الحرس الثوري: على أميركا إبعاد قواعدها ألف كيلومتر عن محيط إيران

روحاني اتهم إدارة ترمب بنقض روح «الاتفاق» بعد فرض عقوبات ضد البرنامج الصاروخي

قائد الحرس الثوري الإيراني اللواء محمد علي جعفري (تسنيم)
قائد الحرس الثوري الإيراني اللواء محمد علي جعفري (تسنيم)
TT

الحرس الثوري: على أميركا إبعاد قواعدها ألف كيلومتر عن محيط إيران

قائد الحرس الثوري الإيراني اللواء محمد علي جعفري (تسنيم)
قائد الحرس الثوري الإيراني اللواء محمد علي جعفري (تسنيم)

استمرت التهديدات والاتهامات المتبادلة بين طهران وواشنطن حول عدم الالتزام بالاتفاق النووي في ذكرى مرور عامين على إعلانه، فأمس، قال قائد الحرس الثوري الإيراني محمد علي جعفري إن على أميركا إبعاد قواعدها العسكرية ألف كيلومتر عن محيط بلاده في حال أقرت عقوبات ضد الحرس الثوري وبرنامج الصواريخ الباليستية، وذلك غداة إعلان «الخزانة الأميركية» فرض عقوبات جديدة ضد كيانات تابعة للحرس الثوري، فيما اتهم الرئيس الإيراني حسن روحاني، واشنطن بـ«خرق نص الاتفاق النووي»، مضيفا أنها تنوي دفع بلاده لانسحاب أحادي الجانب من الاتفاق النووي عبر فرض العقوبات، متوعدا بمقاومة «خطوات الإدارة الأميركية».
وجدد قائد الحرس الثوري الإيراني محمد علي جعفري تهديدات وردت قبل يومين على لسان قائد الأركان المسلحة محمد باقري باستهداف القوات الأميركية. وقال إن على أميركا أن «تنهي وجود قواعدها على عمق ألف كيلومتر من الأراضي الإيرانية» في أول رد على عقوبات استهدفت الحرس الثوري، أول من أمس.
وقال جعفري إنه «إذا أرادت أميركا أن تتابع موضوع العقوبات ضد الحرس الثوري والبرنامج الدفاعي (الصاروخي) فيجب أن تبعد قواعدها عن الأراضي الإيرانية إلى بعد ألف كيلومتر من جوار إيران«، مضيفا أن «على أميركا أن تعرف أن أخطاءها في الحسابات لها ثمن مرتفع ويجب أن تصححها» وفق ما نقلت عنه وكالة «تسنيم».
ورفض جعفري خلال خطاب له بمؤتمر قادة القوات البرية في الحرس الثوري أن يكون برنامج الصواريخ الباليستية قابلا للتفاوض أو المساومة، وقال إن قواته «تدافع عن البرنامج الصاروخي مثلما يدافع الرجال الغيورون عن الشرف».
ورغم التهديد، فإن جعفري استبعد أن تشن أميركا ضربة عسكرية على إيران، وقال إنها تعتبر الشروع في حرب جديدة مضرا لها. وأشار خلال كلمته إلى تطوير البرنامج الصاروخي في «البحر والبر والهواء»، مشيرا إلى إنتاج مكثف للصواريخ التي استخدمتها بلاده في ضرب مواقع «داعش».
وتأتي تصريحات جعفري بعد نحو 3 أيام على تصريحات قائد الأركان محمد باقري الذي لوح بضرب القواعد والقوات والمصالح الأميركية إذا ما صنف الحرس الثوري على قائمة المنظمات الإرهابية.
وفي إشارة إلى تهديدات باقري، قال جعفري إن «النفوذ المعنوي للثورة الإسلامية اتسع» إلى درجة ترى بها بلاده أنها في جوار المصالح الأميركية. كما عدّ العقوبات الأميركية محاولة لشق صف الإيرانيين إلى مجموعتين، وقال إنهم «يغفلون أن الوقوف بوجه القوة الدفاعية، نقطة ترمم الشروخ الأخرى في المجتمع الإيراني».
وكانت «الخزانة الأميركية» فرضت عقوبات على 18 كيانا وفردا على صلة بأنشطة الحرس الثوري، خصوصا تطوير برنامج الصواريخ الباليستية، وشملت العقوبات 7 كيانات و5 أفراد للمشاركة في أنشطة الحرس الثوري، وتستهدف تحديدا إنتاج واختبار الصواريخ الباليستية وطائرات من دون طيار وزوارق سريعة تابعة لبحرية الحرس الثوري، إضافة إلى شبكة غير شرعية تقوم بأنشطة ذات طابع إجرامي. وأعربت الوزارة في بيان عن قلقها الشديد من تأثير أنشطة إيران على الاستقرار والثبات في الشرق الأوسط.
جاء إعلان «الخزانة» بالتزامن مع بيان صادر من وزارة الخارجية الأميركية حول الاتفاق النووي، قالت فيه إن إيران لم تلتزم بروح الاتفاق النووي، لافتا إلى أن طهران أرسلت أسلحة للحوثيين استخدمت ضد السعودية. وتوعدت الخارجية الأميركية بالتصدي بقوة لنشاطات إيران في المنطقة. كما ذكرت وزارة الخزانة أن إيران تواصل دعمها لنظام الأسد على الرغم من الكوارث التي ارتكبها النظام ضد السوريين.
وأعلنت الخارجية الأميركية في بيان منفصل أول من أمس، عن فرض عقوبات ضد «منظمة جهود الاكتفاء الذاتي في قوات جو الفضاء» المسؤولة عن تطوير الصواريخ الباليستية إضافة إلى «منظمة الأبحاث والاكتفاء الذاتي في الحرس الثوري الإيراني»، لصلتهما بتطوير برنامج الصواريخ الباليستية.
وهذه أحدث عقوبات ضد الحرس الثوري الإيراني بعدما أطلقت إيران 6 صواريخ باليستية «أرض - أرض» من محافظتي كرمانشاه وكردستان على مواقع في دير الزور السورية.
من جهته، هاجم الرئيس الإيراني حسن روحاني خلال اجتماع الحكومة الإيرانية، سياسات إدارة ترمب، وقال إن فرض عقوبات جديدة ضد بلاده يهدف إلى دفع بلاده «إلى خروج أحادي الجانب من الاتفاق النووي والالتزامات الخارجية، لكي تثبت ادعاءاتها عبر ذلك ضد إيران» حسب ما نقل عنه موقع الرئاسة الرسمي.
وفي إشارة إلى مشروع قانون جديد وافق عليه مجلس الشيوخ الأميركي الشهر الماضي، تحت عنوان: «مواجهة أنشطة إيران المهددة للاستقرار 2017»، قال روحاني إن الإدارة الأميركية بصدد «مؤامرة جديدة» ضد بلاده، متوعدا الطرف الأميركي بإحباط المؤامرة.
وينتظر المشروع تصويت مجلس النواب قبل أن يوقع عليه الرئيس الأميركي دونالد ترمب لكي يصبح قانونا ساريا. ويلزم القانون بفرض عقوبات واسعة النطاق ضد البرنامج الصاروخي الباليستي وأنشطة الحرس الثوري في الشرق الأوسط المتمثلة في ذراعه الخارجية «فيلق القدس».
وفي رد مماثل، أقر البرلمان الإيراني، أول من أمس، مشروع قانون عاجل تحت عنوان: «مواجهة أنشطة أميركا المغامرة والإرهابية في المنطقة». وصوت 211 من نواب البرلمان له بينما عارضه 6 وامتنع عن التصويت نائب. واقترح المشروع لجنة السياسة الخارجية والأمن القومي في البرلمان الإيراني، وقدم للتصويت بعدما وقع عليه 131 نائبا في البرلمان. وادعى الرئيس الإيراني أن بلاده «التزمت وتلتزم بالاتفاق النووي على خلاف الإدارة الأميركية». كما أشار روحاني إلى انسحاب إدارة ترمب من الاتفاقيات الدولية، وأبدى شكوكه بقدرة الإدارة الأميركية الجديدة على «نشر حقوق الإنسان ورعاية القانون الاستقرار والثبات في العالم» وأضاف: «البلد الذي لا يلتزم بتوقيعه ولا يحترم القوانين، لا يمكنه دعوة الآخرين للاستقرار والأمن والهدوء».
وحاول روحاني توضيح دوافع الإدارة الأميركية في فرض العقوبات ضد إيران، قائلا إنها «ليست راضية عن نتائج الاتفاق النووي، لأنها قلقة من تنمية العلاقات التجارية الإيرانية مع أوروبا وآسيا».
قبل ذلك بساعات عدّ وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف في حوار مع قناة «سي بي إس» الأميركية أن عقوبات وزارة الخزانة «تنتهك روح الاتفاق النووي» وفي حين لم يستعبد ردا إيرانيا على الخطوة الأميركية، قال إن «أجواء العلاقات تحت الضغط تسبب تسمم البلدين وانتهاك روح الاتفاق». ورفض ظريف فكرة إعادة التفاوض حول الاتفاق النووي، وقال إنه «اتفاق متعدد الأطراف، ويؤيده مجلس الأمن، وليس اتفاقا ثنائي الأطراف حتى تعاد المفاوضات حوله».
ونقلت وسائل إعلام أميركية أول من أمس نقلا عن مصادر في الخارجية الأميركية أن إدارة ترمب تفكر حاليا بإغلاق مكتب خاص بتنفيذ الاتفاق النووي، كان وزير الخارجية الأميركي السابق جون كيري قد أمر بفتحه من أجل متابعة تنفيذ الاتفاق النووي.
وأعلنت الخارجية الإيرانية، أمس، عن عقد الاجتماع الثامن للجنة المشتركة في الاتفاق النووي بين إيران والمجموعة الدولية «5+1» في فيينا غدا الجمعة. وبحسب ما نقلت وكالة «إيسنا» فإن مساعدي وزير الخارجية عباس عراقجي ومجيد تخت روانتشي، سيمثلان إيران في الاجتماع المشترك.
وكشفت الوكالة عن عقد اجتماعات تمهيدية بين الجانبين على مستوى الخبراء في فندق «كوبورغ»، وهو المكان الذي توصل فيه الجانبان إلى إعلان الاتفاق النووي.
بدوره، اتهم المتحدث باسم الخارجية بهرام قاسمي الإدارة الأميركية بعرقلة الاتفاق النووي، وقال ردا على تصريحات المتحدث باسم الخارجية الأميركية، أمس، إن الإدارة الأميركية «تتهم إيران بخرق روح الاتفاق النووي، في حين أن الإدارة الأميركية خلقت التوتر بخطوات وقرارات وسياسات اتخذتها خلال العامين الأخيرين»، مضيفا أن «الإدارة الأميركية تصرفت خلاف تعهداتها في الاتفاق».



المطر آخر أمل لطهران قبل «نفاد المياه» الشهر المقبل

إيرانيون يشربون الماء من نافورة عامة في أحد شوارع طهران (أ.ف.ب)
إيرانيون يشربون الماء من نافورة عامة في أحد شوارع طهران (أ.ف.ب)
TT

المطر آخر أمل لطهران قبل «نفاد المياه» الشهر المقبل

إيرانيون يشربون الماء من نافورة عامة في أحد شوارع طهران (أ.ف.ب)
إيرانيون يشربون الماء من نافورة عامة في أحد شوارع طهران (أ.ف.ب)

أعلنت السلطات الإيرانية، أمس السبت، أنها تعتزم تقنين المياه في العاصمة طهران، البالغ عدد سكانها 10 ملايين نسمة، في محاولة لمواجهة أزمة جفاف «لم يسبق لها مثيل».

وقالت وسائل إعلام محلية إن «المياه تُقطع ليلاً عن المنازل»، في حين ظهر وزير الطاقة عباس علي عبادي على التلفزيون الرسمي، أمس، ليحث المواطنين على تحمل التقنين «حتى وإن كان مزعجاً» بهدف «وقف الهدر».

كما حذر الرئيس الإيراني، مسعود بزشكيان، من أن العاصمة طهران قد تحتاج إلى إخلاء سكانها بسبب نقص المياه، «إذا لم تهطل الأمطار قبل نهاية العام».

ونقل التلفزيون الرسمي عن بزشكيان، الخميس، قوله: «حتى إذا قمنا بالتقنين، ولم تهطل الأمطار بحلول أوائل ديسمبر (كانون الأول) المقبل، فسينفد الماء لدينا، وسنضطر إلى إخلاء طهران»، دون أن يوضح كيف سيتم إخلاء السكان.

وانخفض منسوب المياه في الخزانات التي تزود العاصمة إلى أدنى مستوى منذ عقود، وفقاً لمحسن أردكاني، مدير شركة المياه في طهران. كما أكد مدير شركة المياه الإقليمية، بهزاد بارسا، أن المياه في الخزان الرئيسي الذي يزود طهران «تكفي لمدة أسبوعين فقط».


قائد الجيش الإسرائيلي يتعهد إعادة رفات عسكري قُتل في غزة عام 2014

جنود إسرائيليون في رفح بقطاع غزة (أرشيفية - رويترز)
جنود إسرائيليون في رفح بقطاع غزة (أرشيفية - رويترز)
TT

قائد الجيش الإسرائيلي يتعهد إعادة رفات عسكري قُتل في غزة عام 2014

جنود إسرائيليون في رفح بقطاع غزة (أرشيفية - رويترز)
جنود إسرائيليون في رفح بقطاع غزة (أرشيفية - رويترز)

تعهد رئيس أركان الجيش الإسرائيلي، السبت، إعادة رفات عسكري قُتل قبل أكثر من عقد في غزة، بعد أن أوردت وسائل إعلام إسرائيلية أن حركة «حماس» عثرت على جثته في نفق.

والتقى الجنرال إيال زامير عائلة الملازم هدار غولدن الذي قُتل خلال الحرب التي استمرت ستة أسابيع في غزة عام 2014.

ومنذ مقتله، تم احتجاز جثمان غولدن في غزة، لكن «حماس» لم تؤكد ذلك ولم تعلن حيازتها لرفاته.

وقال الجيش الإسرائيلي، في بيان نقلته «وكالة الصحافة الفرنسية»: «التقى اللفتنانت جنرال إيال زامير هذا المساء مع عائلة غولدن وأطلعها على المعلومات المعروفة لدى جيش الدفاع الإسرائيلي حتى الآن»، من دون تحديد ماهية هذه المعلومات.

وأضاف: «أكد رئيس هيئة الأركان العامة التزامه والتزام جيش الدفاع الإسرائيلي بإعادة هدار وجميع الرهائن الذين سقطوا».

رئيس أركان الجيش الإسرائيلي إيال زامير يحضر جنازة أحد الرهائن المحررين الذي تم استقبال جثمانه مؤخراً من غزة (رويترز)

جاء ذلك بعدما نقلت عدة وسائل إعلام إسرائيلية، من بينها القناة الثانية عشرة، عن مصادر في «حماس» قولها إن الحركة عثرت على رفات هدار غولدن في نفق في منطقة بمدينة رفح (جنوب) تخضع لسيطرة الجيش الإسرائيلي.

ولم يصدر عن «حماس» أي تعليق رسمي في هذا الصدد.

وقُتل في حرب عام 2014 عسكري إسرائيلي آخر هو آرون شاؤول. وعُثر على جثته في وقت سابق من هذا العام خلال الحرب الأخيرة التي اندلعت إثر هجوم «حماس» على جنوب إسرائيل في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023.

وفشلت الجهود المبذولة لتأمين عودة رفات غولدن وشاؤول في عمليات التبادل السابقة.

وكان غولدن (23 عاماً) عنصراً في وحدة إسرائيلية مكلفة تحديد أنفاق «حماس» وتدميرها عندما قُتل في الأول من أغسطس (آب) 2014، بعد ساعات فقط من سريان وقف إطلاق نار إنساني لمدة 72 ساعة.

وقال الجيش إن فريقه تعرض لإطلاق نار من مسلحين قاموا بقتله واحتجاز جثمانه.

وأدرجت إسرائيل اسم غولدن ضمن قائمة الرهائن الموتى الذين تسعى إلى استعادة رفاتهم بموجب اتفاق وقف إطلاق النار الذي توسطت فيه الولايات المتحدة لإنهاء الحرب في غزة.

وفي بداية الهدنة في العاشر من أكتوبر، كانت «حماس» تحتجز عشرين رهينة حياً و28 جثة لرهائن.

وقد أفرجت مذاك عن جميع الرهائن الأحياء وأعادت 23 جثماناً بموجب اتفاق وقف إطلاق النار.

في المقابل، أطلقت إسرائيل سراح نحو ألفي فلسطيني من سجونها، وأعادت جثث مئات الفلسطينيين إلى غزة.

وبالإضافة إلى هدار غولدن، لا تزال هناك أربع جثث لرهائن - ثلاثة إسرائيليين وتايلاندي واحد - من المقرر إعادتها من غزة.


تركيا لتسريع خطوات «السلام»... ولا مؤشرات على إطلاق سراح أوجلان

أكراد في ديار بكر جنوب شرقي تركيا يرفعون صورة لزعيم «حزب العمال الكردستاني» عبد الله أوجلان ابتهاجاً بدعوته لحل الحزب... 27 فبراير الماضي (رويترز)
أكراد في ديار بكر جنوب شرقي تركيا يرفعون صورة لزعيم «حزب العمال الكردستاني» عبد الله أوجلان ابتهاجاً بدعوته لحل الحزب... 27 فبراير الماضي (رويترز)
TT

تركيا لتسريع خطوات «السلام»... ولا مؤشرات على إطلاق سراح أوجلان

أكراد في ديار بكر جنوب شرقي تركيا يرفعون صورة لزعيم «حزب العمال الكردستاني» عبد الله أوجلان ابتهاجاً بدعوته لحل الحزب... 27 فبراير الماضي (رويترز)
أكراد في ديار بكر جنوب شرقي تركيا يرفعون صورة لزعيم «حزب العمال الكردستاني» عبد الله أوجلان ابتهاجاً بدعوته لحل الحزب... 27 فبراير الماضي (رويترز)

تتداول أروقة أنقرة حديثاً عن قرب إنجاز خطوات مهمة في عملية «السلام والمجتمع الديمقراطي» أو ما تسميها الحكومة «عملية تركيا خالية من الإرهاب»، وسط مؤشرات على وضع اللوائح القانونية المتعلقة بحل «حزب العمال الكردستاني» ونزع أسلحته.

وقال رئيس البرلمان التركي، نعمان كورتولموش، الذي يترأس اللجنة البرلمانية لوضع الأساس القانوني للعملية، المعروفة باسم «لجنة التضامن الوطني والأخوة والديمقراطية»، إن هذه العملية ليست في الواقع «عملية سلام بين الأتراك والأكراد»، بل هي عملية بدأت بإعلان المنظمة الإرهابية، (حزب العمال الكردستاني)، التي تقاتل الدولة، نزع سلاحها (في 12 مايو/ أيار الماضي)، وأن البرلمان يراقبها من كثب.

هدف ضروري

وشدَّد كورتولموش على أنه لا يوجد أي تفاوض على الإطلاق بين الدولة والمنظمة، ولم يحدث ذلك قط في أي وقت.

كورتولموش متحدثاً خلال لقاء مع رؤساء تحرير صحف تركية ليل 7 نوفمبر (البرلمان التركي - «إكس»)

وذكر كورتولموش، خلال لقاء مع رؤساء تحرير عدد من الصحف التركية في إسطنبول، نُشر السبت، أنه يجب تحقيق هدف بناء «تركيا خالية من الإرهاب» وأن هذا ليس «خياراً سياسياً، بل هو ضرورة تُشكِّل مسألة حياة أو موت بالنسبة لتركيا».

وقال إن البرلمان التركي سيناقش اللوائح القانونية الخاصة بهذه العملية بعد أن تصدر المؤسسات الأمنية الوطنية، وعلى رأسها جهاز المخابرات ووزارة الدفاع، قراراً تؤكد فيه أن «حزب العمال الكردستاني حلَّ نفسه، وتم تحقيق نزع سلاح كبير على أرض الواقع».

وأضاف: «نعلم بالفعل من التصريحات العلنية أن المنظمة (العمال الكردستاني) ليست لها مطالب متطرفة، ونعلم أن بعض المطالب مثل إقامة اتحاد، أو منح امتيازات معينة، أو اعتماد لغة رسمية أخرى (الكردية) إلى جانب اللغة التركية، لم تُطرَح بعد».

قوانين متدرجة

ويعمل حزبا «العدالة والتنمية» الحاكم، وشريكه في «تحالف الشعب» حزب «الحركة القومية»، وحزب «الديمقراطية والمساواة للشعوب»، المؤيد للأكراد على إعداد اللوائح القانونية التي ستطبق في إطار العملية.

وقالت مصادر قريبة من العملية لـ«الشرق الأوسط» إن الخطوة الأولى تتمثل في قانون «الفترة الانتقالية»، المعروف باسم «القانون التنظيمي» أو «قانون الكود»، الذي سيُعرّف «المنظمة الإرهابية التي حلت نفسها بنفسها» ويحدد معايير إسقاط التهم الموجهة إلى أعضائها.

اللجنة البرلمانية لوضع الأساس القانوني لحل «حزب العمال الكردستاني» (البرلمان التركي - «إكس»)

وسيتضمّن القانون لوائح تتعلق بعودة عناصر «حزب العمال الكردستاني»، الذين سيسمح بعودتهم إلى البلاد واندماجهم الاجتماعي.

وأشارت المصادر إلى أنه سيتم تصنيف عناصر الحزب إلى فئات؛ الأولى: القيادات التي تتولى إدارته، وهؤلاء لن يُسمَح لهم بالعودة، بل يجب عليهم اختيار دولة للذهاب إليها، والثانية: الأفراد المتورطون في العمليات ضد الدولة التركية أو الذين أصدروا أوامر بتنفيذها، وهؤلاء ستتم محاكمتهم، أما الفئة الثالثة، فتضم العناصر التي لم تشارك في العمليات وسيسمح بعودتهم واندماجهم في المجتمع بعد أخذ إفاداتهم.

وذكرت المصادر أنه في المرحلة الثانية، ستتم التعديلات على قوانين مكافحة الإرهاب وتنفيذ الأحكام والتدابير الأمنية والعقوبات التركية، بناء على تنفيذ قانون المرحلة الانتقالية أو «قانون الكود».

مجموعة من عناصر «حزب العمال الكردستاني» ألقت أسلحتها خلال مراسم رمزية في شمال العراق... 11 يوليو (أ.ف.ب)

وأوضحت المصادر أن البدء في هذه الخطوات وإدراج اللوائح على جدول أعمال البرلمان، سيتم بعد أن تقدم اللجنة البرلمانية تقريرها النهائي، بناء على ما ستقرره المؤسسات الأمنية (المخابرات ووزارة الدفاع).

وقال كورتولموش إن العملية الجارية الآن تُشكِّل مكسباً كبيراً لتركيا، لأنه وللمرة الأولى، يُركّز السياسيون على قضية واحدة، قد تختلف آراؤهم حول الحل، لكنهم يتفقون على ضرورته. وأضاف أنه بعكس ما كان في العملية الأولى التي جرت في الفترة بين 2013 و2015، وتدخلت فيها «منظمة فتح الله غولن الإرهابية» (حركة الخدمة التابعة للداعية التركي الراحل فتح الله غولن) التي كانت جميع المؤسسات المعنية بالعملية تقريباً تحت سيطرتها، ولم تكن هناك سيطرة من الدولة، بل كانت العملية تخضع لسيطرة موازية أيضاً. وتابع: «بعبارة أخرى، أرادت إرادة سياسية حدوث ذلك، لكن إرادة سياسية أخرى، متأصلة في الدولة، أرادت منعه، ويؤسفني أن أقول ذلك».

الانفتاح على أوجلان

وعن تطبيق مبدأ «الحق في الأمل»، الذي طُرح دعماً لإطلاق سراح زعيم «حزب العمال الكردستاني»، السجين عبد الله أوجلان، بعدما أمضى 26 عاماً من عقوبة السجن المؤبد المشدد، قال كورتولموش: «لا توجد مثل هذه القضية على جدول الأعمال حتى الآن».

وبالنسبة للمناقشات المتعلقة بزيارة اللجنة البرلمانية لأوجلان في سجن إيمرالي (غرب تركيا)، ذكر كورتولموش أن «اللجنة البرلمانية هي مَن ستتخذ القرار».

«العمال الكردستاني» أعلن حلَّ نفسه استجابة لدعوة من أوجلان في 12 مايو (أ.ف.ب)

في السياق ذاته، وجَّه السياسي الكردي البارز الرئيس المشارِك السابق لحزب «الشعوب الديمقراطية»، صلاح الدين دميرطاش، المسجون منذ عام 2016 لاتهامات تتعلق بدعم الإرهاب، في بيان عبر حسابه في «إكس»، السبت، الأطراف المعنية والجهات الفاعلة الرئيسية في هذه العملية (إردوغان وبهشلي وأوجلان)، بصفته أخاً وسياسياً يسعى إلى السلام، إلى عدم اليأس من اتخاذ خطوات ملموسة، وعدم الالتفات إلى ما يقوله الآخرون، قائلاً: «ثقوا بأنفسكم، وصدقوا أن 86 مليون شخص ينتظرون السلام بفارغ الصبر».

كما طالب أعضاء اللجنة البرلمانية بالمخاطرة قليلاً، والذهاب إلى جزيرة إيمرالي لإنهاء هذه القضية، قائلاً: «إن أولئك الذين ينتظرون التخلي عن أسلحتهم والنزول من الجبال يريدون رؤية أوجلان، الذي يُطلقون عليه لقب (القائد)، يُزار ويستمع إليه، ليس فقط من قبل قوات الأمن، بل من قِبل السياسيين أيضاً، ويريدون أن يروا أن العودة إلى السياسة ممكنة، وأن الدولة جادة وصادقة في هذه القضية... يريدون الثقة والتخلي تماماً عن أسلحتهم».