مفاوضات عصيبة سبقت تراجع إسرائيل عن خطواتها الاستفزازية في الأقصى

TT
20

مفاوضات عصيبة سبقت تراجع إسرائيل عن خطواتها الاستفزازية في الأقصى

في حين كان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يستقبل في ديوانه، أمس، حارس السفارة في عمان، زيف، لكي يزيح الأنظار عن إخفاقاته في إدارة أزمة الأقصى، ويظهر «كمن حمى الدبلوماسيين الإسرائيليين في الأردن، وأعادهم بسلام، رغم أن الحارس قتل مواطنين أردنيين»، بدأت تتكشف خيوط الصراع، وطبيعة المفاوضات العصبية التي جرت، والتي يتضح منها أن جريمة الحارس كانت السلّم الذي توفر لكي تنزل عليه مختلف الأطراف التي تسلقت الشجرة العالية، وفي مقدمتها حكومة نتنياهو، علماً بأن التحقيقات الإسرائيلية تشير إلى أن الحادثة لم تكن ذات علاقة مباشرة بأزمة الأقصى.
فقد اتضح من التحقيقات أن غالبية الخبراء الإسرائيليين اتخذوا، منذ البداية، موقفاً سلبياً من قرار حكومة نتنياهو، يوم الجمعة الماضي، نصب بوابات تفتيش إلكترونية على المداخل الثمانية للمسجد الأقصى المبارك، وأن قيادة الجيش والمخابرات الإسرائيلية نبهت نتنياهو إلى أن القرار سيكون ذا تبعات أخطر مما تصوروا. فالمجلس الوزاري الأمني المصغر في الحكومة الإسرائيلية، الذي توقع حدوث أزمة مع الفلسطينيين، لم يتصور أن يكون رد الفعل الجماهيري بهذه الضخامة. ومع ذلك، ظلت الحكومة على موقفها متأثرة بموقف الشرطة، التي اعتقدت أن «رد الفعل الفلسطيني ما هو إلا موجة عابرة»، وأن «الفلسطينيين مشغولون بأنفسهم وصراعاتهم الداخلية، وسيملّون سريعاً ويرضخون للشروط الإسرائيلية»، وأن الأمر لن يتفاقم ويتطور إلى انتفاضة.
وحسب شلومو هار نوي، الرئيس الأسبق لوحدة حماية الشخصيات المهمة في جهاز المخابرات الإسرائيلية (الشاباك)، فإن «من قرر وضع البوابات لم يتذكر التاريخ، ولم يراجع الدروس، فقد أثبتت التجارب أن 80 في المائة من الهبات الكبرى للفلسطينيين كانت تتعلق بالمسجد الأقصى، وأنه لا يجوز لإسرائيل أن تلعب بهذه النار في أي حال من الأحوال». ولفت إلى أن رئيس أركان الجيش الإسرائيلي، غادي آيزنكوت، كان قد أبلغ نتنياهو برأيه، وألمح إلى ذلك بتصريحات علنية، قال فيها إن «رد الفعل الفلسطيني على بوابات التفتيش لا يشبه ردود الفعل الفلسطينية على أحداث وقعت في السنوات الأخيرة»، فيما سربت جهات استخبارية أن «الجيش يستعد لمواجهة انتفاضة فلسطينية ثالثة».
وقد وصلت تحذيرات قادة الجيش والمخابرات الإسرائيلية أيضاً إلى مسامع المسؤولين في البيت الأبيض في الولايات المتحدة، الذين كانون يتابعون الموضوع من دون زائد اهتمام. وعندما طالبتهم دول عربية عدة بالتدخل، بدأوا يفتشون عن حل، ولكن ببطء شديد لا يلائم التطورات، فيما كان الشارع الفلسطيني يزيد التهاباً، خصوصاً في القدس، حيث أصبحت كل صلاة (5 مرات في اليوم) موقداً للصدام. وقتل 5 فلسطينيين، وأصيب نحو ألفين بجراح. وبدأت المظاهرات تشتعل في عواصم العالم، وقررت السلطة الفلسطينية وقف الاتصالات، بما في ذلك التنسيق الأمني.
وحتى ذلك الحين، كانت الحكومة الإسرائيلية مصرة على إبقاء البوابات، وكان قادتها يتنافسون على من يبدو أكثر تشدداً في ذلك. وبدا أن واشنطن بدأت تدرك خطورة الموقف، فقررت زيادة تدخلها، وأبلغت إسرائيل أن عليها إزالة هذه البوابات، والتفاوض مع الأردن على بدائل، وأرسلت مبعوث الرئيس إلى الشرق الأوسط، جيسن غرينبلات، ليجند الفلسطينيين لتأييد الاتفاق. ولكن الأردنيين والفلسطينيين رفضوا الحديث عن بدائل، وقالوا إنهم مصرون على عودة الأوضاع إلى ما كانت عليه قبل انفجار الأزمة.
وفي هذه الأثناء، نشأت أزمة أخرى بين إسرائيل والأردن، إذ قام حارس في السفارة الإسرائيلية في عمان بقتل صاحب البيت الذي يستأجره بمحاذاة مقر السفارة، وقتل عامل أردني كان قد جاءه لإتمام العمل في تركيب أثاث بيته. واستحكمت السفيرة الإسرائيلية في عمان، ومعها 30 عنصراً من الدبلوماسيين والحراس داخل السفارة، تحاصرهم قوات الدرك الأردني، وتفصل بينهم وبين الجماهير الأردنية الغاضبة. ومع أن التحقيقات دلت على أن العامل الأردني قد هاجم الحارس الإسرائيلي بمفك يستخدمه في عمله، ولم يحضره بشكل مخطط ليستخدمه في عملية طعن، وأن الصدام بينهما وقع على خلفية شكوى الحارس الإسرائيلي من أن الأردني لم يتمم العمل كما يجب، فإن الأمر اتخذ فوراً طابعاً سياسياً، كما لو أن الطعن تم على خلفية الاستفزازات الإسرائيلية في الأقصى.
وهرع رئيس جهاز المخابرات الخارجية الإسرائيلي (الموساد)، يطلب من نظيره الأردني السماح بمغادرة طاقم السفارة إلى إسرائيل، فرد الأردني بضرورة إجراء تحقيق في العملية، ورد الإسرائيلي بأن القانون الدولي يحمي ويوفر حصانة راسخة لكل من يوجد في السفارة. فقال الأردني إن الحديث يجري عن قاتل، ولا بد من التحقيق الأردني معه. وعندها، اتفق على أن يحضر إلى عمان رئيس المخابرات العامة الإسرائيلية (الشاباك)، نداف أرغمان، ويحضر معه محققان من المخابرات الأردنية، ويجريا التحقيق معاً. وقد شاهد الثلاثة ما سجلته الكاميرات في المنطقة، وما قاله شخص أردني ثالث يعمل حارساً على عمارة السكن التي يقع فيها بيت الحارس الإسرائيلي، فخلصوا إلى أن الحارس الإسرائيلي تعرض فعلاً للطعن بالمفك، فأطلق الرصاص للدفاع عن نفسه، وأنه «كان خائفاً لدرجة الموت، فجاء رده على مهاجمته قاتلاً»، وأنه «قتل العامل أولاً ليحمي نفسه، ثم أطلق على صاحب البيت البريء الرصاص بالخطأ، أو ربما لأنه حاول الإمساك به حتى لا يهرب إلى مقر السفارة الآمن».
وعندها، جرى ترتيب محادثة هاتفية بين العاهل الأردني، الملك عبد الله الثاني، ونتنياهو. وقد طلب الملك إزالة جميع البوابات تماماً، وجميع الكاميرات التي تم نصبها بعد أحدث الأقصى الأخيرة، وتكليف لجنة إسرائيلية أردنية بالعمل خلال 6 شهور على وضع مشروع مراقبة أمنية جديد للأقصى، ضمن محاربة من ينفذ اعتداءات عنيفة من الطرفين ضد أي من الطرفين. وهكذا، جرى إطلاق سراح الدبلوماسيين، وإخلاء السفارة الإسرائيلية في عمان تماماً، وباشرت إسرائيل في اللحظة نفسها إزالة البوابات والكاميرات الجديدة.



قيادي «حوثي»: أي تحرك عسكري بري ضد اليمن سيقابل «بجحيم وفشل»

يمنيون يتظاهرون دعماً لغزة وتنديداً بالغارات الأميركية في صنعاء (أ.ف.ب)
يمنيون يتظاهرون دعماً لغزة وتنديداً بالغارات الأميركية في صنعاء (أ.ف.ب)
TT
20

قيادي «حوثي»: أي تحرك عسكري بري ضد اليمن سيقابل «بجحيم وفشل»

يمنيون يتظاهرون دعماً لغزة وتنديداً بالغارات الأميركية في صنعاء (أ.ف.ب)
يمنيون يتظاهرون دعماً لغزة وتنديداً بالغارات الأميركية في صنعاء (أ.ف.ب)

قال القيادي الحوثي محمد علي الحوثي، اليوم السبت، إن أي تحرك عسكري بري ضد اليمن لن يحقق النجاح بل سيقابل «بجحيم وفشل».

وأضاف الحوثي، في حسابه على منصة «إكس»: «على أميركا أن تعلم أن استمرار هجومها ضد اليمن هو استنزاف تخسر معه أي معركة قادمة».

وتابع الحوثي: «خيارات العدو في اليمن فاشلة، فلا القصف والعدوان الأميركي سيحققان إيقاف الإسناد لغزة، ولا أي تحرك عسكري بري يحقق النجاح بل سيقابل بجحيم وبأس».

وتشن جماعة الحوثي التي تسيطر على أجزاء واسعة من اليمن، هجمات على إسرائيل وعلى السفن في البحر الأحمر منذ نوفمبر (تشرين الثاني) 2023 دعماً للفلسطينيين في غزة. وتسبّبت هجمات الحوثيين في تعطيل التجارة العالمية، ودفعت الولايات المتحدة إلى مهاجمة أهداف مرتبطة بالجماعة.

وكان الرئيس الأميركي دونالد ترمب قد أمر في 15 مارس (آذار) ببدء حملة عسكرية ضد جماعة الحوثي، متوعداً إياها باستخدام «قوة مميتة» و«القضاء الكامل» على قدراتها، في إطار مسعى واشنطن لوقف تهديدات الجماعة للملاحة في البحر الأحمر وخليج عدن، ولردع الهجمات المتكررة التي تستهدف إسرائيل.

وتعلن جماعة الحوثي بين الحين والآخر أنها تشن عمليات بالصواريخ والطائرات المسيّرة تستهدف حاملة الطائرات «هاري ترومان» والسفن المرافقة لها التي تتمركز في البحر الأحمر، والتي تنطلق منها الطائرات لتقصف أهدافاً للجماعة في اليمن.