مركز الملك عبد العزيز الثقافي العالمي يطلق مسابقة «أيام الأفلام السعودية»

أعلن عن تقديم فيلم «جود» لرصد دورة حياة إنسان الجزيرة العربية بشراكة دولية

لقطة من فيلم «جود» («الشرق الأوسط»)
لقطة من فيلم «جود» («الشرق الأوسط»)
TT

مركز الملك عبد العزيز الثقافي العالمي يطلق مسابقة «أيام الأفلام السعودية»

لقطة من فيلم «جود» («الشرق الأوسط»)
لقطة من فيلم «جود» («الشرق الأوسط»)

أطلق مركز الملك عبد العزيز الثقافي العالمي (إثراء)، التابع لشركة «أرامكو» السعودية مسابقة «أيام الأفلام السعودية» المهتمة بتطوير وتحفيز صناعة الأفلام السعودية في المملكة وإبرازها عالمياً.
وتعتبر المسابقة إحدى المبادرات المتنوعة التي يقدمها المركز حيث يهدف إلى دعم الإبداع ونشر المعرفة والتواصل الحضاري، ويطرح المركز هذه المسابقة بعد أن أنتج 10 أفلام سعودية عام 2016 وأخرجها نخبة من صناع الأفلام السعودية، إذ رُشحت ضمن مبادرة «جسور إلى المملكة» 7 أفلام منها لتُعرض في محفل خاص بها أُقيم في الولايات المتحدة يهدف إلى خلق حراك إيجابي عبر تقديم النّخب السعودية بشكل يوضح تميزّهم في مجالات الفنية والمعرفية.
تهدف هذه المسابقة إلى دعم وتحفيز المحترفين من صناع الأفلام السعوديين والسعوديات لإخراج مواهبهم وقدراتهم بشكل سينمائي احترافي جدير بالمشاركة والمنافسة عالميا، وستقوم المسابقة كحد أدنى بدعم فيلمين طويلين وستة أفلام قصيرة بشرط استيفاء تلك الأفلام المختارة لكل الشروط.
تنقسم هذه المسابقة إلى عدة فئات وهي فئة سيناريو الأفلام الطويلة وفئة سيناريو الأفلام القصيرة، وسيتم اختيار أفضل نصين طويلين وأفضل 6 نصوص قصيرة من خلال لجان تحكيم مختصة بناءً على الشروط والمعايير الخاصة بالمسابقة، وسيتم دعم كل نص بمبلغ مادي لإنتاجه وإخراجه بشكل احترافي، بالإضافة إلى تقديم استشارات وورش عمل فنية للنصوص الفائزة من صناع أفلام وطنيين وعرب وعالميين، كما سيعمل المركز على مشاركة الأفلام الفائزة بالمهرجانات والفعاليات المحلية والعالمية.
الجدير بالذكر أن مركز الملك عبد العزيز الثقافي العالمي يسعى ببرامجه ومرافقه المتنوعة إلى تطوير أساليب جديدة حاضنة للإبداع، وذلك بدعم وإبراز المواهب الوطنية. ويتوفر ذلك من خلال إنشاء بيئة محفزة على إنتاج وتبادل المعرفة، بشكل يحترم التنوع، ويعزز المفاهيم المختلفة في العلوم والفنون.
إلى ذلك، أعلن مركز الملك عبد العزيز الثقافي العالمي عن الانتهاء من إنتاج فيلمهم الروائي التجريبي «جود» يوم أمس، وهو من إخراج أندرو لانكاستر الحائز عدة جوائز ومخرج أفلام «الطيّار المفقود» و«حتمية الحوادث»، والموسيقى من تأليف جيري لاين، مؤلف موسيقى فيلم «ذيب» المرشح لجائزة الأوسكار.
يدفع فيلم «جود» حدود صناعة الأفلام داخل المملكة وخارجها على حد سواء، ويعتبر أول فيلم روائي ينتجه مركز الملك عبد العزيز الثقافي العالمي بالظهران. صُوِّر الفيلم بأكمله في المملكة العربية السعودية في شكل تجريبي جديد لم يشهده الجمهور السعودي من قبل وستُخصص جميع أرباحه لصندوق يديره المركز بهدف إعطاء منح سنوية لدعم صنّاع الأفلام السعوديين الموهوبين وخصوصا الشباب منهم.
فيلم «جود» استغنى عن الحوار اللغوي وهذا ما رشحه أكثر للانتشار عالمياً، حيث اعتمد بشكل أساسي على الصور الآسرة والموسيقى الأصلية المتناغمة مع وقع الحياة لاصطحاب الجمهور في رحلة تأملية عميقة من خلال أسلوب روائي عربي قديم جداً وفريد استلهم من القصيدة العربية العمودية بناءه الدرامي، واستثمر الفيلم عناصر الزمان والمكان والتجربة الإنسانية ليدفع المشاهد إلى التمعّن فيما وراء الحياة اليومية والتفكُّر في معانٍ أعمق للسخاء والعطاء والتي منها استلهم عنوان الفيلم «جود».
وصرّح مدير البرامج في المركز ومنتج الفيلم عبد الله آل عياف، في حديثه عن المشروع أن «فيلم «جود» هو سابقة سينمائية للمملكة من نواحٍ كثيرة، ونعتقد أن تفرّده واختلافه سيفتح العيون على الروايات الثرية المحفوظة في صدر الإنسان السعودي وأرضه». وذكر أن المركز حرص على أن يشارك السينمائيون السعوديون في صناعة الفيلم، فساهموا جنبا إلى جنب مع الطاقم الدولي في صنع الفيلم في جميع مراحله، حيث شارك أسامة الخريجي كمخرج مساعد للفيلم ومخرج لمشاهد مكة المكرمة، وقام حسام الحلوة بالمشاركة بكتابة السيناريو، كما وقف عبد الله الشريدة خلف الكاميرا لإدارة التصوير في مشاهد مكة المكرمة، وشاركه المصور الفوتوغرافي فهد الدعجاني بتوثيق مراحل الفيلم وتصوير مشاهد الزمن المسرّع بالفيلم (تايم لابس)، فيما تولى المؤلف الموسيقي ضياء عزوني المشاركة في تأليف موسيقى الفيلم، أما المخرج أسامة صالح فكان مخرجا مشاركا في تصوير كواليس الفيلم التي امتدت لما يقارب العام.
جدير بالذكر أن مركز الملك عبد العزيز الثقافي العالمي يسعى لوضع معايير جديدة للتميزّ في المملكة في مجال صناعة الثقافة والإبداع لتطوير وتقديم منتجات معرفية مبتكرة، ويهدف المركز إلى خلق الإضافة المرجوّة من خلال علاقاته مع الشركاء والزوّار، عن طريق تحفيز استدامة المجتمعات الإبداعية والثقافية، ويشارك ببرامجه ومرافقه المتنوعة في تطوير أساليب جديدة حاضنة للإبداع، وذلك بدعم وإبراز المواهب الوطنية، وذلك بتوفير بيئة محفزة على إنتاج وتبادل المعرفة، بشكل يحترم التنوع، ويعزز المفاهيم المختلفة في العلوم والفنون.



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».