بوتين يعد بالرد على «الوقاحة» الأميركية بعد العقوبات الجديدة

موسكو ترتقب الموقف الأوروبي الرافض لمشروع القرار

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يصافح نظيره الفنلندي سولي نينيستو في مدينة سافولينا الفنلندية أمس (إ.ب.أ)
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يصافح نظيره الفنلندي سولي نينيستو في مدينة سافولينا الفنلندية أمس (إ.ب.أ)
TT

بوتين يعد بالرد على «الوقاحة» الأميركية بعد العقوبات الجديدة

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يصافح نظيره الفنلندي سولي نينيستو في مدينة سافولينا الفنلندية أمس (إ.ب.أ)
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يصافح نظيره الفنلندي سولي نينيستو في مدينة سافولينا الفنلندية أمس (إ.ب.أ)

حذّر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين من أنه لن يتسامح «مع الوقاحة نحو روسيا»، وذلك في أول تعليق له على قانون العقوبات الأميركية الجديدة ضد روسيا.
وأوضح بوتين خلال مؤتمر صحافي في سافونلينا، بفنلندا، مع نظيره سولي نينيستو: «نتصرف بشكل متحفظ جدا وفي غاية الصبر. ولكن في مرحلة ما يجب أن نرد، لأنه من المستحيل التسامح إلى أجل غير مسمى مع الوقاحة التي يتعرض لها بلدنا». وكان يشير بذلك إلى العقوبات التي أقرها مجلس النواب الأميركي ضد روسيا قبل أيام.
ولم يحدد بوتين طبيعة الرد الروسي، قائلا ببساطة: «عندما يكون هناك رد، فسنرى»، مما يعني أن هذا يتوقف على ما ستقرره الولايات المتحدة بعد تصويت مجلس الشيوخ ووصول مشروع القرار إلى مكتب الرئيس دونالد ترمب.
كما انتقد الرئيس الروسي التحقيق المكثف في تدخل روسي محتمل في انتخابات الرئاسة الأميركية، قائلا إنه يشهد على «ازدياد الهستيريا المعادية للروس» في واشنطن. وأضاف: «من المؤسف أن يتم التضحية بالعلاقات الروسية - الأميركية، في سبيل حل قضايا سياسية داخلية»، مشيرا إلى أن «المعركة بين الرئيس دونالد ترمب وخصومه السياسيين». وختم بوتين كلامه عن العقوبات بالقول إن الدولتين اللتين تعملان بشكل منسق؛ «يمكن أن تحلا مشكلات صعبة جدا بشكل أكثر فعالية».
وأمس، ذكرت صحيفة «كوميرسانت»، نقلا عن مصادر في وزارة الخارجية الروسية، أن «روسيا ستذهب إلى تبني مجموعة تدابير رد متماثلة (مع العقوبات الأميركية)، في حال جرت عملية التوقيع على قانون العقوبات من جانب الرئيس دونالد ترمب». وأوردت المصادر أن العقوبات الأميركية الجديدة تعني عدم إمكانية استعادة روسيا العقارات الدبلوماسية التي حجزت عليها الحكومة الأميركية، بموجب آخر قرار عقوبات في عهد إدارة باراك أوباما. وعلى هذا الأساس، تقول المصادر من الخارجية الروسية إن روسيا قد تقوم بالحجز على مجمع المنازل الريفية التابع للسفارة الأميركية في موسكو، وعلى المستودعات التابعة لذلك المجمع. فضلا عن ذلك، قد تقوم روسيا بطرد 35 دبلوماسيا أميركيا من الأراضي الروسية، أي عدد الدبلوماسيين الروس نفسه الذين طردتهم الولايات المتحدة نهاية عام 2016. كما قد تنظر في تخفيض عدد الموظفين في السفارة الأميركية بموسكو إلى أدنى مستوى ممكن، ذلك أن عدد هؤلاء حاليا يفوق بكثير عدد الموظفين الروس العاملين في السفارة الروسية لدى الولايات المتحدة.
ويبدو أن خيارات الرد الروسي على العقوبات الأميركية محدودة، وقد لا تتجاوز الخطوات آنفة الذكر، التي تشكل عمليا ردا على خطوات مماثلة اتخذتها الولايات المتحدة نهاية العام الماضي، بموجب عقوبات أخيرة أعلن عنها أوباما قبل نهاية رئاسته. وما يحد من خيارات موسكو، عدم وجود مشروعات قد يترك قرار تجميد العمل بها تأثيرا سلبيا على النخب الحاكمة في الولايات المتحدة أو على الاقتصاد الأميركي.
أما إذا قررت روسيا تبني خطوات انتقامية في مجالات أخرى، فيمكنها مثلا الإعلان عن تجميد التعاون مع واشنطن في سوريا، إلا أن هذه الخطوة، وفق ما يرى مراقبون، ستضر بروسيا ومصالحها بقدر أكبر من الضرر الذي ستلحقه بالولايات المتحدة. كما لا تتوفر ظروف مناسبة لدى روسيا كي ترد اقتصاديا. وحسب قول ألكسندر شوخين، رئيس الاتحاد الروسي للصناعيين والتجار: «لا يوجد لدينا (لدى روسيا) علاقات تجارية -اقتصادية متطورة واستثمارية مع الولايات المتحدة، تساعدنا على وخز (الأصدقاء) الأميركيين»، لكنه أشار إلى أن رفض روسيا تزويد الولايات المتحدة بمحركات «ر.د 180 للصواريخ الفضائية»، ووقف التعاون مع الأميركيين في المحطات الفضائية الدولية قد يشكل «وخزة» مؤلمة للأميركيين. إلا أن آندريه يونين، العضو المراسل في أكاديمية العلوم الروسية، لا يتفق مع ما يدعو إليه شوخين، ويقول إن وقف تزويد الولايات المتحدة بتلك المحركات لن يشل نشاط صواريخ الفضاء الأميركية، لأن هناك أنواعا أخرى من الصواريخ يعتمد عليها الأميركيون.
وبالنسبة لتجميد التعاون في المحطة الفضائية الدولية، فإن عدم السماح للأميركيين باستخدامها سيؤدي إلى وقف العمل في المحطة كليا، حسب قول يونين، الذي يرى أن تلك الخطوات ستعني أن «روسيا تعرقل نفسها بنفسها».
وبرز أمس تعويل روسي على الموقف الأوروبي من العقوبات الأميركية. وقال فلاديمير تشيغوف، مندوب روسيا الدائم لدى الاتحاد الأوروبي، في حديث لقناة تلفزيون «روسيا 24» إن «الحديث يدور في أروقة الاتحاد الأوروبي حول تبني خطوات جدية (ضد العقوبات الأميركية)، على سبيل المثال الإعلان أن قانون العقوبات الأميركي غير ساري المفعول على أراضي دول الاتحاد الأوروبي»، كما يستطيع الاتحاد «وقف تمويل الشركات الأميركية عبر المصارف الأوروبية». وأشار الدبلوماسي الروسي إلى حالة قلق شديد في أوساط قطاع الأعمال الأوروبي بسبب تلك العقوبات، و«لا يقتصر الأمر على شركات الطاقة التي تتعاون مع الجانب الروسي، بل يشمل عددا آخر كبيرا من الشركات».
وبحال أقر الاتحاد الأوروبي أيا من تلك التدابير التي أشار إليها مندوب روسيا الدائم لدى الاتحاد، فإن قانون العقوبات الأميركية سيفقد كثيرا من تأثيره الفعلي على روسيا، ذلك أن التعاون في مجال الطاقة وصادرات الغاز الروسية إلى السوق الأوروبية، من المجالات الرئيسية التي يستهدفها قانون العقوبات، والمجال الرئيسي الذي يسبب القلق لدى الأوروبيين والشركات الروسية.



هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
TT

هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)

تخضع «هيئة تحرير الشام»، التي قادت قوات المعارضة للإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد، لعقوبات من الأمم المتحدة منذ فترة طويلة، وهو ما وصفه المبعوث الخاص للمنظمة الدولية إلى سوريا غير بيدرسون، بأنه «عامل تعقيد لنا جميعاً».

كانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف في السابق باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت العلاقات بالتنظيم في عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما فُرض عليها تجميد عالمي للأصول وحظر أسلحة.

ويخضع عدد من أعضاء «هيئة تحرير الشام» أيضاً لعقوبات الأمم المتحدة مثل حظر السفر، وتجميد الأصول، وحظر الأسلحة، ومنهم زعيمها وقائد إدارة العمليات العسكرية أحمد الشرع، المكنى «أبو محمد الجولاني»، المدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.

وقال دبلوماسيون إنه لا يوجد حالياً أي مناقشات عن رفع العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة على الجماعة. ولا تمنع العقوبات التواصل مع «هيئة تحرير الشام».

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟ (رويترز)

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

فرضت الأمم المتحدة عقوبات على «جبهة النصرة»، لأن الجماعة مرتبطة بتنظيم «القاعدة»، ولأنها كانت «تشارك في تمويل أو تخطيط أو تسهيل أو إعداد أو ارتكاب أعمال أو أنشطة» مع «القاعدة» أو دعماً لها وتستقطب أفراداً وتدعم أنشطة «القاعدة».

وجاء في قائمة العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة: «في يناير (كانون الثاني) 2017، أنشأت جبهة النصرة (هيئة تحرير الشام)، وسيلة لتعزيز موقعها في التمرد السوري وتعزيز أهدافها باعتبارها فرعاً لتنظيم (القاعدة) في سوريا»... ورغم وصف ظهور «هيئة تحرير الشام» بطرق مختلفة (على سبيل المثال كاندماج أو تغيير في الاسم)، فإن جبهة «النصرة» استمرت في الهيمنة والعمل من خلال «هيئة تحرير الشام» في السعي لتحقيق أهدافها.

وفُرضت عقوبات على الجولاني بسبب ارتباطه بتنظيم «القاعدة» وعمله معه.

كيف يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة؟

تستطيع أي دولة عضو في الأمم المتحدة في أي وقت تقديم طلب لرفع العقوبات عن كيان أو شخص إلى لجنة عقوبات تنظيمي «داعش» و«القاعدة» التابعة لمجلس الأمن الدولي المؤلف من 15 دولة.

وإذا جاء الطلب من دولة لم تقترح في البداية فرض عقوبات الأمم المتحدة، فإن اللجنة تتخذ القرار بالإجماع.

وإذا تقدمت الدولة التي اقترحت في البداية فرض العقوبات بطلب الشطب من القائمة، فسيمحى الاسم من القائمة بعد 60 يوماً، ما لم توافق اللجنة بالإجماع على بقاء التدابير.

لكن إذا لم يتم التوصل إلى إجماع، يستطيع أحد الأعضاء أن يطلب إحالة الطلب إلى مجلس الأمن للتصويت عليه في غضون 60 يوماً.

ولم تتضح بعد الدول التي اقترحت فرض عقوبات على جبهة «النصرة» والجولاني.

ويستطيع أيضاً الشخص أو الكيان الخاضع للعقوبات أن يطلب إزالة التدابير عن طريق الاتصال بأمين عام المظالم، وهو منصب أنشأه المجلس في عام 2009، ليقوم بمراجعة الطلب.

وإذا أوصى أمين عام المظالم بإبقاء اسم ما على القائمة، فسيظل مدرجاً على القائمة. وإذا أوصى أمين عام المظالم بإزالة اسم ما، فسترفع العقوبات بعد عملية قد تستغرق ما يصل إلى 9 أشهر، ما لم توافق اللجنة في وقت أسبق بالإجماع على اتخاذ إجراء أو الإحالة إلى المجلس لتصويت محتمل.

هل هناك استثناءات من العقوبات؟

يستطيع الأشخاص الخاضعون لعقوبات الأمم المتحدة التقدم بطلب للحصول على إعفاءات فيما يتعلق بالسفر، وهو ما تقرره اللجنة بالإجماع.

ويقول المجلس إن عقوباته «لا تستهدف إحداث عواقب إنسانية تضر بالسكان المدنيين».

وهناك استثناء إنساني للأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة يسمح «بتوفير أو معالجة أو دفع الأموال أو الأصول المالية الأخرى أو الموارد الاقتصادية، أو توفير السلع والخدمات اللازمة لضمان تقديم المساعدات الإنسانية في الوقت المناسب، أو لمساندة الأنشطة الأخرى التي تدعم الاحتياجات الإنسانية الأساسية».