«حرب استنزاف» في البادية السورية بين المعارضة والنظام

اتهام ضامني «هدنة الجنوب» بإعطائهم الضوء الأخضر لدمشق

TT

«حرب استنزاف» في البادية السورية بين المعارضة والنظام

تشهد جبهات البادية السورية معارك عنيفة بين فصائل «الجيش السوري الحرّ» وبين قوات النظام والميليشيات الموالية، حيث يحاول الأخير توسيع سيطرته في المنطقة، انطلاقاً من محوري ريف دمشق الشرقي وريف السويداء الشرقي.
واتهم «جيش أسود الشرقية»، الدول الضامنة لاتفاق وقف النار في الجبهة الجنوبية، بإعطاء الضوء الأخضر للنظام، بشنّ حملة عسكرية واسعة على مناطق سيطرتها في البادية، ووجّه الأخير ضربات موجعة للنظام وحلفائه، عبر قصف مواقعهم براجمات الصواريخ، وقتل وإصابة العشرات من عناصره، وفق مصادر عسكرية معارضة.
وتحدثت تقارير ميدانية، عن أن «فصائل الجيش الحرّ المنضوية في (جيش أسود الشرقية)، استهدفت موقعاً لقوات النظام والميليشيات الموالية في البادية، وتمكنت من تحقيق إصابات كبيرة وقتل وجرح العشرات من عناصرهم». وقال مصدر عسكري معارض في القلمون الشرقي لـ«الشرق الأوسط»، إن «الثوار رصدوا مواقع قوات النظام في منطقة مفرق دريهمة، التي تقع على بعد 3 كيلومترات شرق بلدة سيش في البادية السورية، وقصفوا الموقع براجمات الصواريخ، وحققوا إصابات مباشرة». ولفت إلى أن «المعلومات الأولية تتحدث عن مقتل 45 عنصراً للنظام وحلفائه، وتدمير راجمات صواريخ ودبابة، وآليات عسكرية»، مؤكداً أن «قوات الشهيد أحمد العبدو، هي التي نفذت هذه العملية النوعية ضمن معركة الأرض لنا».
في هذا الوقت، أعلن سعد الحاج، مسؤول المكتب الإعلامي في «جيش أسود الشرقية»، أن الفصائل «تخوض حرب استنزاف في مواجهة النظام وحلفائه، في معركة غير متكافئة عدداً وعتاداً»، متهماً الدول الضامنة للهدنة في جنوب سوريا، بأنها «أعطت الضوء الأخضر للنظام وإيران، بشن حملة عسكرية على فصائل المعارضة في ريف دمشق الشرقي». وأكد الحاج لـ«الشرق الأوسط»، أن «النظام بدأ في اليوم الثاني من اتفاق وقف النار، حملة عسكرية عنيفة على محورين، الأول ريف السويداء الشرقي، والثاني في بئر القصب ودكوة، التي تشكل حلقة الوصل ما بين ريفي السويداء ودمشق». وقال الحاج إن «أهمية المنطقة المذكورة، ترجع إلى أنها غنية بالمواقع العسكرية للنظام، لأن فيها مطارات عسكرية، وكتائب مدفعية، وتعتبر بوابة دمشق من جهة البادية»، لافتاً إلى أن النظام «خرق الهدنة علناً وشنّ هجوماً من ريف السويداء وتابع تقدمه نحو عمق البادية بمشاركة ميليشيات إيرانية وعراقية ولبنانية وأفغانية، مدعومة بغطاء جوي روسي»، معتبراً أن «هذا الهجوم حصل بضوء أخضر من الدول الضامنة لاتفاق وقف النار، من أجل الضغط على فصائل البادية لوقف القتال مع النظام، لأن هذه الفصائل كانت ولا تزال تعارض محادثات آستانة». وبدأت الحملة العسكرية للنظام على مناطق سيطرة المعارضة في البادية الشرقية في العاشر من الشهر الحالي، حيث دفع بقوات عسكرية كبيرة نحو البادية، مستفيدة من وقف القتال في الجبهة الجنوبية، بالتزامن مع حملة مماثلة طالت الغوطة الشرقية.
واعتبر سعد الحاج أن «التقدم الذي حققه النظام طبيعي لأن المعركة غير متكافئة»، مشيراً إلى أن «فصيلين أو ثلاثة فصائل ثورية، تقاتل في البادية أربع دول هي روسيا وإيران والعراق والنظام السوري، ومع ذلك، استطاع الثوار استنزاف هذه الدول وميليشياتها على مدى عشرة أيام»، لافتاً إلى أن «الثوار تمكنوا خلال الأيام العشرة من إسقاط طائرة حربية للنظام وإعطاب مروحية، وتدمير عدد كبير من المدافع وراجمات الصواريخ والدبابات والآليات العسكرية، وقتل أكثر من 70 عنصراً للنظام وميليشياته». وشدد الحاج على أن «الثوار صامدون، ولن يسلموا البادية للنظام، الذي يسعى إلى تقسيمهم إلى قسمين، الأول في دكوة وبير القصب والثاني في مكحول، ويتفردون بالواحد تلو الآخر»، مؤكداً أن المعركة طويلة رغم اختلال موازين القوى فيها.



​انخفاض صادرات العسل في اليمن بنسبة 50 %‎

نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
TT

​انخفاض صادرات العسل في اليمن بنسبة 50 %‎

نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)

انخفض إنتاج وتصدير العسل في اليمن خلال السنوات الخمس الأخيرة بنسبة تصل إلى 50 في المائة بسبب تغيرات المناخ، وارتفاع درجة الحرارة، إلى جانب آثار الحرب التي أشعلها الحوثيون، وذلك طبقاً لما جاء في دراسة دولية حديثة.

وأظهرت الدراسة التي نُفّذت لصالح اللجنة الدولية للصليب الأحمر أنه خلال السنوات الخمس الماضية، وفي المناطق ذات الطقس الحار، انخفض تعداد مستعمرات النحل بنسبة 10 - 15 في المائة في حين تسبب الصراع أيضاً في انخفاض إنتاج العسل وصادراته بأكثر من 50 في المائة، إذ تركت سنوات من الصراع المسلح والعنف والصعوبات الاقتصادية سكان البلاد يكافحون من أجل التكيف، مما دفع الخدمات الأساسية إلى حافة الانهيار.

100 ألف أسرة يمنية تعتمد في معيشتها على عائدات بيع العسل (إعلام محلي)

ومع تأكيد معدّي الدراسة أن تربية النحل ليست حيوية للأمن الغذائي في اليمن فحسب، بل إنها أيضاً مصدر دخل لنحو 100 ألف أسرة، أوضحوا أن تغير المناخ يؤثر بشدة على تربية النحل، مما يتسبب في زيادة الإجهاد الحراري، وتقليل إنتاج العسل.

وأشارت الدراسة إلى أن هطول الأمطار غير المنتظمة والحرارة الشديدة تؤثران سلباً على مستعمرات النحل، مما يؤدي إلى انخفاض البحث عن الرحيق وتعطيل دورات الإزهار، وأن هذه التغييرات أدت إلى انخفاض إنتاج العسل في المناطق الأكثر حرارة، وأدت إلى إجهاد سبل عيش مربي النحل.

تغيرات المناخ

في حين تتفاقم الأزمة الإنسانية في اليمن، ويعتمد 70 في المائة من السكان على المساعدات، ويعيش أكثر من 80 في المائة تحت خط الفقر، توقعت الدراسة أن يؤدي تغير المناخ إلى ارتفاع درجات الحرارة في هذا البلد بمقدار 1.2 - 3.3 درجة مئوية بحلول عام 2060، وأن تزداد درجات الحرارة القصوى، حيث ستصبح الأيام الأكثر سخونة بحلول نهاية هذا القرن بمقدار 3 - 7 درجات مئوية عما هي عليه اليوم.

شابة يمنية تروج لأحد أنواع العسل في مهرجان بصنعاء (إعلام محلي)

وإذ ينبه معدّو الدراسة إلى أن اليمن سيشهد أحداثاً جوية أكثر شدة، بما في ذلك الفيضانات الشديدة، والجفاف، وزيادة وتيرة العواصف؛ وفق ما ذكر مركز المناخ، ذكروا أنه بالنسبة لمربي النحل في اليمن، أصبحت حالات الجفاف وانخفاض مستويات هطول الأمطار شائعة بشكل زائد. وقد أدى هذا إلى زيادة ندرة المياه، التي يقول مربو النحل إنها التحدي المحلي الرئيس لأي إنتاج زراعي، بما في ذلك تربية النحل.

ووفق بيانات الدراسة، تبع ذلك الوضع اتجاه هبوطي مماثل فيما يتعلق بتوفر الغذاء للنحل، إذ يعتمد مربو النحل على النباتات البرية بصفتها مصدراً للغذاء، والتي أصبحت نادرة بشكل زائد في السنوات العشر الماضية، ولم يعد النحل يجد الكمية نفسها أو الجودة من الرحيق في الأزهار.

وبسبب تدهور مصادر المياه والغذاء المحلية، يساور القلق - بحسب الدراسة - من اضطرار النحل إلى إنفاق مزيد من الطاقة والوقت في البحث عن هذين المصدرين اللذين يدعمان الحياة.

وبحسب هذه النتائج، فإن قيام النحل بمفرده بالبحث عن الماء والطعام والطيران لفترات أطول من الزمن وإلى مسافات أبعد يؤدي إلى قلة الإنتاج.

وذكرت الدراسة أنه من ناحية أخرى، فإن زيادة حجم الأمطار بسبب تغير المناخ تؤدي إلى حدوث فيضانات عنيفة بشكل متكرر. وقد أدى هذا إلى تدمير مستعمرات النحل بأكملها، وترك النحّالين من دون مستعمرة واحدة في بعض المحافظات، مثل حضرموت وشبوة.

برنامج للدعم

لأن تأثيرات تغير المناخ على المجتمعات المتضررة من الصراع في اليمن تشكل تحدياً عاجلاً وحاسماً لعمل اللجنة الدولية للصليب الأحمر الإنساني، أفادت اللجنة بأنها اتخذت منذ عام 2021 خطوات لتوسيع نطاق سبل العيش القائمة على الزراعة للنازحين داخلياً المتضررين من النزاع، والعائدين والأسر المضيفة لمعالجة دعم الدخل، وتنويع سبل العيش، ومن بينها مشروع تربية النحل المتكامل.

الأمطار الغزيرة تؤدي إلى تدمير مستعمرات النحل في اليمن (إعلام محلي)

ويقدم البرنامج فرصة لدمج الأنشطة الخاصة بالمناخ التي تدعم المجتمعات لتكون أكثر قدرة على الصمود في مواجهة تغير المناخ، ومعالجة تأثير الصراع أيضاً. ومن ضمنها معلومات عن تغير المناخ وتأثيراته، وبعض الأمثلة على تدابير التكيف لتربية النحل، مثل استخدام الظل لحماية خلايا النحل من أشعة الشمس، وزيادة وعي النحالين بتغير المناخ مع المساعدة في تحديث مهاراتهم.

واستجابة لارتفاع درجات الحرارة الناجم عن تغير المناخ، وزيادة حالات الجفاف التي أسهمت في إزالة الغابات والتصحر، نفذت اللجنة الدولية للصليب الأحمر أيضاً برنامجاً لتعزيز قدرة المؤسسات المحلية على تحسين شبكة مشاتل أنشطة التشجير في خمس محافظات، لإنتاج وتوزيع أكثر من 600 ألف شتلة لتوفير العلف على مدار العام للنحل.