حمدين صباحي لـ {الشرق الأوسط}: أحترم المعاهدات لكن {كامب ديفيد} بحاجة لتعديل

المرشح لانتخابات الرئاسة المصرية أكد حاجة بلاده لتأجيل النزاعات الخارجية والتفرغ للتنمية في الداخل

المرشح الرئاسي المصري حمدين صباحي ({الشرق الأوسط)
المرشح الرئاسي المصري حمدين صباحي ({الشرق الأوسط)
TT

حمدين صباحي لـ {الشرق الأوسط}: أحترم المعاهدات لكن {كامب ديفيد} بحاجة لتعديل

المرشح الرئاسي المصري حمدين صباحي ({الشرق الأوسط)
المرشح الرئاسي المصري حمدين صباحي ({الشرق الأوسط)

قال المرشح لانتخابات الرئاسة المصرية، حمدين صباحي، إنه قرر خوض الانتخابات لتحقيق أهداف الثورتين اللتين أسقطتا حكم الرئيس الأسبق حسني مبارك، والرئيس السابق محمد مرسي. وأضاف في حوار أجرته معه «الشرق الأوسط» أن الصلاحيات المحدودة للرئيس وفقا للدستور الجديد الذي أقر مطلع هذا العام، لن تعيق عمل الرئيس، ولكنها ستؤدي لإقامة نظام ديمقراطي عبر البرلمان.
وتطرق صباحي إلى طموحاته في تحقيق تنمية شاملة في البلاد الفقيرة، مشيرا إلى أن برنامجه في هذا الصدد يسعى لإقامة أنماط اقتصادية «لا تكون مصنفة بين هذا قطاع عام وهذا قطاع خاص وهذا قطاع تعاوني»، ولكن أن يكون فيها «نوع من أنواع التضافر في أشكال الملكية في ظل إدارة ذات كفاءة متفق عليها».
وقال المرشح الرئاسي إنه توجد أولوية في مصر للقضاء على الإرهاب، و«لم شمل» مصر خارج الاستقطاب الحاد الموجود حاليا، مشيرا إلى أنه «لا كل من أيد مبارك كان فاسدا، ولا كل من أيد مرسي هو إرهابي». وأوضح أن خطة مواجهة الإرهاب تتضمن الأمن «لأن الذي يستحل الإمساك بالسلاح في وجه مواطن أو جندي أو ضابط جيش أو شرطة، من حق الدولة أن تردعه»، لكنه أضاف أنه لا بد من التمييز بين حق العقاب على من يمارس الإرهاب أو يدعو إليه، وما بين من يعبر عن رأيه سلميا حتى لو كان له مرجعية ذات طابع إسلامي، وشدد على أن علاقات مصر مع تركيا أو مع قطر سيحكمها احترام المصالح، والتوقف عن التدخل في الشؤون الداخلية.
وأكد صباحي على أنه «مع حظر الإخوان كجماعة، وحظر قيام حزب لها وفقا للدستور»، لكنه دعا للفصل في التعامل بين القيادات التي تسببت في الفساد في عهدي مبارك ومرسي، والجمهور العادي الذي كان مؤيدا لهما. وقال عن علاقته القديمة بالإخوان: «نحن كنا مع الشعب حين كان يتعاطف معهم كضحايا، وكنا معه حين قبلهم كشريك، وكنا معه حين أسقطهم كحكام مستبدين».
كما رد القيادي على ما تردد من مزاعم بشأن استفادته من نظامي الرئيس العراقي الراحل صدام حسين، والعقيد الليبي الراحل معمر القذافي، وقال: إن هذين النظامين سقطا، وعلى من لديه وثائق تتعلق بي أن يخرجها للعلن، قائلا إنها مجرد «حرب شائعات» تظهر مع كل انتخابات، و«أنا لا أملك غير شقتي وقطعة أرض تركها لي والدي». وفي ما يلي أهم ما جاء في الحوار..
* لماذا قررت خوض انتخابات الرئاسة؟
- لأنه توجد ثورتان عظيمتان في 25 يناير و30 يونيو. وكل الثورات تقوم لكي تصل إلى الحكم، بينما نحن في مصر لم نصل في وقت الثورة؛ فلنصل بالانتخابات. هدف الترشح هو تمكين مطالب المصريين، كما عبروا عنها في 25 يناير (كانون الثاني) و30 يونيو (حزيران)، من أن تتحول إلى سياسات نافذة تحقق مصالحهم في دولة ناجحة.
* لكن صلاحيات رئيس الدولة أصبحت أقل وفقا لدستور البلاد الجديد. فهل يمكن لهذه الصلاحيات بهذا الوضع أن تساعد الرئيس في تنفيذ ما يريد؟
- بالتأكيد تساعد الرئيس، لكن أيضا لا بد أن ينظر لقضية وصول الثورة للسلطة باعتبارها أوسع من الرئاسة. أي أن الثورة تشمل البرلمان والمحليات ومعها كل المؤسسات المجتمعية، ولهذا نطرح في حملتنا الانتخابية أننا بعد أن نفوز بالرئاسة، فإن التيار الرئيسي الذي نعبر عنه، وهو الذي يقف مع 25 يناير ولا يعُدّها نكسة، ومع 30 يونيو ولا ينظر لها كانقلاب.. هذا التيار عليه أن يخوض معركة الرئاسة وانتخابات مجلس الشعب وانتخابات المحليات. وبهذا فإن السلطات المتاحة للرئيس، وإن كانت أقل، لكنها تقيم نظاما ديمقراطيا أكثر، وتشرك الشعب في القرار.
* معروف أن البرلمان يحتاج إلى أحزاب وتيارات سياسية قوية، لكن في السنوات الأخيرة كان الأكثر قدرة على التنظيم وحشد الناخبين هو تيار الإسلام السياسي؛ كالإخوان والسلفيين. فهل يمكن أن نرى أحزابا مدنية قادرة على شغل أغلبية البرلمان المقبل وتشكيل حكومة؟
- مصر فيها قوى اجتماعية واعية بمصالحها، وتنظيم حزبي أقل من قدرة القوى الاجتماعية. لكن هذا التنظيم قابل لأن يكون أكثر كفاءة وقدرة على حجم إمكاناته للاقتراب من الناس. ويفترض أن نمكنه نحن من ذلك بتشريعات تسمح بدعم فكرة التعدد الحزبي وتقويتها، ونعوض ضعف كل حزب على حدة بإقامة ائتلافات وجبهات وطنية للمعبرين عن مشتركات. وهذا ما جرى في الثورة، لأن الثورة لم تنجح بقوة الأحزاب ولكن بقوة الجماهير.
القوى الاجتماعية صاحبة المصالح في التغيير. وهذه القوى ما زالت موجودة، وتستطيع أن ترتبط بالأحزاب الأكثر تمثيلا لها، وأكثر قدرة على استيعابها في بنائها التنظيمي. هذا الأمر لم يتحقق بعد، لكن من المفترض أن يتحقق. ومن بين آليات هذا الأمر مثلا: ما هو الحجم المتاح للأحزاب في قانون انتخابات البرلمان المقبل في نظام الانتخاب بالقائمة قياسا بالنظام الفردي.
* من هو التيار الذي تمثله كمرشح لانتخابات الرئاسة. نسمع تعبيرات مختلفة منها أنك تمثل التيار الناصري، وأحيانا يقال عنك المرشح اليساري، وأحيانا مرشح التيار الشعبي؟
- كل هذه تعبيرات صحيحة جزئيا، لكن قاصرة.. نحن في مصر لسنا بصدد فرز آيديولوجي، ولا حتى حزبي. نحن بصدد فرز اجتماعي. أي القوى الاجتماعية الموجودة على الأرض التي لها مصالح وعانت مظالم. هذه القوى هي التي شكلت عبقرية الوحدة من خلال التنوع في ميدان التحرير في 25 يناير 2011. وأيضا في 30 يونيو 2013. وطلبات هذه القوى واضحة.. تريد عدالة اجتماعية ودولة ديمقراطية واستقلالا وطنيا. كانت هذه هي هتافاتها.
أما مسألة تعبيرها التنظيمي، فقد أشرنا إليه وقلنا إنه ما زال فيه قصور، لكن هناك أفق مفتوح له من التطوير. ولن يكون مقتصرا على الأحزاب فقط، ولكن أحزاب وأيضا هناك حركات تجمع قوى وتكتلات سياسية شبابية ليست حزبية، وهناك تيارات ذات طابع سياسي، وهناك هيئات في المجتمع المدني كالنقابات والجمعيات وغيره.. ما نستطيع قوله هو أن ما نعبر عنه نسميه التيار الرئيس في مصر الذي لديه طلب حقيقي على العدل الاجتماعي والديمقراطية والاستقلال الوطني، وهذا (التيار) لا يمكن اختصاره أو اختزاله لا في الناصرية ولا في التيار الشعبي ولا في اليسار، وإنما هو تيار ديمقراطي اجتماعي مدني يعبر عن رؤية واضحة.
* ينظر البعض إليك على أساس أنك كنت ضمن تيار قومي قوي، خاصة في ثمانينات وتسعينات القرن الماضي. وأنك كنت، على سبيل المثال، تستخدم خلال عضويتك في البرلمان توصيفا لإسرائيل بأنها «العدو الصهيوني»، وغيره. هل هذا الخطاب ما زال موجودا لديك.. وهل تخشى من أن يخيف مثل هذا الخطاب أطرافا غربية في حال وصولك إلى رئاسة الدولة المصرية؟
- قناعاتي كمصري أنه بالتأكيد يوجد «عدو صهيوني»، وبالتأكيد أن «كامب ديفيد» صلح غير عادل. وبالتأكيد أنا مع حقوق الشعب الفلسطيني. مهمتي ليست فرض آرائي الشخصية على دولة بالغة التنوع ولها مصالح. رأيي أن «كامب ديفيد» تحتاج لتعديل، على الأقل لتمكين الجيش من الانتشار في سيناء دون عوائق. لكني أحترم المعاهدات التي وقعتها مصر، وسأغيرها وفقا لقواعد القانون الدولي.
ودعم الشعب الفلسطيني مؤكد، لكن إدراكي أن هناك معركة للتنمية، وأولها القضاء على الفقر في مصر، يجعل أجندتي بالغة الوضوح.. معركتنا هنا؛ في الداخل. وترتبط كفاءة إدارة هذه المعركة بأفضل سياسة خارجية تحقق مصالح لمصر، خاصة التنمية في معناها الشامل وخصوصا الاقتصادية والنظام الديمقراطي، وهذا يعني تخفيض صراعاتنا خارج الحدود إلى الحد الأدنى، أو نؤجلها ونتفاداها إذا كان هذا ممكنا، وهو أمر صعب طبعا، لأنه لا يمكن تحقيق «صفر مشاكل»، كما يسمونها. لكن هذا يعني أن أولوياتي هي التي ستحدد جدول أعمالي.
في أربع سنوات، في حال الفوز في هذه الانتخابات، لا بد أن تكون المعركة الأولى فيها نموا اقتصاديا هائلا في إطار تنمية شاملة وتوزيع جاد للثروة بطريقة وفلسفة وقواعد قانونية وإدارة سياسية، على عكس التوزيع الظالم الذي جعل قلة تحتكر معظم الثروة على حساب فقر وجوع الأغلبية، بالإضافة إلى إقامة نظام ديمقراطي. أعتقد أن تحقيق هذا سيستنفد السنوات الأربع أو الثماني من عمل أي رئيس مقبل.
* حين كنت في البرلمان كنت من الداعين إلى ضرورة وجود مشروع قومي يلتف حوله الشعب. ما هو مشروعك القومي الذي يمكن أن يجعل المصريين يصبرون على اجتياز هذه المرحلة الاقتصادية الصعبة؟
- مشروعي هو مشروع (ثورتي) 25 يناير زائد 30 يونيو. أي العدل الاجتماعي والنظام الديمقراطي، وهما وجهان لعملة واحدة. والقدرة على تأكيد أنهما غير قابلين للانفصال، هو ما يمكن أن يحقق استجابة لطلبات التيار الرئيس، لأنه يتكون من أغلبية المصريين. هذا التيار يحتاج لتنمية.. ولدينا في هذا الصدد مشروع جاد لتنمية متعددة المجالات. وهذا التيار يريد أن يضمن أن عائد التنمية يوزع بالعدل، حتى يخدم الأفقر والأضعف.
* ما هي تفاصيل هذا المشروع بشكل أكثر تحديدا؟
- أولا: فيما يتعلق بالتنمية الاقتصادية، وهي جزء من التنمية الشاملة، لدينا مشروع جاد لإعادة إنهاض كل القطاع العام المصري الذي تعرض لـ«التخسير». ولدينا مشروع لتوسيع الملكية الخاصة وبالذات للشباب، عبر تبني فلسفة مشروعات صغيرة ومتوسطة ومتناهية الصغر، نستهدف أن ننشئ في خمس سنوات خمسة ملايين مشروع، تملك للشباب.. وسنربط هذا في الملكيات الصغيرة بفلسفة التعاون.
ولدينا تصور لتوسيع المعمور المصري في سيناء وفي أرض النوبة القديمة، وفي الساحل الشمالي الغربي، وفي الوادي الجديد. وكلها مشروعات ستقوم على استثمار أجنبي سيدعى لها، و(عبر) اكتتاب واسع، وهذا جزء رئيس من فلسفتنا، وهي أن يضع المصريون أموالهم في مشروعات يأملون في ربحيتها، ومشاركة من الدولة. نريد أن نقيم أنماطا اقتصادية لا تكون مصنفة بين هذا قطاع عام وهذا قطاع خاص وهذا قطاع تعاوني، ولكن أن يكون فيها نوع من أنواع التضافر في أشكال الملكية في ظل إدارة ذات كفاءة متفق عليها.
ثانيا: نحن نراهن على القيمة التنافسية لموقع مصر من خلال خدمات النقل العالمية وتجارة التعهيد التي يوجد لها أفق واسع جدا في مصر، وتوجد هنا تفاصيل كثيرة أخرى.
* ذكرت مسألة «التضافر» في أشكال المِلكية. ألا ترى أن هذا الأمر يمكن أن يجعل القطاع الخاص العربي والأجنبي يتخوف من الاستثمار في مصر؟
- بالعكس.. سيكون لديه فرص أعلى، وفتح باب للشراكات. وأهم شيء لقطاع الاستثمار أن يكون هناك دولة خالية من الفساد، ولا تضع أمامه العراقيل، ولا تفرض عليه أي «إتاوات» (جبايات). نحن لا نفرض على رأس المال في مصر أي شيء أكثر من أن نوسع قاعدة دافعي الضريبة عبر مجموعة سياسات، وسننتهج عدالة ضريبية عن طريق تطبيق ضريبة تصاعدية متعددة الشرائح، ونستخدم نفس هذه الضريبة كأداة لتوجيه أو حفز للاستثمار في مناطق مثل الصعيد وإقامة صناعات كثيفة العمالة وغيرها. نحن سنشجع الاستثمار الوطني والعربي والأجنبي على القدوم لمصر.
* هذا التطلع لتحقيق تنمية اقتصادية شاملة يرتبط بالوضع السياسي، وهو وضع يبدو أنه لم يستقر بعد؛ تخرج مظاهرات بين وقت وآخر وهناك تفجيرات هنا وهناك، وهذه أمور أعتقد أنها تخيف السياح والمستثمرين. هل يوجد لديك تصور لحل مشكلة الإرهاب والتنظيمات المحظورة، مثل جماعة الإخوان؟
- أولا: أنا لا أتحدث عن استثمار أجنبي فقط، ولكن أيضا عن قطاع عام وعن مشروعات صغيرة يملكها الشباب، وهؤلاء لن يوقفهم الإرهاب، لأنه لا حجم أموالهم ولا طبيعة أنشطتهم ستكون مرهونة به. ثانيا: توجد أولوية في مصر لقضاء واضح على الإرهاب، وللم شمل مصر خارج الاستقطاب الحاد الموجود حاليا. خطتنا في هذا المجال تتضمن الأمن، لأن الذي يستحل الإمساك بالسلاح في وجه مواطن أو جندي أو ضابط جيش أو شرطة، من حق الدولة ومن واجبها أن تردعه بأقصى الدرجات، وأن تقدمه للقانون، لكن لا بد أن يجري التمييز بين حق العقاب على من يمارس الإرهاب أو يدعو إليه، وما بين من يعبر عن رأيه سلميا حتى لو كان له مرجعية ذات طابع إسلامي. وهنا تأتي أهمية غياب وجود عقاب جماعي. مصر تحتاج لهذا الفصل الحاد بين مواجهة واجبة للإرهاب، وحريات واجبة لسلميين بغض النظر عن رأيهم. وهذه المعادلة ستقلل حجم الاحتقان الموجود في البلد. القضاء على الإرهاب يحتاج لأمن ويحتاج لعدالة ناجزة وخطاب ديني مستنير، ويحتاج لثقافة سائدة بكل وسائلها تعزز فكرة حق الاختلاف في إطار دولة القانون سلميا، وتحتاج لمجتمع ديمقراطي، لأن نمو الحريات إحدى ضمانات انحصار الإرهاب، إضافة للعدالة الاجتماعية. هذه الرؤية تعطي لمصر قدرة على تقوية الأمن في مواجهة الإرهاب، دون أن يكون الاعتماد في ذلك على الأمن وحده.
* وهل أنت مع حظر جماعة الإخوان وفقا للقرارات الرسمية التي صدرت من الدولة، سواء سلطة تنفيذية أو قضائية؟
- نعم.. أنا مع حظر الإخوان كجماعة، وحظر قيام حزب لها وفقا للدستور. وأعتقد أن هذا جزاء عادل سياسيا؛ ليس لفشلهم في السلطة، ولكن لفشلهم في المعارضة، لأنهم وقفوا ضد الشعب وصنعوا بيئة العنف والإرهاب؛ سواء كانوا يمارسونها بالأصالة أو بالوكالة. ووجودهم على الخريطة كتنظيم لا معنى له في ظل التجربة المؤلمة والثمن الفادح الذي دفعناه حين كانوا في الحكم، لكن بالأخص حين أصبحوا في المعارضة. لكن الذي يسري عليهم كتنظيم ليس بالضرورة أن يسري على أشخاص. أنا أريد أن أؤمن للأفراد، كمواطنين اختاروا أن يكونوا ضد الدعوة للعنف وممارسته، حقهم في أن يعيشوا بأمان ولهم ما لكل مصري وعليهم ما عليه.
* هناك من يرى أن قضية الإخوان ستضطر رئيس الدولة المقبل للتعامل في الموضوع مع أطراف أخرى خارج مصر، على أساس أن الجماعة تنظيم «دولي» موجود في عدة بلاد مثل تركيا وقطر وغيرهما. كيف يمكن التعامل مع هذه الحالة؟
- جزء من مشروعية حظر الجماعة هو أنها ليست تنظيما وطنيا ولكنه تنظيم دولي يمكن أن يكون لديه حسابات «ما فوق الوطنية». وهذا غير مقبول في وقت نريد فيه بناء دولة وطنية ديمقراطية مدنية. العلاقات مع تركيا أو مع قطر سيحكمها احترام المصالح. إذا كان هناك احترام لمصالحنا ولم يكن هناك تدخل في شؤوننا الداخلية، فنحن سنرحب بعلاقات خالية من أي صراع.
* موعد الاقتراع يقترب.. فهل تثق في العملية الانتخابية في مصر؟
- طبعا الدولة تمارس تأثيرا مؤكدا، لكن ما نطمح إليه هو أن نقلل حدة التأثير بحضورنا، لأنه إذا كنا غائبين (عن المشهد الانتخابي) فإن هذا التأثير سيكون أفدح. ولا نريد تزويرا على أي حال. أقبل التأثير باعتباره تطورا طبيعيا لمسارنا الديمقراطي، ولسنا مثاليين حتى نتصور أن الدولة ستكون محايدة، وأيضا لسنا مثاليين حتى نقعد في بيتنا إلى أن تصبح الدولة محايدة.. من خبرتنا في كل معركة انتخابات أن تنتزع مساحة أوسع لضمانات بانتخابات ديمقراطية.
* لك تعليقات حذرت فيها من عودة النظام القديم ورجال نظام الرئيس الأسبق حسني مبارك إلى المشهد السياسي الجديد. ما هي المؤشرات على ذلك؟
- أصلا النظام القديم لم ينته. نحن أسقطنا رأسه، بل أسقطنا رأسين لنفس النظام، لأن في رأيي أن نظام الإخوان كان امتدادا طبيعيا لنظام مبارك. نفس الاختيارات والسياسات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، مع إبدال النخبة المستفيدة من حلف الثروة والسلطة التي انتقلت من الحزب الوطني (الذي كان يرأسه مبارك) إلى مكتب إرشاد الإخوان وقياداته.
والمخاوف التي لدي ليست مخاوف من العودة، ولكن مخاوف من استرداد النفوذ أيضا لأن السياسات ما زالت قائمة. وسبب هذه المخاوف أن جزءا من رجال مبارك كانوا ممن شاركوا في ثورة 30 يونيو، لكنها لم تكن مشاركة المنتصر لثورة 25 يناير كما أراد الشعب، ولكن شراكة المنتقم من 25 يناير، كما أضمروا ولم يفصحوا عن ذلك في حينه. والآن أصبحوا يفصحون عن هذا الأمر. هؤلاء ممن يقولون على 25 يناير «نكسة»، وهؤلاء الذين أفسدوا حلف 30 يونيو بإجراءات فيها غباء سياسي، من نوع إصدار قانون (تنظيم) التظاهر الذي لم يستخدم ضد الإخوان ولكن ضد شباب ثورة 25 يناير. بعض من رموز ثورة يناير الآن في السجن، بينما بعض من رموز نظام مبارك الفاسدة «عائمة» الآن على السطح السياسي.
* ذكرت أن الدولة تساند المرشح المنافس. فما المقصود بالدولة هنا؟
- أعني هنا أجهزة الدولة ومؤسساتها. لكن هناك من هم داخل أجهزة الدولة وخارجها من القوى المستفيدة وصاحبة مصالح. وأنا أصف هذه القوى بقيادات «حلف الفساد»؛ تحالف الثروة والسلطة من عهد مبارك. وهذا بالمناسبة لا يسري على كل أعضاء الحزب الوطني. أنا أميز ما بين قيادات الفساد السياسي والاقتصادي في زمن مبارك، والأعضاء القاعديين للحزب الوطني الذين هم، أو كثير منهم، بالتوصيف الاجتماعي، فقراء حقيقيون وطبقة وسطى أزيحت بعنف، وعيبهم الوحيد أنه لم يكن لهم موقف سياسي، لكن هم مظاليم اقتصاديا واجتماعيا، وهؤلاء من ضمن جمهوري.. مثل جمهور الإخوان المسلمين. الإخوان كان حولهم جمهور واسع جدا، جمهور يستفيد من جمعياتهم الخيرية والصحية، في ظل غياب الدولة. لا كل من أيد مبارك كان فاسدا، ولا كل من أيد مرسي هو إرهابي. والمفروض الآن فصل القيادات التي صنعت الفساد والاستبداد في عهد مبارك ومرسي، عن الجماهير التي أحاطت بهم لأسباب متعددة.
* دائما يجري التفتيش في أي انتخابات- خاصة الرئاسية- عن أصحاب المصالح الذين يقفون خلف المرشح. فمن يمول حملتك الانتخابية؟
- الفقراء.. لو نظرت للتركيبة السياسية، وليس الاجتماعية، لحملتنا، ستجد فيها تقريبا معظم الأحزاب التي نشأت بعد 25 يناير 2011، مثل «الدستور» و«التحالف الشعبي» و«العدل»، بالإضافة إلى «الكرامة» و«التيار الشعبي».
* لكن معروف أن معظمها أحزاب فقيرة ربما لا تقدر على تمويل حملة انتخابات رئاسية؟
- نعم كلها أحزاب فقيرة، لكنها الأحزاب الأكثر تعبيرا عن المستقبل في مصر. ومن حيث التكوين الاجتماعي الواسع، ستجد أن معنا بالدرجة الأولى الأجيال الجديدة. ويوجد عدد معتبر ممن كانوا ينتوون مقاطعة الانتخابات، بدأوا في مراجعة أنفسهم للمشاركة معنا في هذه المعركة. لا شك أن حمل التمويل لدينا فقير، مثلما كان الحال في الحملة الانتخابية الرئاسية التي خضتها في 2012. نقول إن من معه جنيها فليتبرع به، ونتلقى أموالا من أصدقاء كثير منهم من الطبقة الوسطى القادرة على المساهمة. لكن في النهاية لن تجد في حملتنا أصحاب نفوذ من الأثرياء الكبار. ولن نتمكن من أن يكون لدينا نفس حجم الدعاية بشكل متكافئ.
* تردد على بعض مواقع التواصل الاجتماعي أنك تعاونت في السابق مع جماعة الإخوان، سواء من خلال انتخابات مجلس نقابة الصحافيين، أو ما بعدها، وأنك امتدحت القيادي الإخواني خيرت الشاطر. كيف ترد على هذا؟
- أنا دافعت عن خيرت الشاطر حين كان معارضا للمحاكمة العسكرية (في عهد مبارك). أنا دافعت عن كل الإخوان حين كانوا مظاليم. وكانوا زملاء لي في البرلمان حين كنا أعضاء في البرلمان. وحين نزلوا للميدان في 25 يناير قلنا لهم يا مرحبا. وحين دخلنا انتخابات البرلمان (أواخر 2011) كان هناك نحو أربعين طرفا في مصر مشاركا فيها، وكنا واحدا منها. وبالمناسبة الشعب المصري هو الذي أعطاهم الأغلبية في البرلمان وهو الذي أعطاهم الرئاسة، وهو الذي أسقطهم.
نحن كنا مع الشعب حين كان يتعاطف معهم كضحايا، وكنا معه حين قبلهم كشريك، وكنا معه حين أسقطهم كحكام مستبدين. نحن في الموقع المنطقي والطبيعي جدا. ثم من يقولون عني إنني تحالفت معهم في الماضي في الانتخابات يتوقفون عند هذا الحد، ولا يتطرقون إلى انتخابات الرئاسة في 2012. حيث كنت مرشحا ومرسي كان مرشحا، ثم حين دخل مرسي الجولة الثانية (أمام الفريق أحمد شفيق)، طلب مرسي تأييدي، وأنا رفضت، مثلما رفضت تأييد شفيق.
وحين أصبح الإخوان في السلطة مرسي عرض علي موقع نائب رئيس الجمهورية، وأنا رفضت. ثم إن من أسقط الإخوان هو الشعب الذي كانت واجهته السياسية جبهة الإنقاذ، وأنا من الأطراف الرئيسة في تكوينها. كما كنا أحد أطراف تأسيس حركة تمرد وتأييدها ورعايتها. وكما نزلت في 25 يناير لإسقاط مبارك، نزلت في 30 يونيو لإسقاط مرسي. كل هذا شهادة على أننا ليس لدينا موقف مسبق. نحن عاملنا هؤلاء على أساس أنهم إذا أخلصوا لمشروع وطني فنحن معهم، وإذا خانوه، كما فعلوا، فنحن أول من يقف ضدهم.
* قيل أيضا بأنه كانت لك علاقة بنظام معمر القذافي ونظام صدام حسين، وهناك «صندوق أسود» عن هذه العلاقة. ما تعليقك على هذا؟
- أنا دافعت عن العراق في مواجهة العدوان الأميركي، وهذا شرف لي.. ودافعت عن ليبيا في مواجهة الحصار والقصف الذي تعرضت له (قبل عقدين)، وهذا واجبي كمصري وعربي. وأنا رجل أمضيت أربعين سنة في العمل العام، لم آخذ مليما من هذين النظامين. ثم إن هذين النظامين (نظام صدام ونظام القذافي) قد سقطا، ومن أسقطهما أميركا، وأصبح تحت أيديها الوثائق، فلماذا لا يخرجون أي ورقة ضدي؟ ثم حين كنت أدافع عن العراق وليبيا كنت معارضا واضحا للرئيس الراحل أنور السادات، والرئيس الأسبق مبارك، فلماذا لم تخرج أجهزتهما أي شيء عني. أنا أرى أن مثل هذا الكلام نوع من اللغو الصغير وحرب الشائعات. أنا في المواجهة. وسبق وقلت إن من لديه شيء ضدي فليذهب إلى القضاء. الغث كثير.. وفي كل انتخابات يتردد مثل هذا الكلام، ومع ذلك ينتخبني الناس. وفي انتخابات الرئاسة الماضية حصلت على خمسة ملايين صوت. الشعب يعرف من هم اللصوص. أنا لا أملك غير شقتي وقطعة أرض تركها لي والدي.



المعارضة الصومالية تجتمع في غوبالاند وسط توترات مع الحكومة

الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود خلال لقاء سابق مع قيادة «الملتقى الصومالي للإنقاذ» الذي يضم قوى سياسية معارضة (وكالة الأنباء الصومالية)
الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود خلال لقاء سابق مع قيادة «الملتقى الصومالي للإنقاذ» الذي يضم قوى سياسية معارضة (وكالة الأنباء الصومالية)
TT

المعارضة الصومالية تجتمع في غوبالاند وسط توترات مع الحكومة

الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود خلال لقاء سابق مع قيادة «الملتقى الصومالي للإنقاذ» الذي يضم قوى سياسية معارضة (وكالة الأنباء الصومالية)
الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود خلال لقاء سابق مع قيادة «الملتقى الصومالي للإنقاذ» الذي يضم قوى سياسية معارضة (وكالة الأنباء الصومالية)

تجتمع المعارضة الصومالية في ولاية غوبالاند التي تشهد خلافات حادة مع الحكومة الفيدرالية بمقديشو، وسط توترات سياسية متصاعدة حول الانتخابات المباشرة واستكمال الدستور.

هذا الاجتماع، الذي يستمر من 17 إلى 20 ديسمبر (كانون الأول)، يراه خبير في الشأن الأفريقي والصومال تحدث لـ«الشرق الأوسط» أقرب إلى «محطة سياسية ذات تأثير محدود، ما لم يتمكن من تجاوز الانقسامات الداخلية والتوترات مع الحكومة وتقديم خطاب وطني جامع يستجيب لتطلعات الشارع الصومالي في الاستقرار والأمن والديمقراطية».

وتحتضن مدينة كيسمايو، العاصمة المؤقتة لولاية غوبالاند، الوفود المشاركة في مؤتمر المعارضة؛ فيما استقبل الأمين العام لمنتدى الإنقاذ الصومالي المعارض، محمد آدم كوفي، وزير الداخلية في غوبالاند، محمد إبراهيم أوغلي، وعدداً من المسؤولين بإدارة الولاية، بحسب ما نقله الموقع الإخباري «الصومال الجديد».

وأوضح أوغلي في تصريحات إعلامية، الثلاثاء، أن المؤتمر سيركز على وضع اللمسات الأخيرة على هيكل مجلس مستقبل الصومال وتحليل الوضع السياسي الذي تمر به البلاد.

وقال كوفي في تصريحات وقتها إن مؤتمر كيسمايو سيناقش قضايا مهمة في ظل المرحلة السياسية الصعبة التي تمر بها البلاد.

وتستضيف الولاية هذا المؤتمر، الذي لم تعلق عليه مقديشو، بعد نحو 10 أيام من إعلان رئيس برلمان غوبالاند، عبدي محمد عبد الرحمن، أن غوبالاند انتقلت من ولاية إقليمية إلى دولة، في تصعيد للتوتر السياسي القائم بينها وبين الحكومة الفيدرالية التي تصف الإدارة الحاكمة حالياً في غوبالاند بأنها غير شرعية بعد إجرائها انتخابات أحادية الجانب في نوفمبر (تشرين الثاني) 2024 أعادت رئيسها أحمد مدوبي الذي يحكم غوبالاند منذ عام 2012 إلى السلطة.

توتر واحتقان

ويرى الخبير في الشؤون الأفريقية، علي محمود كلني، أن المؤتمر ينعقد في توقيت بالغ الحساسية، وسط احتقان سياسي متصاعد وخلافات مزمنة بين الحكومة الفيدرالية في مقديشو وبعض الإدارات الإقليمية.

وتأتي أعمال المؤتمر، بحسب كلني، في ظل قطيعة طويلة بين إدارة غوبالاند والحكومة الفيدرالية؛ وهي قطيعة هيمنت على المشهد السياسي طوال معظم فترة رئاسة حسن شيخ محمود، مشيراً إلى أن العلاقة بين الرئيس الفيدرالي ورئيس غوبالاند أحمد محمد إسلام (مدوبي) اتسمت بتوتر حاد وصل في بعض المراحل إلى مستوى المواجهة السياسية المفتوحة، ما أفقد أي مسعى للتنسيق أو الشراكة معناها العملي.

وعن التحديات التي تواجه مخرجات المؤتمر، لفت كلني إلى التباين الواضح في مواقف القوى المشاركة في المؤتمر، سواء بشأن شكل نظام الحكم، أو آليات إدارة الدولة، أو مستقبل العملية الديمقراطية في البلاد، مشيراً إلى أن هذا التباين يقلّص فرص الخروج برؤية سياسية موحدة، ويجعل من الصعب تحويل المؤتمر إلى منصة ضغط فعالة في مواجهة الحكومة الفيدرالية.

وتأتي تلك التحركات المعارضة، بينما يشتد منذ عام الجدل بشأن الانتخابات الرئاسية المباشرة المرتقبة عام 2026، بعد 57 عاماً من آخر اقتراع أُجري عام 1968، بديلاً عن نظيرتها غير المباشرة في عام 2000، التي اعتمدت بشكل رئيسي على المحاصصة القبلية في ولايات البلاد الخمس، وجرى العمل بها بعد «انقلابات وحروب أهلية»، وفي ظل سيطرة أربع عشائر كبرى هي: هوية، ودارود، ورحنوين، ودِر.

وعلى مدى عام تقريباً، تصاعدت الأزمة السياسية على نحو لافت، وكانت العودة لاستكمال الدستور المؤقت الذي يعود إلى 2012 هي الشرارة الأبرز لتفاقم الخلافات بين الحكومة الفيدرالية وولايتي بونتلاند وغوبالاند من جانب، و«منتدى الإنقاذ الصومالي» من جانب آخر.

هل من مخرجات ملموسة؟

كانت الخلافات بين الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود والمعارضة قد اشتدت بعد تأسيسه حزب «العدالة والتضامن» في 13 مايو الماضي، وتسميته مرشحاً للحزب في الانتخابات المباشرة المقبلة، وسط تحركات للمعارضة وتشكيل تحالفات.

وفي ضوء هذه المعطيات والخلافات المتصاعدة، يرى خبير الشؤون الأفريقية كلني أن تأثير مؤتمر كيسمايو سيظل محدوداً على مشروع الانتخابات المباشرة الذي تعمل حكومة حسن شيخ محمود على الإعداد له.

وتبقى القيمة السياسية للمؤتمر مرهونة بما قد يصدر عنه من مخرجات ملموسة، وبمدى قدرة المشاركين على توحيد مواقفهم حيال القضايا الوطنية الكبرى، وفي مقدمتها استكمال جهود تحرير البلاد من الجماعات المسلحة، ومسار الانتخابات العامة وإعادة تصميمها على أسس توافقية، وإدارة الخلافات السياسية القائمة والسعي إلى مواءمتها ضمن إطار وطني جامع.

وفي النهاية، يؤكد كلني أن التحدي الحقيقي لا يكمن في عقد المؤتمرات بحد ذاتها، بل في القدرة على تحويلها إلى أدوات فاعلة لإنتاج حلول سياسية قابلة للحياة.


مصر تدعم «سلام الكونغو» وتبدي استعدادها لمساندة مسار التسوية

لقاء بين الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ورئيس جمهورية الكونغو الديمقراطية فيليكس تشيسكيدي في أكتوبر الماضي (الرئاسة المصرية)
لقاء بين الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ورئيس جمهورية الكونغو الديمقراطية فيليكس تشيسكيدي في أكتوبر الماضي (الرئاسة المصرية)
TT

مصر تدعم «سلام الكونغو» وتبدي استعدادها لمساندة مسار التسوية

لقاء بين الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ورئيس جمهورية الكونغو الديمقراطية فيليكس تشيسكيدي في أكتوبر الماضي (الرئاسة المصرية)
لقاء بين الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ورئيس جمهورية الكونغو الديمقراطية فيليكس تشيسكيدي في أكتوبر الماضي (الرئاسة المصرية)

أكد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي دعم بلاده لاستقرار جمهورية الكونغو الديمقراطية بعد التوقيع على اتفاقيات سلام تهدف إلى إنهاء التوتر القائم في منطقة «شرق الكونغو»، معرباً عن استعداد بلاده لبذل «كل جهد ممكن لمساندة مسار التسوية».

وتلقى السيسي اتصالاً هاتفياً، الأربعاء، من نظيره الكونغولي فيليكس تشيسكيدي، تناول مجمل العلاقات الثنائية بين البلدين وتطرق إلى مستجدات الأوضاع في شرق الكونغو الديمقراطية، وفق بيان صادر عن المتحدث باسم الرئاسة المصرية.

ورحب السيسي خلال الاتصال بالتوقيع على اتفاق «الدوحة للسلام» الشامل بين حكومة الكونغو الديمقراطية وتحالف نهر الكونغو (حركة 23 مارس)، كما أعرب عن دعم مصر الكامل لاتفاق السلام الموقع في واشنطن ديسمبر (كانون الأول) الحالي، مؤكداً أنه يمثل خطوة بالغة الأهمية نحو إنهاء حالة التوتر وتعزيز الأمن والاستقرار في منطقة البحيرات العظمى.

وأكد الرئيس المصري «استعداد بلاده لبذل كل جهد ممكن، بما في ذلك توفير المحافل اللازمة للأطراف المعنية، دعماً لمسار تسوية النزاع»، وفقاً لبيان الرئاسة المصرية.

الرئيس الأميركي دونالد ترمب في مراسم توقيع «اتفاق السلام» مع رئيسي رواندا بول كاغامي والكونغو الديمقراطية فيليكس تشيسكيدي (أ.ف.ب)

من جانبه، نقل البيان المصري عن الرئيس الكونغولي «تقديره لمساندة مصر لجهود السلام والاستقرار في بلاده وفي المنطقة، واتفق الرئيسان على ضرورة تكثيف الجهود لتذليل أي عقبات قد تواجه تنفيذ اتفاقيات السلام».

ووقع الرئيس الأميركي دونالد ترمب، ورئيسا رواندا بول كاغامي، والكونغو الديمقراطية فيليكس تشيسكيدي، في واشنطن مطلع الشهر الحالي، اتفاقاً يعزز فرص السلام والتعاون الاقتصادي بتلك المنطقة الأفريقية التي تخوض نزاعاً منذ عقود.

ويشهد شرق الكونغو، الغني بالموارد الطبيعية والمجاور لرواندا، نزاعات مسلحة متواصلة منذ نحو ثلاثة عقود. وتصاعدت حدة العنف بين يناير (كانون الثاني) وفبراير (شباط) الماضيين، بعدما سيطرت حركة «23 مارس»، بدعم من كيغالي، على مدينتَي غوما وبوكافو الرئيسيتين.

ويعد الاتفاق بين رواندا والكونغو الديمقراطية في واشنطن هو الأحدث ضمن سلسلة تفاهمات بإطار أُبرمت في يونيو (حزيران) الماضي بواشنطن، إضافة إلى إطار عمل الدوحة لاتفاقية سلام شاملة، الذي وقعته كينشاسا وحركة «23 مارس» في 15 نوفمبر (تشرين الثاني) في قطر، استكمالاً لاتفاق في 19 يوليو (تموز) الماضي.

وأشار المتحدث باسم الرئاسة المصرية إلى أن الرئيسين اتفقا خلال اتصال، الأربعاء، على أهمية تعزيز التشاور والتعاون الثنائي في القضايا ذات الاهتمام المشترك، بما يسهم في تحقيق الاستقرار والسلام والتنمية في جمهورية الكونغو الديمقراطية.

وأكد السيسي تطلعه لاستضافه نظيره الكونغولي لمواصلة تعزيز التعاون بين البلدين، فيما ثمَّن تشيسكيدي الزخم الذي تشهده العلاقات مع مصر، مُعبراً عن تقديره للدعم الذي تقدمه لبلاده في مختلف القطاعات.

وفي مطلع هذا الأسبوع، قالت الخارجية المصرية إنها «تتابع بقلق بالغ التطورات المتسارعة في شرق جمهورية الكونغو الديمقراطية، وما تشهده بعض المناطق من تدهور في الأوضاع الإنسانية الذي يفرض تحديات عاجلة على المدنيين»، مؤكدة دعمها المستمر لوحدة وسلامة وسيادة الأراضي الكونغولية.

وشددت مصر، وفق بيان للخارجية، السبت، على أهمية التهدئة ووقف أي تصعيد ميداني بما يسهم في خلق بيئة مواتية للحوار واستعادة الاستقرار؛ مؤكدة الالتزام باتفاق واشنطن للسلام بوصفه إطاراً أساسياً لبناء الثقة وتخفيف التوتر.

كما أكدت مصر ضرورة وقف الأعمال العدائية وتسهيل وصول المساعدات الإنسانية، مشددة على الحاجة إلى دعم الجهود الإقليمية والدولية الرامية إلى تحسين الوضع الإنساني ومنع مزيد من التدهور.


«الوحدة» الليبية تعد بتعديل وزاري قريب

صورة وزعتها البعثة الأممية لاختتام افتتاح الحوار المهيكل
صورة وزعتها البعثة الأممية لاختتام افتتاح الحوار المهيكل
TT

«الوحدة» الليبية تعد بتعديل وزاري قريب

صورة وزعتها البعثة الأممية لاختتام افتتاح الحوار المهيكل
صورة وزعتها البعثة الأممية لاختتام افتتاح الحوار المهيكل

استبقت حكومة الوحدة الليبية المؤقتة نتائج الحوار الأممي المهيكل بالتأكيد على «أولوية الاستفتاء على الدستور»، معلنة إجراء تعديلات وزارية قريبة، تزامناً مع تأكيد عقيلة صالح، رئيس مجلس النواب، دعم فرنسا للانتخابات.

وقالت حكومة الوحدة المؤقتة، التي رحبت بانطلاق الحوار المهيكل، إنها ستُعلن خلال الأيام القريبة المقبلة عن تعديلات حكومية إصلاحية، تشمل سدّ الشواغر الوزارية، وتهدف إلى رفع مستوى الكفاءة، وتعزيز الأداء المؤسسي، وتوسيع دائرة التوافق بما يدعم متطلبات المرحلة المقبلة.

وأكدت «الوحدة» في بيان لها، مساء الثلاثاء، أن جوهر المرحلة لا يرتبط بتعدد المسارات أو تسمياتها، بقدر ما ينصرف إلى تحقيق الهدف الوطني، المتمثل في إجراء الانتخابات، بوصفها الاستحقاق الذي ينتظره الليبيون لتجديد الشرعية، ووضع حد لحالة عدم اليقين السياسي، مشدّدةً على أن توجهها الأساسي يتمثل في الاستفتاء على مشروع الدستور أولاً، ومؤكدة أنها تتعاطى بإيجابية مع الاختراق، الذي طرأ على حالة الجمود السابقة، وعبّر عن ذلك شخصيات فاعلة، الأمر الذي يفضي إلى الذهاب المباشر نحو الانتخابات التي أصبحت اليوم محل إقرار من مختلف الأطراف، بعد أن ظلت لفترة موضع نقاش، بما يعكس تحولاً واضحاً في مقاربة الحل السياسي.

وعدّت «الوحدة» أن استمرار الخلاف حول القوانين الانتخابية، إن لم يُحسم، فإنه يكرّس الحاجة إلى الاحتكام إلى أسس دستورية واضحة، تُبنى عليها العملية الانتخابية، وتضمن قابليتها للتطبيق، وهو ما أكدت عليه المفوضية العليا للانتخابات بإعلان جاهزيتها متى توفرت هذه الأطر القانونية السليمة.

كما جدّدت الحكومة التزامها بدعم كل ما من شأنه الدفع نحو الانتخابات ضمن مسار وطني مسؤول، يحفظ وحدة الدولة، ويعكس الإرادة الشعبية، ويجنب البلاد الدخول في مراحل انتقالية إضافية.

في سياق ذلك، أوضح وزير الدولة للاتصال بحكومة الوحدة، وليد اللافي، أن التعديلات الوزارية المرتقبة ستركز على اختيار وزراء أكفاء، وتراعي المناطق الجغرافية دون استثناء، مشيراً إلى أنها ستشمل وزارات سيادية وخدمية، وتمثيلاً أكبر للشباب.

في غضون ذلك، أظهر تقرير أممي تفضيلاً واسعاً بين الليبيين لإجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المؤجلة. وطبقاً للتقرير، الذي نشرته بعثة الأمم المتحدة في ساعة متأخرة من مساء الثلاثاء، حول نتائج المشاورات العامة للحوار المهيكل، فقد أكد 86 في المائة ممن شاركوا في استطلاع عبر الإنترنت جاهزيتهم للتصويت فوراً، فيما أكد أكثر من 70في المائة أن مشاركتهم تؤثر فعلياً.

ووصف التقرير الأزمة الجوهرية في ليبيا، بأنها أزمة سياسية ناجمة، عما وصفه بانقسام مؤسسي وجهوي عميق، وسلطات متنافسة، وغياب سلطة تنفيذية واحدة ذات شرعية وطنية، ما ينعكس سلباً على الاقتصاد والأمن والحوكمة.

وعدّ انتشار السلاح عقبة أساسية أمام الانتخابات والسلام الدائم، وحدّد الأولويات الأساسية في القطاع الأمني بنزع سلاح التشكيلات المسلحة، وإعادة إدماجها، وإنشاء جيش ومؤسسات أمنية موحدة، مع تأكيد السيطرة المدنية، وتحقيق أمن مرتكز على الحقوق وفي خدمة المواطن.

كما تحدث التقرير عن «سلطة سياسية شرعية واحدة، تسيطر فعلياً على الجيش والأمن»، بالإضافة إلى «أطر قانونية ومعايير مهنية واضحة تُطبق بعدالة، وحوافز مالية وضوابط مشفوعة بعقوبات لتشجيع الاندماج والالتزام».

وكانت البعثة الأممية قد أصدرت وثيقة «الإطار المرجعي» الرسمي للحوار، الذي يحدد منصة شاملة تضم 120 إلى 124 مشاركاً ليبياً، يمثلون تنوعاً جغرافياً واجتماعياً، مع نسبة لا تقل عن 35 في المائة للنساء، بالإضافة إلى مشاركة الشباب وذوي الإعاقة.

ويركز الحوار على أربعة مسارات رئيسية هي: الحوكمة، والاقتصاد، والأمن، والمصالحة الوطنية وحقوق الإنسان، مع دمج حقوق المرأة بوصفه موضوعاً مشتركاً.

ويعتمد على مبادئ الملكية الليبية، والشمول، والشفافية، وبناء التوافق، ويستمر لمدة 4 إلى 6 أشهر، بهدف إصدار توصيات توافقية ملموسة لمعالجة جذور النزاع، وتهيئة الانتخابات.

اجتماع صالح ورئيسة الجمعية الوطنية الفرنسية (مجلس النواب)

وتعهد أعضاء الحوار المهيكل، وفقاً لمدونة قواعد السلوك، التي أصدرتها البعثة الأممية أيضاً بوضع المصلحة الوطنية أولاً، والنزاهة، ورفض الضغوط أو المزايا المادية، واحترام الآراء، وتجنب التمييز أو المضايقة، والحفاظ على سرية المداولات.

في المقابل، أكد رئيس مجلس النواب، عقيلة صالح، الذي بدأ زيارة مفاجئة إلى العاصمة الفرنسية باريس، لم يسبق الإعلان عنها، في لقائه، مساء الثلاثاء، مع رئيس الجمعية الوطنية الفرنسية يائيل بيفيه، أن حل الأزمة الليبية يتطلب تضافر الجهود الدولية لمساعدة الشعب الليبي في التعبير عن إرادته الحرة في انتخابات رئاسية وبرلمانية نزيهة، وحذّر من أن قيام البعثة الأممية بفتح مسارات إضافية «سيعقد هذا المسار، ولن يكون لها أثر فعلي إيجابي على ملف التسوية السياسية».

ونقل صالح عن يائيل التزام فرنسا بدعم ومساندة الشعب الليبي في تحقيق رغبته في بناء دولة ديمقراطية مستقرة.

وكان صالح نقل عن رئيس مجلس الشيوخ الفرنسي، جيرارد لاروشيه، في اجتماعهما تأييده لمقترحاته بشأن حل الأزمة الليبية من خلال الوقوف مع الشعب الليبي، وحقه في اختيار رئيسه وبرلمانه عن طريق الانتخابات المباشرة، لافتاً إلى قيام مجلس النواب بواجباته كاملة في إصدار قانوني انتخاب الرئيس ومجلس الأمة، وتقديم لجنة (6 + 6) المشتركة مع مجلس الدولة، نتائج أعمالها، التي قال وفقاً لعبد الله بليحق، الناطق باسم صالح، إنها نالت رضا مختلف الأطراف، ودعم مجلس الأمن الدولي.

كما أكد صالح، خلال لقائه مع بول سولير، المبعوث الخاص للرئيس الفرنسي، دعم فرنسا لمجلس النواب الليبي ومساعيه لتنظيم الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المتزامنة، مشيداً بمخرجات لجنة (6 + 6) بوصفها خطوة توافقية مهمة بشأن القوانين الانتخابية، مشيراً إلى ضرورة استمرار اللجنة في مهامها.