أزمة مع ألمانيا تلقي بظلالها على صادرات الملابس التركية

قطاع السيارات يقود الصادرات... والدول الأوروبية في مقدمة المستوردين

أزمة مع ألمانيا تلقي بظلالها على صادرات الملابس التركية
TT

أزمة مع ألمانيا تلقي بظلالها على صادرات الملابس التركية

أزمة مع ألمانيا تلقي بظلالها على صادرات الملابس التركية

فرضت الأزمة السياسية بين أنقرة وبرلين نفسها على سوق صادرات الملابس الجاهزة التركية إلى ألمانيا.
وتوقع اتحاد مصنعي الملابس الأتراك أن قطاع الملابس في تركيا، وهو محرك رئيسي للمبيعات الخارجية، قد لا يحقق المستوى المستهدف للتصدير هذا العام، إذا لم يتم حل النزاع مع ألمانيا.
وقال رئيس الاتحاد، شريف فياض، في تصريحات أمس (الأربعاء)، إنه على الرغم من وجود بوادر على انتعاشه في المبيعات إلى دول أخرى، فإن بعض المشترين الألمان ألغوا رحلات إلى تركيا، بعد تصاعد التوتر السياسي بين البلدين العضوين في حلف شمال الأطلسي (الناتو).
وأشار إلى أن ذلك قد يجعل من الصعب الوصول إلى حجم الصادرات المسجل العام الماضي، الذي بلغ 17 مليار دولار، والذي كان بالأساس منخفضاً بنحو مليار دولار عن المستوى المستهدف، نتيجة وقوع محاولة الانقلاب الفاشلة في منتصف يوليو (تموز) من العام الماضي.
وتدهورت العلاقات بين تركيا وألمانيا بعد أن ألقت السلطات التركية، في 5 يوليو الحالي، القبض على عشرة ناشطين حقوقيين، من بينهم ألماني، اتهمتهم بدعم تنظيم إرهابي.
ولفت المسؤول التركي إلى أن الصادرات تعرضت لعرقلة جراء محاولة الانقلاب العام الماضي، واستمرت كذلك في النصف الأول من العام الحالي، لكنها بدأت تتسارع في يوليو الحالي، وحققت بداية جيدة للنصف الثاني من العام. وأضاف أن بعض الشركات الألمانية ألغت زياراتها أخيراً، مشيراً إلى أن ألمانيا هي أكبر سوق لتصدير الملابس الجاهزة من تركيا.
ويمثل اتحاد مصنعي الملابس التركي نحو 35 ألف شركة ومصنع، غالبيتها شركات ومصانع صغيرة تركز نصفها تقريباً على التصدير.
وتشكل الملابس الجاهزة ثاني أكبر قطاع للتصدير في تركيا بعد السيارات، ويتوجه إلى دول الاتحاد الأوروبي أكثر من 70 في المائة من صادرات الملابس التركية، وتبلغ قيمة المبيعات لألمانيا وحدها 2.5 مليار دولار.
وزاد إجمالي صادرات تركيا 8.2 في المائة في النصف الأول من العام الحالي، في حين انخفضت صادرات الملابس الجاهزة 5.8 في المائة إلى 8.2 مليار دولار.
وقال فياض إن بيانات للنصف الأول من يوليو الحالي تشير إلى زيادة في مبيعات الملابس.
وزادت ألمانيا الضغوط على تركيا في الأيام القليلة الماضية، مهددة بإجراءات قد تعرقل الاستثمار الألماني هناك، بعد اتهام تركيا لشركات ألمانية بالضلوع في أنشطة تمويل ودعم للإرهاب، وسعت أنقرة إلى تقليل الخلاف بأن تخلت عن طلب للمساعدة في تحقيق بشأن نحو 700 شركة ألمانية تقول إنها قد تكون لها صلات بالإرهاب.
وعبر فياض عن اعتقاده أنه ربما لن يكون بالإمكان تحقيق المستوى المستهدف لصادرات الملابس هذا العام، إذا لم يحدث التحسن المتوقع مع ألمانيا، أكبر زبائن القطاع.
ولفت إلى أن السوق المحلية للملابس تتحسن بعد الاستفتاء على تعديل الدستور في تركيا، في 16 أبريل (نيسان) الماضي، ومن المتوقع أن تنمو بما يقارب 10 في المائة في 2017، لتصل إلى أكثر من 16.84 مليار دولار.
وفي سياق متصل، قال وزير الثقافة والسياحة التركي نعمان كورتولموش إن السياحة الألمانية لم تتأثر جراء التوتر السياسي مع تركيا، لافتاً إلى عدم تأثر الحجوزات، وأعرب عن أمله في أن تمر هذه السنة بشكل أفضل مقارنة مع العام الماضي الذي شهد تراجعاً بنسبة 30 في المائة بسبب الأزمة مع روسيا، عقب إسقاط قاذفة روسية على الحدود مع سوريا، أواخر 2015، ومحاولة الانقلاب الفاشلة.
وأشار إلى أن 863 ألف سائح ألماني زاروا تركيا منذ بداية العام الحالي.
يذكر أن وزير الاقتصاد التركي نهاد زيبكجي توقع، في مؤتمر صحافي أول من أمس، أن يتجاوز حجم الصادرات التركية 155 مليار دولار في العام الحالي 2017، وقال إن هدف 2018 هو بلوغ حجم الصادرات 170 مليار دولار.
وقالت رابطة المصدرين الأتراك إن الصادرات التركية ازدادت 1.8 في المائة على أساس سنوي في يونيو (حزيران) إلى 12.07 مليار دولار، في حين انخفضت الصادرات السنوية 0.9 في المائة إلى 142.6 مليار في 2016. وكان مجلس المصدرين الأتراك قد أعلن أن الصادرات التركية شهدت ارتفاعاً بنسبة 4 في المائة خلال شهر أبريل الماضي، مقارنة بالشهر ذاته من العام الماضي، لتصل قيمتها إلى 11 ملياراً و866 مليون دولار.
ووفقاً لإحصاءات أصدرها المجلس، شهدت الصادرات التركية خلال الـ12 شهراً الماضية زيادة نسبتها 4 في المائة، مقارنة بالـ12 شهراً التي سبقتها، لتبلغ قيمتها 145 ملياراً و656 مليون دولار.
وأظهرت الإحصاءات أن قطاع السيارات تربع على رأس الصادرات التركية خلال الشهر الماضي، حيث بلغت قيمة صادراته مليارين و299 مليوناً و136 ألف دولار، تلاه قطاع الملابس الجاهزة والمنسوجات بصادرات بلغت قيمتها ملياراً و352 مليوناً و877 ألف دولار، ثم قطاع المواد والمنتجات الكيميائية بصادرات بلغت قيمتها ملياراً و232 مليوناً و793 ألف دولار.
وجاءت ألمانيا على رأس الدول الأكثر استيراداً من تركيا خلال الشهر الماضي، تلتها بريطانيا، ثم الولايات المتحدة، ثم إيطاليا، ثم العراق.
وانفردت دول الاتحاد الأوروبي بالنصيب الأكبر من إجمالي الصادرات التركية في قطاع صناعة السيارات، خلال النصف الأول من العام، بنسبة 78.24 في المائة من الرقم الإجمالي.
وحققت الصادرات التركية من قطاع صناعة السيارات في النصف الأول من العام 14 ملياراً و359 مليوناً و485 ألف دولار.
وبحسب تقرير اتحاد مصدري السيارات، فإن تركيا صدرت منتجاتها خلال هذه الفترة إلى 174 دولة حول العالم، حيث بلغت قيمة صادراتها إلى 147 دولة، منها 3 مليارات و127 مليوناً و276 ألف دولار.
في حين وصلت قيمة الصادرات التركية إلى 27 دولة في الاتحاد الأوروبي 11 ملياراً و232 مليوناً و209 آلاف دولار.
كما سجلت أول 5 دول مستوردة للمنتجات التركية في قطاع صناعة السيارات أكثر من نصف إجمالي الصادرات التركية لوحدها، وهي على الترتيب: ألمانيا، وإيطاليا، وفرنسا، وبريطانيا، وإسبانيا.
وبلغت قيمة الصادرات التركية إلى ألمانيا خلال النصف الأول من العام مليارين و191 مليوناً و276 ألف دولار، ثم إيطاليا بمليار و676 مليوناً و900 ألف دولار، تليها فرنسا بمليار و488 مليوناً و150 ألف دولار، وبريطانيا بمليار و469 مليوناً و803 آلاف دولار، وإسبانيا خامسة بـ827 مليوناً و624 ألف دولار.



الهند تواجه تحديات اقتصادية كبيرة وسط تباطؤ النمو والتوترات العالمية

منظر عام للمنطقة المالية المركزية في مومباي (رويترز)
منظر عام للمنطقة المالية المركزية في مومباي (رويترز)
TT

الهند تواجه تحديات اقتصادية كبيرة وسط تباطؤ النمو والتوترات العالمية

منظر عام للمنطقة المالية المركزية في مومباي (رويترز)
منظر عام للمنطقة المالية المركزية في مومباي (رويترز)

بعد النمو الاقتصادي العالمي في العام الماضي، يبذل صناع السياسات في الهند جهوداً حثيثة لتجنّب تباطؤ حاد مع تفاقم الظروف العالمية وتراجع الثقة المحلية؛ مما أدى إلى محو ارتفاع سوق الأسهم مؤخراً.

ويوم الثلاثاء، توقّع ثالث أكبر اقتصاد في آسيا نمواً سنوياً بنسبة 6.4 في المائة في السنة المالية المنتهية في مارس (آذار)، وهو الأبطأ في أربع سنوات وأقل من التوقعات الأولية للحكومة، مثقلاً بضعف الاستثمار والتصنيع، وفق «رويترز».

ويأتي خفض التصنيف بعد مؤشرات اقتصادية مخيّبة للآمال وتباطؤ في أرباح الشركات في النصف الثاني من عام 2024؛ مما أجبر المستثمرين على إعادة التفكير في الأداء المتفوّق للبلاد في وقت سابق، وألقى الشكوك حول الأهداف الاقتصادية الطموحة لرئيس الوزراء ناريندرا مودي.

وتعمل المخاوف الجديدة على تكثيف الدعوات للسلطات إلى رفع المعنويات من خلال تخفيف الإعدادات النقدية وإبطاء وتيرة التشديد المالي، خصوصاً أن رئاسة دونالد ترمب الثانية الوشيكة تلقي مزيداً من عدم اليقين بشأن آفاق التجارة العالمية.

وقالت كبيرة خبراء الاقتصاد في شركة «إمكاي غلوبال فاينانشيال سيرفيسز»، مادهافي أرورا: «عليك إحياء روح الثقة والتفاؤل، وعليك أيضاً التأكد من انتعاش الاستهلاك. الأمر ليس بهذه السهولة»، مضيفة أن الهند يمكنها توسيع موازنتها المالية أو خفض أسعار الفائدة.

وتأتي مثل هذه الدعوات وسط سلسلة من الاجتماعات التي عقدها صنّاع السياسات الهنود مع الشركات التي تشعر بقلق متزايد بشأن تعثر الطلب. وعقدت وزيرة المالية، نيرمالا سيتارامان، سلسلة من الاجتماعات في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، مع الصناعة والاقتصاديين، وهو أمر معتاد قبل الموازنة السنوية للهند التي من المقرر أن تصدر في الأول من فبراير (شباط) المقبل.

وتشمل بعض التدابير المقترحة في تلك المحادثات لتعزيز النمو وضع مزيد من الأموال في أيدي المستهلكين وخفض الضرائب والتعريفات الجمركية، وفقاً لمطالب الجمعيات التجارية والصناعية.

مخاوف متزايدة

تسبّبت المخاوف بشأن اقتصاد الهند في انخفاض مؤشر «نيفتي 50» القياسي بنسبة 12 في المائة من أواخر سبتمبر (أيلول) إلى نوفمبر (تشرين الثاني). وقد استعاد السهم تلك الخسائر لينهي عام 2024 مرتفعاً بنسبة 8.7 في المائة، وهي مكاسب جيدة؛ لكنها بعيدة عن مكاسب العام السابق البالغة 20 في المائة.

ومع تراجع الثقة، يبدو أن الجهود السياسية الرامية إلى تحفيز النمو تتسع. وذكر التقرير الاقتصادي الشهري للهند الذي نُشر الشهر الماضي، أن السياسة النقدية المتشددة للبنك المركزي كانت مسؤولة جزئياً عن الضربة التي تلقاها الطلب.

وأجرى مودي بعض التغييرات البارزة مؤخراً التي من المتوقع أن ترفع النمو الاقتصادي بصفته أولوية على استقرار الأسعار.

في خطوة مفاجئة في ديسمبر، عيّن مودي سانغاي مالهوترا محافظاً جديداً للبنك المركزي، ليحل محل شاكتيكانتا داس، البيروقراطي الموثوق به الذي كان من المتوقع على نطاق واسع أن يحصل على فترة ولاية أخرى لمدة عام إلى عامين رئيساً، بعد أن أكمل ست سنوات على رأس البنك.

وجاء تعيين مالهوترا الذي قال مؤخراً إن البنك المركزي سيسعى جاهداً لدعم مسار نمو أعلى، فوراً بعد أن أظهرت البيانات تباطؤ نمو الربع الثالث من سبتمبر أكثر بكثير من المتوقع إلى 5.4 في المائة.

مواجهة الأزمات

خلال الوباء، سعى مودي إلى الحفاظ على نمو الاقتصاد من خلال زيادة الإنفاق على البنية التحتية والحد من الإنفاق الباهظ للحفاظ على المالية العامة للحكومة في حالة جيدة. وقد أدى ذلك إلى رفع نمو الناتج المحلي الإجمالي الرئيسي، لكنه لم يدعم الأجور أو يساعد الاستهلاك في الحفاظ على التوسع السنوي بأكثر من 7 في المائة على مدى السنوات الثلاث الماضية.

وقال الزميل الزائر في مركز التقدم الاجتماعي والاقتصادي، سانجاي كاثوريا، إنه في حين أن اقتصاد الهند قد لا يزال يتفوّق على الاقتصاد العالمي، فإن السؤال هو ما إذا كان بإمكانه الحفاظ على نمو يتراوح بين 6.5 في المائة و7.5 في المائة، أو التباطؤ إلى 5 في المائة و6 في المائة.

وقالت أرورا إن البلاد تعيش حالياً «حالة من الغموض»؛ حيث لا ينفق الأفراد. وتتوقع أن يستمر هذا إذا لم يتحسّن التوظيف، وظل نمو الأجور ضعيفاً.

التخفيضات الجمركية وخطة لمواجهة حروب ترمب

أفادت «رويترز» الشهر الماضي بأن الحكومة تخطّط لخفض الضرائب على بعض الأفراد، وتستعد لتقديم تخفيضات جمركية على بعض السلع الزراعية وغيرها من السلع المستوردة بشكل رئيسي من الولايات المتحدة، لإبرام صفقة مع ترمب.

ويقول خبراء الاقتصاد إن الحكومة ستضطر إلى إبطاء بعض تشديدها المالي لدعم النمو مع نجاح مثل هذه التدابير التي تعتمد على مدى التخفيضات.

وحول التجارة، يقول المحللون إن الهند بحاجة إلى خطة موثوقة لمحاربة حروب ترمب الجمركية. وقال خبراء اقتصاديون إنه إذا ظلّت الصين الهدف الرئيسي لرسوم ترمب الجمركية، فقد يمثّل ذلك فرصة للهند لتعزيز مكانتها التجارية، رغم أنها ستحتاج أيضاً إلى السماح للروبية بالهبوط أكثر لجعل صادراتها أكثر قدرة على المنافسة.

ووصلت الروبية إلى مستويات منخفضة متعددة في الأسابيع القليلة الماضية، وكان 2024 هو عامها السابع على التوالي من الانخفاض، ويرجع ذلك في الغالب إلى ارتفاع قيمة الدولار. ويوم الأربعاء، وصلت إلى أدنى مستوى لها على الإطلاق.

وقال كاثوريا، وهو أيضاً أستاذ مساعد في جامعة «جورج تاون»، إن الهند بحاجة إلى «تنفيذ ترشيد التعريفات الجمركية بجدية، للمساعدة في دمج نفسها بشكل أعمق في سلاسل القيمة العالمية».

وقد يشمل هذا تخفيضات التعريفات الجمركية، بهدف تجنّب الرسوم العقابية من البيت الأبيض في عهد ترمب بشكل استباقي.

وقال رئيس نظام الأبحاث والمعلومات للدول النامية ومقره نيودلهي، ساشين تشاتورفيدي: «يجب على الهند أن تعلن بعض التدابير الاستباقية للولايات المتحدة، لتقديم تنازلات لها، بدلاً من انتظار الإدارة الجديدة لإعلان خطواتها».