اليمن يطالب باللامركزية ويقترح إقامة خمس مناطق إغاثية

الأمم المتحدة: 30 ألف عامل صحي لم يتسلموا رواتبهم منذ 10 أشهر

TT

اليمن يطالب باللامركزية ويقترح إقامة خمس مناطق إغاثية

كشف وزير الإدارة المحلية اليمني رئيس لجنة الإغاثة العليا، فتح عبد الرقيب، عن أن الميليشيات الحوثية وقوات صالح ما زالت تحصل على إيرادات بأكثر من مليار و700 مليون دولار، وترفض تسليم رواتب عمال النظافة؛ الأمر الذي أدى إلى تفاقم وباء الكوليرا في المناطق التي ما زالت تحت سيطرتهم.
إلى ذلك، أكد رؤساء الوكالات الأممية الثلاث الكبرى (الصحة العالمية، اليونيسيف، الغذاء العالمي)، أن أكثر من 30 ألف عامل في مجال الصحة لم يحصلوا على رواتبهم منذ أكثر من 10 أشهر. وطالب الوزير في حديثه لـ«الشرق الأوسط» المنظمات الدولية وعلى رأسها الصحة العالمية، واليونيسيف، وبرنامج الأغذية العالمي، الذين زاروا اليمن أخيراً، باتخاذ إجراءات فعلية على أرض الميدان، وعدم الاكتفاء بإصدار البيانات وتشخيص الوضع الصحي والإنساني في اليمن.
وتحدث عبد الرقيب عن خطة اقترحتها الحكومة الشرعية لهذه المنظمات تعتمد على لا مركزية الإغاثة من خلال تقسيم اليمن إلى خمسة مراكز إغاثية، بحيث يكون هناك كفاءة في استخدام الأموال، وفاعلية في وصول المواد الإغاثية في أسرع وقت. وقال: «نتمنى من منظمات الأمم المتحدة الاقتداء بأشقائنا في الخليج مركز الملك سلمان للإغاثة والهلال الأحمر الإماراتي اللذين وصلا لمعظم محافظات الجمهورية».
وأضاف: «هناك تفهم كامل للوضع الإنساني، لكننا ما زلنا نقول بأنه من الأهمية أن تعمل هذه المنظمات بجوار الحكومة الشرعية بموجب القانون والاتفاقيات الدولية، مع أهمية مسؤوليتنا كحكومة شرعية عن الشعب اليمني من صعدة للمهرة، ولا نعارض أي عمل إغاثي سواء من المنظمات الدولية أو من أشقائنا في دول الخليج لأي محافظة في اليمن، لكن طالبناهم بمواقف حازمة تجاه التقطعات التي تقوم بها الميليشيات المسلحة والنهب الذي تم لعلاج الكوليرا، وبخاصة في الحديدة».
ولفت وزير الإدارة المحلية إلى أن الكرة الآن في ملعب هذه المنظمات الدولية، قائلا: «الأمر الآن متروك للمنظمات الدولية لتقييم الأوضاع، وقد بدأ برنامج الغذاء العالمي بمهام مركزية من عدن لإغاثة تعز وإب والبيضاء وعدد من محافظات الجمهورية، ونشكره على ذلك، وأكدنا على هذا الأمر واستعدادنا لإيصال الإغاثة، ودعونا منظمات الأمم المتحدة للاقتداء بمركز الملك سلمان وهيئة الهلال الأحمر الإماراتي اللذين استطاعا الوصول لمعظم المحافظات».
وزار العاصمة المؤقتة عدن خلال اليومين الماضيين كل من المدير التنفيذي لمنظمة الصحة العالمية، والمدير التنفيذي لليونيسيف، والمدير التنفيذي لبرنامج الأغذية العالمي، بالإضافة للسفير المكلف بمتابعة موضوع إعادة اللاجئين الصوماليين من اليمن للصومال.
واعتبر فتح عبد الرقيب الزيارة بحد ذاتها اعترافاً من منظمات الأمم المتحدة وبقية المنظمات بالعمل مع الحكومة الشرعية من العاصمة المؤقتة عدن. وأردف «قابلت الوفود رئيس الوزراء، ونوقش الوضع الإغاثي بشكل عام في الجمهورية اليمنية، وبالذات وباء الكوليرا الذي تسببت به الميليشيات المسلحة نتيجة عدم رفع القمامة ودفع الرواتب. هناك إيرادات ما زالت تستلمها هذه الميليشيات تصل إلى مليار و700 مليون دولار، لكنها ترفض دفع رواتب عمال النظافة؛ مما تسبب بصورة رئيسية بهذه الجائحة. كما تمت مناقشة الأوضاع الغذائية والصحية وطرحت أمام المسؤولين الدوليين أهمية عمل هذه المنظمات من خلال العاصمة عدن، إضافة إلى مقترحات عدة لتفعيل العمل الإغاثي بصورة عامة، ومنها لا مركزية الإغاثة». وأشار فتح إلى أن الحكومة طرحت «أهمية إغاثة محافظات تعز والبيضاء وإب من خلال عدن وليس من صنعاء والحديدة، ونتطلع لآليات عمل جديدة وفاعلة ميدانياً، لا يجب أن تبقى منظمات الأمم المتحدة تصدر بيانات وتشخص المشكلة في اليمن، لكنها لا تقوم بإجراءات عملية تنقذ الأرواح بصورة فعلية، طالبناهم بتنفيذ اتفاقية جنيف الرابعة بحيث يتواجدون في كل محافظات الجمهورية ويعلنون للعالم من هو المعيق للقوافل والعمل الإغاثي بصورة عامة».
وقال رؤساء الوكالات الأممية الثلاث الكبرى (الصحة العالمية، اليونيسيف، الغذاء العالمي)، في بيان أمس عقب زيارتهم لليمن «سافرنا إلى اليمن لنرى بأنفسنا حجم هذه الأزمة الإنسانية، ولزيادة جهودنا المشتركة من أجل مد يد العون إلى الشعب اليمني».
وتابع البيان «يأتي تفشي الكوليرا، وهو الأسوأ على الإطلاق، في خضم أكبر أزمة إنسانية يشهدها العالم». وتابع: «خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة، سجلت 400.000 حالة يشتبه بأنها كوليرا وما يقرب من 1.900 حالة وفاة مرتبطة بتفشي هذا الوباء، وأصيبت مرافق الصحة والمياه الحيوية بالشلل نتيجة أكثر من عامين من الاقتتال، وهو ما خلق الظروف المثالية لانتشار الأمراض».
وحذرت المنظمات الثلاث من أن «البلاد على حافة الوقوع في مجاعة، حيث يعيش أكثر من 60 في المائة من السكان في عدم اليقين عن وجبتهم القادمة، كما يعاني نحو 2 مليون طفل من سوء التغذية الحاد، وسوء التغذية يجعلهم أكثر عرضة للإصابة بالكوليرا في حين تؤدي الأمراض لزيادة سوء التغذية: وهذا المزيج في غاية القساوة».
ولفت البيان إلى أن «أكثر من 30 ألف عامل في مجال الصحة لم يحصلوا على رواتبهم منذ أكثر من 10 أشهر، ومع ذلك لا يزال الكثير منهم يؤدّون مهامهم، وقد طلبنا من السلطات اليمنية أن تدفع رواتب العاملين في مجال الصحة بأسرع وقت ممكن». وشددت المنظمات الدولية على أن «الأزمة اليمنية تتطلب استجابة لم يسبق لها مثيل، قامت الوكالات الثلاث التي نمثلّها بالتعاون مع السلطات اليمنية والشركاء الآخرين لتنسيق عملنا بطرق جديدة من أجل إنقاذ الأرواح والتحضير لحالات الطوارئ في المستقبل».



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.