استمرار المقاطعة يصادر حلم «صنع في قطر»

توقعات بارتفاع الأسعار بنسبة 25 %... وشلل 618 شركة بمختلف المجالات

TT

استمرار المقاطعة يصادر حلم «صنع في قطر»

رجّح اقتصاديون أن تشهد الفترة المقبلة ارتفاع نسبة أسعار المواد الغذائية والاستهلاكية في قطر بما يصل إلى 25 في المائة، بعد فقدان السوق القطرية أكثر من 65 في المائة من وارداتها السعودية من السلع الغذائية، فضلاً عن تفويتها فرصة «صنع في قطر»، التي بشرت بها الدوحة وحاولت تحقيقها سابقاً بالتعاون مع الرياض في العام الحالي.
ويأتي ذلك في ظل شلل عمل 618 شركة في السوق القطرية، بينها 315 شركة سعودية بنسبة 100 في المائة، و303 منها عبارة عن شراكات سعودية - قطرية، في ظل ترجيحات بزيادة أمد المقاطعة، الأمر الذي يزعزع الثقة بالبيئة الاستثمارية والتجارية والاقتصادية القطرية.
وقال الباحث الاقتصادي عبد الجبّار بشارة، لـ«الشرق الأوسط»: «أفقدت مقاطعة 4 دول لقطر فرصة تحقيقها حلمها الذي أطلقته أخيراً في الرياض تحت عنوان (صنع في قطر)، كركيزة ضرورية للتنمية الاقتصادية وتطور القطاع الصناعي، وزيادة القيمة المضافة».
ولفت بشارة إلى أن الرياض، الشريك الأهم للدوحة في المنطقة لتحقيق حلمها «صنع في قطر». وأكد أن إطالة أمد المقاطعة، أثر على ثقة الشركات الصغيرة والمتوسطة في دولة قطر، وأفقدها فرصة صناعة شراكات جديدة وإمكانية إطلاق مشروعات تعاون سعودية، تعزز هذا الاتجاه، مشيراً إلى أن الدوحة فقدت مساندة الرياض في إتاحة فرصة لتشجيع الصناعة القطرية وتصديرها إلى السوق السعودية.
من جهته، أوضح الاقتصادي الدكتور عبد الغني حميدة لـ«الشرق الأوسط»، أن أحد أهم التحديات التي تواجه الاقتصاد القطري حالياً، تتمثل في الفجوة التي تعاني منها السوق القطرية في مجالات المواد الغذائية والاستهلاكية، منوهاً بأن الدوحة كانت تستورد أكثر من 65 في المائة من احتياجاتها الغذائية والاستهلاكية من السعودية.
ونوه حميدة بأن قطر بلد غير مصنع، مؤكداً أن إطالة أمد المقاطعة، خلقت أزمة في حاجة السوق الاستهلاكية اليومية تسببت بشكل مباشر في ارتفاع الأسعار في ظل عدم الإنتاج المحلي، في وقت لا تتمتع فيه الدوحة بإمكانيات صناعية، تمكنها من الصناعة المحلية بمواصفات تنافسية، في ظل الصناعات التنافسية الأخرى في الدول المجاورة وتحديداً السعودية.
وقال الاقتصادي عبد الرحمن مختار: «إن المقاطعة أفقدت الدوحة فرصة التمتع بالميزات النسبية لأهم شركائها التجاريين على مستوى دول مجلس التعاون الخليجي، وهي السعودية، حيث كان حجم التبادل التجاري بين البلدين 6.9 مليار دولار في عام 2015، كان من المتوقع مضاعفته في عام 2017، إذ يميل الميزان التجاري إلى السعودية بنسبة 80 في المائة».
ولفت مختار، إلى أن عدد الشركات السعودية التي تعمل في قطر بنسبة 100 في المائة يبلغ عددها 315 شركة، وفق إحصاءات عام 2015، غير أنها ارتفعت إلى 388 شركة تعمل في مجالات مختلفة، من بينها الإنشاءات والهندسة والمقاولات والتجارة وغيرها، فضلاً عن عدد من الشركات السعودية التي تعمل مع شريك قطري يتجاوز عددها 303 شركات في مختلف المجالات.



الدردري لـ«الشرق الأوسط»: الناتج السوري خسر 54 مليار دولار في 14 عاماً

TT

الدردري لـ«الشرق الأوسط»: الناتج السوري خسر 54 مليار دولار في 14 عاماً

الأمين العام المساعد للأمم المتحدة مدير برنامج الأمم المتحدة الإنمائي للدول العربية د. عبد الله الدردري (تركي العقيلي)
الأمين العام المساعد للأمم المتحدة مدير برنامج الأمم المتحدة الإنمائي للدول العربية د. عبد الله الدردري (تركي العقيلي)

كشف الأمين العام المساعد للأمم المتحدة مدير برنامج الأمم المتحدة الإنمائي للدول العربية الدكتور عبد الله الدردري، أن الأمم المتحدة أعطت البرنامج الضوء الأخضر لبدء التواصل مع الحكومة المؤقتة السورية الجديدة تعزيزاً للعمل الإنساني وبدء مسار التعافي لإعادة تفعيل الاقتصاد السوري، خصوصاً أن البلاد خسرت 54 مليار دولار من ناتجها المحلي خلال 14 عاماً.

وقال الدردري في حديث إلى «الشرق الأوسط» بمناسبة وجوده في الرياض للمشاركة في فعاليات مؤتمر «كوب 16»، إنه وجّه مكتب البرنامج في دمشق اعتباراً من (الخميس) للتواصل مع الجهات الحكومية وبدء عملية التقييم التي تحتاج إليها البلاد.

كان نظام بشار الأسد قد ترك خلفه تحديات اقتصادية كبيرة مع انهيار شبه كامل للبنية التحتية الاقتصادية وتدمير آلاف المنازل وتشريد الملايين.

رجل سوري يتحدث عبر هاتفه المحمول وهو يقف على درج مبنى مدمَّر في مدينة حرستا شرق دمشق (أ.ب)

واستعرض الدردري الوضع الراهن في سوريا، فقال «إن تقديراتنا الأولية أن الاقتصاد السوري خسر حتى الآن 24 عاماً من التنمية البشرية، فيما سجل الناتج المحلي الإجمالي تراجعاً كبيراً من 62 مليار دولار في عام 2010 إلى 8 مليارات فقط اليوم، أي خسر 54 مليار دولار في 14 عاماً. أما معدل الفقر، فارتفع من نحو 12 في المائة عام 2010 إلى أكثر من 90 في المائة. وبات معدل الفقر الغذائي يتجاوز 65 في المائة من السكان».

وإذ أوضح أن أمام سوريا مرحلة صعبة، قال إن تقديرات البرنامج تشير إلى أنه من أصل 5 ملايين و500 ألف وحدة سكنية، فإن نحو مليوني وحدة سكنية دمِّرت بالكامل أو جزئياً.

وعن تكلفة عملية إعادة الإعمار، أوضح الدردري أن احتساب تكلفة إعادة بناء الوحدات السكنية يحتاج إلى تحديث، كون أسعار البناء تختلف اليوم. لكنه شدد على أن أخطر ما جرى في سوريا هو الضعف المؤسساتي مقارنةً بما كان عليه الوضع قبل عام 2011، «حيث كانت هناك مؤسسات دولة قوية، فيما تراجعت بشكل كبير اليوم». من هنا، فإن تركيز برنامج الأمم المتحدة اليوم هو على الدعم المؤسساتي، «لأنه من دون مؤسسات قادرة على التخطيط والتنفيذ والمتابعة، لا توجد تنمية ولا إعادة إعمار»، كما يركز على القطاع الخاص الذي استطاع أن يصمد رغم كل الهزات، والجاهز اليوم لتلقف أي حالة من الأمن والانفتاح للعمل.

وقال: «خلال الساعات الـ48 الأخيرة، ولمجرد أن الحكومة المؤقتة أعلنت أن الاقتصاد السوري هو اقتصاد سوق حر مع بعض الإجراءات السريعة لتسيير عمل التجارة وغيرها، تحسن سعر صرف الليرة السورية أمام الدولار من 30 ألف ليرة إلى 14 ألف ليرة، مما يعني تحسناً بأكثر من 50 في المائة».

رجل يعد النقود بمحطة بنزين في مدينة حلب شمال سوريا (أ.ف.ب)

ولكن كيف يرى نائب الوزراء السوري السابق للشؤون الاقتصادية بين سنوات 2006 و2011، خريطة طريق إعادة النهوض بالاقتصاد السوري؟ أجاب: «في الحقيقة، لا أرى فرقاً بين دوري في الأمم المتحدة وبين عملي سابقاً. فسوريا تحتاج إلى إصلاح حوكمي سريع وفعال، بمعنى أنها تحتاج إلى إصلاح القضاء، وتطوير المؤسسات وترسيخ مبدأ الفصل بين السلطات، وترسيخ القانون. كما أنها بحاجة إلى رؤية للمستقبل، وإلى حوار وطني. تحتاج إلى تحديد الوضع الراهن في المجال الاقتصادي وأين هو موقع البلاد في هذا الإطار. هي تحتاج إلى رسم سيناريوهات التعافي والنمو... وهو ما تراه الأمم المتحدة أيضاً لإعادة إحياء البلاد».

وأضاف: «سندعم كل ما من شأنه أن يجعل سوريا جاذبة للاستثمار، وإرساء منظومة لحماية اجتماعية فاعلة... فنمو اقتصادي يقوده القطاع الخاص وعدالة اجتماعية من خلال منظومات حماية اجتماعية متكاملة هما ما تحتاج إليه سوريا، وهما ما سنعمل عليه».

وعود بمساعدة غزة

وفي ما يتعلق بالوضع في غزة، قال الدردري إن التقديرات الأولية جداً تشير إلى أنها تحتاج إلى 50 مليار دولار، موضحاً أن إعادة تعويم الاقتصاد الفلسطيني إلى ما كان عليه في عام 2022، إنما يحتاج إلى معونات إنسانية تقدَّر بـ600 مليون دولار سنوياً على مدى السنوات العشر المقبلة.

فلسطينيون يتفقدون الدمار في منطقة استهدفتها غارة جوية إسرائيلية قرب مخيم النصيرات للاجئين (أ.ف.ب)

وعن الجهات المستعدة لتأمين هذه المبالغ، قال: «هناك وعود بأن المجتمع الدولي مستعد للمساعدة، ولكن إلى الآن لا شيء ملموساً».

وأضاف: «هناك حاجة ماسة إلى رفع القيود عن عمل الفلسطينيين، وعن أموال المقاصة التي يجب أن تذهب إلى السلطة الفلسطينية، وأن يُسمح للاقتصاد الفلسطيني بالاندماج».

خسائر لبنان من الحرب

وشرح الدردري أن لبنان خسر 10 في المائة من ناتجه المحلي الإجمالي خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة بسبب الحرب مع إسرائيل، تضاف إلى ما نسبته 35 في المائة خسارة في الناتج المحلي منذ 2019. في حين دُمر نحو 62 ألف منزل وأكثر من 5 آلاف منشأة اقتصادية.

شخصان يتعانقان على أنقاض المباني المتضررة في قرية جون بقضاء الشوف بلبنان (رويترز)

ووُضع برنامج للتعافي الاقتصادي في لبنان يعتمد بشكل أساسي على تعزيز المجتمعات المحلية والشركات الصغيرة وإعادة إحياء التمويل في لبنان، وعلى دعم البلديات التي تأثرت بشكل كبير، وعلى الجمعيات الأهلية. وتوقع أن يستعيد لبنان تعافيه مع استمرار حالة الهدوء، وذلك بفعل أهمية الدور الذي يلعبه قطاعه الخاص.