فايا يونان غنت في مهرجان قرطاج للحب والسلام

الفنانة السورية نقلت بصوتها العذب آلام الإنسان أينما كان

فايا يونان
فايا يونان
TT

فايا يونان غنت في مهرجان قرطاج للحب والسلام

فايا يونان
فايا يونان

اعتلت الفنانة السورية فايا يونان ركح مسرح قرطاج الدولي وغنت بعفوية وبساطة للحب والسلام، ونقلت بصوتها العذب آلام الإنسان أينما كان، وتمكنت من بث الفرح المشوب بالأسى بين آلاف الحضور ممن اكتشفوها في العالم الافتراضي قبل أن تشدو بأغانيها في معظم مسارح العالم العربي.
وقبل أن تنطلق في حفل جمهوره يعرفها ويحفظ أغانيها، رحبت الفنانة السورية بالجمهور الحاضر بأسلوبها الخاص، وألقت عليهم التحية التونسية التقليدية «عسلامة»، وخاطبتهم قائلة: «أنا سعيدة بلقائكم اليوم... أحمل لكم سلاماً حاراً من سوريا... وسنغني الليلة لسوريا ولتونس». وهو ما ربط حبل الود بين الفنانة والجمهور.
فايا يونان غنت في السهرة الثالثة لمهرجان قرطاج في دورته 53 وأدت باقتدار أغنيات «بيناتنا بحر» و«احكي لي عن بلدي» و«لي في حلب» و«نم يا حبيبي» و«زنوبيا» التي أهدتها لمدينة تدمر بعد ما عرفته من دمار جراء الحرب الهمجية الدائرة في بلدها.
وغنت أيضاً أغنية «أحب البلاد»، للشاعر التونسي الصغير أولاد أحمد، كما أدت أغنية للفنان التونسي الهادي الجويني «حبي يتبدل يتجدد» وأغنية لطفي بوشناق «ريتك ما نعرف وين»، وأعادت توزيع الموسيقي للأغنيتين باجتهاد كبير أضفى عليهما رونقاً مختلفاً أخرجهما من الطابع المحلي.
واختتمت حفلها الفني بنشيد «موطني»، وبرسالة شكر للجمهور الذي تابع السهرة ولإدارة مهرجان قرطاج، وقالت: «شرف كبير لي أن أغني اليوم على ركح مهرجان قرطاج... أشكر الإدارة التي منحتني هذه الفرصة والشكر الأكبر لكم أنتم الجمهور».
ونجحت الفنانة السورية في أعسر امتحان على الإطلاق بصعودها فوق ركح مهرجان قرطاج أحد أهم المهرجانات في العالم العربي، وتجاوزت بعض الأصوات التي شككت في قدرتها على تأثيث سهرة فنية بأكملها، وهي التي بدأت مشوارها الفني سنة 2014 من خلال أغنية مصورة لا تتجاوز مدتها 8 دقائق بعنوان «لبلادي» فاقت نسب مشاهدتها على موقع «يوتيوب» حدود 4 ملايين متابع.
وأظهر الفيديو فايا وشقيقتها ريحان، وهما تنقلان صور الدمار والحرب من خلال المزج بين النص والصورة، وهو ما خلق تعاطفاً كبيراً معهما، غير أن العالم الافتراضي يختلف في كثير من الحالات عن عالم الواقع، ومن غير المؤكد النجاح في العالمين.
الفنانة السورية غنت للمرة الثالثة في تونس حيث سبق صعودها ركح مسرح قرطاج، عرض في مدينة بن قردان (جنوب شرقي تونس)، وعرض آخر في قاعة سينما «الكوليزي» بالعاصمة التونسية، وقد اكتشفت نوعية مختلفة من الجمهور تتابع السياسة وتتفاعل مع آلام المواطن العربي أينما كان، وهو ما يتماشى مع نوعية الأغاني التي تؤديها.
وضمن الدورة الجديدة من مهرجان قرطاج الدولي التي انطلقت يوم 13 يوليو (تموز) الحالي، وتتواصل إلى غاية يوم 19 أغسطس (آب) المقبل، سيكون الفنان اللبناني راغب علامة والمصرية شيرين عبد الوهاب والفنانة اللبنانية نانسي عجرم وأميمة الخليل والفنانة السورية فايا يونان ومغني الراي الجزائري قادر جابوني والفنانة السورية لينا شامميان وفنان الروك الإيطالي زوكيرو من أبرز العروض الفنية العربية والأجنبية التي سينالها شرف الصعود فوق ركح المسرح الأثري بقرطاج.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».