حمدين صباحي لـ {الشرق الأوسط}: أحترم المعاهدات لكن {كامب ديفيد} بحاجة لتعديل

المرشح لانتخابات الرئاسة المصرية أكد حاجة بلاده لتأجيل النزاعات الخارجية والتفرغ للتنمية في الداخل

المرشح الرئاسي المصري حمدين صباحي ({الشرق الأوسط)
المرشح الرئاسي المصري حمدين صباحي ({الشرق الأوسط)
TT

حمدين صباحي لـ {الشرق الأوسط}: أحترم المعاهدات لكن {كامب ديفيد} بحاجة لتعديل

المرشح الرئاسي المصري حمدين صباحي ({الشرق الأوسط)
المرشح الرئاسي المصري حمدين صباحي ({الشرق الأوسط)

قال المرشح لانتخابات الرئاسة المصرية، حمدين صباحي، إنه قرر خوض الانتخابات لتحقيق أهداف الثورتين اللتين أسقطتا حكم الرئيس الأسبق حسني مبارك، والرئيس السابق محمد مرسي. وأضاف في حوار أجرته معه «الشرق الأوسط» أن الصلاحيات المحدودة للرئيس وفقا للدستور الجديد الذي أقر مطلع هذا العام، لن تعيق عمل الرئيس، ولكنها ستؤدي لإقامة نظام ديمقراطي عبر البرلمان.
وتطرق صباحي إلى طموحاته في تحقيق تنمية شاملة في البلاد الفقيرة، مشيرا إلى أن برنامجه في هذا الصدد يسعى لإقامة أنماط اقتصادية «لا تكون مصنفة بين هذا قطاع عام وهذا قطاع خاص وهذا قطاع تعاوني»، ولكن أن يكون فيها «نوع من أنواع التضافر في أشكال الملكية في ظل إدارة ذات كفاءة متفق عليها».
وقال المرشح الرئاسي إنه توجد أولوية في مصر للقضاء على الإرهاب، و«لم شمل» مصر خارج الاستقطاب الحاد الموجود حاليا، مشيرا إلى أنه «لا كل من أيد مبارك كان فاسدا، ولا كل من أيد مرسي هو إرهابي». وأوضح أن خطة مواجهة الإرهاب تتضمن الأمن «لأن الذي يستحل الإمساك بالسلاح في وجه مواطن أو جندي أو ضابط جيش أو شرطة، من حق الدولة أن تردعه»، لكنه أضاف أنه لا بد من التمييز بين حق العقاب على من يمارس الإرهاب أو يدعو إليه، وما بين من يعبر عن رأيه سلميا حتى لو كان له مرجعية ذات طابع إسلامي، وشدد على أن علاقات مصر مع تركيا أو مع قطر سيحكمها احترام المصالح، والتوقف عن التدخل في الشؤون الداخلية.
وأكد صباحي على أنه «مع حظر الإخوان كجماعة، وحظر قيام حزب لها وفقا للدستور»، لكنه دعا للفصل في التعامل بين القيادات التي تسببت في الفساد في عهدي مبارك ومرسي، والجمهور العادي الذي كان مؤيدا لهما. وقال عن علاقته القديمة بالإخوان: «نحن كنا مع الشعب حين كان يتعاطف معهم كضحايا، وكنا معه حين قبلهم كشريك، وكنا معه حين أسقطهم كحكام مستبدين».
كما رد القيادي على ما تردد من مزاعم بشأن استفادته من نظامي الرئيس العراقي الراحل صدام حسين، والعقيد الليبي الراحل معمر القذافي، وقال: إن هذين النظامين سقطا، وعلى من لديه وثائق تتعلق بي أن يخرجها للعلن، قائلا إنها مجرد «حرب شائعات» تظهر مع كل انتخابات، و«أنا لا أملك غير شقتي وقطعة أرض تركها لي والدي». وفي ما يلي أهم ما جاء في الحوار..
* لماذا قررت خوض انتخابات الرئاسة؟
- لأنه توجد ثورتان عظيمتان في 25 يناير و30 يونيو. وكل الثورات تقوم لكي تصل إلى الحكم، بينما نحن في مصر لم نصل في وقت الثورة؛ فلنصل بالانتخابات. هدف الترشح هو تمكين مطالب المصريين، كما عبروا عنها في 25 يناير (كانون الثاني) و30 يونيو (حزيران)، من أن تتحول إلى سياسات نافذة تحقق مصالحهم في دولة ناجحة.
* لكن صلاحيات رئيس الدولة أصبحت أقل وفقا لدستور البلاد الجديد. فهل يمكن لهذه الصلاحيات بهذا الوضع أن تساعد الرئيس في تنفيذ ما يريد؟
- بالتأكيد تساعد الرئيس، لكن أيضا لا بد أن ينظر لقضية وصول الثورة للسلطة باعتبارها أوسع من الرئاسة. أي أن الثورة تشمل البرلمان والمحليات ومعها كل المؤسسات المجتمعية، ولهذا نطرح في حملتنا الانتخابية أننا بعد أن نفوز بالرئاسة، فإن التيار الرئيسي الذي نعبر عنه، وهو الذي يقف مع 25 يناير ولا يعُدّها نكسة، ومع 30 يونيو ولا ينظر لها كانقلاب.. هذا التيار عليه أن يخوض معركة الرئاسة وانتخابات مجلس الشعب وانتخابات المحليات. وبهذا فإن السلطات المتاحة للرئيس، وإن كانت أقل، لكنها تقيم نظاما ديمقراطيا أكثر، وتشرك الشعب في القرار.
* معروف أن البرلمان يحتاج إلى أحزاب وتيارات سياسية قوية، لكن في السنوات الأخيرة كان الأكثر قدرة على التنظيم وحشد الناخبين هو تيار الإسلام السياسي؛ كالإخوان والسلفيين. فهل يمكن أن نرى أحزابا مدنية قادرة على شغل أغلبية البرلمان المقبل وتشكيل حكومة؟
- مصر فيها قوى اجتماعية واعية بمصالحها، وتنظيم حزبي أقل من قدرة القوى الاجتماعية. لكن هذا التنظيم قابل لأن يكون أكثر كفاءة وقدرة على حجم إمكاناته للاقتراب من الناس. ويفترض أن نمكنه نحن من ذلك بتشريعات تسمح بدعم فكرة التعدد الحزبي وتقويتها، ونعوض ضعف كل حزب على حدة بإقامة ائتلافات وجبهات وطنية للمعبرين عن مشتركات. وهذا ما جرى في الثورة، لأن الثورة لم تنجح بقوة الأحزاب ولكن بقوة الجماهير.
القوى الاجتماعية صاحبة المصالح في التغيير. وهذه القوى ما زالت موجودة، وتستطيع أن ترتبط بالأحزاب الأكثر تمثيلا لها، وأكثر قدرة على استيعابها في بنائها التنظيمي. هذا الأمر لم يتحقق بعد، لكن من المفترض أن يتحقق. ومن بين آليات هذا الأمر مثلا: ما هو الحجم المتاح للأحزاب في قانون انتخابات البرلمان المقبل في نظام الانتخاب بالقائمة قياسا بالنظام الفردي.
* من هو التيار الذي تمثله كمرشح لانتخابات الرئاسة. نسمع تعبيرات مختلفة منها أنك تمثل التيار الناصري، وأحيانا يقال عنك المرشح اليساري، وأحيانا مرشح التيار الشعبي؟
- كل هذه تعبيرات صحيحة جزئيا، لكن قاصرة.. نحن في مصر لسنا بصدد فرز آيديولوجي، ولا حتى حزبي. نحن بصدد فرز اجتماعي. أي القوى الاجتماعية الموجودة على الأرض التي لها مصالح وعانت مظالم. هذه القوى هي التي شكلت عبقرية الوحدة من خلال التنوع في ميدان التحرير في 25 يناير 2011. وأيضا في 30 يونيو 2013. وطلبات هذه القوى واضحة.. تريد عدالة اجتماعية ودولة ديمقراطية واستقلالا وطنيا. كانت هذه هي هتافاتها.
أما مسألة تعبيرها التنظيمي، فقد أشرنا إليه وقلنا إنه ما زال فيه قصور، لكن هناك أفق مفتوح له من التطوير. ولن يكون مقتصرا على الأحزاب فقط، ولكن أحزاب وأيضا هناك حركات تجمع قوى وتكتلات سياسية شبابية ليست حزبية، وهناك تيارات ذات طابع سياسي، وهناك هيئات في المجتمع المدني كالنقابات والجمعيات وغيره.. ما نستطيع قوله هو أن ما نعبر عنه نسميه التيار الرئيس في مصر الذي لديه طلب حقيقي على العدل الاجتماعي والديمقراطية والاستقلال الوطني، وهذا (التيار) لا يمكن اختصاره أو اختزاله لا في الناصرية ولا في التيار الشعبي ولا في اليسار، وإنما هو تيار ديمقراطي اجتماعي مدني يعبر عن رؤية واضحة.
* ينظر البعض إليك على أساس أنك كنت ضمن تيار قومي قوي، خاصة في ثمانينات وتسعينات القرن الماضي. وأنك كنت، على سبيل المثال، تستخدم خلال عضويتك في البرلمان توصيفا لإسرائيل بأنها «العدو الصهيوني»، وغيره. هل هذا الخطاب ما زال موجودا لديك.. وهل تخشى من أن يخيف مثل هذا الخطاب أطرافا غربية في حال وصولك إلى رئاسة الدولة المصرية؟
- قناعاتي كمصري أنه بالتأكيد يوجد «عدو صهيوني»، وبالتأكيد أن «كامب ديفيد» صلح غير عادل. وبالتأكيد أنا مع حقوق الشعب الفلسطيني. مهمتي ليست فرض آرائي الشخصية على دولة بالغة التنوع ولها مصالح. رأيي أن «كامب ديفيد» تحتاج لتعديل، على الأقل لتمكين الجيش من الانتشار في سيناء دون عوائق. لكني أحترم المعاهدات التي وقعتها مصر، وسأغيرها وفقا لقواعد القانون الدولي.
ودعم الشعب الفلسطيني مؤكد، لكن إدراكي أن هناك معركة للتنمية، وأولها القضاء على الفقر في مصر، يجعل أجندتي بالغة الوضوح.. معركتنا هنا؛ في الداخل. وترتبط كفاءة إدارة هذه المعركة بأفضل سياسة خارجية تحقق مصالح لمصر، خاصة التنمية في معناها الشامل وخصوصا الاقتصادية والنظام الديمقراطي، وهذا يعني تخفيض صراعاتنا خارج الحدود إلى الحد الأدنى، أو نؤجلها ونتفاداها إذا كان هذا ممكنا، وهو أمر صعب طبعا، لأنه لا يمكن تحقيق «صفر مشاكل»، كما يسمونها. لكن هذا يعني أن أولوياتي هي التي ستحدد جدول أعمالي.
في أربع سنوات، في حال الفوز في هذه الانتخابات، لا بد أن تكون المعركة الأولى فيها نموا اقتصاديا هائلا في إطار تنمية شاملة وتوزيع جاد للثروة بطريقة وفلسفة وقواعد قانونية وإدارة سياسية، على عكس التوزيع الظالم الذي جعل قلة تحتكر معظم الثروة على حساب فقر وجوع الأغلبية، بالإضافة إلى إقامة نظام ديمقراطي. أعتقد أن تحقيق هذا سيستنفد السنوات الأربع أو الثماني من عمل أي رئيس مقبل.
* حين كنت في البرلمان كنت من الداعين إلى ضرورة وجود مشروع قومي يلتف حوله الشعب. ما هو مشروعك القومي الذي يمكن أن يجعل المصريين يصبرون على اجتياز هذه المرحلة الاقتصادية الصعبة؟
- مشروعي هو مشروع (ثورتي) 25 يناير زائد 30 يونيو. أي العدل الاجتماعي والنظام الديمقراطي، وهما وجهان لعملة واحدة. والقدرة على تأكيد أنهما غير قابلين للانفصال، هو ما يمكن أن يحقق استجابة لطلبات التيار الرئيس، لأنه يتكون من أغلبية المصريين. هذا التيار يحتاج لتنمية.. ولدينا في هذا الصدد مشروع جاد لتنمية متعددة المجالات. وهذا التيار يريد أن يضمن أن عائد التنمية يوزع بالعدل، حتى يخدم الأفقر والأضعف.
* ما هي تفاصيل هذا المشروع بشكل أكثر تحديدا؟
- أولا: فيما يتعلق بالتنمية الاقتصادية، وهي جزء من التنمية الشاملة، لدينا مشروع جاد لإعادة إنهاض كل القطاع العام المصري الذي تعرض لـ«التخسير». ولدينا مشروع لتوسيع الملكية الخاصة وبالذات للشباب، عبر تبني فلسفة مشروعات صغيرة ومتوسطة ومتناهية الصغر، نستهدف أن ننشئ في خمس سنوات خمسة ملايين مشروع، تملك للشباب.. وسنربط هذا في الملكيات الصغيرة بفلسفة التعاون.
ولدينا تصور لتوسيع المعمور المصري في سيناء وفي أرض النوبة القديمة، وفي الساحل الشمالي الغربي، وفي الوادي الجديد. وكلها مشروعات ستقوم على استثمار أجنبي سيدعى لها، و(عبر) اكتتاب واسع، وهذا جزء رئيس من فلسفتنا، وهي أن يضع المصريون أموالهم في مشروعات يأملون في ربحيتها، ومشاركة من الدولة. نريد أن نقيم أنماطا اقتصادية لا تكون مصنفة بين هذا قطاع عام وهذا قطاع خاص وهذا قطاع تعاوني، ولكن أن يكون فيها نوع من أنواع التضافر في أشكال الملكية في ظل إدارة ذات كفاءة متفق عليها.
ثانيا: نحن نراهن على القيمة التنافسية لموقع مصر من خلال خدمات النقل العالمية وتجارة التعهيد التي يوجد لها أفق واسع جدا في مصر، وتوجد هنا تفاصيل كثيرة أخرى.
* ذكرت مسألة «التضافر» في أشكال المِلكية. ألا ترى أن هذا الأمر يمكن أن يجعل القطاع الخاص العربي والأجنبي يتخوف من الاستثمار في مصر؟
- بالعكس.. سيكون لديه فرص أعلى، وفتح باب للشراكات. وأهم شيء لقطاع الاستثمار أن يكون هناك دولة خالية من الفساد، ولا تضع أمامه العراقيل، ولا تفرض عليه أي «إتاوات» (جبايات). نحن لا نفرض على رأس المال في مصر أي شيء أكثر من أن نوسع قاعدة دافعي الضريبة عبر مجموعة سياسات، وسننتهج عدالة ضريبية عن طريق تطبيق ضريبة تصاعدية متعددة الشرائح، ونستخدم نفس هذه الضريبة كأداة لتوجيه أو حفز للاستثمار في مناطق مثل الصعيد وإقامة صناعات كثيفة العمالة وغيرها. نحن سنشجع الاستثمار الوطني والعربي والأجنبي على القدوم لمصر.
* هذا التطلع لتحقيق تنمية اقتصادية شاملة يرتبط بالوضع السياسي، وهو وضع يبدو أنه لم يستقر بعد؛ تخرج مظاهرات بين وقت وآخر وهناك تفجيرات هنا وهناك، وهذه أمور أعتقد أنها تخيف السياح والمستثمرين. هل يوجد لديك تصور لحل مشكلة الإرهاب والتنظيمات المحظورة، مثل جماعة الإخوان؟
- أولا: أنا لا أتحدث عن استثمار أجنبي فقط، ولكن أيضا عن قطاع عام وعن مشروعات صغيرة يملكها الشباب، وهؤلاء لن يوقفهم الإرهاب، لأنه لا حجم أموالهم ولا طبيعة أنشطتهم ستكون مرهونة به. ثانيا: توجد أولوية في مصر لقضاء واضح على الإرهاب، وللم شمل مصر خارج الاستقطاب الحاد الموجود حاليا. خطتنا في هذا المجال تتضمن الأمن، لأن الذي يستحل الإمساك بالسلاح في وجه مواطن أو جندي أو ضابط جيش أو شرطة، من حق الدولة ومن واجبها أن تردعه بأقصى الدرجات، وأن تقدمه للقانون، لكن لا بد أن يجري التمييز بين حق العقاب على من يمارس الإرهاب أو يدعو إليه، وما بين من يعبر عن رأيه سلميا حتى لو كان له مرجعية ذات طابع إسلامي. وهنا تأتي أهمية غياب وجود عقاب جماعي. مصر تحتاج لهذا الفصل الحاد بين مواجهة واجبة للإرهاب، وحريات واجبة لسلميين بغض النظر عن رأيهم. وهذه المعادلة ستقلل حجم الاحتقان الموجود في البلد. القضاء على الإرهاب يحتاج لأمن ويحتاج لعدالة ناجزة وخطاب ديني مستنير، ويحتاج لثقافة سائدة بكل وسائلها تعزز فكرة حق الاختلاف في إطار دولة القانون سلميا، وتحتاج لمجتمع ديمقراطي، لأن نمو الحريات إحدى ضمانات انحصار الإرهاب، إضافة للعدالة الاجتماعية. هذه الرؤية تعطي لمصر قدرة على تقوية الأمن في مواجهة الإرهاب، دون أن يكون الاعتماد في ذلك على الأمن وحده.
* وهل أنت مع حظر جماعة الإخوان وفقا للقرارات الرسمية التي صدرت من الدولة، سواء سلطة تنفيذية أو قضائية؟
- نعم.. أنا مع حظر الإخوان كجماعة، وحظر قيام حزب لها وفقا للدستور. وأعتقد أن هذا جزاء عادل سياسيا؛ ليس لفشلهم في السلطة، ولكن لفشلهم في المعارضة، لأنهم وقفوا ضد الشعب وصنعوا بيئة العنف والإرهاب؛ سواء كانوا يمارسونها بالأصالة أو بالوكالة. ووجودهم على الخريطة كتنظيم لا معنى له في ظل التجربة المؤلمة والثمن الفادح الذي دفعناه حين كانوا في الحكم، لكن بالأخص حين أصبحوا في المعارضة. لكن الذي يسري عليهم كتنظيم ليس بالضرورة أن يسري على أشخاص. أنا أريد أن أؤمن للأفراد، كمواطنين اختاروا أن يكونوا ضد الدعوة للعنف وممارسته، حقهم في أن يعيشوا بأمان ولهم ما لكل مصري وعليهم ما عليه.
* هناك من يرى أن قضية الإخوان ستضطر رئيس الدولة المقبل للتعامل في الموضوع مع أطراف أخرى خارج مصر، على أساس أن الجماعة تنظيم «دولي» موجود في عدة بلاد مثل تركيا وقطر وغيرهما. كيف يمكن التعامل مع هذه الحالة؟
- جزء من مشروعية حظر الجماعة هو أنها ليست تنظيما وطنيا ولكنه تنظيم دولي يمكن أن يكون لديه حسابات «ما فوق الوطنية». وهذا غير مقبول في وقت نريد فيه بناء دولة وطنية ديمقراطية مدنية. العلاقات مع تركيا أو مع قطر سيحكمها احترام المصالح. إذا كان هناك احترام لمصالحنا ولم يكن هناك تدخل في شؤوننا الداخلية، فنحن سنرحب بعلاقات خالية من أي صراع.
* موعد الاقتراع يقترب.. فهل تثق في العملية الانتخابية في مصر؟
- طبعا الدولة تمارس تأثيرا مؤكدا، لكن ما نطمح إليه هو أن نقلل حدة التأثير بحضورنا، لأنه إذا كنا غائبين (عن المشهد الانتخابي) فإن هذا التأثير سيكون أفدح. ولا نريد تزويرا على أي حال. أقبل التأثير باعتباره تطورا طبيعيا لمسارنا الديمقراطي، ولسنا مثاليين حتى نتصور أن الدولة ستكون محايدة، وأيضا لسنا مثاليين حتى نقعد في بيتنا إلى أن تصبح الدولة محايدة.. من خبرتنا في كل معركة انتخابات أن تنتزع مساحة أوسع لضمانات بانتخابات ديمقراطية.
* لك تعليقات حذرت فيها من عودة النظام القديم ورجال نظام الرئيس الأسبق حسني مبارك إلى المشهد السياسي الجديد. ما هي المؤشرات على ذلك؟
- أصلا النظام القديم لم ينته. نحن أسقطنا رأسه، بل أسقطنا رأسين لنفس النظام، لأن في رأيي أن نظام الإخوان كان امتدادا طبيعيا لنظام مبارك. نفس الاختيارات والسياسات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، مع إبدال النخبة المستفيدة من حلف الثروة والسلطة التي انتقلت من الحزب الوطني (الذي كان يرأسه مبارك) إلى مكتب إرشاد الإخوان وقياداته.
والمخاوف التي لدي ليست مخاوف من العودة، ولكن مخاوف من استرداد النفوذ أيضا لأن السياسات ما زالت قائمة. وسبب هذه المخاوف أن جزءا من رجال مبارك كانوا ممن شاركوا في ثورة 30 يونيو، لكنها لم تكن مشاركة المنتصر لثورة 25 يناير كما أراد الشعب، ولكن شراكة المنتقم من 25 يناير، كما أضمروا ولم يفصحوا عن ذلك في حينه. والآن أصبحوا يفصحون عن هذا الأمر. هؤلاء ممن يقولون على 25 يناير «نكسة»، وهؤلاء الذين أفسدوا حلف 30 يونيو بإجراءات فيها غباء سياسي، من نوع إصدار قانون (تنظيم) التظاهر الذي لم يستخدم ضد الإخوان ولكن ضد شباب ثورة 25 يناير. بعض من رموز ثورة يناير الآن في السجن، بينما بعض من رموز نظام مبارك الفاسدة «عائمة» الآن على السطح السياسي.
* ذكرت أن الدولة تساند المرشح المنافس. فما المقصود بالدولة هنا؟
- أعني هنا أجهزة الدولة ومؤسساتها. لكن هناك من هم داخل أجهزة الدولة وخارجها من القوى المستفيدة وصاحبة مصالح. وأنا أصف هذه القوى بقيادات «حلف الفساد»؛ تحالف الثروة والسلطة من عهد مبارك. وهذا بالمناسبة لا يسري على كل أعضاء الحزب الوطني. أنا أميز ما بين قيادات الفساد السياسي والاقتصادي في زمن مبارك، والأعضاء القاعديين للحزب الوطني الذين هم، أو كثير منهم، بالتوصيف الاجتماعي، فقراء حقيقيون وطبقة وسطى أزيحت بعنف، وعيبهم الوحيد أنه لم يكن لهم موقف سياسي، لكن هم مظاليم اقتصاديا واجتماعيا، وهؤلاء من ضمن جمهوري.. مثل جمهور الإخوان المسلمين. الإخوان كان حولهم جمهور واسع جدا، جمهور يستفيد من جمعياتهم الخيرية والصحية، في ظل غياب الدولة. لا كل من أيد مبارك كان فاسدا، ولا كل من أيد مرسي هو إرهابي. والمفروض الآن فصل القيادات التي صنعت الفساد والاستبداد في عهد مبارك ومرسي، عن الجماهير التي أحاطت بهم لأسباب متعددة.
* دائما يجري التفتيش في أي انتخابات- خاصة الرئاسية- عن أصحاب المصالح الذين يقفون خلف المرشح. فمن يمول حملتك الانتخابية؟
- الفقراء.. لو نظرت للتركيبة السياسية، وليس الاجتماعية، لحملتنا، ستجد فيها تقريبا معظم الأحزاب التي نشأت بعد 25 يناير 2011، مثل «الدستور» و«التحالف الشعبي» و«العدل»، بالإضافة إلى «الكرامة» و«التيار الشعبي».
* لكن معروف أن معظمها أحزاب فقيرة ربما لا تقدر على تمويل حملة انتخابات رئاسية؟
- نعم كلها أحزاب فقيرة، لكنها الأحزاب الأكثر تعبيرا عن المستقبل في مصر. ومن حيث التكوين الاجتماعي الواسع، ستجد أن معنا بالدرجة الأولى الأجيال الجديدة. ويوجد عدد معتبر ممن كانوا ينتوون مقاطعة الانتخابات، بدأوا في مراجعة أنفسهم للمشاركة معنا في هذه المعركة. لا شك أن حمل التمويل لدينا فقير، مثلما كان الحال في الحملة الانتخابية الرئاسية التي خضتها في 2012. نقول إن من معه جنيها فليتبرع به، ونتلقى أموالا من أصدقاء كثير منهم من الطبقة الوسطى القادرة على المساهمة. لكن في النهاية لن تجد في حملتنا أصحاب نفوذ من الأثرياء الكبار. ولن نتمكن من أن يكون لدينا نفس حجم الدعاية بشكل متكافئ.
* تردد على بعض مواقع التواصل الاجتماعي أنك تعاونت في السابق مع جماعة الإخوان، سواء من خلال انتخابات مجلس نقابة الصحافيين، أو ما بعدها، وأنك امتدحت القيادي الإخواني خيرت الشاطر. كيف ترد على هذا؟
- أنا دافعت عن خيرت الشاطر حين كان معارضا للمحاكمة العسكرية (في عهد مبارك). أنا دافعت عن كل الإخوان حين كانوا مظاليم. وكانوا زملاء لي في البرلمان حين كنا أعضاء في البرلمان. وحين نزلوا للميدان في 25 يناير قلنا لهم يا مرحبا. وحين دخلنا انتخابات البرلمان (أواخر 2011) كان هناك نحو أربعين طرفا في مصر مشاركا فيها، وكنا واحدا منها. وبالمناسبة الشعب المصري هو الذي أعطاهم الأغلبية في البرلمان وهو الذي أعطاهم الرئاسة، وهو الذي أسقطهم.
نحن كنا مع الشعب حين كان يتعاطف معهم كضحايا، وكنا معه حين قبلهم كشريك، وكنا معه حين أسقطهم كحكام مستبدين. نحن في الموقع المنطقي والطبيعي جدا. ثم من يقولون عني إنني تحالفت معهم في الماضي في الانتخابات يتوقفون عند هذا الحد، ولا يتطرقون إلى انتخابات الرئاسة في 2012. حيث كنت مرشحا ومرسي كان مرشحا، ثم حين دخل مرسي الجولة الثانية (أمام الفريق أحمد شفيق)، طلب مرسي تأييدي، وأنا رفضت، مثلما رفضت تأييد شفيق.
وحين أصبح الإخوان في السلطة مرسي عرض علي موقع نائب رئيس الجمهورية، وأنا رفضت. ثم إن من أسقط الإخوان هو الشعب الذي كانت واجهته السياسية جبهة الإنقاذ، وأنا من الأطراف الرئيسة في تكوينها. كما كنا أحد أطراف تأسيس حركة تمرد وتأييدها ورعايتها. وكما نزلت في 25 يناير لإسقاط مبارك، نزلت في 30 يونيو لإسقاط مرسي. كل هذا شهادة على أننا ليس لدينا موقف مسبق. نحن عاملنا هؤلاء على أساس أنهم إذا أخلصوا لمشروع وطني فنحن معهم، وإذا خانوه، كما فعلوا، فنحن أول من يقف ضدهم.
* قيل أيضا بأنه كانت لك علاقة بنظام معمر القذافي ونظام صدام حسين، وهناك «صندوق أسود» عن هذه العلاقة. ما تعليقك على هذا؟
- أنا دافعت عن العراق في مواجهة العدوان الأميركي، وهذا شرف لي.. ودافعت عن ليبيا في مواجهة الحصار والقصف الذي تعرضت له (قبل عقدين)، وهذا واجبي كمصري وعربي. وأنا رجل أمضيت أربعين سنة في العمل العام، لم آخذ مليما من هذين النظامين. ثم إن هذين النظامين (نظام صدام ونظام القذافي) قد سقطا، ومن أسقطهما أميركا، وأصبح تحت أيديها الوثائق، فلماذا لا يخرجون أي ورقة ضدي؟ ثم حين كنت أدافع عن العراق وليبيا كنت معارضا واضحا للرئيس الراحل أنور السادات، والرئيس الأسبق مبارك، فلماذا لم تخرج أجهزتهما أي شيء عني. أنا أرى أن مثل هذا الكلام نوع من اللغو الصغير وحرب الشائعات. أنا في المواجهة. وسبق وقلت إن من لديه شيء ضدي فليذهب إلى القضاء. الغث كثير.. وفي كل انتخابات يتردد مثل هذا الكلام، ومع ذلك ينتخبني الناس. وفي انتخابات الرئاسة الماضية حصلت على خمسة ملايين صوت. الشعب يعرف من هم اللصوص. أنا لا أملك غير شقتي وقطعة أرض تركها لي والدي.



«حرب غزة»: مصر تواصل اتصالاتها لاستعادة التهدئة

وزيرة التضامن الاجتماعي بمصر خلال لقاء وزيرة الصحة الفلسطينية في القاهرة (مجلس الوزراء المصري)
وزيرة التضامن الاجتماعي بمصر خلال لقاء وزيرة الصحة الفلسطينية في القاهرة (مجلس الوزراء المصري)
TT

«حرب غزة»: مصر تواصل اتصالاتها لاستعادة التهدئة

وزيرة التضامن الاجتماعي بمصر خلال لقاء وزيرة الصحة الفلسطينية في القاهرة (مجلس الوزراء المصري)
وزيرة التضامن الاجتماعي بمصر خلال لقاء وزيرة الصحة الفلسطينية في القاهرة (مجلس الوزراء المصري)

تواصل مصر اتصالاتها لاستعادة التهدئة في قطاع غزة. وشدد مصدر أمني مصري، الجمعة، على أن «القاهرة تسعى حالياً إلى استعادة الهدوء، وإقرار الهدنة ثانية، والعمل على إعادة الأوضاع لتمهيد الطريق لإعادة إحياء عملية السلام من جديد». في حين طالب الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي بـ«ضرورة وقف إطلاق النار، والتوسع في إدخال المساعدات الإنسانية للقطاع، فضلاً عن الجهود المصرية لاستقبال المصابين الفلسطينيين، وإجلاء الرعايا الأجانب». وأكد السيسي، الجمعة، ضرورة «توفير الحماية اللازمة للمدنيين، مع السعي إلى إيجاد الأفق السياسي الملائم للتوصل إلى حل عادل وشامل للقضية الفلسطينية».

وخلال الأيام الماضية ازدادت وتيرة زيارة مسؤولين أوروبيين إلى القاهرة، إذ استقبل السيسي نظيرته المجرية كاتالين نوفاك، ووزيري خارجية سلوفينيا والبرتغال، ورئيسي الوزراء الإسباني والبلجيكي، ووفق بيانات سابقة للرئاسة المصرية، ركزت تلك اللقاءات على «جهود وقف إطلاق النار في قطاع غزة، والمساعي لإطلاق حلول سياسية للقضية الفلسطينية».

السيسي وماكرون توافقا خلال لقاء في دبي على أهمية إيجاد حلول عاجلة للأزمة (الرئاسة المصرية)

وتوافق السيسي والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، خلال لقاء جمعهما، الجمعة، على هامش أعمال «الدورة الـ28 لمؤتمر أطراف اتفاقية الأمم المُتحدة الإطارية لتغير المناخ» في دبي، على «أهمية إيجاد حلول عاجلة للأزمة الجارية، والتحرك لضمان نفاذ المساعدات الإنسانية، مع تأكيد أهمية البدء في عملية سياسية شاملة بهدف الوصول إلى تسوية عادلة للقضية الفلسطينية على أساس حل الدولتين وفقاً للمرجعيات الدولية ذات الصلة». كما توافق السيسي ورئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك، خلال لقاء جمعهما في دبي، على خطورة الوضع الحالي، لا سيما في ظل التبعات غير المحسوبة لتوسيع دائرة الصراع على استقرار المنطقة.

ومن جهته، قال مصدر أمني مصري، الجمعة، إن «مصر أجرت اتصالات عاجلة مع الجانبين الإسرائيلي والفلسطيني فور تجدد الهجمات الإسرائيلية». ووفق وكالة الأنباء الألمانية نقلاً عن المصدر المصري، الجمعة، فإن «مصر وقطر نسقتا بعد بدء الهجمات الإسرائيلية مباشرة، وأُجريت اتصالات مع كل الأطراف المعنية بتطبيق الهدنة ومراقبتها والتوسط فيها وعلى رأسها الولايات المتحدة الأميركية، التي انضمت إلى مصر وقطر في التوسط، بطلب التوقف الإسرائيلي عن الهجمات، والعمل على إعادة الالتزام بالهدنة التي كانت معلنة، والتي كانت تسير بصورة جيدة في كل الالتزامات من كل الأطراف في الهدنة». وأكد المصدر أن «الاتصالات التي كانت تجرى حتى مساء الخميس كانت في إطار تجديد الهدنة لأيام أخرى، أو على الأقل يومين بنفس شروط تبادل الأسرى بين الجانبين، ودخول المساعدات الإنسانية والوقود إلى قطاع غزة».

ناقلة جنود مدرعة إسرائيلية تشق طريقها إلى قطاع غزة (إ.ب.أ)

إلى ذلك، أكدت وزيرة التضامن الاجتماعي بمصر، نيفين القباج، أن «موقف مصر ثابت وواضح إزاء الأوضاع في قطاع غزة والتضامن الكامل مع القضية الفلسطينية»، مشددة على أن الحقيقة أصبحت واضحة أمام العالم أجمع «إزاء ما يحدث على الأراضي الفلسطينية من جرائم ترتكب ضد الإنسانية»، جاء ذلك خلال لقاء القباج مع وزيرة الصحة الفلسطينية، مي الكيلة، بمقر وزارة التضامن الاجتماعي بالعاصمة الإدارية الجديدة، الجمعة، بحضور عدد من المسؤولين الفلسطينيين. ووفق إفادة لـ«مجلس الوزراء المصري» شهد اللقاء مناقشة المساعدات الإنسانية والإغاثية المقدمة للجانب الفلسطيني، واحتياجات الفلسطينيين خلال الفترة المقبلة، وكذلك آليات التعاون بين الجانبين المصري والفلسطيني إزاء ما يشهده قطاع غزة من تردٍّ للأوضاع الإنسانية في ضوء الاحتياجات والمعطيات القائمة.

وأوضحت وزيرة التضامن الاجتماعي بمصر أن «إجمالي المساعدات التي دخلت القطاع تزيد على 40 ألف طن، تمثل مساعدات الجانب المصري النسبة الكبرى بها، حيث قدمت مصر منها نحو 22 ألف طن من مساعدات إغاثية وإنسانية وطبية لأهالي قطاع غزة، وهي أكبر دولة قدمت مساعدات لأهالي قطاع غزة منذ اندلاع الأزمة، تليها المنظمات الدولية، ثم مساهمات بقية الدول، حيث تتضمن المساعدات المواد الغذائية والإغاثية والأدوية والوقود... وغيرها». وأضافت أن «مصر استقبلت الجرحى والمصابين القادمين من قطاع غزة لتلقي العلاج في المستشفيات المصرية، كما استقبلت مستشفيات العريش والقاهرة أطفال غزة حديثي الولادة لتلقي العلاج».


ما فُرص الوساطة المصرية - القطرية في استئناف الهدنة؟

مسعفون فلسطينيون يبحثون عن ناجين تحت أنقاض مبنى بعد القصف الإسرائيلي في رفح بجنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)
مسعفون فلسطينيون يبحثون عن ناجين تحت أنقاض مبنى بعد القصف الإسرائيلي في رفح بجنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)
TT

ما فُرص الوساطة المصرية - القطرية في استئناف الهدنة؟

مسعفون فلسطينيون يبحثون عن ناجين تحت أنقاض مبنى بعد القصف الإسرائيلي في رفح بجنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)
مسعفون فلسطينيون يبحثون عن ناجين تحت أنقاض مبنى بعد القصف الإسرائيلي في رفح بجنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)

بالكاد صمدت «الهدنة الإنسانية» الأولى في غزة التي تم التوصل إليها بوساطة مصرية - قطرية – أميركية لأسبوع، وبعد رفض إسرائيل تمديداً جديداً للهدنة، استأنفت قوات الاحتلال قصفها للقطاع الفلسطيني، الجمعة، ورغم ذلك أكدت القاهرة والدوحة أن المفاوضات بشأن تمديد الهدنة الإنسانية في قطاع غزة «متواصلة».

وحذر خبراء من خطورة انتقال الحرب الإسرائيلية على غزة لمراحل «أكثر تقدما وخطورة» بوصولها إلى جنوب القطاع المتكدس بسكانه والنازحين إليه من المناطق الشمالية، ما يستوجب - بحسبهم - ممارسة «ضغوط أكبر عربيا وأميركيا لدفع تل أبيب إلى التجاوب مع جهود التهدئة».

وكانت الهدنة الإنسانية في قطاع غزة، قد دخلت حيز التنفيذ الساعة السابعة من صباح الجمعة 24 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، ولمدة أربعة أيام؛ حيث جرى تمديدها لثلاثة أيام إضافية، بعد عدوان إسرائيلي متواصل منذ 7 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وأسفر عن استشهاد أكثر من 15 ألف فلسطيني، بينهم 6150 طفلاً، وأكثر من 4 آلاف امرأة، إضافة إلى أكثر من 36 ألف جريح، في حصيلة مرشحة للزيادة عقب استئناف أعمال القتال. وقد سمحت الهدنة بتبادل عشرات المحتجزين في غزة بأسرى فلسطينيين من سجون الاحتلال، وتسهيل دخول المساعدات الإنسانية والوقود للقطاع المحاصر.

من جانبها، أعربت قطر عن أسفها الشديد «لاستئناف العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة» إثر انتهاء الهدنة دون التوصل لاتفاق على تمديدها، وأكدت استمرار الجهود بهدف العودة إلى حالة الهدنة. وقالت الخارجية القطرية، في بيان لها الجمعة، إن المفاوضات بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي مستمرة بهدف العودة إلى حالة الهدنة، كما أوضحت أن قطر ملتزمة مع شركائها في الوساطة باستمرار الجهود التي أدت إلى الهدنة الإنسانية، ولن تتوانى عن القيام بكل ما يلزم للعودة إلى التهدئة. وشدد البيان على أن استمرار القصف على قطاع غزة في الساعات الأولى بعد انتهاء الهدنة «يعقد جهود الوساطة ويفاقم الكارثة الإنسانية في القطاع»، ودعا المجتمع الدولي إلى سرعة التحرك لوقف القتال.

وقال المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي للإعلام العربي، أفيخاي أدرعي، الجمعة، إن «(حماس) خرقت الاتفاق وقامت بإطلاق القذائف نحو الأراضي الإسرائيلية»، معلنا أن الجيش الإسرائيلي «قام بإعادة تفعيل النيران في مواجهة حماس في قطاع غزة».

من جانبها، حمّلت حركة «حماس» إسرائيل مسؤولية استئناف الحرب. وقالت في بيان، الجمعة، إن الاحتلال «يتحمل مسؤولية استئناف الحرب والعدوان النازي على قطاع غزة، بعد رفضه طوال الليل التعاطي مع كل العروض للإفراج عن محتجزين آخرين».

وقال الدبلوماسي الفلسطيني السابق، بركات الفرا، إن نهج الهدن المؤقتة «لم يعد مجديا» في ظل التكلفة الإنسانية الباهظة التي يتسبب فيها العدوان الإسرائيلي على غزة، والمتوقع أن تزداد مع استهداف الاحتلال لمناطق جنوب القطاع المكتظة بالسكان والتي تضاعفت الأعداد بها جراء حركة النزوح إليها من الشمال. وأكد الفرا لـ«الشرق الأوسط» أن الإسرائيليين كانوا «مُصرين منذ البداية على خرق الهدنة، رغم أن أهدافهم في القطاع غامضة، وليس لديهم تصور واضح لليوم التالي لوقف الحرب». وعدّ الفرا أن «إصرار اليمين المتطرف في إسرائيل على الذهاب بعيدا في مشروعه الدموي سيضع مزيدا من العراقيل أمام جهود الوساطة المصرية - القطرية».

من جهته، أكد مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق، حسين هريدي، لـ«الشرق الأوسط»، أن استئناف الحرب يمثل أولوية بالنسبة للحكومة الإسرائيلية، عادّا الهجوم على غزة «الورقة الأخيرة» بيد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو للحفاظ على صمود الائتلاف الحكومي والبقاء في السلطة لأطول فترة ممكنة، حتى لو كان الثمن سفك مزيد من دماء الفلسطينيين. ويرى هريدي أن هناك تراجعا ملحوظا في الدعم الأميركي للمواقف الإسرائيلية وبخاصة رغبة عناصر اليمين في استئناف العدوان على غزة، وتحذيرات مسؤولين بارزين في الإدارة الأميركية من أن الاستمرار في الحرب لا يخدم سوى «حماس»، وذهب الفرا إلى أن الموقف الأميركي لا يتجاوز كونه «مسكنات خطابية» للحفاظ على المصالح الأميركية مع الدول العربية.

في السياق، اتفق الفرا وهريدي، الجمعة، على أن المرحلة المقبلة «تتطلب تحركا عربيا مغايرا، ومنسوبا أعلى من الضغط على الولايات المتحدة ومن ثم على إسرائيل». ويرى الفرا أهمية «التلويح بورقة المصالح الاقتصادية»، مؤكداً أن لدى الولايات المتحدة مصالح اقتصادية وأمنية كبرى مع الدول العربية يجب أن تؤخذ في الاعتبار. فيما أشار هريدي إلى أهمية أن «تدعم الضغوط العربية جهود الوساطة المصرية - القطرية، ومن بين تلك الضغوط التزام الدول العربية التي لديها علاقات بإسرائيل بمخرجات القمة العربية - الإسلامية الطارئة في الرياض، عبر التلويح بتجميد العلاقات الدبلوماسية مع تل أبيب في حالة الاستمرار في العدوان على غزة ورفض وقف إطلاق النار».

كانت القمة العربية - الإسلامية المشتركة الطارئة التي استضافتها الرياض الشهر الماضي، شددت على ضرورة «وقف العدوان وكسر الحصار على قطاع غزة». وتبنت القمة ضمن قراراتها دعوة الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي، وجامعة الدول العربية «لممارسة الضغوط الدبلوماسية والسياسية والقانونية واتخاذ أي إجراءات رادعة لوقف جرائم سلطات الاحتلال الاستعمارية ضد الإنسانية».


هيئات حوثية تنفق 70 مليون دولار لدعم الأتباع وتغذيتهم

مؤسسات حوثية مستحدثة تطلق حزمة مشروعات لمصلحة الأتباع (إعلام حوثي)
مؤسسات حوثية مستحدثة تطلق حزمة مشروعات لمصلحة الأتباع (إعلام حوثي)
TT

هيئات حوثية تنفق 70 مليون دولار لدعم الأتباع وتغذيتهم

مؤسسات حوثية مستحدثة تطلق حزمة مشروعات لمصلحة الأتباع (إعلام حوثي)
مؤسسات حوثية مستحدثة تطلق حزمة مشروعات لمصلحة الأتباع (إعلام حوثي)

أنفقت هيئات حوثية ما يعادل 70 مليون دولار على تنفيذ حزمة مشروعات تغذوية وصحية ونقدية تستفيد منها عائلات القتلى والجرحى والمفقودين وبقية أتباع الجماعة، دون غيرهم من اليمنيين، وفق ما أكدته مصادر مطلعة في صنعاء لـ«الشرق الأوسط».

جاء ذلك بالتوازي مع تحذيرات أممية من ارتفاع معدلات انعدام الأمن الغذائي في اليمن مع حلول الأشهر الأولى من العام المقبل، وتوقع تسجيل إضافة نحو مليون شخص إلى قائمة الأشخاص الأشد احتياجاً لمختلف المساعدات بحلول مايو (أيار) المقبل.

الجماعة دشنت مشروعات متنوعة ذهب الجزء الأكبر منها للموالين (إعلام حوثي)

وحسب المصادر اليمنية في صنعاء، خصصت الجماعة الحوثية عبر ما تسمى هيئات «الزكاة» و«الأوقاف» و«رعاية أسر الشهداء» خلال الفترة من سبتمبر (أيلول) حتى منتصف نوفمبر (تشرين الثاني) الماضيين، سلسلة برامج يستفيد منها الأتباع دون غيرهم من اليمنيين الفقراء والنازحين.

وذكرت المصادر أن هيئة رعاية أسر قتلى الجماعة خصصت أخيراً ما يعادل 4 ملايين و193 ألف دولار لعدد 55.590 شخص من ذوي القتلى والمفقودين تحت مسمى «الكفالة النقدية» لشهري أكتوبر (تشرين الأول) ونوفمبر (تشرين الثاني) الماضيين، إضافة إلى توزيع مبالغ نقدية أخرى بالتزامن مع احتفال الجماعة بما تسمى ذكرى «أسبوع الشهيد».

كانت هيئة رعاية ذوي القتلى أعلنت عن الانتهاء من تجهيزاتها لإطلاق مشروعات جديدة يستفيد منها آلاف الأشخاص من ذوي القتلى المفقودين، في حين أكدت المصادر في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، أن معظم عائلات قتلى الجماعة المستفيدة من كل الامتيازات هي مِن المنتمين إلى السلالة الحوثية، ومن العقائديين المنتمين إلى محافظة صعدة.

إلى ذلك قامت الهيئة الحوثية نفسها بتدشين «مشروع تغذوي واسع» يستهدف الأتباع دون غيرهم من اليمنيين، بالشراكة مع هيئتي الزكاة والأوقاف بتكلفة تصل إلى 3 ملايين و132 ألف دولار لتوفير 69 ألفاً و372 سلة غذائية مخصصة للأتباع.

مبنى فرع هيئة الزكاة المستحدثة حوثياً في محافظة إب اليمنية (الشرق الأوسط)

وحسب وسائل إعلام الجماعة، ساهمت هيئة الزكاة بذلك المشروع المزعوم بنسبة 60 في المائة، أي بنحو 40 ألف سلة غذاء، في حين ساهمت مؤسسة القتلى بنسبة 15 في المائة بعدد 10 آلاف سلة، كما ساهمت هيئة أوقاف الجماعة بنسبة 6 في المائة لعدد 4 آلاف سلة، بينما تكفلت مؤسسات حوثية أخرى مستحدثة بتمويل ما تبقى من المشروع.

الإنفاق الحوثي على الأتباع جاء بالتوازي مع اتهامات وجهها عاملون إغاثيون في صنعاء لقادة الجماعة بمواصلة سرقة المساعدات المقدمة من منظمات ومن فاعلي خير للفقراء والنازحين بمناطق سيطرتها، إلى جانب استمرار فرق ميدانية تتبع هيئة الزكاة المستحدثة بشن حملات ميدانية تستهدف ملاك شركات قطاع خاص وعقارات وأراضٍ من أجل جباية مزيد من الأموال.

حرمان من الغذاء

لم يقف مسلسل استئثار الجماعة الحوثية بالأموال والموارد لمصلحة الأتباع عند هذا الحد فحسب، إذ سبق للقيادي في الجماعة ورئيس ما يسمى المجلس الأعلى مهدي المشاط، أن افتتح في أواخر سبتمبر (أيلول) الماضي، في صنعاء، حزمة مشروعات تغذوية ونقدية جديدة مقدمة من «هيئة الزكاة» الحوثية، وتم توزيع معظمها على الأتباع بقيمة تصل إلى نحو 64 مليوناً و160 ألف دولار.

وتشمل هذه المشروعات، وفق القيادي الحوثي أبو نشطان المعين رئيساً لهيئة الزكاة، توفير سلال غذاء ومساعدات نقدية، حيث يذهب الجزء الأكبر منها لمصلحة أتباع الجماعة في محافظات صعدة وصنعاء وإب والضالع وذمار وتعز.

تخفف مساعدات التجار من الحالة الإنسانية الصعبة لآلاف اليمنيين (الشرق الأوسط)

وكانت تقارير يمنية كشفت في أوقات سابقة عن تنامي حجم الفساد والعبث الذي تمارسه الجماعة داخل أروقة ما تُسمى «هيئة الزكاة» وهيئات مستحدثة أخرى.

واتهمت التقارير قيادات في الجماعة تتولى مهام إدارة شؤون تلك الهيئات المستحدثة وغير الشرعية بالتورط بشكل مباشر وغير مباشر في ارتكاب سلسلة من المخالفات المالية وجرائم فساد وعبث كبرى.

وفي تقرير حديث لها، توقعت شبكة نظام الإنذار المبكر بالمجاعة ارتفاع معدلات انعدام الأمن الغذائي في اليمن مع حلول الأشهر الأولي من العام المقبل.

وأفادت الشبكة بأن أزمة انعدام الأمن الغذائي في اليمن ستزداد تفاقماً في العام المقبل، بزيادة نحو مليون شخص إلى قائمة المحتاجين للمساعدات الغذائية بحلول مايو 2024.

وأشارت الشبكة إلى أنه مع حلول مايو 2024، سيصبح ما بين 18 - 19 مليون شخص يمنية بحاجة لمساعدات غذائية عاجلة، مقارنة بـ17 - 18 مليون شخص في نوفمبر (تشرين الثاني) الجاري.


أعضاء نادي المعلمين في صنعاء مهددون بالسجن رداً على تصعيدهم النقابي

تجبي الجماعة الحوثية أموالاً ضخمة لكنها ترفض صرف رواتب الموظفين (إ.ب.أ)
تجبي الجماعة الحوثية أموالاً ضخمة لكنها ترفض صرف رواتب الموظفين (إ.ب.أ)
TT

أعضاء نادي المعلمين في صنعاء مهددون بالسجن رداً على تصعيدهم النقابي

تجبي الجماعة الحوثية أموالاً ضخمة لكنها ترفض صرف رواتب الموظفين (إ.ب.أ)
تجبي الجماعة الحوثية أموالاً ضخمة لكنها ترفض صرف رواتب الموظفين (إ.ب.أ)

‏هدّدت الجماعة الحوثية في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء، قيادة نادي المعلمين والمعلمات بالسجن إذا لم يتوقفوا عن قيادة الاحتجاجات المطالبة بصرف رواتب المعلمين المقطوعة منذ ما يزيد على 7 أعوام، كما اعتقلت نجل نائبة رئيس النادي حياة منصر وساوموها بين إطلاق سراحه وترك موقعها في النادي الذي يتولى قيادة الاحتجاجات منذ بداية العام الدراسي الحالي.

ووفق مصادر في النادي، فإن الحوثيين اختاروا مواجهة تصعيد المعلمين احتجاجاتهم المطالبة بصرف المرتبات وإطلاق رئيس النادي والأمين العام وقياديين في محافظتي المحويت وريمة.

اعتقل الحوثيون نجل نائبة رئيس نادي المعلمين لإرغامها على الاستقالة إلا أنها رفضت (نادي المعلمين)

وتولت أجهزة أمن الجماعة مهمة تهديد قيادة النادي والمعلمين المشاركين في الإضراب العام، حيث اعتقل بعضهم كما تلقى آخرون تهديدات بالسجن إذا استمروا في نشاطهم، وتلقت المعلمات تهديدات باعتقال أقاربهن إذا لم يتوقفن عن المشاركة في قيادة النادي وفروعه والدعوة للإضراب.

وقالت المصادر لـ«الشرق الأوسط» إنه وبينما كانت قيادة النادي تطالب بالإفراج عن رئيسه عبد القوي الكميم والأمين العام وبقية القيادات الذين اعتقلوا على خلفية مطالبتهم برواتبهم، فوجئوا بتزايد الضغوط والملاحقات واعتقال أقارب بعض القيادات النسائية في النادي لحمل أمهاتهم وأقاربهم على التخلي عن مطالبهم وإجبارهم على الاستقالة من عضوية النادي.

‏وأكدت المصادر أن مخابرات الحوثيين اعتقلت عبد الخالق الحماطي نجل حياة منصر نائبة رئيس النادي، لإرغامها على التخلي عن قيادة النادي، والكف عن المطالبة برواتب المعلمين.

تعهد بمواصلة الإضراب

‏ تعهدت نائبة رئيس نادي المعلمين حياة منصر بالاستمرار في موقعها والمشاركة في الإضراب، وأكدت في رسالة وجهتها إلى كل قيادات وأعضاء نادي المعلمين والمعلمات أن انتماء أي معلم للنادي ليس جريمة، وأن تهديد المعلمات بشكل شخصي أو عبر أزواجهن وأبنائهن عمل يجرمه القانون اليمني، وطالبت من النائب العام الحوثي التحقيق في التهديدات التي يتعرض لها المعلمون. ‏

اللجنة التحضيرية لنادي المعلمين والمعلمات اليمنيين في أحد اجتماعاتها (نادي المعلمين)

ودعت نائبة رئيس النادي المعلمين والمعلمات إلى إرسال الأرقام والأسماء التي قامت بتهديدهم أو استدعتهم إلى مقر جهاز الأمن والمخابرات الحوثي، حتى تتمكن قيادة النادي من متابعة ذلك بشكل جماعي لدى الجهات المختصة.

وجدّدت التأكيد على مشروعية مطالب المعلمين، وقالت إنهم مستمرون في مطالبة النائب العام الحوثي بالإفراج عن رئيس نادي المعلمين ومن معه من القيادات وبقية المعلمين الذين تم اعتقالهم بسبب المشاركة في الاحتجاجات المطالبة بصرف الرواتب المقطوعة منذ ما يزيد على 7 أعوام.

وذكرت منصر أن النائب العام الحوثي نفى وجود تكليف لأجهزة أمن الجماعة لتهديد أعضاء نادي المعلمين ومطالبتهم بالانسحاب منه، واتهمت هذه العناصر بالعمل لصالح من وصفتهم بـ«بعض المتنفذين» وأكدت أنه إذا كان لديهم تكليف من جهة عملهم لتهديد أعضاء نادي المعلمين والمعلمات فإن ذلك جريمة وفقاً للقانون اليمني لأن انتماء أي معلم أو معلمة إلى النادي ليس جريمة.

وكشفت عن استدعاء بعض المعلمين إلى جهاز الأمن والمخابرات الحوثي ورأت في ذلك «تكميماً للأفواه وابتزازاً وتهديداً علنياً» وقالت إن جميع أعضاء اللجنة التحضيرية للنادي في كل المحافظات تلقوا تهديدات وطلب منهم الاستقالة.

وجددت منصر مطالبتها بالتحقيق مع الأشخاص الذين اتصلوا بالمعلمين وأعضاء اللجنة التحضرية وهددوهم بسبب عضويتهم في النادي وجزمت أن المعلمين «أسسوا جهة اعتبارية قانونية مشروعة».

ضغوط وتهديدات

كان مكتب التربية والتعليم في العاصمة المختطفة قد استدعى قبل ذلك القيادية حياة منصر وتم اتهامها بالعمل على شق صفوف العاملين في قطاع التعليم بسبب مطالبتها بصرف رواتبهم المقطوعة منذ سنوات، وذكرت اللجنة الإعلامية بنادي المعلمين أنها حوّلت جلسة التحقيق إلى محاكمة لقيادة المكتب لأن المطالبة بالمرتبات حق قانوني لا يمكن التخلي عنه، ورفضت تحرير تعهد بعدم العودة للعمل في قيادة النادي.

أدى الإضراب المتواصل إلى تعطل العملية التعليمية في المدارس العامة الخاضعة للحوثيين (نادي المعلمين اليمنيين)

ووفق المصادر، فإنّ قيادة المكتب هدّدت منصر بإلغاء قرار تعيينها موجهة في قطاع التوجيه، إلا أنها ردت وقالت إنها ستلجأ إلى القضاء لإلغاء أي قرار تعسفي يصدر بحقها، بينما وجّه معلمون انتقادات حادة لهذه الإجراءات.

وذكر منصور، وهو معلم في صنعاء، أن الحوثيين قطعوا المرتبات وينعمون بالخيرات ويستحوذون على الأموال العامة ويغدقون على أنفسهم وأتباعهم ومن ثم يتهمون المطالبين برواتبهم بالارتزاق.

ويتفق معه في ذلك علي، وهو معلم في محافظة إب، ويقول إنه بدلاً من الاستجابة لمطالب المعلمين والموظفين عموماً بصرف رواتبهم المقطوعة منذ ما يزيد على 7 أعوام، ذهبوا لادعاء بطولات واختطاف سفينة تجارية، واعتبروا ذلك انتصاراً يمنع معه على الجوعى الحديث عن رواتبهم.

وأضاف: «خلال أكثر من 15 سنة منذ تمرد الحوثيين وجميع ضحاياهم من اليمنيين الذين دُمرت مساكنهم ونُهبت ممتلكاتهم وشُردوا من مناطقهم ومن تبقى في مناطق سيطرتهم قُطعت رواتبهم ويواجهون الموت جوعاً أو بالأمراض الفتاكة».

ومنذ أربعة أشهر يقود المعلمون اليمنيون انتفاضة موظفي القطاع العام لمطالبة الحوثيين بصرف رواتبهم أسوة بالقيادات والتشكيلات التي تحكم في تلك المناطق، مثل ما يسمى «المجلس السياسي» ومكتب رئاسة الجمهورية أو الحكومة غير المعترف بها وما يسمى مجلس النواب ومثله ما يسمى مجلس الشورى، بينما الموظفون، وبينهم عشرات الآلاف من المعلمين، ملزمون بالعمل دون الحصول على المرتبات.


«سرايا القدس» تؤكد مقتل اثنين من قيادييها في الضفة الغربية

جانب من الدمار الذي سببته غارة إسرائيلية في مخيم جنين بالضفة الغربية (أ.ف.ب)
جانب من الدمار الذي سببته غارة إسرائيلية في مخيم جنين بالضفة الغربية (أ.ف.ب)
TT

«سرايا القدس» تؤكد مقتل اثنين من قيادييها في الضفة الغربية

جانب من الدمار الذي سببته غارة إسرائيلية في مخيم جنين بالضفة الغربية (أ.ف.ب)
جانب من الدمار الذي سببته غارة إسرائيلية في مخيم جنين بالضفة الغربية (أ.ف.ب)

أعلنت «كتيبة جنين» التابعة لسرايا القدس، الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي، اليوم الخميس مقتل اثنين من قيادييها في الضفة الغربية.

وبحسب «وكالة أنباء العالم العربي»)، أوضحت «كتيبة جنين» في بيان أن القياديين هما محمد الزبيدي ووسام حنون اللذان أعلنت إسرائيل أمس قتلهما في عملية أمنية بمخيم جنين.


«هدن متوالية» في غزة... لماذا لا تتوقف الحرب؟

نتنياهو يستقبل وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن في القدس الخميس (إ.ب.أ)
نتنياهو يستقبل وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن في القدس الخميس (إ.ب.أ)
TT

«هدن متوالية» في غزة... لماذا لا تتوقف الحرب؟

نتنياهو يستقبل وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن في القدس الخميس (إ.ب.أ)
نتنياهو يستقبل وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن في القدس الخميس (إ.ب.أ)

يبدو أن توالي «الهدن» اليومية في غزة، لا يزال غير كافٍ للإعلان عن اتفاق نهائي بوقف الحرب، إذ ثمة «عراقيل إسرائيلية»، و«لاءات حمساوية»، تُبعد الوصول إلى وقف دائم لإطلاق النار في القطاع، الذي يعاني دماراً واسعاً ومأساة إنسانية، جراء قصف وحصار إسرائيلي، دام نحو شهر ونصف، منذ السابع من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.

ولا يعد إنهاء الحرب في غزة هدفاً إسرائيلياً راهناً، حسب مراقبين تحدثوا إلى «الشرق الأوسط»، عدّوا مثل هذا الإعلان قد يوصف داخلياً في إسرائيل بأنه «هزيمة»، بينما صيغة «الهدن»، هو التعبير «الأكثر ملاءمة» لجميع الأطراف.

وفي الساعات الأولى من صباح الخميس، توصلت إسرائيل وحركة المقاومة الفلسطينية (حماس) إلى اتفاق على تمديد وقف إطلاق النار ليوم سابع. فيما لا يزال مفاوضون مصريون وقطريون يضغطون من أجل تمديد جديد، سيصبح الرابع من نوعه، ويشمل الإفراج عن مزيد من المحتجزين، وزيادة إيصال المساعدات الإنسانية لقطاع غزة، حسب «الهيئة العامة للاستعلامات» في مصر.

ومنذ بداية الهدنة يوم الجمعة الماضية، أطلق مقاتلو «حماس» حتى الآن سراح 97 رهينة، منهم 70 امرأة وطفلاً إسرائيلياً، في مقابل إطلاق سراح ثلاث نساء وفتيات فلسطينيات لكل رهينة إسرائيلية، بالإضافة إلى 27 من الرهائن الأجانب الذين أُطلق سراحهم في اتفاقيات موازية مع حكوماتهم.

ووفق وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، الذي وصل إسرائيل، الخميس، فإن الهدنة، بين إسرائيل و«حماس»، «تؤتي نتائج»، وأعرب عن أمله في أن «تستمر».

وتضغط مصر، ومعها قطر، من أجل التوصل إلى وقف كامل لإطلاق النار في غزة، يعقبه بدء ترتيبات أكبر من أجل إحلال السلام، لكنَّ هذه المساعي «تتعارض مع أهداف إسرائيل»، حسب السفير محمد العرابي، رئيس المجلس المصري للشؤون الخارجية، الذي أكد لـ«لشرق الأوسط»، أن «إعلان وقف إطلاق النار حالياً في الداخل الإسرائيلي، هو بمثابة إعلان الهزيمة».

ويوضح العرابي أن «الهدن المتوالية تمنح الجيش الإسرائيلي فرصة لالتقاط الأنفاس، كما تخفف الضغط الشعبي عليه بالإفراج عن الأسرى، وفي نفس الوقت تحميه من ردة فعل غاضبة لدى المتشددين الذي يرفضون وقف الحرب».

واستضافت العاصمة القطرية الدوحة، الثلاثاء الماضي، اجتماعات أمنية رفيعة بمشاركة رئيس الموساد ديفيد برنياع، ومدير وكالة الاستخبارات الأميركية ويليام بيرنز، ورئيس المخابرات المصرية عباس كامل. ونقلت «وول ستريت جورنال»، عن مسؤولين مصريين قولهم إن هدف المباحثات كان «نقل المناقشات إلى ما هو أبعد من تمديد اتفاق الهدنة»، لكن يبدو أن الهدف تعذر تحقيقه حتى الآن.

وخلال المحادثات أُثير مقترح يقضي بإطلاق سراح كل الرهائن الإسرائيليين مقابل إطلاق سراح عدد ضخم من الأسرى الفلسطينيين، ووقف طويل لإطلاق النار في قطاع غزة. لكنَّ الرد الإسرائيلي جاء علنياً، خلال جلسة مجلس الأمن الدولي، الأربعاء، بعدما حدد غلعاد إردان، مندوب إسرائيل لدى الأمم المتحدة، شروط إنهاء الحرب في غزة، قائلاً إن «السلام يمكن تحقيقه في قطاع غزة على الفور إذا أطلقت (حماس) سراح جميع المحتجزين وسلَّمت جميع المشاركين في هجوم 7 أكتوبر».

ولا يستبعد العرابي، وهو وزير خارجية وسفير أسبق لمصر في تل أبيب، أن «تستأنف إسرائيل الحرب من جديد في غزة عقب انتهاء الهدن، التي ما زالت حالياً في مصلحة الجميع، لكن كلما اقتربت قوائم الأسرى من التقلص زادت فرص اشتعال الحرب مرة أخرى».

ويواجه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، انتقادات داخلية شديدة في ما يتعلق بوقف إطلاق النار. حيث هدد وزير الأمن القومي الإسرائيلي، إيتمار بن غفير، بحل الحكومة في حال التوصل لوقف شامل للحرب في غزة. كما عدّ وزير المالية بتسلئيل سموتريتش، وقف الحرب مقابل إطلاق سراح جميع المحتجزين في غزة «خطة للقضاء على إسرائيل»، مؤكداً ضرورة «القضاء على (حماس)».

وتسعى «حماس» إلى الحفاظ على بعض «الأسرى العسكريين» كورقة رابحة في المفاوضات، فيما قال مصدر مصري مطلع لـ«الشرق الأوسط»، إنه إلى جانب «حماس» فإن «ما يُعقّد أي صفقة هو وجود أسرى أيضاً لدى حركة الجهاد الإسلامي، التي لديها مطالب أكثر تشدداً من (لاءات حماس) تتعلق بإنهاء الاحتلال».

ووفق المصدر، ترفض الفصائل الفلسطينية مطالب إسرائيلية بتفكيك قدراتها العسكرية من أجل وقف الحرب، حيث تخشى تل أبيب من تكرار هجوم 7 أكتوبر الماضي.

والخميس، طلب الجناح العسكري لحركة «حماس» من مقاتليه في غزة، الاستعداد لاستئناف المعارك مع إسرائيل إذا لم تُمدَّد الهدنة المؤقتة. وقالت الحركة في بيان، إن «كتائب القسام تطلب من قواتها العاملة البقاء على جاهزية قتالية عالية في الساعات الأخيرة من التهدئة».

وسمحت الهدن المتتالية بدخول المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة الذي يقطنه 2.3 مليون نسمة، ويواجه «كارثة إنسانية ملحمية»، حسب أنطونيو غوتيريش الأمين العام للأمم المتحدة، الذي طالب –ومعه آخرون- بأن «يحل وقف إطلاق النار محل الهدنة المؤقتة».


موت كيسنجر يفجّر تساؤلات عن «كيسنجر العربي»

كيسنجر (حسابه على إكس)
كيسنجر (حسابه على إكس)
TT

موت كيسنجر يفجّر تساؤلات عن «كيسنجر العربي»

كيسنجر (حسابه على إكس)
كيسنجر (حسابه على إكس)

فجّر خبر رحيل وزير الخارجية الأميركية الأسبق هنري كيسنجر، تساؤلات على «السوشيال ميديا» حول إمكانية أن يكون هناك «كيسنجر العربي».

وتصدّر الخبر محركات البحث على «غوغل» ومنصة «إكس»، فبينما عدّ معلقون ومراقبون أن السياسي الراحل «دبلوماسي محنك» أو «صانع سلام»، وصفه آخرون بـ«مجرم حرب» مطلوب في دول بعينها.

وكان الإعلامي المصري عمرو أديب من ضمن المتفاعلين مع الخبر، وكتب على صفحته بمنصة «إكس»: «يسبّون كيسنجر بعد وفاته لأنه كان يفكر ويخطط ويهندس. هل منعنا أحد من التفكير والتخطيط؟ أين ذهب كيسنجر العربي؟ لماذا لم نعرف (كيسنجراً) فى حياتنا السياسية؟»، واختتم التدوينة بجملة: «بدلاً من سب كيسنجر فلنصنع مليون كيسنجر».

ورد عليه الدكتور محمد البرادعي، الرئيس الأسبق للوكالة الدولية للطاقة الذرية والسياسي المصري البارز، مدوناً: «بصرف النظر عن الخلاف بشأن آراء ومواقف كيسنجر كمفكر استراتيجي وسياسي، أود أن أطمئنك أن (كيسنجر العربي) لن يظهر إلا عندما يتوفر مناخ من الحرية يفرق بين النظام والوطن».

وتابع البرادعي: «أعرف الكثيرين كان يمكن أن يكونوا (كيسنجر العربي) أو بمعنى آخر مفكر استراتيجي عربي ولكنهم إما منزوون داخل بلادهم أو يعملون في الخارج فى مناخ يوفر لهم حرية التعبير وقبلها الكرامة الإنسانية».

لكن الكاتب والأكاديمي الدكتور مأمون فندي كان له رأي آخر في السياسي الأميركي الراحل؛ إذ قال في تدوينة على موقع «إكس»، إنه «درس السياسة طوال عمره، ولم يجد أي لمعة فكرية في كل ما كتبه كيسنجر».

وكتب الإعلامي المصري أحمد المسلماني على صفحته بمنصة «إكس» تحت عنوان «هنري كيسنجر... رحيل سياسي رديء» منشوراً يتضمن وجهة نظره، واختتمه بكلمات: «اليوم، وبعد مائة عام... رحل مجرم حرب اسمه هنري كيسنجر»

وأُعلنت وفاة وزير الخارجية الأسبق هنري كيسنجر عن عمر يناهز 100 عام في منزله في ولاية كونيتيكت (الأربعاء). بحسب بيان أصدرته شركة «كيسنجر أسوشيتس»، وهي شركة استشارات سياسية أسسها الدبلوماسي الراحل.

وقال الإعلامي أحمد المسلماني في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»: إن «تقدير هنري كيسنجر كرجل حرب أو رجل سلام يتوقف حسب الموقع الجغرافي»، وأوضح: «لو كنت في الصين هو رجل سلام، لو في الاتحاد السوفياتي السابق هو رجل سلام، لو في مصر هو رجل حرب ومجرم حرب، لو كنت في فيتنام أو أميركا اللاتينية فهو مجرم حرب». موضحاً أن «التعامل معه كرجل سلام فيه رؤية قاصرة».

ورأى المسلماني أن كيسنجر «الأكثر فاعلية في الشرق الأوسط، والأكثر فاعلية في الحرب والسلام في مصر»، مستدركاً: «لكن في تقديري هو شخص غير أخلاقي، بلا مبادئ».

وُلد هينز ألفرد كيسنجر (الذي أصبح اسمه هنري حين هاجر إلى الولايات المتحدة الأميركية) في مدينة فورت بولاية بافاريا بألمانيا، في 27 مايو (أيار) عام 1923، لأسرة تحترم التقاليد اليهودية، حيث كانت الأم يهودية، واضطروا إلى الهجرة عام 1938 بعد سيطرة النازيين على الحكم، وتوجه «آل كيسنجر» إلى لندن، ثم إلى الولايات المتحدة الأميركية. بحسب ما ورد في مذكرات هنري كيسنجر - الجزء الأول.

ووصف السفير صلاح عبد الصادق، مساعد وزير الخارجية المصرية للشؤون البرلمانية سابقاً، هنري كيسنجر بأنه «أسطورة دبلوماسية بالنسبة للأمريكيين»، وأشار في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «كيسنجر قبل أشهر قليلة ذهب إلى الصين، دون منصب رسمي، واستقبله الرئيس الصيني شي جينبينغ؛ تقديراً لدوره في إرساء السلام بين أميركا والصين في فترات سابقة»، وتابع: «إن الأمر نفسه ينطبق على دوره في العلاقات الأميركية - السوفياتية».

ولفت عبد الصادق إلى أن «كيسنجر حين تفاعل مع قضايا الشرق الأوسط والصراع العربي - الإسرائيلي خلال حرب أكتوبر (تشرين الأول) ومفاوضات السلام كان مشحوناً بكونه يهودياً بوضع مصالح إسرائيل في الحسبان». وأكد، أنه كان «نموذجاً غير متكرر بطول فترة حياته التي وصلت لمائة عام وفاعليته».

ورأى المسلماني، أن «من المنطقي أن يكون رحيل كيسنجر (ترند) على المستوى المصري والإقليمي والدولي»، لافتاً إلى ما قاله في أعقاب حرب أكتوبر من أنه «لولا أميركا لانهارت إسرائيل» عادّاً أن هذا الرجل «هو الذي منع انهيار الجيش الإسرائيلي في حرب أكتوبر 1973».


«حرب غزة»: جهود مصرية - قطرية مدّدت الهدنة يوماً… وتسعى للمزيد

شاحنات المساعدات عند معبر رفح الحدودي بين مصر وقطاع غزة خلال الهدنة المؤقتة بين حركة «حماس» وإسرائيل (رويترز)
شاحنات المساعدات عند معبر رفح الحدودي بين مصر وقطاع غزة خلال الهدنة المؤقتة بين حركة «حماس» وإسرائيل (رويترز)
TT

«حرب غزة»: جهود مصرية - قطرية مدّدت الهدنة يوماً… وتسعى للمزيد

شاحنات المساعدات عند معبر رفح الحدودي بين مصر وقطاع غزة خلال الهدنة المؤقتة بين حركة «حماس» وإسرائيل (رويترز)
شاحنات المساعدات عند معبر رفح الحدودي بين مصر وقطاع غزة خلال الهدنة المؤقتة بين حركة «حماس» وإسرائيل (رويترز)

تتواصل جهود مصر وقطر لتمديد الهدنة الإنسانية في قطاع غزة لمُدد إضافية أخرى، بعدما نجحت الاتصالات المصرية - القطرية، الأربعاء، في تمديد الهدنة ليوم إضافي واحد. تزامن ذلك مع استمرار دخول شاحنات الوقود والمساعدات للفلسطينيين عبر معبر رفح.

وقال رئيس مجلس الوزراء المصري، مصطفى مدبولي، الخميس، إنه «يتابع بشكل دائم موقف نفاذ المساعدات والوقود لقطاع غزة»، لافتاً إلى أن بلاده «قدمت النصيب الأكبر من المساعدات حتى الآن للفلسطينيين».

مصطفى مدبولي خلال اجتماع مجلس الوزراء المصري (الحكومة المصرية)

ودخلت هدنة إنسانية لأربعة أيام، تم التوصل إليها بوساطة قطرية - مصرية وبجهود أميركية بين حركة «حماس» وإسرائيل في قطاع غزة، حيز التنفيذ الجمعة الماضي؛ لتوقف حرباً إسرائيلية استمرت نحو 50 يوماً على القطاع، راح ضحيتها قرابة 15 ألف شخص وأكثر من 30 ألف جريح، وشملت «الهدنة» الإفراج عن المحتجزين الفلسطينيين والإسرائيليين، والسماح بدخول المساعدات والوقود للقطاع، وتم تمديد «الهدنة» بعد ذلك لمدة يومين إضافيين، وتكرر تمديد «الهدنة» ليوم واحد.

تمديد «الهدنة»

وأكد رئيس الهيئة العامة للاستعلامات في مصر، ضياء رشوان، أنه «تم تمديد الهدنة الإنسانية في قطاع غزة بجهود مصرية - قطرية مكثفة لمدة يوم واحد (الأربعاء)».

وقال رشوان، الخميس: إن «تلك الهدنة تتضمن حتى الآن، الاتفاق على الإفراج عن 10 من المحتجزين الإسرائيليين، والإفراج عن 30 فلسطينياً، مع استمرار تدفق المساعدات الإنسانية إلى شمال وجنوب قطاع غزة بالكميات نفسها المتفق عليها في أيام الهدنة الستة السابقة».

ووفق رئيس الهيئة العامة للاستعلامات، فإن «هناك اتصالات مصرية - قطرية مستمرة لتمديد الهدنة الإنسانية لمدة يومين إضافيين؛ سعياً لوقف إطلاق النار والإفراج عن مزيد الأسرى والمحتجزين وإدخال مساعدات إنسانية وإغاثية أكثر لقطاع غزة»، موضحاً أن «الجهود المصرية - القطرية المكثفة أسفرت عن تجاوز الكثير من العقبات التي كانت تواجه تنفيذ اتفاق الهدنة»، مؤكداً أن «مصر ستواصل بذل أقصى جهودها لضمان استمرار تدفق المساعدات الإنسانية إلى شمال وجنوب قطاع غزة».

مصابو غزة

في السياق، أشار مدبولي خلال اجتماع مجلس الوزراء المصري، الخميس، إلى دور مصر في تنفيذ اتفاق الهدنة الذي تم التوافق عليه بشراكة بين مصر وقطر والولايات المتحدة الأميركية، وتيسير نفاذ المُساعدات الإنسانية والمواد الإغاثية إلى قطاع غزة.

ولفت إلى مواصلة اللقاءات والاتصالات التي يقوم بها الرئيس عبد الفتاح السيسي مع الأطراف الدولية الفاعلة لطرح وجهة النظر المصرية، والدفع نحو «إيجاد تسوية للموقف في قطاع غزة»، مؤكداً أنه «يتابع موقف المصابين الذين يصلون إلى مصر من قطاع غزة، وتتولى مصر تقديم سبل الرعاية الطبية لهم، وكذا موقف الأطفال المبتسرين الذين تم استقبالهم في المشافي المصرية».

وخلال الأيام الماضية تزايدت وتيرة زيارة مسؤولين أوروبيين إلى القاهرة؛ إذ استقبل السيسي، الاثنين، نظيرته المجرية كاتالين نوفاك. كما استقبل السيسي، الأحد، وزيرَي خارجية سلوفينيا والبرتغال، واستقبل، الجمعة، رئيسَي الوزراء الإسباني والبلجيكي.

الرئيس المصري مستقبلاً نظيرته المجرية بالقاهرة (الرئاسة المصرية)

وبحسب بيانات سابقة للرئاسة المصرية، ركزت تلك اللقاءات على «جهود وقف إطلاق النار في قطاع غزة، والمساعي لإطلاق حلول سياسية للقضية الفلسطينية».

وشدد السيسي خلالها على أهمية «إدخال أكبر قدر ممكن من المساعدات الإغاثية إلى أهالي القطاع بما يلبي احتياجاتهم المعيشية، ويحد من حجم المعاناة الإنسانية الهائلة التي يشهدونها، مع ضمان عدم امتداد الصراع إلى الضفة الغربية».

مساعدات إنسانية

إلى ذلك، أعلن «الهلال الأحمر المصري»، الخميس، «دخول سبع شاحنات وقود تحمل 130 ألف لتر سولار و80 طن غاز من معبر رفح إلى قطاع غزة».

قافلة لـ«الهلال الأحمر المصري» تغادر معبر رفح بعد توصيل المساعدات (الهلال الأحمر المصري)

وقال رئيس فرع «الهلال الأحمر المصري» في شمال سيناء، خالد زايد، وفق ما أوردت وكالة «أنباء العالم العربي»: إن «شاحنات المساعدات الإنسانية والطبية بدأت في الدخول إلى غزة وتم عبور 200 شاحنة وفقاً لاتفاق الهدنة».

وأضاف زايد، أن «هناك نحو 400 شاحنة مساعدات تنتظر المرور للقطاع»، لافتاً إلى أن «خمسة مصابين فلسطينيين يرافقهم خمسة آخرون من أقاربهم نُقلوا من معبر رفح إلى مستشفى العريش العام».


اتهامات أممية للحوثيين بالتهريب وتعذيب الأطفال

استعراضات الحوثيين بهدف الابتزاز والهروب من مواجهة الاستحقاقات (إعلام حوثي)
استعراضات الحوثيين بهدف الابتزاز والهروب من مواجهة الاستحقاقات (إعلام حوثي)
TT

اتهامات أممية للحوثيين بالتهريب وتعذيب الأطفال

استعراضات الحوثيين بهدف الابتزاز والهروب من مواجهة الاستحقاقات (إعلام حوثي)
استعراضات الحوثيين بهدف الابتزاز والهروب من مواجهة الاستحقاقات (إعلام حوثي)

أكد التقرير السنوي الجديد لفريق الخبراء التابعين للجنة العقوبات في مجلس الأمن الدولي بشأن اليمن أن الحوثيين مستمرون في التصعيد العسكري لمواجهة المطالبات بصرف رواتب الموظفين المقطوعة منذ نهاية عام 2016، متهماً الجماعة بالاستمرار في تهريب الأسلحة، وتعذيب المعتقلين واغتصاب الأطفال.

التقرير الجديد ذكر أن الحوثيين وتحت ضغط إضرابات الموظفين في مختلف القطاعات للمطالبة بدفع رواتبهم، دأبوا على إصدار بيانات مهدِّدة «كورقة مساومة لتعزيز موقفهم في المحادثات الجارية، خصوصاً ما يتعلق بمسألة الرواتب».

يفرض الحوثيون على السكان عقيدتهم الطائفية بالقوة ويزجون بمعارضيهم في المعتقلات (إ.ب.أ)

ومن أجل الحصول على المزيد من التنازلات «ما فتئ الحوثيون أيضاً ينظمون عدة استعراضات عسكرية ومناورات بالذخيرة الحية لعرض قوتهم»، وفق التقرير.

وأكد فريق الخبراء أنه يساورهم «قلق بالغ إزاء حجم وطبيعة العتاد العسكري الذي عرضه الحوثيون» حيث لا تزال الجماعة ترفض الدخول في أي نوع من الحوار مع الحكومة اليمنية.

ووصف التقرير المطالب التي يقدمها الحوثيون شرطاً للموافقة على أي مقترحات سلام، بأنها تستند دائماً إلى اعتبارات اقتصادية في المقام الأول. وتشمل هذه المطالب رفع القيود المفروضة على ميناء الحديدة، ودفع الرواتب بما في ذلك رواتب أفراد الجيش وقوات الأمن، والحصول على حصة كبيرة من إيرادات النفط.

ورأى فريق الخبراء أن حل النزاع «المستعصي» في اليمن هو عملية طويلة الأمد، وأن التسوية السلمية الشاملة قد لا تكون ممكنة في المستقبل القريب. غير أنه عاد وقال إنه ينبغي تشجيع التوصل إلى اتفاقات بشأن عدد قليل من المسائل الأقل إثارة للجدل واستكمالها بتدابير أخرى لبناء الثقة من أجل المحافظة على الانفراج الحالي وتوسيع نطاقه.

استبعاد عودة الحرب الشاملة

الفريق الأممي أكد أنه وبالنظر إلى تدخل جهات فاعلة إقليمية ودولية، «يتضاءل احتمال انخراط الحوثيين في حرب شاملة أخرى»، على الرغم من التصريحات المهدِّدة. وقال إنهم سيواصلون بالأحرى سياساتهم التصعيدية «المحسوبة» وقد يزيدون من الهجمات على عدة جبهات لحل مشكلة دفع الرواتب. بيد أنهم سيلتزمون إجمالا بإطار التقارب السعودي - الإيراني.

استعراضات الحوثيين بهدف الابتزاز والهروب من مواجهة الاستحقاقات (إعلام حوثي)

ورأى الفريق أنه، وفي ظل الظروف الراهنة، قد يكون من مصلحة جميع الأطراف الاتفاق على وقف رسمي لإطلاق النار وحل المسائل العالقة، بما في ذلك المسائل المتعلقة بدفع الرواتب، واستئناف صادرات النفط من جانب الحكومة، وتخصيص الموارد.

وتحقيقاً لتلك الغاية اقترح الخبراء تجنب حدوث أي جمود في المحادثات الحالية، لأن ذلك، وفق رؤيتهم، يمكن أن يعني العودة إلى المواجهات العسكرية ووقوع المزيد من الخسائر بين المدنيين.

ووفق ما يراه الفريق فإن من المهم أن يعتمد أصحاب المصلحة المعنيون خطة متعددة المراحل تأخذ في الاعتبار متغيرات السياق. وينبغي أن تُعطى الأولوية في هذه المرحلة للتوصل إلى وقف رسمي لإطلاق النار. ومن ثم، سيكون من المهم الاتفاق على اعتماد تدابير تدريجية ومتبادَلة لبناء الثقة بشأن المسائل الأقل إثارة للجدل من أجل تحقيق الهدف.

تهريب الأسلحة

وبخصوص تهريب الأسلحة وانتهاك الحوثيين قرارات مجلس الأمن، ذكر تقرير الخبراء أنه خلال الفترة بين ديسمبر (كانون الأول) 2022 ويناير (كانون الثاني) 2023 صودرت عدة آلاف من البنادق الهجومية، وكمية كبيرة من الذخيرة، ومكونات منظومات مراقبة كهروبصرية وقذائف مُسيرة متوسطة المدى في المياه الدولية.

رغم انقضاء أكثر من عام ونصف على الهدنة استمر الحوثيون في تهريب الأسلحة (إكس)

وأكد التقرير أن جميع عمليات ضبط هذه الأعتدة، التي أكدتها تصريحات أدلى بها عدة مسؤولين حوثيين، «تُبيِّن أن هؤلاء يعززون بشكل كبير قدراتهم العسكرية البرية والبحرية»، بما في ذلك تحت الماء، فضلاً عن ترسانتهم من القذائف، والطائرات المُسيَّرة، في انتهاك لحظر الأسلحة».

ولاحظ الفريق وقوع انتهاكات واسعة النطاق لقرارات مجلس الأمن استُخدمت فيها أعتدة عسكرية، مثل القذائف المُسيَّرة والقذائف الانسيابية، والصواريخ المضادة للسفن، والطائرات المُسيَّرة الهجومية، والأجهزة المتفجرة اليدوية الصنع المنقولة بالماء ومئات المركبات الرباعية الدفع التي عُدلت لحمل منظومات أسلحة مختلفة عرضها الحوثيون خلال الاستعراضات العسكرية.

وحسب التقرير فقد جرى التركيز على المكونات المتاحة تجارياً التي يستخدمها كيانات أو أفراد (مدرجون في قائمة الجزاءات الموضوعة) في تركيب الطائرات المُسيَّرة والأجهزة المتفجرة اليدوية الصنع المنقولة بحراً والموجهة عن بُعد، وغيرها من منظومات الأسلحة التي عرضها الحوثيون خلال الاستعراضات العسكرية التي أُقيمت في الحديدة وصنعاء في سبتمبر (أيلول) 2022.

كما حقق الفريق الأممي في أربع حالات جديدة لتهريب الأسلحة والذخائر عن طريق البحر، بما في ذلك حالة تتعلق بمنظومة مراقبة كهروبصرية ومكونات قذائف مُسيَّرة متوسطة المدى، وتهريب محركات طائرات مُسيَّرة براً وكميات كبيرة من الصواعق والسلائف الكيميائية الخاصة بصنع المتفجرات.

صورة وزعها الحوثيون للسفينة الدولية «غلاكسي ليدر» المختطَفة منهم في البحر الأحمر (د.ب.أ)

الفريق حقق أيضاً في مركبتين لدفع الغواصين صادرتهما الحكومة في نوفمبر (تشرين الثاني) 2022، وحلَّل حطام قذيفة أطلقها الحوثيون على ميناء الضبة عام 2022، ولاحظ أن الحكومة نفّذت عشر عمليات مصادرة لأعتدة قيل إنها كانت موجهة إلى الحوثيين.

وذكر أنه صودرت أيضاً «الاسكوترات الغائصة»، ويستخدمها الغواصون بأجهزة تنفس وأفراد القوات العسكرية، إلى جانب تهريب الأسلحة الصغيرة، وما يتصل بها من ذخائر، والأجهزة الإلكترونية ومكونات القذائف، عن طريق البحر، التي صودرت.

اغتصاب وتعذيب

وثَّق فريق الخبراء الأمميين التابعين لمجلس الأمن الدولي في تقريرهم الأحدث، حالات تعذيب ارتكبها الحوثيون في مختلف مرافق الاحتجاز الرسمية وغير الرسمية، بما في ذلك السجن الواقع في معسكر الأمن المركزي في صنعاء، المعروف أيضاً باسم سجن «بيت التبادل»، الذي يُديره رئيس فريق الحوثيين في مفاوضات الأسرى، عبد القادر المرتضى.

يتعرض النساء والأطفال في معتقلات الحوثيين لضروب المعاملة السيئة والاغتصاب (إعلام حوثي)

خبراء مجلس الأمن جزموا دون مواربة بأن الحوثيين يسجنون النساء لأسباب مختلفة تتعلق بالنزاع، بما في ذلك انتمائهن المتصوَّر إلى أطراف النزاع المعارضة، أو انتمائهن السياسي، أو مشاركتهن في منظمات المجتمع المدني أو نشاطهن في مجال حقوق الإنسان، أو بسبب ما تسمى «الأفعال غير اللائقة».

ومن بين المحتجزات عارضتا أزياء يمنيتين معروفتين احتُجزتا تعسفياً في فبراير (شباط) 2021 وحُكم عليهما في نوفمبر (تشرين الثاني) من نفس العام بالسجن لمدة خمس سنوات.

وأكد الفريق أن النساء المحتجزات لدى الحوثيين يتعرضن للتعذيب وغيره من ضروب المعاملة السيئة، بما في ذلك من «الزينبيات»، (الشرطة النسائية). وقال إن النساء المحتجزات يتعرضن أيضاً للاعتداء الجنسي، وفي بعض الحالات يخضعن لفحوص العذرية، وكثيراً ما يُمنَعن من الحصول على السلع الأساسية، بما في ذلك منتجات النظافة الصحية النسائية.

ووفق ما جاء في التقرير فإنه يُنظَر إلى الأحكام الصادرة عن المحكمة الجزائية المتخصصة للحوثيين، أو غيرها من محاكم الحوثيين بوصفها فتاوى، وهي تحمل بالتالي وزناً قضائياً بالإضافة إلى الوزن الديني الذي يمكن أن تكون له آثار كبيرة طويلة الأجل على حياة الأشخاص المدانين، لا سيما فيما يتعلق بسلامتهم عند إطلاق سراحهم.

يهرب الحوثيون من انتفاضة المعلمين إلى التصعيد الخطابي وخرق الهدنة (نادي المعلمين اليمنيين)

واستناداً إلى التقارير التي تلقاها الفريق، تَبيّن أن الحوثيين يحتجزون أطفالاً لا تتجاوز أعمارهم 13 عاماً. ويُحتجَز بعضهم في قضايا أخلاقية، وهم متهَمون بارتكاب أفعال «غير لائقة» بسبب ميولهم الجنسية المزعومة، كما يحتجزون أطفالاً آخرين في «قضايا سياسية»، تقام بحقهم في كثير من الأحيان بسبب عدم امتثالهم أو عدم امتثال أسرهم لآيديولوجية الحوثيين أو أنظمتهم.

وذكر تقرير الخبراء أن هؤلاء الأطفال يتقاسمون نفس الزنازين مع السجناء البالغين، وأن الفريق تلقى تقارير موثوقة تفيد بأن الصبية المحتجزين في مركز شرطة الشهيد الأحمر في صنعاء «يتعرضون بانتظام للاغتصاب».


الحوثيون والتهديد البحري... باحثون ينتقدون «التراخي» الدولي ويطالبون بعقوبات

استعرضت الجماعة الحوثية ألغامها البحرية أمام وسائل الإعلام العالمية في عرض عسكري في صنعاء (إكس)
استعرضت الجماعة الحوثية ألغامها البحرية أمام وسائل الإعلام العالمية في عرض عسكري في صنعاء (إكس)
TT

الحوثيون والتهديد البحري... باحثون ينتقدون «التراخي» الدولي ويطالبون بعقوبات

استعرضت الجماعة الحوثية ألغامها البحرية أمام وسائل الإعلام العالمية في عرض عسكري في صنعاء (إكس)
استعرضت الجماعة الحوثية ألغامها البحرية أمام وسائل الإعلام العالمية في عرض عسكري في صنعاء (إكس)

لم يكن تهديد الحوثيين الملاحة البحرية وليد الأحداث والأسابيع الأخيرة. وظهرت ردود فعل دولية إزاء سلوك الجماعة لأمن الملاحة في البحر الأحمر وبحر العرب أقل من المستوى؛ وفقاً لباحثين تحدثت معهم «الشرق الأوسط» انتقدوا «التراخي الدولي» مع الحوثيين وطالبوا بعقوبات.

ورغم التحرك الأميركي الرامي إلى تقليص المخاطر ارتفعت أصوات يمنية من باحثين ومراكز تفكير ودراسات تدعو إلى تحرك أقوى يضمن إحلال السلام في اليمن وتحجيم القدرات العسكرية للجماعة الساعية للحصول على أكبر الفوائد من الحرب في غزة.

القطع البحرية الأميركية موجودة في المنطقة منذ سنوات لحماية أمن الملاحة من القرصنة وتهريب الأسلحة (البحرية الأميركية)

منذ انقلابها، أبدت الجماعة نواياها للسيطرة على الممرات المائية المجاورة لليمن، وأقدمت على ممارسات مثلت اعتداءات واضحة على طرق الملاحة الدولية؛ لكن ممارساتها الأخيرة بدت أكثر جرأة، وفي ظروف أكثر حساسية، ومغايرة لمساعي إنهاء الصراع في اليمن.

أكثر ما يفسر اهتمام الجماعة بالممرات المائية أنها وأثناء زحفها الانقلابي بعد صنعاء لم تتجه صوب مأرب أو شبوة، وهما محافظتان مليئتان بالنفط، بل توجه الحوثيون صوب الحديدة، وهو ما يشي بأهميتها الاستراتيجية لدى الجماعة، أو من يخطط لها.

وسبق للحوثيين استهداف سفن أجنبية وناقلات خليجية في البحر الأحمر وقرب مضيق باب المندب بالقرصنة وإطلاق القذائف وزراعة الألغام البحرية لفرض نفوذها ومشروعها في اليمن، وكانت عملية اختطاف السفينة الإماراتية «روابي» مطلع العام الماضي من أمام السواحل الغربية للبلاد عملاً مشهوداً أثار القلق الدولي على خطوط التجارة الدولية.

ممارسات مشهودة

من الممارسات الحوثية المشهودة استهداف البوارج الأميركية «يو إس ماسون» و«بونز» و«نيتز» بالصواريخ، والذي ردت عليه البحرية الأميركية بقصف مواقع رادار في أكتوبر (تشرين الأول) من عام 2016، كما استهدف زورق مفخخ ميناء المخا في العام التالي، وأطلقت الجماعة صواريخ على ناقلات نفط سعودية في عام 2018.

ومنذ يومين أعاد رئيس الحكومة اليمنية معين عبد الملك التحذير الذي سبق وأطلقه قبل أسبوع رئيس مجلس القيادة الرئاسي رشاد العليمي؛ من تداعيات القرصنة الحوثية على الأمن الإقليمي والدولي، ومخاطر جر المنطقة إلى صراع أوسع بالوكالة عن إسرائيل والنظام الإيراني، تأكيداً لموقف اليمن الذي تعامل مع حادثة اختطاف سفينة الشحن «غلاكسي ليدر» بوصفه قرصنة موجهة من النظام الإيراني.

ويصف المرصد المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية الممارسات الحوثية في البحر الأحمر بمرحلة جديدة من حرب الناقلات بين الولايات المتحدة الأميركية وإيران، والتي تعود إلى ثمانينات القرن الماضي، حيث عادت أخيراً بإضافة عدة تكتيكات إليها مثل مصادرة الناقلات النفطية، واستخدام وسائل مستحدثة لاستهداف هذه الناقلات والقطع البحرية الموجودة في المنطقة، مثل الزوارق الانتحارية.

السفينة المدنية الإماراتية «روابي» التي اختطفتها الجماعة الحوثية مطلع العام الماضي (إكس)

وامتدت تأثيرات هذه العمليات البحرية المستترة إلى المواجهة بين تل أبيب وطهران، بدءاً من أكتوبر 2019 باستهداف ناقلة إيرانية بمقذوفات أو ألغام لاصقة، لتتكرر الهجمات على السفن الإيرانية خلال ذلك العام والعام الذي يليه، وردت إيران على تلك الهجمات في مارس (آذار) 2021، باستهداف سفينة إسرائيلية في البحر الأحمر بألغام لاصقة.

استشعار الخطر

دخلت الجماعة المعادلة الميدانية متذرعة بالحرب في غزة، ما دفع البحرية الأميركية إلى استشعار التهديدات التي تمثلها الصواريخ المطلقة من اليمن، سواء في اتجاه الأراضي الفلسطينية المحتلة، أو في اتجاه الملاحة الأميركية والإسرائيلية في البحر الأحمر وخليج عدن.

في الرابع من نوفمبر (تشرين الثاني) 2023 حركت البحرية الأميركية مجموعة قتالية من قطعها البحرية إلى شمال البحر الأحمر قادمة من البحر المتوسط، وانضمت إليها بعد يومين غواصة الصواريخ الموجهة «يو إس إس فلوريدا»، لتنتقل لاحقا إلى خليج عدن، وتقترب من السواحل الإيرانية، لتنفيذ عمليات مراقبة في نطاق الخليج العربي وخليج عدن والبحر الأحمر، بالتعاون مع مجموعة بحرية أخرى.

تبدو الأنشطة الحوثية الأخيرة، بحسب الباحث محمد منصور الذي أعد رؤية المرصد المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية حول هذه القضية، توسيعا لهامش المناورة العسكرية فيما يتعلق بأزمة غزة؛ لكنها سلطت الضوء على حجم التهديد الذي تتعرض له الملاحة الدولية في هذا النطاق البحري الحيوي، والذي فاقمه عدم التوصل إلى حل سياسي نهائي للأزمة اليمنية، مع ترجيح أن تكون هذه الأنشطة وسيلة لتقوية موقف الجماعة الحوثية في المفاوضات.

حوثيون يستعرضون الألغام البحرية قبل زراعتها قبالة السواحل الغربية لليمن (إعلام حوثي)

ويخلص الباحث إلى أن ثمة حالة توازن قائمة في المشهد البحري في البحر الأحمر وخليج عدن وما يرتبط به من عمليات صاروخية؛ فلا الجماعة الحوثية راغبة في توسع أعمالها إلى المدن الإسرائيلية، أو الدخول في مواجهة مباشرة مع القطع البحرية الأميركية، ولا الجانب الأميركي يملك نيات للرد على تلك الأنشطة كما حدث عام 2016، ويضع حماية الملاحة المدنية كأولوية لوحداته البحرية.

أما المعهد الإيطالي لدراسات السياسة الدولية (ISPI) فذهب إلى أن جهود الردع الدولية لا تخفف من المخاوف الأمنية العالمية في البحر الأحمر التي تمثلها القرصنة الحوثية، فقد تأثر الأمن البحري في البحر الأحمر ومنطقة باب المندب سلباً بسبب الحرب في اليمن، وبعد هجمات الحوثيين عدة مرات على أهداف عسكرية وتجارية خلال السنوات الماضية.

الجماعة الحوثية كثفت منذ مطلع العام الحالي وجودها العسكري على الساحل الغربي للبلاد وعلى الجزر اليمنية في البحر الأحمر لاتخاذها نقاطا محورية للهجمات البحرية، وهي الجزر التي شهدت عملية عسكرة تدريجية، منذ عام 2015، ما دفع إلى اتخاذ كثير من المبادرات لتعزيز أمن البحر الأحمر، وإطلاق فرقة عمل بقيادة الولايات المتحدة العام الماضي لتحسين الأمن البحري في المنطقة ومكافحة تهريب الأسلحة.

تستخدم الجماعة الحوثية موانئ الحديدة غرب البلاد لأعمال القرصنة واستهداف الملاحة في البحر الأحمر (أ.ف.ب)

إلا أن الردع لم يكن فعالاً، وفقاً للمركز، وبدلاً من ذلك، يبدو أن الجماعة اكتسبت مزيداً من الجرأة بسبب الحرب بين إسرائيل و«حماس» في غزة، فضلاً عن إمكانية التعامل مع البحرية الأميركية، في حين لا تمنع جهود السلام التي تدعمها السعودية الجماعة المسلحة من تنفيذ هجمات متعددة الأبعاد (جوية وبحرية) في البحر الأحمر، وعبره.

العودة إلى العقوبات الأميركية

ينتهي المعهد الإيطالي في تقريره إلى أن منطقة باب المندب تبدو أكثر أماناً الآن، لكن باحتفاظ الجماعة الحوثية بالمناطق الساحلية الغربية، فإن الجزر الغربية لليمن ستظل بمثابة نقاط توقف لا يمكن التنبؤ بها في البحر الأحمر.

يؤكد الباحث المصري في مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية بشير عبد الفتاح لـ«الشرق الأوسط» أن الممارسات الحوثية في البحر الأحمر قد تدفع الولايات المتحدة إلى إعادة التفكير في تصنيف الحوثيين جماعة إرهابية وفرض عقوبات عليها، كوسيلة ردع يمكن أن تساعد في كبح جماح جماعة الحوثي ومواجهة القرصنة في البحر الأحمر.

ويرى عبد الفتاح، وهو رئيس تحرير «مجلة الديمقراطية»، أن أفضل وسيلة لمنع تصاعد الأوضاع في المنطقة وتوسيع الحرب تتمثل في وقف إطلاق النار والشروع في مفاوضات سلام تؤدي إلى إقامة دولة فلسطينية وإنهاء الصراع العربي الإسرائيلي لسد الأبواب وإزالة الذرائع أمام الجماعات والحركات الإرهابية التي تتخذ القضية الفلسطينية مبرراً لأنشطتها المهددة للأمن والسلام.

تعرضت السفينة «سنترال بارك» للقرصنة في خليج عدن قبل تحريرها من قبل البحرية الأميركية (أ.ب)

الباحث السياسي اليمني فارس البيل رئيس «مركز يمن المستقبل للدراسات الاستراتيجية» يقرأ ردود الفعل الدولية إزاء القرصنة الحوثية في البحر الأحمر كما لو أنها تدرك مدى هذه الأعمال وتأثيرها، وأنها ليست أكثر من «بروباغندا» إيرانية شعبية معهودة، ولم تكن حدثاً مفاجئاً ومربكاً يستدعي المعالجة، ويظهر أيضاً كما لو أن هنالك سيناريوهات متوقعة لأذرع إيران في نطاقاتها.

يعتقد البيل في حديثه لـ«الشرق الأوسط» أن عمليات الحوثيين العسكرية ليست ذات تأثير مباشر على مجريات الأحداث، باعتبارها أعمالا هامشية، وأن إيران تريد من ذلك أن تغطي سوأتها بافتعال هذه الأعمال لكن بعيداً عن المربع الساخن، ودونما تأثير، حيث تم اختيار الحوثي لهذه المهمة.

ويخلص البيل، إلى القول إن الأعمال الحوثية تصدر في لحظة مفاوضات متقدمة حول السلام للتأكيد أنها غير معنية بالسلام ولن تستجيب لمتطلباته، إلا أن هناك رغبة دولية لإنجاز هذه التسوية دونما تطمين لكيفية التزام الجماعة بالسلام وبالعمل الوطني داخليا وخارجيا وهي تمارس الانتهاكات داخليا وتهدد الأمن الإقليمي والدولي خارجياً.