تقنيات خسارة الوزن... مزايا ونقائص

لا تتمتع بفاعلية العمليات الجراحية التي تساعد على فقدان أكثر من ربعه

تقنيات خسارة الوزن... مزايا ونقائص
TT

تقنيات خسارة الوزن... مزايا ونقائص

تقنيات خسارة الوزن... مزايا ونقائص

قد تساعد بالونات المعدة والتقنيات الأخرى الناس على تناول (أو امتصاص) طعام أقل، ولكن هل يمكنها أن تضمن لهم خسارة الوزن على المدى الطويل؟

الوزن الصحي
يتجاوز عبء الوزن الزائد الذي يصيب ملايين الأميركيين الذين يعانون من السمنة هاجس المظهر الخارجي، لأن هذه الحالة المزمنة والموهنة تعرضهم لأمراض كثيرة أولها أمراض القلب. ولكن ومن ناحية أخرى، تسبب الحميات الغذائية والتمارين الرياضية الإحباط للكثير من الأشخاص لأنها لا تعطي النتائج المرجوة.
ما هو الوزن الصحي؟ يحدد مؤشر كتلة الجسم BMI ما إذا كان الشخص يتمتع بوزن صحي (طبيعي) أو أنه يختزن كمية غير صحية من دهون الجسم (زيادة في الوزن أو سمنة). (يمكن احتساب المؤشر خاصتكم على الموقع التالي www.health.harvard.edu/bmi). أما الموافقة على الاستعانة بتقنيات خسارة الوزن، فتمنح للأشخاص الذين يعانون من السمنة.

تقنيات خسارة الوزن
تساعد العمليات الجراحية التي تهدف إلى استئصال جزء من المعدة والتي تعرف بـ«تكميم المعدة» sleeve gastrectomy على خسارة الكثير من الوزن. كما أنها تؤدي إلى تحسنات جدية في حالات السكري النوع الثاني ومشاكل أخرى مرتبطة عن قرب بأمراض القلب، كارتفاع معدل الكولسترول وارتفاع ضغط الدم.
ولكن نحو 1 في المائة أو 2 في المائة فقط من الناس الذين يحصلون على إذن للخضوع لهذه الجراحة أو أي جراحة أخرى مماثلة، يجرونها فعلاً. وفي حين أن المشكلة الأكبر التي تحول دون إجراء هذه العملية هي تكلفتها العالية (نحو 20000 دولار) وتفاوت التغطية التأمينية، إلا أن بعض المخاوف الأخرى تلعب دوراً أيضاً.
يقول الدكتور علي تافاكولي، مساعد مدير مركز إدارة الوزن والجراحة الأيضية في مستشفى بريغهام والنسائية التابعة لجامعة هارفارد، إن الناس لا يقلقون من خضوعهم لعملية خطيرة فحسب، وإنما يخافون أيضاً من حصول تغيير جذري في طبيعة عمل جهازهم الهضمي، مما يجعل البعض يفضلون تدخلاً طبياً غير دائم وأقل خطورة يساعدهم في خسارة الوزن.

أجهزة مرخصة
وحول الأجهزة المرخصة من قبل «الإدارة الأميركية للغذاء والدواء»، فإن الأبحاث التي تتم في هذا المجال ليست مستجدة، فقد تم ترخيص أول بالون معدة (كرة منفوخة توضع في المعدة لملئها) عام 1985 (لم يدم طويلاً، لأن بعض الناس الذين خضعوا لهذا الإجراء عانوا من انسدادات معوية ومضاعفات أخرى خطيرة). ومنذ ذلك الحين، تطورت التصميمات وأفضت إلى خيارات أكثر أمناً وفاعلية في نظام البالون المعدي. ولكن هذه التقنيات، وكذلك اثنتان غيرها مرخصتان من قبل إدارة الغذاء والدواء مصممة على أساس اعتمادها بالتزامن مع حمية غذائية صحية، وممارسة التمارين الرياضية بانتظام. ولكن الدكتور لي كابلان، مدير معهد السمنة والتمثيل الغذائي والتغذية في مستشفى ماساتشوستس العام التابع لجامعة هارفارد، يعتبر أن المشكلة الأساسية هي أن هذه التقنيات لا تتمتع بفاعلية العمليات الجراحية المعدية نفسها والتي تساعد الناس على خسارة 25 - 40 في المائة من مجمل وزنهم.

تقنيات متنوعة
وتبين في الدراسات الإكلينيكية التي اختبرت هذه التقنيات أن الأشخاص الذين شاركوا في مجموعات المقارنة (حمية غذائية وتمارين رياضية فقط) خسروا نحو 3 في المائة أو 4 في المائة من مجمل وزنهم. أما انسداد العصب المبهم vagus nerve block فلم يضف على هذه النتائج إلا نحو 1 في المائة فقط، مما يجعله تقنية غير مقنعة رغم ارتفاع كلفتها.
تعتبر البالونات المعدية Gastric balloons أفضل بقليل لأنها تساعد الناس على خسارة 4 في المائة أو 5 في المائة إضافية من وزنهم الطبيعي. ولكن هذه البالونات يجب إزالتها بعد ستة أشهر، غالباً ما يبدأ الجسم بعدها باكتساب الوزن من جديد.
من جهة أخرى، تعطي تقنية استنزاف المعدة stomach drain، التي يمكن أن تبقى في الجسم طالما أن الشخص يريدها، النتائج الأفضل، وتساعد في خسارة نحو 8 في المائة إلى 9 في المائة من وزن الجسم الأساسي. واعتبر الدكتور كابلان أن هذه التقنية هي الأفضل، على صعيد النتائج. ولكنه لفت إلى أن الجزء الصعب في تطبيقها هو حالة النفور التي تصيب المريض منها، خاصة أن جزءا من الطعام المهضوم يتم سحبه من المعدة في المرحاض.
ونصح الطبيب الأشخاص الذين يفكرون بالاستعانة بإحدى هذه التقنيات أن يفكروا قبلاً بخيار الأدوية المضادة للسمنة بعد استشارة طبيب مختص. ويمكن القول إن هذه الأدوية تتمتع بفاعلية البالونات المعدية نفسها، والأطباء يعرفون أكثر عن سلامتها وفاعليتها على المدى الطويل.
* رسالة هارفارد للقلب،
خدمات «تريبيون ميديا».



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».