جدل ساخن في مجلس النواب الأردني وانسحابات على خلفية حادثة السفارة الإسرائيلية

TT

جدل ساخن في مجلس النواب الأردني وانسحابات على خلفية حادثة السفارة الإسرائيلية

شهدت جلسة مجلس النواب الأردني الصباحية، نقاشا ساخنا أدى إلى انسحاب عدد من أعضاء المجلس؛ احتجاجا على التعاطي الحكومي مع حادثة السفارة الإسرائيلية، التي قُتل فيها أردنيان على يد حارس أمن إسرائيلي، قبل أن يسمح للحارس بالعودة إلى إسرائيل من دون حساب.
وقام النائبان خالد الفناطسة وصداح الحباشنة، وعدد من نواب كتلة الإصلاح النيابية، منهم عبد الله العكايلة وصالح العرموطي بالصراخ، مطالبين زملاءهم النواب بالانسحاب من الجلسة وإلغائها.
وقال النائب خالد الفناطسة: «دم الأردنيين ليس رخيصا، ولا يجوز الجلوس مع الحكومة المقصرة: «واللي عنده شرف ينسحب».
وعند خروج الفناطسة من القاعة، توجه النائب فيصل الأعور إليه يخاطبه، إلا أن الفناطسة بادر بضرب الأعور على رأسه.
وقال النائب صداح الحباشنة لزملائه: «اللي بيستحي ينسحب من الجلسة، ولا يجوز الجلوس مع حكومة هرّبت الإسرائيليين».
وقد تسببت الرواية الأمنية التي أعلنها وزير الداخلية الأردني، غالب الزعبي، في زيادة التوتر لدى النواب.
وكان الزعبي قد قال: إن تفاصيل الحادثة تعود إلى «دخول شخصين من منجرة جرى التعاقد معها على صنع أثاث للمبنى الذي يتبع للسفارة، قبل أن يفاجأ الحارس الإسرائيلي بقيام أحد عمال المنجرة (ويدعى محمد الجواودة 17عاما) بسحب مفكّ وطعنه بواسطته، وهنا أصبح العمل جرميا، ليقوم الحارس بإطلاق النار على الشاب ويقتله، في حين أصيب مواطن آخر بإطلاق النار قبل أن يلقى حتفه بعد ساعات».
وأضاف الزعبي، إنه ملتزم بتقديم ملف حول التحقيقات في الحادثة فور انتهائها.
ورفع رئيس المجلس، عاطف الطراونة، جلسة مجلس النواب المخصصة لمناقشة القانون المعدل لقانون العقوبات إلى يوم الأحد. وجاء ذلك بعد انسحاب نواب من الجلسة وتوتر الأجواء على خلفية حادثة السفارة الإسرائيلية، حيث دعا الطراونة النواب إلى اجتماع مغلق.
وشهدت قاعة عاكف الفايز في مجلس النواب أمس، اجتماعا مغلقا لأعضاء المجلس مع الوزير الزعبي، حيث جرى التباحث في الأحداث التي شهدتها السفارة الإسرائيلية في عمان.
وبحسب مصادر برلمانية، فقد دار نقاش ساخن خلال الجلسة، أطلقت خلاله اتهامات للحكومة بالفشل في إدارة هذا الملف، إضافة إلى ضعف التعاطي الإعلامي الرسمي مع المواطنين. وطالب الكثير من النواب بإقالة حكومة الدكتور هاني الملقي بسبب ضعفها واتهامها بـ«تضييع الولاية العامة» الممنوحة لها بموجب الدستور.
وقالت المصادر: إن الهجوم على الحكومة بلغ ذروته بعد انتهاء النائب المخضرم عبد الكريم الدغمي، من مداخلته وإجهاشه بالبكاء.
وكان رئيس مجلس النواب الأردني قد هاجم، في بداية الجلسة، تقصير الحكومة في ملف الحادثة، وطالبها بتقرير مفصل حولها.
وكان موظفو السفارة الإسرائيلية في الأردن، قد عادوا أمس، إلى إسرائيل، بمن فيهم ضابط الأمن الذي قتل أردنيين.
وكان مصدر رسمي مسؤول، قال: إن رجل الأمن الإٍسرائيلي الذي قتل أردنيين اثنين، خضع للتحقيق قبل السماح له بالمغادرة مع طاقم السفارة الإسرائيلية، ليل الاثنين.
على صعيد متصل، أكدت الحكومة الأردنية أمس، أنه لا توجد أي صفقات أو تفاوض في حادثة السفارة الإسرائيلية، مشيرة إلى أن القضية قضية جرمية سوف يتم التعامل معها وفق القوانين المحلية والدولية.
جاء ذلك خلال مؤتمر صحافي مشترك لوزراء الخارجية أيمن الصفدي، والدولة لشؤون الإعلام، محمد المومني، والشؤون القانونية، بشر الخصاونة، حيث أكد الوزراء الثلاثة أن الأردن اتخذ جميع الإجراءات والوسائل التي تحفظ حق المملكة في التقاضي في هذه القضية.
وقال أيمن الصفدي، إن «حادثة السفارة الإسرائيلية قضية جرمية ويتم التعامل معها وفق القانونين المحلي والدولي، ولا نقايض بدماء أبنائنا، وأنه لا توجد صفقات أو تفاوض حول القضية، وهي الآن أمام الادعاء العام.
وأضاف: إن «تعاملنا مع الحادثة وفق الأسس القانونية التي تؤكد حقنا في التقاضي، ولو لم نتخذ تلك الإجراءات لفقدنا حقنا في ذلك (...) هناك قوانين دولية ملزمة ونحن تعاملنا بما يضمن حق الأردن».
بدوره، قدم وزير الدولة للشؤون القانونية، بشر الخصاونة، وجهة نظر قانونية حول الحادثة؛ إذ قال: إنه ومنذ البداية، كان «هنالك إصرار من جانبنا بالاستماع لرواية مطلق النار الإسرائيلي، وتتبع جميع الإجراءات القانونية بما يحقق العدالة».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».