لافروف: القواعد الأميركية غير قانونية... وقرب الاتفاق على «هدنة الجنوب»

موسكو تتابع موقف واشنطن إزاء وقف دعم المعارضة السورية

سيرغي لافروف
سيرغي لافروف
TT

لافروف: القواعد الأميركية غير قانونية... وقرب الاتفاق على «هدنة الجنوب»

سيرغي لافروف
سيرغي لافروف

وصفت موسكو الوجود العسكري الأميركي على الأراضي السورية «غير قانوني»، وتستعد للإعلان قريباً عن إنجاز الاتفاق مع الولايات المتحدة على تفاصيل منطقة التهدئة في جنوب غربي سوريا، في وقت تحدث فيه مصدر من الخارجية عن حرص شديد أبدته الولايات المتحدة على أمن إسرائيل، خلال المشاورات حول إقامة منطقة التهدئة تلك.
وكان وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف علق في تصريحات أمس على المعلومات حول عدد من القواعد العسكرية الأميركية على الأراضي السورية، وقال إن وجود تلك القواعد لا يملك أي أساس قانوني، وأضاف: «هم إذا يريدون أن يحصلوا في سوريا على مثل ما لدينا، لكن أكثر بعدة مرات»، في إشارة منه إلى القاعدتين الروسيتين في حميميم وطرطوس، لافتاً إلى أن «الفرق في أننا لا نخفي قواعدنا، وتم تأسيسها بموجب اتفاقيات حكومية»، أما الولايات المتحدة فهي «لا تعلن عن قواعدها، وحقيقة أن تلك القواعد لا تقوم على أسس قانونية أمر واضح للجميع».
وفي شأن متصل، أكد وزير الخارجية الروسي انتهاء العمل على صياغة آلية تنفيذ منطقة التهدئة جنوب - غرب سوريا في القريب العاجل. وقال إن العمل مستمر على وضع التفاصيل حول آليات الرقابة على التزام على التزام قوات النظام السوري ومجموعات المعارضة السورية المسلحة بنظام وقف إطلاق النار، وكذلك آليات ضمان الوصول الإنساني دون عراقيل، والتنقل الحر للمدنيين الوافدين إلى المنطقة والخارجين منها. ورجح أن «يتم إنجاز هذا العمل في أقرب وقت». وكانت روسيا والولايات المتحدة كشفتا عن اتفاق هدنة، يشارك في تطبيقه الأردن، جنوب سوريا، يشمل مناطق في أرياف القنيطرة والسويداء ودرعا. وجاء الإعلان عن الاتفاق بعد أول لقاء بين الرئيسين، الروسي فلاديمير بوتين والأميركي دونالد ترمب، على هامش قمة العشرين، في هامبورغ في 7 يوليو (تموز) الجاري. وسبق الإعلان عن الاتفاق على منطقة التهدئة جنوب سوريا محادثات أميركية - روسية - أردنية.
وقال مصدر رفيع المستوى من الخارجية الروسية، في حديث أمس لصحيفة «إزفستيا»، إن الولايات المتحدة حاولت خلال المشاورات مع روسيا حول سوريا، ضمان أمن إسرائيل إلى أقصى حد. وأوضح المصدر أن الجانب الأميركي حاول بصورة خاصة عدم السماح بوضع يمكن معه لقوات النظام السوري والقوات الحليفة، بإنشاء «رأس حربة» في المنطقة لتوجيه ضربات نحو الجولان المحتل. كما حرص الأميركيون على قطع صادرات السلاح من إيران إلى سوريا عبر العراق. وزعم المصدر أن الولايات المتحدة لم تتمكن بعد من تحقيق كل أهدافها، وأشار إلى أن منطقة الحدود السورية - العراقية تحت تحكم القوات من البلدين، ومن الصعب أن تتمكن روسيا من التأثير على الوضع هناك. وأكد أنه تم الاتفاق خلال المشاورات بين العسكريين من روسيا والولايات المتحدة والأردن، على إبعاد كل المجموعات المسلحة غير السورية مسافة 30 كيلومتراً عن الحدود السورية - الأردنية.
وقال مصدر من الأوساط الدبلوماسية - العسكرية الروسية إن الحديث يدور عن الميليشيات العراقية، و«حزب الله» والعسكريين الإيرانيين وغيرهم من متطوعين من دول أخرى يقاتلون إلى جانب النظام السوري. وكان لافروف أكد في تصريحات يوم 17 يوليو أن «روسيا والولايات المتحدة فعلتا كل ما بوسعهما لأخذ مصالح الأمن الإسرائيلي كاملة بالحسبان، خلال صياغة منطقة التهدئة جنوب غربي سوريا».
إلى ذلك تبقى حالة من الترقب والقلق مهيمنة في موسكو بانتظار تأكيد أو نفي الأنباء حول وقف العمل ببرنامج الاستخبارات الأميركية (سي آي إيه) لتدريب وتسليح المعارضة السورية. وكانت الخارجية الروسية عبرت أول من أمس بوضوح عن أملها بأن تكون تلك الأنباء صحيحة، إلا أن صمت مدير الاستخبارات المركزية الأميركية مايك بومبيو، وعدم إجابته عن سؤال بهذا الخصوص، زاد من القلق الروسي على ما يبدو.
وقالت موسكو على لسان ارتيوم كوجين، نائب مدير إدارة الإعلام والمطبوعات في الخارجية الروسية: «نحن لم نسمع من المصادر الرسمية الأميركية شيئا من هذا القبيل وعن صدور مثل هذا القرار عن الإدارة في واشنطن»، وأشار إلى أن روسيا لا تعلم شيئا عن طبيعة تلك البرامج، وأن الاستخبارات الأميركية لا تقدم تقاريرها للخارجية الروسية. وحذر كوجين مما وصفه «غزل وتودد» من جانب الولايات المتحدة مع المسلحين، وقال إن «هذا سيؤدي إلى نتائج عسكرية وسياسية يصعب توقعها»، لافتاً إلى «التحاق عدد كبير ممن تلقوا التدريب ضمن الخطة السرية الأميركية بتنظيم داعش و«النصرة»، واتهم المسؤول من الخارجية الروسية القوات الأميركية بأنها «لا تمس» تنظيم «جبهة النصرة» خلال عمليتها في سوريا.
وما زالت التباينات كثيرة بين أهداف السياستين الروسية والأميركية في سوريا، هذا ما أكده بومبيو الذي قال في كلمة أمام ندوة سنوية بشأن قضايا الاستخبارات والأمن القومي: «إننا نحاول طبعا، إيجاد المجالات التي يمكننا التعاون مع الروس فيها، لكن مصالحنا هناك ليست متماثلة». واتهم روسيا بأنها «تحاول إزعاج أميركا»، وعبر عن اعتقاده أن الروس «يبحثون عن أماكن يمكنهم تعقيد الأمور علينا فيها، وأخرى يمكنهم الاستفادة من حضورهم فيها». وأضاف: «من وجهة النظر الاستخباراتية، من الجلي للعيان أنهم ينوون البقاء هناك (في سوريا)». وشكك بومبيو في أن روسيا «انتهجت استراتيجية جدية» لمكافحة الإرهاب الدولي في سوريا، وقال إن الافتراض أن روسيا حليف لأميركا في سوريا لا يجد تأكيدا في التطورات على الأرض هناك.



«الوفد» المصري يدخل أزمة جديدة بعد فصل أحد قادته

رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
TT

«الوفد» المصري يدخل أزمة جديدة بعد فصل أحد قادته

رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)

دخل حزب «الوفد» المصري العريق في أزمة جديدة، على خلفية قرار رئيسه عبد السند يمامة، فصل أحد قادة الحزب ورئيسه الأسبق الدكتور السيد البدوي، على خلفية انتقادات وجَّهها الأخير إلى الإدارة الحالية، وسط مطالبات باجتماع عاجل للهيئة العليا لاحتواء الأزمة، فيما حذَّر خبراء من «موجة انشقاقات» تضرب الحزب.

وانتقد البدوي في حديث تلفزيوني، دور حزب الوفد الراهن، في سياق حديثه عمّا عدَّه «ضعفاً للحياة الحزبية» في مصر. وأعرب البدوي عن استيائه من «تراجع أداء الحزب»، الذي وصفه بأنه «لا يمثل أغلبية ولا معارضة» ويعد «بلا شكل».

وذكر البدوي، أن «انعدام وجوده (الوفد) أفقد المعارضة قيمتها، حيث كان له دور بارز في المعارضة».

و«الوفد» من الأحزاب السياسية العريقة في مصر، وهو الثالث من حيث عدد المقاعد داخل البرلمان، بواقع 39 نائباً. في حين خاض رئيسه عبد السند يمامة، انتخابات الرئاسة الأخيرة، أمام الرئيس عبد الفتاح السيسي، وحصل على المركز الرابع والأخير.

المقر الرئيسي لحزب «الوفد» في القاهرة (حزب الوفد)

وأثارت تصريحات البدوي استياء يمامة، الذي أصدر مساء الأحد، قراراً بفصل البدوي من الحزب وجميع تشكيلاته.

القرار ووجه بانتقادات واسعة داخل الحزب الليبرالي، الذي يعود تأسيسه إلى عام 1919 على يد الزعيم التاريخي سعد زغلول، حيث اتهم عدد من قادة الحزب يمامة بمخالفة لائحة الحزب، داعين إلى اجتماع طارئ للهيئة العليا.

ووصف عضو الهيئة العليا للحزب فؤاد بدراوي قرار فصل البدوي بـ«الباطل»، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن «لائحة الحزب تنظم قرارات فصل أي قيادي بالحزب أو عضو بالهيئة العليا، حيث يتم تشكيل لجنة تضم 5 من قيادات الحزب للتحقيق معه، ثم تُرفع نتيجة التحقيق إلى (الهيئة العليا) لتتخذ قرارها».

وأكد بدراوي أن عدداً من قيادات الحزب «دعوا إلى اجتماع طارئ للهيئة العليا قد يُعقد خلال الساعات القادمة لبحث الأزمة واتخاذ قرار»، معتبراً أن «البدوي لم يخطئ، فقد أبدى رأياً سياسياً، وهو أمر جيد للحزب والحياة الحزبية».

ويتخوف مراقبون من أن تتسبب الأزمة في تعميق الخلافات الداخلية بالحزب، مما يؤدي إلى «موجة انشقاقات»، وقال أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة الدكتور طارق فهمي لـ«الشرق الأوسط» إن «مشكلة فصل البدوي قد تؤدي إلى موجة انشقاقات داخل الحزب، وهي ظاهرة مرشحة للتفاقم في الحياة السياسية المصرية خلال الفترة القادمة، فمشكلة (الوفد) مثل باقي الأحزاب... لا توجد قناعة بتعدد الآراء والاستماع لجميع وجهات النظر».

وأكد فهمي أن «اجتماع الهيئة العليا لحزب (الوفد) لن يحل الأزمة، والحل السياسي هو التوصل إلى تفاهم، للحيلولة دون حدوث انشقاقات، فمشكلة (الوفد) أنه يضم تيارات وقيادات كبيرة تحمل رؤى مختلفة دون وجود مبدأ استيعاب الآراء كافة، وهو ما يؤدي إلى تكرار أزمات الحزب».

وواجه الحزب أزمات داخلية متكررة خلال السنوات الأخيرة، كان أبرزها إعلان عدد من قياداته في مايو (أيار) 2015 إطلاق حملة توقيعات لسحب الثقة من رئيسه حينها السيد البدوي، على خلفية انقسامات تفاقمت بين قياداته، مما أدى إلى تدخل الرئيس عبد الفتاح السيسي في الأزمة، حيث اجتمع مع قادة «الوفد» داعياً جميع الأطراف إلى «إعلاء المصلحة الوطنية، ونبذ الخلافات والانقسامات، وتوحيد الصف، وتكاتف الجهود في مواجهة مختلف التحديات»، وفق بيان للرئاسة المصرية حينها.

وأبدى فهمي تخوفه من أن «عدم التوصل إلى توافق سياسي في الأزمة الحالية قد يؤدي إلى مواجهة سياسية بين قيادات (الوفد)، ومزيد من قرارات الفصل، وهو ما سيؤثر سلباً على مكانة الحزب».

في حين رأى نائب مدير «مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» في مصر الدكتور عمرو هاشم ربيع، أن «(الوفد) سيتجاوز هذه الأزمة كما تجاوز مثلها»، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «الأزمة ستمر مثل كثير من الأزمات، لكنها لن تمر بسهولة، وستحدث عاصفة داخل الحزب».

واستنكر ربيع فصل أحد قيادات حزب ليبرالي بسبب رأيه، قائلاً: «من الغريب أن يقوم رئيس حزب ليبرالي ينادي بحرية التعبير بفصل أحد قياداته بسبب رأيه».

كان البدوي قد أعرب عن «صدمته» من قرار فصله، وقال في مداخلة تلفزيونية، مساء الأحد، إن القرار «غير قانوني وغير متوافق مع لائحة الحزب»، مؤكداً أنه «لا يحق لرئيس الحزب اتخاذ قرار الفصل بمفرده».

وأثار القرار ما وصفها مراقبون بـ«عاصفة حزبية»، وأبدى عدد كبير من أعضاء الهيئة العليا رفضهم القرار، وقال القيادي البارز بحزب «الوفد» منير فخري عبد النور، في مداخلة تلفزيونية، إن «القرار يأتي ضمن سلسلة قرارات مخالفة للائحة الحزب، ولا بد أن تجتمع الهيئة العليا لمناقشة القرار».

ورأى عضو الهيئة العليا لحزب «الوفد» عضو مجلس النواب محمد عبد العليم داوود، أن قرار فصل البدوي «خطير»، وقال في مداخلة تلفزيونية إن «القرار لا سند له ولا مرجعية».

وفي يوليو (تموز) الماضي، شهد الحزب أزمة كبرى أيضاً بسبب مقطع فيديو جرى تداوله على نطاق واسع، على منصات التواصل الاجتماعي، يتعلق بحديث لعدد من الأشخاص، قيل إنهم قيادات بحزب «الوفد»، عن بيع قطع أثرية؛ مما أثار اتهامات لهم بـ«الاتجار غير المشروع في الآثار».