عرب وعجم

عرب وعجم
TT

عرب وعجم

عرب وعجم

* الأمير خالد بن فيصل بن تركي آل سعود، سفير خادم الحرمين الشريفين لدى الأردن، حضر الافتتاح الرسمي لفعاليات مهرجان جرش للثقافة والفنون في دورته الـ32. وتتضمن المشاركة السعودية في المهرجان أداء رقصة «العرضة» التي تقدمها فرقة الدرعية، وأمسية شعرية سعودية أردنية يُشارك فيها شعراء من البلدين، إلى جانب عرض لفرقة سعودية فلكلورية في المسرح الشمالي بجرش. حضر الافتتاح رئيس الوزراء الأردني الدكتور هاني الملقي الذي أوقد شعلة المهرجان إيذانا ببدء الفعاليات.
* الدكتور ماجد بن علي النعيمي، وزير التربية والتعليم البحريني، زار مراكز مصادر المعرفة، ووجه بالاستفادة من إمكانات هذه المراكز وتجهيزاتها وموادّها المقروءة والمرئية والمسموعة في تنفيذ البرامج الصيفية للطلبة وتهيئة الفضاء المناسب لتنمية مهاراتهم وهواياتهم ومواهبهم. وأكّد الوزير أن هذه المراكز مزودة بأحدث الأجهزة الإلكترونية والرقمية وأهم الإصدارات في شتى مجالات المعرفة، بالإضافة إلى وجود متخصصين مهيئين لإرشاد الطلبة للاستفادة القصوى من الإمكانات المتاحة بما يخدمهم ويعزز استفادتهم من العطلة الصيفية.
* عمر عامر، سفير جمهورية مصر العربية لدى النمسا، ومندوبها الدائم لدى المنظمات الدولية، أقام احتفالية بمناسبة الذكرى الـ65 لثورة يوليو (تموز) المجيدة. وقال، في كلمته، إن ثورة 23 يوليو سجلت يوما خالدا من أيام مصر وعلامة فارقة في تاريخها المعاصر، ونموذجا يحتذي للدول الأفريقية والعربية، للتحرر من الاستعمار وتحقيق الاستقلال، مؤكدا أن شعب مصر صانع للسلام ويحمل رسالة سلام إلى دول العالم بأسره، تستند إلى مفاهيم الأمن والتعايش السلمي والمحبة، ونبذ العنف والتطرف.
* يوهانس هان، المفوض الأوروبي لسياسة الجوار ومفاوضات التوسع، التقى على هامش زيارته للجزائر، وزير الداخلية والجماعات المحلية والتهيئة العمرانية، نور الدين بدوي. وأشار بدوي إلى علاقات التعاون بين الجزائر والاتحاد الأوروبي، مؤكدا أن هذا التعاون يشمل شتى المجالات لا سيما الأمن وتبادل المعلومات وتنقل الأشخاص، مبرزا الدور المهم للاتحاد الأوروبي في مكافحة الهجرة غير الشرعية ومكافحة الاتجار بالمخدرات، لافتا إلى أن الجزائر واجهت الإرهاب بمفردها خلال التسعينات وخرجت منتصرة.
* مروان حمادة، وزير التربية والتعليم العالي اللبناني، حضر الحفل الذي أقامه المجلس الوطني للبحوث العلمية لتوزيع جوائز التميز العلمي، الدورة السابعة 2017، على 6 باحثين في مجالات علمية متعددة. وقال الوزير، في كلمته، إن جائزة التميز العلمي، التي ينظمها المجلس الوطني للبحوث العلمية بالتعاون مع الجامعات اللبنانية، أرفع جائزة بحثية منتظمة وسنوية، ويتم اختيار الباحثين وفقا لأرقى المعايير العلمية المعترف بها دوليا، معلنا دعمه لجهود المجلس الوطني للبحوث العلمية، داعيا إلى تدعيم نشاطه من جانب الحكومة ومن خلال توسيع الشراكات مع المراكز العالمية.
* محمد بن محمود العلي، سفير خادم الحرمين الشريفين لدى تونس، أقام حفل توديع لعدد من منسوبي السفارة والمكاتب الملحقة التابعة لها، بمناسبة انتهاء فترة عملهم. وقدم السفير بهذه المناسبة دروعا تذكارية للمغادرين، شاكرا ومثمنا ما قاموا به من جهود في خدمة الوطن خلال فترة عملهم في البعثة، كما رحب بالموظفين الجدد الملتحقين للعمل بالبعثة، متمنيا لهم التوفيق والنجاح بما يخدم مصلحة الوطن في شتى المجالات.
* ريم بنت إبراهيم الهاشمي، وزيرة شؤون التعاون الدولي بالإمارات، التقت أنطونيو غوتيريش، الأمين العام للأمم المتحدة، وذلك على هامش ترؤسها لوفد الدولة في المنتدى السياسي رفيع المستوى المعني بالتنمية المستدامة الذي عقد في مقر الأمم المتحدة في نيويورك. واستعرضت «ريم»، خلال اللقاء، أولويات السياسة الخارجية لدولة الإمارات لإرساء الأمن والاستقرار في المنطقة، مشيدة بالدور المهم الذي تلعبه الأمم المتحدة بصفتها داعية للحوار متعدد الأطراف الرامي إلى تعزيز مكافحة الإرهاب.
* مصطفى عثمان إسماعيل، مندوب السودان الدائم لدى الأمم المتحدة، التقى بيتر ماورير، رئيس اللجنة الدولية للصليب الأحمر بمقر اللجنة في جنيف. وقدم المندوب شكر حكومة السودان على النشاطات التي يقوم بها الصليب الأحمر في الخرطوم، وقدم شرحا للتوجيهات الجديدة التي أصدرتها الحكومة، بغرض تنظيم العمل الإنساني وحركة المنظمات الدولية والمحلية العاملة في الشأن الإنساني في السودان. من جهته، شكر ماورير حكومة السودان على التعاون الذي تجده اللجنة في الخرطوم.



100 عامٍ من عاصي الرحباني

عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)
عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)
TT

100 عامٍ من عاصي الرحباني

عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)
عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)

في الرابع من شهر الخِصب وبراعم اللوز والورد، وُلد عاصي الرحباني. كانت البلادُ فكرةً فَتيّة لم تبلغ بعد عامها الثالث. وكانت أنطلياس، مسقط الرأس، قريةً لبنانيةً ساحليّة تتعطّر بزهر الليمون، وتَطربُ لارتطام الموج بصخور شاطئها.
لو قُدّر له أن يبلغ عامه المائة اليوم، لأَبصر عاصي التحوّلات التي أصابت البلاد وقُراها. تلاشت الأحلام، لكنّ «الرحباني الكبير» ثابتٌ كحقيقةٍ مُطلَقة وعَصي على الغياب؛ مقيمٌ في الأمس، متجذّر في الحاضر وممتدّةٌ جذوره إلى كل الآتي من الزمان.


عاصي الرحباني خلال جلسة تمرين ويبدو شقيقه الياس على البيانو (أرشيف Rahbani Productions)

«مهما قلنا عن عاصي قليل، ومهما فعلت الدولة لتكريمه قليل، وهذا يشمل كذلك منصور وفيروز»، يقول المؤلّف والمنتج الموسيقي أسامة الرحباني لـ«الشرق الأوسط» بمناسبة مئويّة عمّه. أما الصحافي والباحث محمود الزيباوي، الذي تعمّق كثيراً في إرث الرحابنة، فيرى أن التكريم الحقيقي يكون بتأليف لجنة تصنّف ما لم يُنشر من لوحاته الغنائية الموجودة في إذاعتَي دمشق ولبنان، وتعمل على نشره.
يقرّ أسامة الرحباني بتقصير العائلة تجاه «الريبرتوار الرحباني الضخم الذي يحتاج إلى تضافر جهود من أجل جَمعه»، متأسفاً على «الأعمال الكثيرة التي راحت في إذاعة الشرق الأدنى». غير أنّ ما انتشر من أغانٍ ومسرحيات وأفلام، على مدى أربعة عقود من عمل الثلاثي الرحباني عاصي ومنصور وفيروز، أصبح ذخيرةً للقرون المقبلة، وليس للقرن الرحباني الأول فحسب.

«فوتي احفظي، قومي سجّلي»
«كان بركاناً يغلي بالعمل... يكتب بسرعة ولا يتوقف عند هاجس صناعة ما هو أجمل، بل يترك السرد يمشي كي لا ينقطع الدفق»، هكذا يتذكّر أسامة عمّه عاصي. وفي بال الزيباوي كذلك، «عاصي هو تجسيدٌ للشغف وللإنسان المهووس بعمله». لم يكن مستغرباً أن يرنّ الهاتف عند أحد أصدقائه الساعة الثالثة فجراً، ليخرج صوت عاصي من السمّاعة قارئاً له ما كتب أو آخذاً رأيه في لحنٍ أنهاه للتوّ.
ووفق ما سمعه الزيباوي، فإن «بعض تمارين السيدة فيروز وتسجيلاتها كان من الممكن أن يمتدّ لـ40 ساعة متواصلة. يعيد التسجيل إذا لم يعجبه تفصيل، وهذا كان يرهقها»، رغم أنه الزوج وأب الأولاد الأربعة، إلا أن «عاصي بقي الأستاذ الذي تزوّج تلميذته»، على حدّ وصف الزيباوي. ومن أكثر الجمل التي تتذكّرها التلميذة عن أستاذها: «فوتي احفظي، قومي سَجّلي». أضنى الأمر فيروز وغالباً ما اعترفت به في الحوارات معها قبل أن تُطلقَ تنهيدةً صامتة: «كان ديكتاتوراً ومتطلّباً وقاسياً ومش سهل الرِضا أبداً... كان صعب كتير بالفن. لمّا يقرر شي يمشي فيه، ما يهمّه مواقفي».


عاصي وفيروز (تويتر)
نعم، كان عاصي الرحباني ديكتاتوراً في الفن وفق كل مَن عاصروه وعملوا معه. «كل العباقرة ديكتاتوريين، وهذا ضروري في الفن»، يقول أسامة الرحباني. ثم إن تلك القسوة لم تأتِ من عدم، فعاصي ومنصور ابنا الوَعر والحرمان.
أثقلت كتفَي عاصي منذ الصغر همومٌ أكبر من سنّه، فتحمّلَ وأخوه مسؤولية العائلة بعد وفاة الوالد. كان السند المعنوي والمادّي لأهل بيته. كمعطفٍ ردّ البردَ عنهم، كما في تلك الليلة العاصفة التي استقل فيها دراجة هوائية وقادها تحت حبال المطر من أنطلياس إلى الدورة، بحثاً عن منصور الذي تأخّر بالعودة من الوظيفة في بيروت. يروي أسامة الرحباني أنها «كانت لحظة مؤثرة جداً بين الأخوين، أبصرا خلالها وضعهما المادي المُذري... لم ينسيا ذلك المشهد أبداً، ومن مواقفَ كتلك استمدّا قوّتهما».
وكما في الصِبا كذلك في الطفولة، عندما كانت تمطر فتدخل المياه إلى المدرسة، كان يظنّ منصور أن الطوفان المذكور في الكتاب المقدّس قد بدأ. يُصاب بالهلَع ويصرخ مطالباً المدرّسين بالذهاب إلى أخيه، فيلاقيه عاصي ويحتضنه مهدّئاً من رَوعه.

«سهرة حبّ»... بالدَين
تعاقبت مواسم العزّ على سنوات عاصي الرحباني. فبعد بدايةٍ متعثّرة وحربٍ شرسة ضد أسلوبه الموسيقي الثائر على القديم، سلك دروب المجد. متسلّحاً بخياله المطرّز بحكايا جدّته غيتا و«عنتريّات» الوالد حنّا عاصي، اخترع قصصاً خفتت بفعلِ سحرِها الأصواتُ المُعترضة. أما لحناً، فابتدعَ نغمات غير مطابقة للنظريات السائدة، و«أوجد تركيبة جديدة لتوزيع الموسيقى العربية»، على ما يشرح أسامة الرحباني.


صورة تجمع عاصي ومنصور الرحباني وفيروز بالموسيقار محمد عبد الوهاب وفريد الأطرش، بحضور بديعة مصابني وفيلمون وهبي ونجيب حنكش (أرشيف Rahbani Productions)
كان عاصي مستعداً للخسارة المادية من أجل الربح الفني. يحكي محمود الزيباوي أنه، ولشدّة مثاليته، «سجّل مسرحية (سهرة حب) مرتَين ولم تعجبه النتيجة، فاقترض مبلغاً من المال ليسجّلها مرة ثالثة». ويضيف أن «أساطير كثيرة نُسجت حول الرحابنة، لكن الأسطورة الحقيقية الوحيدة هي جمال عملهم».
ما كانت لتكتمل أسطورة عاصي، لولا صوت تلك الصبية التي دخلت قفصَه الذهبي نهاد حدّاد، وطارت منه «فيروز».
«أدهشته»، يؤكّد الزيباوي؛ ويستطرد: «لكنّ أحداً منهما لم يعرف كيف يميّز بين نهاد حداد وفيروز»... «هي طبعاً المُلهِمة»، يقول أسامة الرحباني؛ «لمح فيها الشخصية التي لطالما أراد رسمَها، ورأى امرأةً تتجاوب مع تلك الشخصية»، ويضيف أن «عاصي دفع بصوت فيروز إلى الأعلى، فهو في الفن كان عنيفاً ويؤمن بالعصَب. كان يكره الارتخاء الموسيقي ويربط النجاح بالطبع الفني القوي، وهذا موجود عند فيروز».


زفاف عاصي الرحباني ونهاد حداد (فيروز) عام 1955 (تويتر)

دماغٌ بحجم وطن
من عزّ المجد، سرقت جلطة دماغيّة عاصي الرحباني عام 1972. «أكثر ما يثير الحزن أن عاصي مرض وهو في ذروة عطائه وإبداعه، وقد زادت الحرب اللبنانية من مرضه وصعّبت العمل كثيراً»، وفق الزيباوي. لم يكن القلق من الغد الغامض غريباً عليه. فهو ومنذ أودى انفجارٌ في إحدى الكسّارات بحياة زوج خالته يوسف الزيناتي، الذي كان يعتبره صياداً خارقاً واستوحى منه شخصيات لمسرحه، سكنته الأسئلة الحائرة حول الموت وما بعدَه.
الدماغ الذي وصفه الطبيب الفرنسي المعالج بأنه من أكبر ما رأى، عاد ليضيء كقمرٍ ليالي الحصّادين والعاشقين والوطن المشلّع. نهض عاصي ورجع إلى البزُق الذي ورثه عن والده، وإلى نُبله وكرمه الذي يسرد أسامة الرحباني عنهما الكثير.
بعد المرض، لانت قسوة عاصي في العمل وتَضاعفَ كرَمُه المعهود. يقول أسامة الرحباني إن «أقصى لحظات فرحه كانت لحظة العطاء». أعطى من ماله ومن فِكرِه، وعُرف بيدِه الموضوعة دائماً في جيبِه استعداداً لتوزيع النقود على المحتاجين في الشارع. أما داخل البيت، فتجسّد الكرَم عاداتٍ لطيفة وطريفة، كأن يشتري 20 كنزة متشابهة ويوزّعها على رجال العائلة وشبّانها.
خلال سنواته الأخيرة ومع احتدام الحرب، زاد قلق عاصي الرحباني على أفراد العائلة. ما كان يوفّر مزحة أو حكاية ليهدّئ بها خوف الأطفال، كما في ذلك اليوم من صيف 1975 الذي استُهدفت فيه بلدة بكفيا، مصيَف العائلة. يذكر أسامة الرحباني كيف دخل عاصي إلى الغرفة التي تجمّع فيها أولاد العائلة مرتعدين، فبدأ يقلّد الممثلين الأميركيين وهم يُطلقون النار في الأفلام الإيطالية، ليُنسيَهم ما في الخارج من أزيز رصاص حقيقي. وسط الدمار، بنى لهم وطناً من خيالٍ جميل، تماماً كما فعل وما زال يفعل في عامِه المائة، مع اللبنانيين.


عاصي الرحباني (غيتي)