«30 سنة وأنا حاير فيك» تفتتح مهرجان الحمامات الدولي في تونس

بمساهمة أكثر من 150 ممثلاً مسرحياً

مشهد من مسرحية «30 سنة وأنا حاير فيك»
مشهد من مسرحية «30 سنة وأنا حاير فيك»
TT

«30 سنة وأنا حاير فيك» تفتتح مهرجان الحمامات الدولي في تونس

مشهد من مسرحية «30 سنة وأنا حاير فيك»
مشهد من مسرحية «30 سنة وأنا حاير فيك»

افتتح العرض المسرحي «ثلاثين سنة وأنا حاير فيك» الدورة 53 لمهرجان الحمامات الدولي، للمسرحي التونسي توفيق الجبالي، وهو مجموعة من المشاهد التي تروي الواقع وتقدم رؤية الفنان لمختلف الأحداث الاجتماعية التي عرفتها تونس على مدى 30 سنة من عمر فضاء التياترو (أول فضاء مسرحي خاص في تونس).
وكان الجمهور الحاضر في انتظار ما ستتمخض عنه تجربة المسرحي التونسي توفيق الجبالي، من خلال عرض مساهمات أكثر من 150 ممثلاً من فنانات وفناني فضاء «التياترو»، وعبر الجبالي عن حيرة وجودية جديدة: حيرة المسرحي في علاقته بمحيطه بمختلف أبعاده، خصوصاً الاجتماعية والسياسية.
ومثّل المسرحي توفيق الجبالي، رفقة مجموعة من الفنانين التونسيين، علامة معارضة للنظام السابق، من خلال عدد من الأعمال المسرحية، مثل «كلام الليل» التي انتقدت بجرأة كبيرة الواقع الاجتماعي والسياسي، ودخلت في حالة صدام مع أجهزة النظام، وهو يستمد اليوم قوته من تاريخه النضالي.
«ثلاثين سنة وأنا حاير فيك» عمل تميز بمشاهد عالية الإتقان، التقى فيها الأداء المسرحي بالموسيقى، وتمازجت الأضواء بالكلمات والمواقف المعبرة التي خاطبت ذكاء الجمهور الحاضر وهي تعبر عن واقع تونسي يومي، وتستوقف بعض الأحداث الغريبة وتستنطقها، وهي على حد تعبير زينب فرحات، مديرة فضاء التياترو، «ملخص لثلاثين سنة من إنتاجات التياترو، بكتابة جديدة ورؤية جديدة ونظرة احتفالية، يمتزج فيها المسرح الذهني بالإمتاع... هي نظرة شاملة تبرز ما أعطاه الفضاء من إنتاجات طيلة 30 سنة متتالية».
وفي هذا العمل، تجتمع جميع فنون الفرجة على الركح، من رقص ومسرح وإنشاد وموسيقى، وهو يترجم مسيرة زاخرة من العطاء الفني.
وبشأن مسيرة 30 سنة من العمل المسرحي، قال الجبالي بلغة فلسفية: «أعتقد أنه من أسهل الأشياء تحقيق النجاح الجماهيري، فهذا النوع من النجاح يقوم على وصفات يسهل تجميعها، بينما في الإخفاق جمالية يصعب على الكثير تلذذها، خصوصاً إذا كان الفشل في بيئة اختارت تعطيل التفكير»، وأضاف: «نحن اخترنا أن يكون عملنا مخبرياً، نحن نجرب ونكتشف ونبحث ونسعى لنتواصل مع جمهورنا ونحاوره بما يخالج الفنان من حيرة وشك، ولنبني معه ممثلاً جديداً، روحاً وفكراً وفناً ذا قيمة جمالية».
وكانت الدورة الجديدة من مهرجان الحمامات الدولي قد انطلقت يوم 15 يوليو (تموز) الحالي، وتتواصل حتى يوم 26 آب (أغسطس) المقبل. ومن أبرز عروضه المبرمجة عرض الفنان المصري محمد منير، والفنان الكاميروني ريتشارد بونا، والسورية لينا شماميان، والمجموعة اللبنانية «بار فاروق»، على أن يختتم الفنان التونسي أنور براهم سلسلة العروض لهذا المهرجان، ومن المنتظر أن يعرض هذا العمل المسرحي «30 سنة وأنا حاير فيك» في مهرجان قرطاج الدولي، في الرابع من أغسطس.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».