عرب وعجم

عرب وعجم
TT

عرب وعجم

عرب وعجم

* الدكتور علي بن ناصر الغفيص، وزير العمل والتنمية الاجتماعية السعودي، التقى نائب مدير عام المكتب الإقليمي لمنظمة العمل الدولية، مدير فريق العمل اللائق، فرنك هاجمن. وناقش الجانبان عدداً من القضايا ذات الاهتمام المشترك وسبل تعزيز التعاون الثنائي بين المملكة والمنظمة وآليات تطويرها، والاستفادة من خبرات المنظمة في مجالات العمل والتنمية الاجتماعية، كما بحثا رفع مستوى الوعي بالثقافة العمالية، والتكامل بين الجهات ذات العلاقة في تفتيش السلامة والصحة المهنية.
* عماد الحمامي، وزير التكوين المهني والتشغيل التونسي، بحث خلال لقائه مع سفير الكويت، علي الظفيري، سبل تعزيز التعاون بين البلدين في مجال التدريب المهني. وأكد «الحمامي» أن كل مراكز التدريب المهني التونسية بمختلف اختصاصاتها مفتوحة للتعاون ومستعدة لإرسال خبراء أو مدربين للكويت في إطار التعاون الفني بين الجانبين، مشيراً إلى أن الحكومة التونسية تعمل على تهيئة مناخ اجتماعي واقتصادي ملائم ومشجع على الاستثمار.
* عبد الرضا عبد الله الخوري، سفير دولة الإمارات في المنامة، استقبله الدكتور ياسر بن عيسى الناصر، الأمين العام لمجلس الوزراء البحريني، الذي أكد على الروابط الأخوية القوية المتميزة التي تربط الدولتين وبما تشهده من تطور ونماء في ظل ما توليه قيادتا البلدين وحكومتهما من حرص على تعزيز أواصر العلاقات في مختلف المجالات. وعبر سفير الإمارات عن خالص شكره وبالغ تقديره للحكومة البحرينية لما تبديه من حرص على الارتقاء بآفاق التعاون بين البلدين.
* سوريبا كامارا، سفير غينيا في القاهرة، أشاد بدور الأزهر المهم في مواجهة التطرف والإرهاب في العالم كله، وفي أفريقيا بشكل خاص. وأكد السفير، خلال زيارته لمرصد الأزهر باللغات الأجنبية ومركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية، أن الأزهر يعتبر المرجعية الأولى لجميع المسلمين وهو الترجمة الحقيقية للإسلام ورسالته السمحة. من جهته، أوضح الدكتور يوسف عامر، المشرف العام على المرصد، أن مهمة المرصد ومركز الفتوى هي محاربة التطرف، مبيناً أن التطرف ليس وليد اليوم بل هو نتاج لسنوات من الكراهية والتطرف في حب الذات ورفض الآخر.
* عبد الرؤوف الروابدة، رئيس الوزراء الأردني الأسبق، شارك في محاضرة نظمها حزب المؤتمر الوطني (زمزم) بعنوان «المشهد السياسي المحلي والإقليمي»، وقال في كلمته إن الهوية الأردنية لا تقصي أحداً، وإن جميع الأردنيين مع الهوية الجامعة الواحدة، ونتعاون من أجل خدمة بلدنا ونتعامل مع بعضنا بالمواطنة باعتبارنا شركاء. مشيراً إلى أن الحياة الحزبية أساس كل عمل وطني إصلاحي، وهي ضرورة واقعية للعمل وفق أسس تكاملية ونهضوية، لكنها لا تكون أحزاباً إذا كانت آيديولوجية أو دينية.
* عبد الرحمن عثمان عبد الرحمن، وزير النفط والغاز السوداني، استقبل سفير جمهورية الهند في الخرطوم، أمريت لوجان، حيث استعرضا التعاون النفطي وفق رؤية استراتيجية تحفظ المصالح المشتركة بين البلدين وصالح شعبيهما. ونوه الوزير إلى استعداد وزارته لتقديم مزيد من التعاون للاستثمارات الهندية وتطوير المصالح المشتركة. فيما أشار السفير إلى أن التعاون في المجالات الاقتصادية يعتبر الأهم في العلاقات بينهما، خصوصا زيادة الإنتاج النفطي، وذلك لما يمثله النفط من أهمية اقتصادية للدولتين.
* الدكتور ماجد بن علي النعيمي، وزير التربية والتعليم البحريني، استقبل الشيخ عيسى بن علي بن خليفة آل خليفة، رئيس الاتحاد البحريني لكرة السلة، الذي أشاد بالجهود الطيبة التي يبذلها وزير التربية في دفع مسيرة التعليم في المملكة نحو المزيد من التقدم من خلال الارتقاء بمخرجات التعليم في المراحل الدراسية المختلفة. وأطلع الوزير، الشيخ عيسى على المشاريع التطويرية التي تنفذها الوزارة حالياً والخطط المستقبلية التي تعتزم الوزارة القيام بها، وبحثا أوجه التعاون الثنائي بين الجانبين.
* عز الدين ميهوبي، وزير الثقافة الجزائري، افتتح فعاليات النسخة العاشرة لمهرجان وهران الدولي للفيلم العربي بالمسرح الجهوي «عبد القادر علولة». وقال الوزير، في كلمته، إننا نفكر في وضع آليات جديدة للنهوض بمجال السينما في بلادنا، مشيراً إلى أن الشارع الجزائري على غرار الشارع العربي يتوق إلى سينما متجددة تعالج انشغالاته بصيغ متجددة وبرؤى متنوعة، مبدياً استعداده لاستقبال مشاريع سينمائية ذات جودة وتطرح موضوعات مهمة للمشاهد.
* مارتين مورو، السفيرة الكندية لدى الكويت، زارت موقع كلية الجونكوين الكندية في منطقة النسـيم - الجهراء، وكان في استقبالها رئيس مجلس أمناء الكلية سعود جعفر، والفريق الإداري في الكلية. وأعربت السـفيرة عن سعادتها بافتتاح فرع لكلية الجونكوين الكندية المرموقة في الكويت، بعد أن سـبق وافتتحت فروعاً لها في دول عدة.



100 عامٍ من عاصي الرحباني

عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)
عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)
TT

100 عامٍ من عاصي الرحباني

عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)
عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)

في الرابع من شهر الخِصب وبراعم اللوز والورد، وُلد عاصي الرحباني. كانت البلادُ فكرةً فَتيّة لم تبلغ بعد عامها الثالث. وكانت أنطلياس، مسقط الرأس، قريةً لبنانيةً ساحليّة تتعطّر بزهر الليمون، وتَطربُ لارتطام الموج بصخور شاطئها.
لو قُدّر له أن يبلغ عامه المائة اليوم، لأَبصر عاصي التحوّلات التي أصابت البلاد وقُراها. تلاشت الأحلام، لكنّ «الرحباني الكبير» ثابتٌ كحقيقةٍ مُطلَقة وعَصي على الغياب؛ مقيمٌ في الأمس، متجذّر في الحاضر وممتدّةٌ جذوره إلى كل الآتي من الزمان.


عاصي الرحباني خلال جلسة تمرين ويبدو شقيقه الياس على البيانو (أرشيف Rahbani Productions)

«مهما قلنا عن عاصي قليل، ومهما فعلت الدولة لتكريمه قليل، وهذا يشمل كذلك منصور وفيروز»، يقول المؤلّف والمنتج الموسيقي أسامة الرحباني لـ«الشرق الأوسط» بمناسبة مئويّة عمّه. أما الصحافي والباحث محمود الزيباوي، الذي تعمّق كثيراً في إرث الرحابنة، فيرى أن التكريم الحقيقي يكون بتأليف لجنة تصنّف ما لم يُنشر من لوحاته الغنائية الموجودة في إذاعتَي دمشق ولبنان، وتعمل على نشره.
يقرّ أسامة الرحباني بتقصير العائلة تجاه «الريبرتوار الرحباني الضخم الذي يحتاج إلى تضافر جهود من أجل جَمعه»، متأسفاً على «الأعمال الكثيرة التي راحت في إذاعة الشرق الأدنى». غير أنّ ما انتشر من أغانٍ ومسرحيات وأفلام، على مدى أربعة عقود من عمل الثلاثي الرحباني عاصي ومنصور وفيروز، أصبح ذخيرةً للقرون المقبلة، وليس للقرن الرحباني الأول فحسب.

«فوتي احفظي، قومي سجّلي»
«كان بركاناً يغلي بالعمل... يكتب بسرعة ولا يتوقف عند هاجس صناعة ما هو أجمل، بل يترك السرد يمشي كي لا ينقطع الدفق»، هكذا يتذكّر أسامة عمّه عاصي. وفي بال الزيباوي كذلك، «عاصي هو تجسيدٌ للشغف وللإنسان المهووس بعمله». لم يكن مستغرباً أن يرنّ الهاتف عند أحد أصدقائه الساعة الثالثة فجراً، ليخرج صوت عاصي من السمّاعة قارئاً له ما كتب أو آخذاً رأيه في لحنٍ أنهاه للتوّ.
ووفق ما سمعه الزيباوي، فإن «بعض تمارين السيدة فيروز وتسجيلاتها كان من الممكن أن يمتدّ لـ40 ساعة متواصلة. يعيد التسجيل إذا لم يعجبه تفصيل، وهذا كان يرهقها»، رغم أنه الزوج وأب الأولاد الأربعة، إلا أن «عاصي بقي الأستاذ الذي تزوّج تلميذته»، على حدّ وصف الزيباوي. ومن أكثر الجمل التي تتذكّرها التلميذة عن أستاذها: «فوتي احفظي، قومي سَجّلي». أضنى الأمر فيروز وغالباً ما اعترفت به في الحوارات معها قبل أن تُطلقَ تنهيدةً صامتة: «كان ديكتاتوراً ومتطلّباً وقاسياً ومش سهل الرِضا أبداً... كان صعب كتير بالفن. لمّا يقرر شي يمشي فيه، ما يهمّه مواقفي».


عاصي وفيروز (تويتر)
نعم، كان عاصي الرحباني ديكتاتوراً في الفن وفق كل مَن عاصروه وعملوا معه. «كل العباقرة ديكتاتوريين، وهذا ضروري في الفن»، يقول أسامة الرحباني. ثم إن تلك القسوة لم تأتِ من عدم، فعاصي ومنصور ابنا الوَعر والحرمان.
أثقلت كتفَي عاصي منذ الصغر همومٌ أكبر من سنّه، فتحمّلَ وأخوه مسؤولية العائلة بعد وفاة الوالد. كان السند المعنوي والمادّي لأهل بيته. كمعطفٍ ردّ البردَ عنهم، كما في تلك الليلة العاصفة التي استقل فيها دراجة هوائية وقادها تحت حبال المطر من أنطلياس إلى الدورة، بحثاً عن منصور الذي تأخّر بالعودة من الوظيفة في بيروت. يروي أسامة الرحباني أنها «كانت لحظة مؤثرة جداً بين الأخوين، أبصرا خلالها وضعهما المادي المُذري... لم ينسيا ذلك المشهد أبداً، ومن مواقفَ كتلك استمدّا قوّتهما».
وكما في الصِبا كذلك في الطفولة، عندما كانت تمطر فتدخل المياه إلى المدرسة، كان يظنّ منصور أن الطوفان المذكور في الكتاب المقدّس قد بدأ. يُصاب بالهلَع ويصرخ مطالباً المدرّسين بالذهاب إلى أخيه، فيلاقيه عاصي ويحتضنه مهدّئاً من رَوعه.

«سهرة حبّ»... بالدَين
تعاقبت مواسم العزّ على سنوات عاصي الرحباني. فبعد بدايةٍ متعثّرة وحربٍ شرسة ضد أسلوبه الموسيقي الثائر على القديم، سلك دروب المجد. متسلّحاً بخياله المطرّز بحكايا جدّته غيتا و«عنتريّات» الوالد حنّا عاصي، اخترع قصصاً خفتت بفعلِ سحرِها الأصواتُ المُعترضة. أما لحناً، فابتدعَ نغمات غير مطابقة للنظريات السائدة، و«أوجد تركيبة جديدة لتوزيع الموسيقى العربية»، على ما يشرح أسامة الرحباني.


صورة تجمع عاصي ومنصور الرحباني وفيروز بالموسيقار محمد عبد الوهاب وفريد الأطرش، بحضور بديعة مصابني وفيلمون وهبي ونجيب حنكش (أرشيف Rahbani Productions)
كان عاصي مستعداً للخسارة المادية من أجل الربح الفني. يحكي محمود الزيباوي أنه، ولشدّة مثاليته، «سجّل مسرحية (سهرة حب) مرتَين ولم تعجبه النتيجة، فاقترض مبلغاً من المال ليسجّلها مرة ثالثة». ويضيف أن «أساطير كثيرة نُسجت حول الرحابنة، لكن الأسطورة الحقيقية الوحيدة هي جمال عملهم».
ما كانت لتكتمل أسطورة عاصي، لولا صوت تلك الصبية التي دخلت قفصَه الذهبي نهاد حدّاد، وطارت منه «فيروز».
«أدهشته»، يؤكّد الزيباوي؛ ويستطرد: «لكنّ أحداً منهما لم يعرف كيف يميّز بين نهاد حداد وفيروز»... «هي طبعاً المُلهِمة»، يقول أسامة الرحباني؛ «لمح فيها الشخصية التي لطالما أراد رسمَها، ورأى امرأةً تتجاوب مع تلك الشخصية»، ويضيف أن «عاصي دفع بصوت فيروز إلى الأعلى، فهو في الفن كان عنيفاً ويؤمن بالعصَب. كان يكره الارتخاء الموسيقي ويربط النجاح بالطبع الفني القوي، وهذا موجود عند فيروز».


زفاف عاصي الرحباني ونهاد حداد (فيروز) عام 1955 (تويتر)

دماغٌ بحجم وطن
من عزّ المجد، سرقت جلطة دماغيّة عاصي الرحباني عام 1972. «أكثر ما يثير الحزن أن عاصي مرض وهو في ذروة عطائه وإبداعه، وقد زادت الحرب اللبنانية من مرضه وصعّبت العمل كثيراً»، وفق الزيباوي. لم يكن القلق من الغد الغامض غريباً عليه. فهو ومنذ أودى انفجارٌ في إحدى الكسّارات بحياة زوج خالته يوسف الزيناتي، الذي كان يعتبره صياداً خارقاً واستوحى منه شخصيات لمسرحه، سكنته الأسئلة الحائرة حول الموت وما بعدَه.
الدماغ الذي وصفه الطبيب الفرنسي المعالج بأنه من أكبر ما رأى، عاد ليضيء كقمرٍ ليالي الحصّادين والعاشقين والوطن المشلّع. نهض عاصي ورجع إلى البزُق الذي ورثه عن والده، وإلى نُبله وكرمه الذي يسرد أسامة الرحباني عنهما الكثير.
بعد المرض، لانت قسوة عاصي في العمل وتَضاعفَ كرَمُه المعهود. يقول أسامة الرحباني إن «أقصى لحظات فرحه كانت لحظة العطاء». أعطى من ماله ومن فِكرِه، وعُرف بيدِه الموضوعة دائماً في جيبِه استعداداً لتوزيع النقود على المحتاجين في الشارع. أما داخل البيت، فتجسّد الكرَم عاداتٍ لطيفة وطريفة، كأن يشتري 20 كنزة متشابهة ويوزّعها على رجال العائلة وشبّانها.
خلال سنواته الأخيرة ومع احتدام الحرب، زاد قلق عاصي الرحباني على أفراد العائلة. ما كان يوفّر مزحة أو حكاية ليهدّئ بها خوف الأطفال، كما في ذلك اليوم من صيف 1975 الذي استُهدفت فيه بلدة بكفيا، مصيَف العائلة. يذكر أسامة الرحباني كيف دخل عاصي إلى الغرفة التي تجمّع فيها أولاد العائلة مرتعدين، فبدأ يقلّد الممثلين الأميركيين وهم يُطلقون النار في الأفلام الإيطالية، ليُنسيَهم ما في الخارج من أزيز رصاص حقيقي. وسط الدمار، بنى لهم وطناً من خيالٍ جميل، تماماً كما فعل وما زال يفعل في عامِه المائة، مع اللبنانيين.


عاصي الرحباني (غيتي)