات غير الحكومية ومنظمات المجتمع المدني والشركات الخاصة، ومواصلة احتجازهم دون تهم.

إيقاف التمويل

نقلت «هيومن رايتس ووتش» عن الأمم المتحدة، أن 24.1 مليون يمني، أي ما يساوي 80 في المائة من السكان، بحاجة إلى المساعدات الإنسانية والحماية».

ونبهت المنظمة الدولية إلى أن الحكومة السويدية أقرَّت، أواخر الشهر الماضي، «الإنهاء التدريجي» لمساعداتها الإنمائية لليمن، على خلفية الإجراءات التدميرية المتزايدة للجماعة الحوثية في الأجزاء الشمالية من اليمن، ومنها اختطاف موظفي الأمم المتحدة.

كما دعت الأمم المتحدة والمجتمع الدولي تصعيد مطالبة الحوثيين بالإفراج عن المعتقلين، وتنسيق جهودهما بشكل أفضل في هذا الهدف المشترك. وقالت: «يجب أن تضاعف وكالات الأمم المتحدة الجهود لحماية ودعم موظفيها المتبقين في اليمن».

رغم تراجع تمويل الإغاثة في اليمن لا تزال وكالات أممية تقدم مساعدات للنازحين والمحتاجين (الأمم المتحدة)

ويتفق الباحث الاقتصادي، عادل السامعي، مع مسؤول الإغاثة اليمني، بلفقيه، حول سوء إدارة أموال الإغاثة في اليمن، وتسبب ذلك في حلول جزئية ومؤقتة للأزمة الإنسانية في البلاد. ويوضح السامعي لـ«الشرق الأوسط» أن هناك تراجعاً ملحوظاً في تمويل خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن بسبب «الفساد» الذي أضر بالعملية الإغاثية وتجيير كثير من أوجه الدعم والمساعدات لصالح الجماعة الحوثية.

ويلفت إلى أن هناك تراكماً للفجوات بين الاحتياجات التي تفرضها الأزمة الإنسانية في اليمن والتمويل الموجَّه لها؛ فبعد أن كانت متطلبات الاستجابة الإنسانية خلال الـ12 عاماً الماضية تزيد على 33 مليار دولار، جرى تحصيل أقل من 20 مليار دولار فقط.

وخلال الأسبوع الماضي، كشفت الأمم المتحدة عن حاجتها إلى 2.5 مليار دولار لدعم خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن خلال العام المقبل (2025).

بسبب اختطاف الجماعة الحوثية موظفي الإغاثة في اليمن تراجعت عدد من الدول عن تمويل الاستجابة الإنسانية (أ.ف.ب)

وحذَّر «مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)»، في بيان له، من أن الظروف المعيشية لمعظم اليمنيين ستظل مزرية في عام 2025. ومن المتوقَّع أن تؤدي فرص كسب العيش المحدودة وانخفاض القدرة الشرائية إلى تعميق عدم الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي.

ووفقاً للمكتب الأممي، فإن 19.54 مليون شخص في اليمن بحاجة إلى المساعدة خلال العام المقبل، من بينهم 17 مليون شخص (49 في المائة من السكان) سيواجهون انعدام الأمن الغذائي الشديد، مع معاناة 5 ملايين شخص من ظروف «الطوارئ». بينما يؤثر سوء التغذية الحاد على نحو 3.5 مليون شخص، بمن في ذلك أكثر من 500 ألف شخص يعانون من سوء التغذية الحاد الشديد.