«فرقة بيجار» تؤدي «باليه من أجل الحياة» والإدهاش

عرض يختطف سحره من مزاوجة المتناقضات في «مهرجانات بيت الدين»

ملاءات بيضاء في بداية العرض أطل من ورائها الراقصون على خشبة فارغة ملساء اختفى من ورائها المبنى الأثري الجميل لقصر الأمير بشير التاريخي
ملاءات بيضاء في بداية العرض أطل من ورائها الراقصون على خشبة فارغة ملساء اختفى من ورائها المبنى الأثري الجميل لقصر الأمير بشير التاريخي
TT

«فرقة بيجار» تؤدي «باليه من أجل الحياة» والإدهاش

ملاءات بيضاء في بداية العرض أطل من ورائها الراقصون على خشبة فارغة ملساء اختفى من ورائها المبنى الأثري الجميل لقصر الأمير بشير التاريخي
ملاءات بيضاء في بداية العرض أطل من ورائها الراقصون على خشبة فارغة ملساء اختفى من ورائها المبنى الأثري الجميل لقصر الأمير بشير التاريخي

«فرقة بيجار لوزان» لمرة جديدة في لبنان، ومع ذلك تبقى حدثاً. لليلتين، الجمعة والسبت، قدمت الفرقة العالمية الآتية من سويسرا على خشبة «مهرجانات بيت الدين» عرض «باليه من أجل الحياة»، بعد عشرين سنة على ولادة هذا العمل، وعشر سنوات على رحيل مصممه، مؤسس الفرقة المدهش موريس بيجار. هذه المرة تلميذه الأمين جيل رومان هو الذي يدير الرقص ويمنحه روحه. ثمة فرق بين الأستاذ والتلميذ، العمر والعصر والهوى والتقنيات، كلها عناصر تفعل فعلتها على المسرح.
أكثر من 35 راقصاً وراقصة بينهم رومان، أدوا وبمهارة، دون توقف ما يقارب الساعتين. قدموا عرضاً كما هي عادة الفرقة يجمع بين أصالة الباليه وحداثة الروح التي تجعل هذا الفن الكلاسيكي أكثر شعبية وشبابية، كما أراد بيجار ذات يوم، وهو يعصرن رقصه ويقربه من ذائقة الجماهير العريضة.
للحب والحياة والأمل، وضد الموت والشرّ والحروب، انتفضت ملاءات بيضاء في بداية العرض أطل من ورائها الراقصون، على خشبة فارغة ملساء اختفى من ورائها المبنى الأثري الجميل لقصر الأمير بشير التاريخي الذي عادة ما يشكل خلفية المشهد، ليبدو الراقصون في لوحاتهم أكثر نقاء وحركتهم أكثر وضوحاً في فضاء عارٍ تماماً إلا منهم.
الإضاءة البيضاء المزرقة حيناً والبنفسجية حيناً آخر (تصميم: كليمان كايرول)، رسمت مناخات حالمة لراقصين بالأبيض ونادراً ما يطلون بالأسود تغليباً للأمل الذي أريد له أن يكون طاغياً.
كوريغرافيا بدت بطيئة أحياناً، لا سيما في البداية، لكن حرارة الموسيقى وشبابيتها ونبضها المتوقد، إضافة إلى أجساد الراقصين المشدودة، وعضلاتهم التي كان يمكن تبين تفاصيلها، ورهافة الحركة، جعلت المتعة متواصلة. لعب رومان على المتناقضات، تماماً كما هو موضوع العمل حين جمع بين الحياة والموت، خلفية المشهد السوداء والخشبة المضاءة بالأبيض المشع، الملابس التي خلطت الأبيض والأسود وجعلت الألوان الباهرة حين تدخل عليها تصبح مشرقة كقوس قزح. الرقص في المساحة الكبيرة الفضفاضة أو جعل أكثر من 15 راقصاً يتحركون داخل غرفة صغيرة، بالكاد تتسع لشخصين. مشهد الحب الرومانسي بين عاشقين يتواءم مع حضور مريضين أو جثتين على سريرين متحركين. الممرضون والعروس مع العريس في لوحة واحدة. إنها الحياة في لوحة السابحين بملابس بلون قوس قزح، ربطات عنق رسمية مع بنطلونات قصيرة تصلح للعب التنس. موسيقى جاز في لوحة، وأخرى خارجة من دار الأوبرا في أخرى، ومرة ثالثة رقص على صوت صفير الريح. كل الأمزجة تحضر في «باليه من الحياة» ومشاهد مختطفة من يومياتنا عدّلت لتكتسب وهجها الاستعراضي، كالتقاط صورة جماعية أو السير بمكعبين ضخمين بدل الحذاء، وربما تنزه الراقصين بشاشات تبث شريطاً على المسرح.
ليس مهماً أن تعرف أن العرض هو تحية إلى مغني فرقة «كوين»، فريدي ماركوري، والراقص جورج دون اللذين قضيا بمرض «الإيدز» ولا يفرمل متعتك عدم درايتك بأن الموسيقى الحيوية التي تبقي المسرح مشتعلاً هي لموتسارت أو لفرقة الروك «كوين». فقد حرص رومان على أمرين شديدي الأهمية يضافان إلى روعة الاحتراف الجسدي للراقصين وهما تقديم عرض متكامل من حيث التشكيلات والسينوغرافيا مع الإضاءة والملابس والموسيقى كما أي عمل بصري أخاذ يلتمس التناغم بين عناصره، والثاني هو الطرافة المتواصلة التي تثير الإدهاش.
وقد تتوقف عند بعض التفاصيل لكنك أمام عرض شديد الاحتراف، قيست كل تفاصيله بعناية رياضية باهرة، وكل ما فيه لا يترك مجالاً لصدفة أو خلل.
لمرة جديدة فرقة بيجار تأتي من لوزان إلى لبنان بعد عرض «روميو وجولييت» في بعلبك، و«الأم تيريزا وأطفال العالم» عام 2003 في مهرجانات بيت الدين، وكان البديع بيجار يومها، لم يغادر عالمنا بعد. هذه المرة الفرقة ذاتها، بروح أخرى وإطلالة مختلفة. إنها الحياة التي تأبى إلا أن تمنح الزمن لمسته والعصر سمته.
وتستكمل «مهرجانات بيت الدين» موسمها لهذا الصيف، بحفل يوم 19 من الجاري لفرقة «بينك مارتيني» لمحبي الإيقاع. ثم حفل في 21 من الشهر مع الفنانة التونسية أمل مثلوثي، المطربة وكاتبة الأغاني التي تمكّنت في وقت وجيز من الوصول إلى العالمية. وارتبط اسمها بالثورة التونسية بعد أن أنشدت للحرية وللكرامة بأغنيتها «أنا حرة وكلمتي حرة» وسط الآلاف من التونسيين. ثم الحفلتان المنتظرتان التقليديتان كما كل سنة لكاظم الساهر يومي 28 و29 من الشهر. وفي 3 و4 من أغسطس (آب) بعنوان عرض «السيرك السياسي» تنتجه لجنة مهرجانات «بيت الدين»، ويخرجه هشام جابر الذي سبق له أن قدم أعمالاً ناجحة جداً في «مترو المدينة» ويشارك في العمل نحو سبعين فناناًً في عرض استعراضي غنائي يأخذنا إلى عوالم السيرك والفانتازيا لمهرجان انتخابي فريد من نوعه حيث تختلط فنون السيرك والمسرح والسحر والموسيقى والغناء مع فنون السياسة. وتختتم المهرجان هذه السنة الفنانة ماجدة الرومي يوم 12 أغسطس بحفل يحمل عنوان: «لا تسأل».



إشادة بانفتاح السعودية على تقديم الفن الراقي

نجوم حفل روائع الموجي في ضيافة المستشار تركي آل الشيخ «فيسبوك»
نجوم حفل روائع الموجي في ضيافة المستشار تركي آل الشيخ «فيسبوك»
TT

إشادة بانفتاح السعودية على تقديم الفن الراقي

نجوم حفل روائع الموجي في ضيافة المستشار تركي آل الشيخ «فيسبوك»
نجوم حفل روائع الموجي في ضيافة المستشار تركي آل الشيخ «فيسبوك»

شهدت الرياض وجدة فعاليات مسرحية وغنائية عقب انتهاء شهر رمضان، انطلقت مع عيد الفطر واستقطبت مشاركات مصرية لافتة، منها مسرحية «حتى لا يطير الدكان»، من بطولة الفنانَيْن أكرم حسني ودرة، في موسمها الثاني على مسرح «سيتي ووك جدة»؛ إلى عرض ستاند أب كوميدي «ذا إيليت» المقام على «مسرح محمد العلي» بالرياض، بينما شاركت الفنانة المصرية أنغام بحفلات «عيد القصيم»، والفنان عمرو دياب بحفلات «عيد جدة».
وتشهد العاصمة السعودية حفل «روائع الموجي»، الذي تحييه نخبة من نجوم الغناء، بينهم من مصر، أنغام وشيرين عبد الوهاب ومي فاروق، بالإضافة إلى نجوم الخليج ماجد المهندس وعبادي الجوهر وزينة عماد، مع صابر الرباعي ووائل جسار، بقيادة المايسترو وليد فايد وإشراف فني يحيى الموجي، ومشاركة الموسيقار رمزي يسى.
عن هذا الحفل، يعلّق الناقد الفني المصري طارق الشناوي لـ«الشرق الأوسط»: «نشجّع تكريس الكلمة الرائعة والنغم الأصيل، فحضور نجوم مصر في فعاليات المملكة العربية السعودية، يشكل حالة تكامل من الإبداع»، معرباً عن غبطته بمشهدية الزخم الفني، التي يواكبها في الرياض وجدة.
ووفق «جمعية المؤلفين والملحنين الرسمية» في مصر، ورصيد محمد الموجي، صاحب مقولة «أنا لا أعمل كالآلة تضع فيها شيئاً فتخرج لحناً؛ إنها مشاعر وأحاسيس تحتاج إلى وقت ليخرج اللحن إلى النور»، قد وصل إلى 1800 لحن، ليعلّق رئيسها مدحت العدل لـ«الشرق الأوسط» بالتأكيد على أنّ «الاحتفاء بالرموز الفنية من (الهيئة العامة للترفيه)، كاحتفالية الموجي، أمر غاية في الرقي ويدعو للفخر»، موجهاً التقدير للجميع في المملكة على النهضة الفنية الكبيرة.
واستكمالاً لسلسلة الفعاليات الفنية، فإنّ مدينة جدة على موعد مع حفلين للفنان تامر عاشور يومي 5 و6 مايو (أيار) الحالي، بجانب حفل الفنانَيْن محمد فؤاد وأحمد سعد نهاية الشهر عينه. وعن المشاركات المصرية في الفعاليات السعودية، يشير الناقد الموسيقي المصري محمد شميس، إلى أنّ «القائمين على مواسم المملكة المختلفة يحرصون طوال العام على تقديم وجبات فنية ممتعة ومتنوعة تلائم جميع الأذواق»، مؤكداً أنّ «ما يحدث عموماً في السعودية يفتح المجال بغزارة لحضور الفنانين والعازفين والفرق الموسيقية التي ترافق النجوم من مصر والعالم العربي». ويلفت شميس لـ«الشرق الأوسط» إلى أنّ «هذا التنوع من شأنه أيضاً إتاحة مجال أوسع للمبدعين العرب في مختلف الجوانب، التي تخصّ هذه الحفلات، وفرصة لاستقطاب الجمهور للاستمتاع بها بشكل مباشر أو عبر إذاعتها في القنوات الفضائية أو المنصات الإلكترونية»، معبّراً عن سعادته بـ«الحراك الفني الدائم، الذي تشهده المملكة، بخاصة في الفن والثقافة وتكريم الرموز الفنية والاحتفاء بهم».
وشهد «مسرح أبو بكر سالم» في الرياض قبيل رمضان، الحفل الغنائي «ليلة صوت مصر»، من تنظيم «الهيئة العامة للترفيه»، احتفالاً بأنغام، إلى تكريم الموسيقار المصري هاني شنودة في حفل بعنوان «ذكريات»، شارك في إحيائه عمرو دياب وأنغام، بحضور نخبة من نجوم مصر، كما أعلن منذ أيام عن إقامة حفل للفنانة شيرين عبد الوهاب بعنوان «صوت إحساس مصر».
مسرحياً، يستعد الفنان المصري أحمد عز لعرض مسرحيته «هادي فالنتين» في موسمها الثاني، ضمن فعاليات «تقويم جدة» على مسرح «سيتي ووك‬» بين 3 و6 مايو (أيار) الحالي. وعنه كان قد قال في حوار سابق مع «الشرق الأوسط»، إنّ «الحراك الثقافي الذي تشهده المملكة يفتح آفاقاً وفرصاً متنوعة للجميع لتقديم المزيد من الفن الراقي».