اعتزال النجوم... قرار يتأرجح بين التهديد والعودة عنه

عندما ينفد الرصيد من الحب يقرر الجمهور سحب البساط

هاني شاكر - نجاة الصغيرة - محمود الجندي
هاني شاكر - نجاة الصغيرة - محمود الجندي
TT

اعتزال النجوم... قرار يتأرجح بين التهديد والعودة عنه

هاني شاكر - نجاة الصغيرة - محمود الجندي
هاني شاكر - نجاة الصغيرة - محمود الجندي

معادلة الاعتزال كثيرا ما نراها بمختلف تنويعاتها؛ لأنّ الوجه الآخر لها هو اختبار عملي لتحديد درجة الحب، ولها طبعا أساليب متعددة. قد يكون قرار الرئيس جمال عبد الناصر قبل 50 سنة، مثالا على هذه المعادلة، ففي أعقاب نكسة يونيو (حزيران) 1967، أعلن تنحّيه عن رئاسة الجمهورية، وتحمّله كل أسباب الهزيمة وتبعاتها، لتخرج الجماهير في لحظات، مطالبة بعودته. في ذلك الوقت، اعتبر البعض تصرّف الرئيس، لعبة سياسية، فيما وجد آخرون أنّ القرار جاء بطريقة تلقائية. لن أخوض طبعا في تفاصيل الحدث سياسيا، ولكنّ معادلة الاعتزال تظل الأهم؛ لأنّها حققت الغرض، وهو الإعلان عن الحب.

الاعتزال في الفن
دعونا الآن نُطلّ على هذا الموقف من زاوية فنية، كأن يُعلن الفنان اعتزاله، أو أن يطالبه قطاع كبير من الجمهور وبعض الصحافيين بالإقدام على هذه الخطوة، وهنا يكون الأمر أشد قسوة.
شاهدنا أخيرا النوعين، عندما أعلن محمود الجندي اعتزاله، فيما تساءل البعض: متى سيعتزل عادل إمام؟ قبل نحو 20 عاما، طالبوا باعتزال الشحرورة صباح، وكان ردّها العملي، أنّها ظلّت تغني حتى اللحظة الأخيرة، بل أوصت بعد موتها، بألا يرتدي أحد من المعزين فيها اللون الأسود، كما طالبت بأن تُعزف موسيقى من أشهر أغانيها، وأن يُحمل جثمانها إلى مثواها الأخير على إيقاع الدبكة. وهناك نوع ثالث من الاعتزال، عندما يقرّر الفنان الابتعاد عن الساحة الفنية، ليعود بعد ذلك عن قراره، كما حدث في مطلع العام، عندما عادت المطربة الكبيرة نجاة عن قرارها.
التهديد بالاعتزال

قبل أيام قال محمود الجندي: «وداعا للفن»، وكما توقع كثيرون، فقد سارع بعد ساعات وتراجع عن قراره الذي اتخذه في لحظة احتجاج على منظومة الفن برمتها، معلنا عن سر غضبه، وهو عدم الاهتمام المادي بأجره، والأدبي باسمه وصورته في الدعاية التي تصاحب الأعمال الفنية التي شارك بها في المسلسلات الأخيرة. من المؤكد أنّ للفضائيات حساباتها في الترويج لما تُقدمه من أعمال، ليس بالضرورة أن تكون صائبة، ولكنّها تريد الدعاية للمُنتَج الفني الذي تعرضه، ومن الممكن في هذه الحال، في آخر إطلالة للجندي بمسلسل «رمضان كريم»، أن يُحتفى أكثر بأسماء مثل روبي، وريهام عبد الغفور، ونجلاء بدر، وشريف سلامة، وغيرهم. إنّه قانون أو لعبة التسويق. للجندي مثلا، إحساس يتفاقم منذ عامين، أنّ وجوده في الدراما غير لائق باسمه ولا تاريخه، فهو صاحب التشبيه الذي يقول إنّه بات كقطعة أكسسوار يزينون بها العمل الفني. من المؤكد أنّ مشاعر الغضب تجاوزت واقع الأمر، ولكنّ ردود أفعال الفنان عادة ما تتّسم بالمبالغة.
عمر الجندي الفني 50 سنة، وخلال هذه الأعوام لم يحقق النجومية بمعناها الرقمي ولا الأدبي، لذا فهو لا يتقاضى الأجر الأكبر رقما، كالذي يناله حاليا النجوم الجدد. كما أنّ في طوال رحلته الفنية لم نر اسمه متصدرا الأفيش أو التترات، حتى عندما قرّر أن يدخل لعبة الإنتاج بفيلم «المرشد» قبل 28 عاما، حلّ اسمه ثالثا بعد شريهان وفاروق الفيشاوي. هناك دائما من يتحمل المسؤولية الأدبية للجذب. لم يحقّق الجندي النجومية، كما لم تُكتب له الأعمال الفنية مثلما يحدث مع الكبار من النجوم، إلا أنّ لمحمود الجندي مكانة حققها عبر تراكم السنوات والإنجازات الفنية، لا يمكن لأحد أن يغفلها، فهو يتمتع بقدر لا يُنكر من الاحترام. قرار اعتزاله كان دافعه الإحباط اللحظي، لكنّ عشقه للفن كان وراء تراجعه السريع.

العودة عن الاعتزال
قبل نحو عام مثلا ومن دون سابق إنذار، أعلنت شيرين ومن خلال مجلة «زهرة الخليج» الإماراتية، عن طريق الكاتب والصحافي ربيع هنيدي، اعتزالها الفن نهائيا، وقد سجلت له هذا التصريح على تليفونه، وتركت له اختيار توقيت نشره. وكما هو متوقع لم تمض سوى ساعات إلا ووجدنا شيرين تُعلن مجددا تراجعها عن القرار. قد يكون الجندي وجد نفسه خارج الخريطة الفنية بما يرضيه أدبيا وماديا فأعلن اعتزاله، ولكن ما حجة شيرين التي تتقاضى أعلى الأجور وتقف على قمة الجماهيرية؟ ولا أظنها تسعى لتحقيق دعاية أو لسرقة الكاميرا، ولكنّني أضع ما حدث في نطاق تطرّف الانفعال الذي هو أحد المكونات النفسية للفنانين عموما، مع اختلاف الدرجة بين فنان وآخر في التحكم والسيطرة على تلك المشاعر.
قبل 15 عاما، قال المطرب إيهاب توفيق إنّه سيعتزل، ولم يوضح أسباب قراره ولا العودة السريعة عنه. قد يكون شعر في وقت ما بإحباط. أمّا هاني شاكر الذي يحتل حقيقة، المركز الأول في عدد مرات الاعتزال، فقد طرح منذ عشر سنوات ألبوما غنائيا، ولم يحقق النجاح الذي ينتظره فقرر الاعتزال، معتبرا أن الفن الهابط في هذه الأيام هو الذي يكسب. وطبعا كعادته تراجع عن قراره، وبدأ بإعداد أغنيات أخرى، ومن الملاحظ أنّ هاني من هؤلاء الذين يسارعون أمام أي أزمة طارئة بإعلان الانسحاب، مثلما شاهدناه أكثر من مرة في نقابة الموسيقيين وهو يعلن انسحابه من موقع النقيب، وعندما تعترض الجمعية العمومية وتتمسك به ويتأكد من الحب يتراجع عنه.
يعتبر قرار الاعتزال والتراجع عنه، ترمومتر (ميزان حرارة) اختبار ليحدد الفنان هل لا تزال درجة حب الناس له في ذروتها أم لا. هناك أيضا جانب آخر من الصورة، وهو أن ينسحب الفنان عن الساحة من دون الاعتزال، كما حدث مع الفنانة شريهان التي ابتعدت عن الساحة الفنية أكثر من 15 عاما، لأسباب صحية، مرّت خلالها بمحنة صعبة جدا، وهي التي كانت ولا تزال تحوطها قلوب عُشاقها، ولكنّها بمجرد أن وجدت نفسها قادرة على الوقوف مجددا ومخاطبة جمهورها، قرّرت العودة، وهي تحضّر اليوم لـ13 مسرحية، بدأت تصويرها، والتوقيت المبدئي لعرضها سيكون رمضان المقبل.
نجاة عام 2002، وبعد أن حققت في مهرجان قرطاج الغنائي نجاحا مبهرا، ابتعدت وأعلنت في هدوء كعادتها الاعتزال، وذلك عن طريق صديقتها المقربة الكاتبة الكبيرة سناء البيسي، إلا أنّها في بداية هذا العام، عادت مع أغنية «كل الكلام»، من كلمات الشاعر عبد الرحمن الأبنودي وتلحين الملحن السعودي طلال، وقد سجلت الأغنية وصورتها عن طريق «الفيديو كليب»، واستعان المخرج هاني لاشين بعدد من لقطاتها القديمة. وعلى الرغم من ترحيب الإعلام بعودتها، فإنّ الأغنية توقّفت عن العرض، وأعتقد أنّ نجاة وراء هذا القرار. لكنّ المفاجأة أنّها تستعد لتقديم أغنية أخرى أيضا، من تلحين الملحن السعودي.

الاعتزال والحجاب
لدينا عدد من الفنانات اللاتي تحجبن ثم عاودن العمل، بعد أن ربطن قرار الحجاب بالاعتزال، مثل سهير البابلي، وسهير رمزي، ولكنّهما عادتا للفن بالحجاب. بينما رأت صابرين، أنّ الحل هو أن تضع باروكة شعر فوق الحجاب، وتمثل مختلف الأدوار، وهو ما قررته أخيرا هالة فاخر التي تحجبت، ولكنّها لم تعتزل. فيما اعتزلت شادية لدى قرارها ارتداء الحجاب، قبل نحو 30 عاما. لدينا أيضا شمس البارودي، التي لم تكتف بالاعتزال، بل ارتدت النقاب، وتنكرت لكلّ أعمالها الفنية السابقة، فيما استمر زوجها الفنان حسن يوسف في مزاولة عمله الفني، وكانت سعيدة بخطوة ابنها عمرو حسن يوسف، احتراف التمثيل منذ عشر سنوات.
لا أرى أنّ مطالبة الفنان بالاعتزال منصفة، فهناك خط سحري بين النجوم والجمهور، فإن كان هذا الخط لا يزال قائما فمن العبث أن نقول للفنان عليك بالتنحي. ولدينا قانون يحكم المنظومة كلها وهو العرض والطلب، وطبقا لذلك لا يزال عادل إمام يتقاضى أعلى الأجور، وهو متعاقد للتمثيل في مسلسل يعرض في رمضان المقبل، وهذا يعني أنّه بقوة الدفع السابقة وعلى مدى 60 عاما من عمره الفني، لا تزال لديه مساحة عند الناس. نعم أتمنى أن يمنح عادل للملايين من عشاقه في العالم العربي، ما يستحقونه من أعمال فنية تساوي كل هذا الحب، ولكنّني لا أستطيع أن أقول له، ليس أمامك سوى إعلان الاعتزال، فالعصمة بيد الجمهور، وهو لا يزال على الرغم من كل إخفاقاته، متمسكا ببقائه بطلا، وعلينا أن نُنصت لرأي الجمهور. كما على الفنان أن يُدرك متى ينسحب من الساحة، خصوصا حين يشعر بأنّ رصيد حب الجمهور له بدأ ينفد.



هشام خرما لـ«الشرق الأوسط»: أستلهمُ مؤلفاتي الموسيقية من التفاصيل

من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
TT

هشام خرما لـ«الشرق الأوسط»: أستلهمُ مؤلفاتي الموسيقية من التفاصيل

من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز

يعتمد الموسيقار المصري هشام خرما طريقة موحّدة لتأليف موسيقاه، تقتضي البحث في تفاصيل الموضوعات للخروج بـ«ثيمات» موسيقية مميزة. وهو يعتزّ بكونه أول موسيقار عربي يضع موسيقى خاصة لبطولة العالم للجمباز، حيث عُزفت مقطوعاته في حفل الافتتاح في القاهرة أخيراً.
يكشف خرما تفاصيل تأليف مقطوعاته الموسيقية التي عُزفت في البطولة، إلى جانب الموسيقى التصويرية لفيلم «يوم 13» المعروض حالياً في الصالات المصرية، فيعبّر عن فخره لاختياره تمثيل مصر بتقديم موسيقى حفلِ بطولة تشارك فيها 40 دولة من العالم، ويوضح: «أمر ممتع أن تقدّم موسيقى بشكل إبداعي في مجالات أخرى غير المتعارف عليها، وشعور جديد حين تجد متلقين جدداً يستمعون لموسيقاك».
ويشير الموسيقار المصري إلى أنه وضع «ثيمة» خاصة تتماشى مع روح لعبة الجمباز: «أردتها ممزوجة بموسيقى حماسية تُظهر بصمتنا المصرية. عُزفت هذه الموسيقى في بداية العرض ونهايته، مع تغييرات في توزيعها».
ويؤكد أنّ «العمل على تأليف موسيقى خاصة للعبة الجمباز كان مثيراً، إذ تعرّفتُ على تفاصيل اللعبة لأستلهم المقطوعات المناسبة، على غرار ما يحدث في الدراما، حيث أشاهد مشهداً درامياً لتأليف موسيقاه».
ويتابع أنّ هناك فارقاً بين وضع موسيقى تصويرية لعمل درامي وموسيقى للعبة رياضية، إذ لا بدّ أن تتضمن الأخيرة، «مقطوعات موسيقية حماسية، وهنا أيضاً تجب مشاهدة الألعاب وتأليف الموسيقى في أثناء مشاهدتها».
وفي إطار الدراما، يعرب عن اعتزازه بالمشاركة في وضع موسيقى أول فيلم رعب مجسم في السينما المصرية، فيقول: «خلال العمل على الفيلم، أيقنتُ أنّ الموسيقى لا بد أن تكون مجسمة مثل الصورة، لذلك قدّمناها بتقنية (Dolby Atmos) لمنح المُشاهد تجربة محيطية مجسمة داخل الصالات تجعله يشعر بأنه يعيش مع الأبطال داخل القصر، حيث جرى التصوير. استعنتُ بالآلات الوترية، خصوصاً الكمان والتشيللو، وأضفتُ البيانو، مع مؤثرات صوتية لجعل الموسيقى تواكب الأحداث وتخلق التوتر المطلوب في كل مشهد».
يشرح خرما طريقته في التأليف الموسيقي الخاص بالأعمال الدرامية: «أعقدُ جلسة مبدئية مع المخرج قبل بدء العمل على أي مشروع درامي؛ لأفهم رؤيته الإخراجية والخطوط العريضة لاتجاهات الموسيقى داخل عمله، فأوازن بين الأشكال التي سيمر بها العمل من أكشن ورومانسي وكوميدي. عقب ذلك أضع استراتيجية خاصة بي من خلال اختيار الأصوات والآلات الموسيقية والتوزيعات. مع الانتهاء المبدئي من (الثيمة) الموسيقية، أعقد جلسة عمل أخرى مع المخرج نناقش فيها ما توصلت إليه».
ويرى أنّ الجمهور المصري والعربي أصبح متعطشاً للاستمتاع وحضور حفلات موسيقية: «قبل بدء تقديمي الحفلات الموسيقية، كنت أخشى ضعف الحضور الجماهيري، لكنني لمستُ التعطّش لها، خصوصاً أن هناك فئة عريضة من الجمهور تحب الموسيقى الحية وتعيشها. وبما أننا في عصر سريع ومزدحم، باتت الساعات التي يقضيها الجمهور في حفلات الموسيقى بمثابة راحة يبتعد فيها عن الصخب».
وأبدى خرما إعجابه بالموسيقى التصويرية لمسلسلَي «الهرشة السابعة» لخالد الكمار، و«جعفر العمدة» لخالد حماد، اللذين عُرضا أخيراً في رمضان.