«المخدرات الحكومية» في إيران بعد ارتفاع عدد المدمنين

انتشار الظاهرة يدفع السلطات إلى توزيع المواد المخدرة عبر الصيدليات

ظاهرة الإدمان من أسباب تفاقم ظاهرة المشردين في إيران (وكالة إيسنا)
ظاهرة الإدمان من أسباب تفاقم ظاهرة المشردين في إيران (وكالة إيسنا)
TT

«المخدرات الحكومية» في إيران بعد ارتفاع عدد المدمنين

ظاهرة الإدمان من أسباب تفاقم ظاهرة المشردين في إيران (وكالة إيسنا)
ظاهرة الإدمان من أسباب تفاقم ظاهرة المشردين في إيران (وكالة إيسنا)

بعد أيام من إعلان المتحدث باسم اللجنة القضائية في البرلمان الإيراني الموافقة على قانون «توزيع المخدرات الحكومية»، كشف مسؤول في مجلس تشخيص مصلحة النظام أمس، عن ميول 17 في المائة من الإيرانيين إلى تعاطي المخدرات وسط نشاط بين 220 ألف شخص إلى 250 ألفاً في متاجرة المخدرات.
ودافع رئيس مجموعة العمل للحد من ظاهرة الإدمان في مجلس تشخيص مصلحة النظام، سعيد صفاتيان، أمس عن مشروع جديد يتيح للحكومة الإيرانية «توزيع المخدرات» على المدمنين بهدف الحد من ظاهرة انتشار المخدرات. وقال صفاتيان إن «17 في المائة من الإيرانيين يميلون إلى تعاطي المخدرات». وأوضح أن من بين هذه النسبة 5 في المائة يتعاطون المخدرات، في حين أن 12 في المائة سيقعون في فخ المخدرات «في حال لم تقطع العلاقات بين تجار المخدرات ولم يجرَ التحكم باستهلاك المخدرات».
وأعلن المتحدث باسم اللجنة القضائية والقانونية في البرلمان حسن نوروزي الجمعة الماضي، الموافقة النهائية على مشروع «توزيع المخدرات الحكومية». وبحسب المسؤول الإيراني، فإن المشروع حصل على موافقة «دوائر صنع القرار»، مضيفاً أنه «إعادة قانون قديم قبل الثورة».
وعن مشروع البرلمان الإيراني لتخفيف عقوبة الإعدام من جرائم تتعلق بالمخدرات، قال نوروزي إنه «تقرر تخفيف عقوبة الإعدام إلى السجن من الدرجة الأولى بالنسبة لمن يحملون أقل من 100 كيلوغرام من الترياق أو إنتاج كيلوغرامين من المخدرات الصناعية أو يحملون 5 كيلوغرامات من المخدرات الصناعية».
بدوره، أشار صفاتيان أمس إلى نشاط أشخاص عددهم يتراوح بين 220 ألفاً و250 ألفاً في سوق المخدرات إضافة إلى وجود من 500 ألف إلى 700 ألف شخص يحظون برعاية المراكز المختصة في الإدمان. وأضاف أن السلطات تضبط سنوياً بين 600 طن و700 طن من المخدرات، وهو ما تتطلع السلطات لمواجهته عبر توزيع قانوني للمخدرات على المدمنين، حسبما نقلت وكالات أنباء حكومية عن المسؤول الإيراني.
وأوضح صفاتيان أن المشروع «ليس من شأنه استئصال إحصائية الإدمان ودعم جميع المدمنين»، لافتاً إلى أنه «يحاول تقليل عدد المدمنين إلى الحد الممكن»، وتابع أن توزيع المخدرات بيد الحكومة «سيخفض أعداد الجرائم».
من جانب آخر، انتقد صفاتيان رفض الجهات الرسمية المعنية بمكافحة المخدرات الإفصاح عن عدد المدمنين المشردين في البلاد، وكان تقرير لصحيفة «شهروند» الإيرانية في ديسمبر الماضي حول سكان المقابر في ضواحي طهران سلط الضوء على المدمنين المشردين في البلاد. كما انتقد إحصائيات وردت على لسان وزراء في الحكومة خلال الشهر الماضي حول تحسن طفيف في وضع الإدمان، وقال «إنها قائمة على معلومات مغلوطة».
وفي حين تسود حالة من الشك حول الإحصائيات الصادرة من الجهات المسؤولة واتهامات من مراكز حقوق الإنسان بشأن التعتيم حول علاقة تفاقم المخدرات بانتشار مرض الإيدز، تتناقل مراكز حقوق الإنسان يومياً أعداداً جديدة من تنفيذ الإعدامات بتهمة الاتجار بالمخدرات. وتواجه إيران انتقادات دولية واسعة بسبب ارتفاع حالات الإعدام.
وكانت التهديدات الاجتماعية من المحاور الأساسية في حملة الانتخابات الرئاسية التي امتدت بين نهاية أبريل (نيسان) ومنتصف مايو (أيار) الماضي. المرشحون الستة خلال المناظرات التلفزيونية، تراشقوا الاتهامات حول الجهات المسؤولة عن انتشار التهديدات الاجتماعية، لكن التراشق أثبت أن التهديدات الاجتماعية تشكل الهاجس الأساسي لكبار المسؤولين في الحكومة المقبلة، وأن المخاوف أعمق من الإحصائية المنشورة. وسلط النقاش حول التهديدات الاجتماعية الأضواء على ظاهرة انتشار المخدرات بعد تفاقم ظاهرة البطالة. والعام الماضي، قال مسؤول إيراني في جهاز مكافحة المخدرات إن «الإدمان هاجس لنحو 90 في المائة من الأسر الإيرانية».
من جهته، قال رئيس لجنة مكافحة المخدرات علي هاشمي في تصريح لوكالة «إيسنا» الحكومية، أول من أمس، إن «توزيع المخدرات الحكومية يقلل من الأموال القذرة بيد المهربين»، مضيفاً أن «إجراء سياسة إدارة تقليل الطلب على المخدرات يساعد على خفض الأموال التي تحصل عليها العصابات من بيع المخدرات وتتسبب في تلوث آلاف الأجهزة الحكومية بما فيها المحامون والقضاة بتوزيع الأموال القذرة».
وفي دفاعه عن القانون الجديد، قال هاشمي إن القانون «سيرفع الحظر عن الترياق»، مشيراً إلى أن 60 في المائة من نسبة المدمنين يتعاطون الترياق.
رغم ذلك، فإن صفاتيان طالب أمس بوضع معايير واضحة لتنفيذ مشروع المخدرات الحكومية. وفي توضيح المعايير، قال: «يجب أن تكون معايير عن الفئات العمرية، وأي نوع من المخدرات والكمية، وإذا ما كان المدمنون خضعوا لعملية التعافي من الإدمان أم لا».
ووفق أحدث تقرير لمركز حقوق الإنسان الإيرانية المختص بمراقبة حالات الإعدام في إيران الأسبوع الماضي، فإن كل 4 ساعات تشهد البلاد حالة إعدام واحدة، وذلك خلال الأيام العشرة الأخيرة التي سبقت إعداد التقرير. وكانت أغلب حالات الإعدام المعلنة على صلة بجرائم تتعلق بالمخدرات.
ويتجاهل القضاء الإيراني دعوات أطلقتها مراكز حقوق الإنسان لتعليق مؤقت لعقوبة الإعدام قبل إعلان نتيجة قانون تخفيف العقوبة في البرلمان. وبحسب المراقبين، فإن أغلب حالات الإعدام قد يشملها تخفيف العقوبة بعد أشهر إذا أقره البرلمان.
وفي 26 يونيو (حزيران) الماضي، كشفت لجنة مكافحة المخدرات الإيرانية أول إحصائية رسمية بعد 5 سنوات. وبحسب اللجنة، فإن مليوني و800 ألف إيراني يدمنون المخدرات. ووفقاً للإحصائية، فإن نسبة انتشار المخدرات بلغت 5.3 في المائة، وإن قوات مكافحة المخدرات ضبطت نحو 200 طن من المخدرات خلال 3 أشهر ماضية.
وتشير الإحصائية إلى ارتفاع عدد الوفيات بنحو 6.2 في المائة، أي ما يعادل 3 آلاف و190 ألف مدمن على المخدرات، وهو ما يفوق المعدلات العالمية. ويعد الإدمان أحد العوامل الخمسة في أسباب الوفاة وأحد أبرز الأمراض الخمسة في البلاد.
جانب آخر من انتشار أنواع المخدرات أظهر انتشار مادة الترياق بنسبة 66.8 في المائة والقنب (الحشيش) والماريجوانا بنسبة 11.9 في المائة ومادتي الهيروين والكوكايين بنسبة 10.6 والمخدرات الصناعية مثل ميثامفيتامين بنسبة 8.1. ووفق الإحصائيات الإيرانية، فإن استهلاك المخدرات يفوق 500 طن سنوياً.
وتخشى الجهات المختصة بالمخدرات من تحول الاستهلاك في إيران من المخدرات التقليدية إلى المخدرات الصناعية. تلك المخاوف تتزامن مع مخاوف من تحول الإدمان من الرجال إلى النساء، إضافة إلى تراجع عمر إدمان المخدرات إلى 15 عاماً.



إصابة إسرائيلي برصاص الجيش للاشتباه بمحاولته تنفيذ هجوم طعن في الضفة

جندي إسرائيلي يصوّب سلاحه خلال دورية في رام الله (أ.ف.ب)
جندي إسرائيلي يصوّب سلاحه خلال دورية في رام الله (أ.ف.ب)
TT

إصابة إسرائيلي برصاص الجيش للاشتباه بمحاولته تنفيذ هجوم طعن في الضفة

جندي إسرائيلي يصوّب سلاحه خلال دورية في رام الله (أ.ف.ب)
جندي إسرائيلي يصوّب سلاحه خلال دورية في رام الله (أ.ف.ب)

أُصيب رجل إسرائيلي في العشرينات من عمره، يعاني اضطرابات نفسية، بجروح خطيرة، صباح اليوم الاثنين، بعدما أُطلق عليه النار للاشتباه بمحاولته تنفيذ هجوم طعن قرب محطة وقود خارج مستوطنة «كدوميم» شمال الضفة الغربية، وفق ما أعلن الجيش الإسرائيلي.

وذكر الجيش أن الرجل اقترب من قواته وهو يحمل سكيناً، فأُطلق عليه النار من قِبل جندي ومدني مسلَّح. وجرى نقله إلى مستشفى «مئير» في كفار سابا، حيث وُصفت حالته بالخطيرة.

كانت تقارير أولية قد أفادت بأن المشتبَه به مُهاجم فلسطيني، إلا أن تحقيقاً أولياً أكّد لاحقاً أنه مواطن إسرائيلي.

ووقع الحادث قرب مدخل مستوطنة «كدوميم»، ما أدى إلى إغلاق البوابة الرئيسية للمستوطنة لفترة وجيزة. ووصلت قوات الأمن إلى المكان، في حين لا تزال ملابسات إطلاق النار قيد التحقيق.


طهران تعقد اجتماعاً يناقش تطورات أفغانستان بغياب كابل

عراقجي يترأس اجتماعاً لدول جوار أفغانستان وروسيا في طهران اليوم (الخارجية الإيرانية)
عراقجي يترأس اجتماعاً لدول جوار أفغانستان وروسيا في طهران اليوم (الخارجية الإيرانية)
TT

طهران تعقد اجتماعاً يناقش تطورات أفغانستان بغياب كابل

عراقجي يترأس اجتماعاً لدول جوار أفغانستان وروسيا في طهران اليوم (الخارجية الإيرانية)
عراقجي يترأس اجتماعاً لدول جوار أفغانستان وروسيا في طهران اليوم (الخارجية الإيرانية)

قال وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي إن الاستقرار في أفغانستان لن يتحقق عبر «وصفات مستوردة» أو «قرارات عابرة للأقاليم»، مشدداً على أن «الجيران الحل الأمثل والأكثر موثوقية».

وعقدت وزارة الخارجية الإيرانية، الأحد، اجتماعاً بعنوان «مراجعة التطورات بأفغانستان» بمشاركة دبلوماسيين من جيران أفغانستان وروسيا، في ظل غياب ممثلين عن الجانب الأفغاني. وقالت الخارجية الإيرانية إن كابل دُعيت لكنها لم تحضر، مشيرة إلى مشاركة روسيا والصين وطاجيكستان وباكستان وأوزبكستان وتركمانستان في الاجتماع.

وقال عراقجي: «لا يمكن لأي وصفة عابرة للأقاليم أن تحل المشاكل والأزمات الإقليمية»، مضيفاً أن التجارب السابقة أظهرت أن «المقاربات الخارجية والوصفات المفروضة لا تؤدي إلى الاستقرار ولا تضمن التنمية المستدامة»، في إشارة إلى «تجربة التدخل العسكري ووجود حلف الناتو في أفغانستان على مدى عقدين»، وما أعقب ذلك من «انسحاب متسرع في عام 2021»، حسب وكالة «إرنا» الرسمية.

واعتبر عراقجي أن استقرار أفغانستان وتنميتها «ضرورة استراتيجية للمنطقة بأسرها»، مشيراً إلى أن موقعها «في قلب شبكات الاتصال في آسيا الوسطى وغرب آسيا وجنوب آسيا» يمنحها إمكانيات اقتصادية ولوجيستية، وتحدث عن أهمية «دمج أفغانستان في العمليات السياسية والاقتصادية للمنطقة» وبناء الثقة بين دولها عبر «الحوار البناء» و«الآليات المحلية» والتعاون المستدام.

عراقجي يترأس اجتماعاً لدول جوار أفغانستان وروسيا في طهران اليوم (الخارجية الإيرانية)

كما أعلن استعداد بلاده «لتوسيع تعاونها مع جميع الدول المجاورة لأفغانستان» في مجالات من بينها النقل والتجارة والطاقة والخدمات القنصلية، ودعا إلى «آليات حوار منتظمة» بين دول الجوار لتنسيق السياسات والبرامج الاقتصادية والحدودية والإنسانية وخفض التوترات، معتبراً أن المنطقة «على أعتاب تطورات اقتصادية مهمة» قد تفتح «مرحلة جديدة في التعاون الإقليمي».

وبعد الاجتماع، قال عراقجي للتلفزيون الرسمي إن طهران ترى أن «الحل الإقليمي فقط يمكن أن يساعد»، ولفت إلى أن إدراج أفغانستان في «مسار تقارب مع المنطقة» يصب في مصلحة كابل ودول الجوار، مضيفاً أن اجتماع طهران عقد لهذا الهدف بهدف «تقريب وجهات نظر» دول الجوار تمهيداً لبحث توسيع التعاون عبر «تفاعل منتظم» مع الحكومة الأفغانية، معرباً عن تفاؤله بنتائج «إيجابية»، ونقل مخرجات الاجتماع إلى كابل.

من جهته، قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية إسماعيل بقائي إن إيران «وجهت الدعوة إلى جميع الدول المعنية للمشاركة في هذا الاجتماع، بما في ذلك أفغانستان». وأضاف: «كنا نرغب في مشاركة أفغانستان في الاجتماع... غير أننا نحترم قرارها بعدم المشاركة».

وأوضح أن الاجتماع جاء نتيجة «مشاورات جرت خلال الأسابيع الماضية» بين إيران ودول الجوار الأفغاني، وأنه يأتي بصيغة مشابهة لاجتماعات سابقة لمتابعة التطورات المرتبطة بأفغانستان، مشيراً إلى مرور نحو عامين من دون عقد اجتماع مماثل على مستوى وزراء الخارجية.

وقال إن الهدف هو «الحوار وتبادل وجهات النظر حول تطورات أفغانستان»، وإن «جميع القضايا والأحداث المرتبطة بهذا البلد ستناقش بطبيعة الحال». وأشار إلى أن «بيئة الجوار» تحظى بأهمية خاصة لإيران، لافتاً إلى أن الأمن والاستقرار في شرق البلاد «مسألة محورية»، وأن إيران تشترك بنحو ألفي كيلومتر من الحدود مع أفغانستان وباكستان، وأن أي توتر بين البلدين «ينعكس بالضرورة» على إيران ويثير مخاوف لدى دول أخرى في المنطقة.

وتطرق بقائي إلى اجتماع عُقد الأسبوع الماضي بين مجموعات المعارضة الأفغانية، قائلاً إن إيران ترى أن حل القضايا المتعلقة بأفغانستان يمر عبر «الحوار والتفاعل بين مختلف الأطراف»، وأن الحل في أفغانستان يكمن في «حوار أفغاني - أفغاني».

وأضاف أن عقد اجتماع جيران أفغانستان في طهران يعكس قناعة بلاده بضرورة «تعزيز التفاهم وبناء الثقة» بما يساعد على ترسيخ الاستقرار والأمن.


طهران: قواتنا المسلحة في حالة جاهزية كاملة لأي طارئ

بقائي يستمع إلى أسئلة الصحافيين خلال إفادة أسبوعية اليوم (مهر)
بقائي يستمع إلى أسئلة الصحافيين خلال إفادة أسبوعية اليوم (مهر)
TT

طهران: قواتنا المسلحة في حالة جاهزية كاملة لأي طارئ

بقائي يستمع إلى أسئلة الصحافيين خلال إفادة أسبوعية اليوم (مهر)
بقائي يستمع إلى أسئلة الصحافيين خلال إفادة أسبوعية اليوم (مهر)

قالت إيران إن قواتها المسلحة في حالة جاهزية كاملة للتعامل مع أي طارئ، في وقت أكدت فيه استمرار اتصالاتها مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، مشددة على أن الدبلوماسية ما زالت إحدى أدواتها الأساسية لصون «المصالح الوطنية»، رغم ما وصفته بتعاملها مع أطراف لا تولي أي قيمة للتفاوض.

ونفى المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية، إسماعيل بقائي، مرة أخرى وجود وساطة بالمعنى التقليدي بين طهران والوكالة التابعة للأمم المتحدة، وقال خلال مؤتمر صحافي أسبوعي، الأحد، إن «أساس تعامل إيران مع الوكالة الذرية يقوم على القانون الذي أقره البرلمان، والذي يحدد إطار التعاون بشكل واضح»، حسبما نقلت وكالة «إرنا» الرسمية.

وتعليقاً على أحدث تصريحات المدير العام للوكالة رافائيل غروسي، الذي جدّد مطالبة طهران بالكشف عن مصير مخزون اليورانيوم عالي التخصيب واستئناف عمل المفتشين، قال بقائي إن تكرار هذه التصريحات «لا يغير من الواقع شيئاً»، داعياً غروسي إلى توجيه الاهتمام إلى «الأطراف المسؤولة عن الوضع الحالي».

وقال إن «تجاهل الهجمات التي طالت المنشآت النووية السلمية الإيرانية من قبل الولايات المتحدة وإسرائيل، والاكتفاء بمخاطبة طرف واحد، نهج غير منصف ولا يمكن أن يسهم في حلّ الأزمة»، داعياً الوكالة إلى الالتزام بمقاربة فنية بحتة في التعامل مع الملف الإيراني.

وشنَّت إسرائيل في 13 يونيو (حزيران) هجوماً غير مسبوق على منشآت استراتيجية في إيران، ما أسفر عن مقتل عشرات من قادة «الحرس الثوري»، الجهاز الموازي للجيش النظامي، إضافة إلى مسؤولين وعلماء في البرنامج النووي الإيراني. وأشعلت تلك الضربات حرباً استمرّت 12 يوماً بين البلدين، شاركت خلالها الولايات المتحدة بقصف 3 مواقع نووية داخل إيران.

وعقب الهجمات، علقت إيران تعاونها مع الوكالة الذرية، وقيدت وصول مفتشيها إلى المواقع المستهدفة، منتقدةً عدم إدانة الوكالة للهجمات. كما ربط قانون أقرّه البرلمان الإيراني في يوليو (تموز) دخول المفتشين بقرار من المجلس الأعلى للأمن القومي.

وفي سبتمبر (أيلول)، اتفقت إيران والوكالة الدولية للطاقة الذرية بوساطة مصرية على إطار عمل جديد للتعاون، غير أن طهران أعلنت لاحقاً اعتباره لاغياً، بعد أن فعّلت بريطانيا وفرنسا وألمانيا مسار إعادة فرض عقوبات الأمم المتحدة التي رفعت بموجب الاتفاق النووي لعام 2015.

عراقجي ونائبه مجيد تخت روانتشي خلال محادثات مع غروسي على هامش أعمال الجمعية العامة في نيويورك... سبتمبر الماضي (الخارجية الإيرانية)

وخلال الأسابيع التالية، أجرى وزير الخارجية المصري اتصالات مع نظيره الإيراني ومدير الوكالة الذرية، في محاولة لإحياء «تفاهم القاهرة» واحتواء التوتر، لكن إيران أعلنت رسمياً طي هذا المسار رداً على قرار مجلس محافظي الوكالة في 20 نوفمبر (تشرين الثاني)، الذي دعاها إلى التعاون مع المفتشين الدوليين.

وسبق ذلك تأكيد مسؤولين إيرانيين انتهاء الاتفاق، فيما أبدت طهران استعدادها قبل قرار المجلس لبحث وساطة صينية - روسية، بهدف استئناف التعاون مع الوكالة الذرية.

وقبل الهجمات على منشآتها النووية، كانت إيران تخصّب اليورانيوم بنسبة 60 في المائة، القريبة من مستوى الاستخدام العسكري، وذكرت الوكالة الدولية للطاقة الذرية أن طهران كانت تمتلك نحو 441 كيلوغراماً من هذه المادة عند اندلاع الحرب، قبل أن يتعذر عليها التحقق من المخزون منذ 13 يونيو.

وتؤكد الدول الغربية عدم وجود حاجة مدنية لهذا المستوى من التخصيب، فيما تقول الوكالة الذرية إن إيران هي الدولة الوحيدة غير الحائزة على سلاح نووي التي تخصّب اليورانيوم عند نسبة 60 في المائة.

وفي أواخر أكتوبر(تشرين الأول)، قال غروسي إن إيران لا تبدو منخرطة حالياً في تخصيب نشط، لكنه أشار إلى رصد تحركات متجددة في مواقع نووية، وسط تقارير غربية عن تسريع أعمال بناء في منشأة تحت الأرض قرب نطنز.

غموض المسار التفاوضي

ويسود الغموض بشأن مستقبل المفاوضات النووية بين إيران والقوى الغربية، التي أعادت فرض العقوبات الأممية على طهران اعتباراً من نهاية القرار 2231 في 18 أكتوبر الماضي.

وكانت طهران وواشنطن قد قطعتا شوطاً في 5 جولات تفاوضية حول الملف النووي، وإمكانية التوصل لاتفاق جديد، لكن المفاوضات دخلت مرحلة جمود بعد حرب الـ12 يوماً، رغم تمسك الجانبين بخيار التسوية، كل وفق شروطه.

وتشترط واشنطن على إيران وقف تخصيب اليورانيوم داخل أراضيها، وتقييد برنامجها للصواريخ الباليستية، ووقف دعمها للجماعات المسلحة في المنطقة، وهي مطالب تقول طهران إنها «مرفوضة وغير قابلة للتفاوض».

ورداً على أسئلة حول الغموض الذي يلف المسار الدبلوماسي، وتصاعد التهديدات الإسرائيلية، قال بقائي إن إيران أظهرت «اقتدارها وقدراتها» في مختلف المجالات، منوهاً أن الدبلوماسية ستبقى أحد الخيارات المتاحة «متى ما توفرت الظروف المناسبة». لكنه أشار في المقابل إلى أن طهران «تواجه أطرافاً لا تعطي وزناً للتفاوض».

وقال الرئيس الأميركي دونالد ترمب، الخميس الماضي، للصحافيين، إنه يسعى بقوة إلى اتفاق مع إيران، لكنه حذر من أن طهران ستواجه هجوماً أميركياً جديداً إذا عادت إلى أنشطتها النووية. وأشار إلى أن إيران كانت على مقربة من امتلاك سلاح نووي، لكنها ابتعدت عن ذلك بعد الضربات التي شنّتها قاذفات «بي-2» الشبح.

الرئيس الأميركي دونالد ترمب يتحدث في المكتب البيضاوي بينما وضع أمامه مجسماً من قاذفات «بي 2» التي قصفت منشآت إيران النووية 6 أغسطس الماضي (أ.ف.ب)

ونبّه بقائي أن القوات المسلحة الإيرانية «في حالة جاهزية كاملة للتعامل مع أي طارئ أو مغامرة»، مضيفاً أن خصوم إيران «يدركون هذه القدرات»، معتبراً أن ما وصفه بالدفاع خلال حرب الاثني عشر يوماً «لا يترك مجالاً للغموض».

وقال بقائي أيضاً إن استمرار أمانة الأمم المتحدة وبعض أعضاء مجلس الأمن في الاستناد إلى القرار 2231 «لا يستند إلى أي أساس قانوني»، مشيراً إلى أن القرار «انتهى مفعوله». وأضاف أن التقرير الأخير للأمين العام للأمم المتحدة «أعدّ استناداً إلى قرار لم يعد قائماً من الناحية القانونية»، لافتاً إلى أن دولتين دائمتين في مجلس الأمن تشاركان طهران هذا التقييم، في إشارة إلى الصين وروسيا.

واتهم المتحدث الدول الأوروبية الثلاث (فرنسا، وبريطانيا، وألمانيا) باللجوء إلى آلية تسوية النزاع في الاتفاق النووي «بدوافع سياسية وتحت ضغط الولايات المتحدة»، لافتاً إلى أن هذا المسار «لا تترتب عليه أي آثار قانونية». وقال إن الصين وروسيا تتبنيان موقفاً مماثلاً، محذراً من أن الإصرار على مواصلة هذا النهج «سيؤدي إلى تعميق الانقسام القانوني داخل مجلس الأمن».

وفي سبتمبر الماضي، فشل قرار دفعت به روسيا والصين، أمام مجلس الأمن لتمديد القرار 2231.

وانتقد بقائي ما وصفه بـ«غياب الاستقلالية» في سياسات بعض الدول الأوروبية خلال العامين الماضيين، معتبراً أن تعاملها مع الملف النووي الإيراني «حوّلها عملياً إلى أداة لخدمة الأهداف الأميركية»، متهماً واشنطن بالسعي وراء إثارة الانقسامات داخل الاتحاد الأوروبي.

إيران وفنزويلا

وفي سياق منفصل، تطرق بقائي إلى التوتر مع الولايات المتحدة بشأن فنزويلا. وقال إن واشنطن «لا تملك أي أساس قانوني» لاحتجاز ناقلة نفط فنزويلية، رافضاً مزاعم واشنطن بأن الناقلة كانت تنقل نفطاً إلى إيران عبر السوق السوداء.

كما اتهم واشنطن بمحاولة ربط إيران بالأوضاع في فنزويلا، قائلاً إن هذه الادعاءات «لا تستند إلى أي وقائع»، مضيفاً أن فنزويلا «دولة مستقلة ولها الحق في تقرير سياستها الخارجية».

وأضاف أن الولايات المتحدة «لها سجل طويل من التدخل في أميركا اللاتينية»، وأن ما يجري «ينتهك مبادئ القانون الدولي».

وفي ما يتعلق بتوقيف ناقلة فنزويلية وسفينة صينية، قال إن استخدام القوة ضد سفن تجارية «لا يملك أي مبرر قانوني»، مشيراً إلى أن إيران «ستستخدم الأدوات المتاحة لحماية مصالحها».

وحول تقرير لصحيفة «وول ستريت جورنال» عن هجوم أميركي على سفينة إيرانية كانت متجهة من الصين إلى إيران، قال بقائي إن طهران لم تتلقَّ حتى الآن تأكيداً رسمياً من الجهات المختصة.