شعراء في «ضيافة» المعتمد بن عباد بـ«أغمات» المغربية

في أمسية تكريمية لـ«الملك الشاعر» ضمن فعاليات «مهرجان الحوز»

جانب من القراءات الشعرية بضريح المعتمد بن عباد بأغمات في إطار «مهرجان الحوز» (تصوير: مولاي عبد الله العلوي)
جانب من القراءات الشعرية بضريح المعتمد بن عباد بأغمات في إطار «مهرجان الحوز» (تصوير: مولاي عبد الله العلوي)
TT

شعراء في «ضيافة» المعتمد بن عباد بـ«أغمات» المغربية

جانب من القراءات الشعرية بضريح المعتمد بن عباد بأغمات في إطار «مهرجان الحوز» (تصوير: مولاي عبد الله العلوي)
جانب من القراءات الشعرية بضريح المعتمد بن عباد بأغمات في إطار «مهرجان الحوز» (تصوير: مولاي عبد الله العلوي)

خلال زيارتهم لأغمات في ضواحي مراكش، وفي إطار فعاليات «مهرجان الحوز للثقافة والتنمية والتربية» الذي نُظّم هذه السنة، في دورته الرابعة، على مدى ثمانية أيام، قرأ شعراء مغاربة إبداعاتهم، باللغات العربية والفرنسية والأمازيغية، في أمسية نُظِّمت ببهو ضريح المعتمد بن عباد (1040 - 1095م)، بعد أن زاروا، ضمن وفد من الإعلاميين والسينمائيين والفنانين التشكيليين والأدباء، الموقع الأركيولوجي للمدينة الذي يضمّ، بشكل خاص، حمّاماً يعود إلى زمن حكم المرابطين (1056 - 1147م)، ويُعدّ من أقدم الحمامات في العالم الإسلامي.
وتضمن برنامج الزيارات الثقافية التي سطّرت بمناسبة «مهرجان الحوز»، فضلاً عن الموقع الأثري لأغمات، زيارات للمسجد التاريخي لـ«تنمل»، وضريح «حاييم بن ديوان»، وموقع «ملاحات ماريغة»، والمدرسة القرآنية العتيقة بآسني، وقرية «إمليل».
ويعود تاريخ بناء ضريح المعتمد بن عباد إلى 1970. وهو يضمّ، فضلاً عن قبر المعتمد، قبر زوجته اعتماد الرميكية، وابنهما أبو سليمان الربيع.
وضمّت لائحة المشاركين في القراءات الشعرية بضريح «الملك الشاعر»، كلاّ من رشيد منسوم وجمال أماش، ومحمد احميدشات، مع تقديم قراءات من شعر المعتمد بن عباد.
وعن شعوره، وهو يقرأ شعره بالقرب من «قبر الغريب»، قال الشاعر رشيد منسوم إن «الأمكنة، برمزيتها التاريخية وحمولتها الرمزية، تُسهِم في إعادة خلق اللحظة الشعرية، من جهة أنّ الشاعر ينصت إلى الأرواح التي تحرس المكان، لتمنح القصائد ضوءاً داخلياً وشحنة إضافية».
ووصف شاعر: «سلام عليكم، أيّها النائمون»، نزولهم ضيوفاً على الملك والشاعر الأندلسي، باللحظة الجميلة، التي تم خلالها «استحضار لحظات من تاريخ البلد، في كل أبعادها التاريخية والفلسفية والوجدانية والجمالية، وأيضاً، كلحظات تتعالى على الزمن، أبدية ينتصر فيها الشعر بقيمه الجمالية على القهر، من جهة أن الشاعر يواجه القدر الإنساني ومصيره العبثي، في محاولة لترسيخ كينونته ووجوده والصمود ضد التلاشي والنسيان، بنوع من البوح».
وزاد شاعر «طعم لأسماك طائرة» و«الصمت سيفعل شيئاً ما»، قائلاً إن قراءاتهم الشعرية «كانت تكريماً لروح المعتمد بن عباد، الذي كنا ضيوفاً عليه، في ضريحه، بشكل جعل الأرواح تتصادى بعيداً عن البكائية، قريباً من التفكير في الموت وقيمة الحب في مواجهة القهر والظلم، من خلال استحضار علاقة المعتمد بزوجته وأبنائه، لذلك قرأنا نصوصاً على مقامات الحب ببوح صوفي».
ولا يمكن لزائر ضريح المعتمد بن عباد إلا أن يستعيد علاقة الملك الأندلسي بزوجته وأبنائه، فضلاً عن معاناته في منفى أغمات، خصوصاً حين يقرأ شاهدة قبر زوجته: «هنا قبر اعتماد الرميكية زوج المعتمد التي شاركته في نعيمه وبؤسه»، أو القصيدة التي كتبها المعتمد وطلب أن تكتب على قبره، التي يُقرأ فيها:
«قبر الغريب سقاك الرائح الغادي
حقاً ظفرت بأشلاء ابن عبادِ
بالحلم بالعلم بالنعمى إذا اتصلت
بالخصب إن أجدبوا بالري للصادي
بالطّاعن الضّارب الرّامي إذا اقتتلوا
بالموت أحمر بالضرغامة العادي
بالدهر في نقم بالبحر في نعم
بالبدر في ظلم بالصدر في النادي
نعم هو الحق حاباني به قدر
من السماء فوافاني لميعادِ
كفاكَ فارفق بما استودعت من كرم
رواك كل قطوب البرق رعّاد
ولا تزال صلوات الله دائمة
على دفينك لا تحصى بتعدادِ
وفي أغمات التي تحسب لها أدوارها المؤثرة في التحولات التي عرفها المغرب، خصوصاً في القرن العاشر الميلادي، بعد أن شكّلت معقلاً ومنطلقاً للمرابطين، لبسط سيطرتهم على الغرب الإسلامي، قبل تأسيس مراكش التي انطلق منها المرابطون لبسط سيطرتهم على الغرب الإسلامي، في المغرب والأندلس، لا يمكن للزائر إلا أن يتذكر يوسف بن تاشفين وعبوره المتكرر إلى الأندلس، وما خلّده التاريخ من حكايته مع زينب النفزاوية من جهة، ومن جهة ثانية، حكاية المعتمد بن عباد، مع اعتماد الرميكية، زوجته الشهيرة، التي عاشت تحتل مكانة بارزة في حياة زوجها، حتى إنّها كانت، لسمو مكانتها وتمكن نفوذها، يطلق عليها اسم «السيدة الكبرى».
كانت اعتماد، والعهدة على كتب التاريخ وكتابات المهتمين والباحثين، تغالي في دلالها على المعتمد، ومن ذلك أنّها طلبت منه أن يريها الثلج، فزرع لها أشجار اللوز على الجبل المقابل للقصر، حتى إذا نوّر زهره بدت الأشجار كأنّها محملة بالثلج الأبيض. ومن ذلك، أيضاً، أنّها رأت نساءً يمشين في الطين، في يوم ممطر، وهُن يتغنين فرحات، فاشتهت المشي في الطين، فأمر المعتمد أن يُصنع لها طين من الطيب، فسُحقت أخلاط منه وذرّت بها ساحة القصر، ثم صبّ ماء الورد على أخلاط المسك وعُجنت بالأيدي حتى عاد كالطين، فخاضته مع جواريها.
وقد خلد المعتمد بن عباد قصة المشي فوق طين العنبر والمسك والكافور، في قصيدة نظمها في يوم عيد رأى فيه بناته، وقد جئن يسلمن عليه، في سجنه، وهن يلبسن ثياباً رَثَّة، فيما بدا على محياهن العوز والحاجة فخنقته العبرة:
فيما مضى كنتَ بالأعياد مسروراً
وكان عيدُكَ باللذاتِ معمورا
وكنت تحسب أنّ العيد مسعدةٌ
فساءك العيد في أغمات مأسورا
ترى بناتك في الأطمار جائعةً
في لبسهنّ رأيت الفقر مسطوراً
معاشهنّ بعيد العزّ ممتهنٌ
يغزلن للناس لا يملكن قطميراً
وكم حكمت على الأقوامِ في صلفٍ
فردّك الدهر منهياً ومأمورا
غير أن ما يمكن أن يجلب العذر للمعتمد بن عباد، في سياق الحديث عن ملوك الطوائف ويوسف بن تاشفين، الذي تذكر كتب التاريخ أنّه «كان صوّاماً قوّاماً زاهداً مُتقشِّفاً لم يكن يأكل سوى خبز الشعير، ولحم الإبل، وشرابه لبن النوق»، هو مستوى الهيام الذي ظل يُكنّه لزوجته الشاعرة، وهو هيامٌ يمكن أن يُفقده العقل ويُضيع الإمارة، وكل الأندلس، ويُطوِّح بصاحبه إلى أغمات سجيناً: المعتمد، العاشق حتى الضياع، هو نفسه الذي تذكر عنه كتب التاريخ مواقف جميلة تنمّ عن صفاء طوية ونخوة كامنة.
تقول كتب التاريخ: «ولما خوّفه بعض حاشيته من ابن تاشفين وقالوا: الملك عقيم، والسيفان لا يجتمعان في غمد واحد»، أجابهم: «تالله إنني لأوثر أنْ أرعى الجمال لسلطان مراكش، على أنْ أغدو تابعاً لملك النصارى، وأنْ أؤدي له الجزية. إنّ رعي الجمال خير من رعْي الخنازير».



«يوم 13» يطارد «هارلي» في سباق إيرادات «الفطر السينمائي» بمصر

أحمد داود في لقطة من الفيلم
أحمد داود في لقطة من الفيلم
TT

«يوم 13» يطارد «هارلي» في سباق إيرادات «الفطر السينمائي» بمصر

أحمد داود في لقطة من الفيلم
أحمد داود في لقطة من الفيلم

حقق فيلم الرعب والإثارة «يوم 13» مفاجأة خلال الأيام الماضية في شباك التذاكر بمصر، حيث حصد أعلى إيراد يومي متفوقاً على فيلم «هارلي» لمحمد رمضان، الذي لا يزال محتفظاً بالمركز الأول في مجمل إيرادات أفلام موسم عيد الفطر محققاً ما يزيد على 30 مليون جنيه مصري حتى الآن (نحو مليون دولار أميركي)، بينما يطارده في سباق الإيرادات «يوم 13» الذي حقق إجمالي إيرادات تجاوزت 20 مليون جنيه حتى الآن.
ويعد «يوم 13» أول فيلم عربي بتقنية ثلاثية الأبعاد، وتدور أحداثه في إطار من الرعب والإثارة من خلال عز الدين (يؤدي دوره الفنان أحمد داود) الذي يعود من كندا بعد سنوات طويلة باحثاً عن أهله، ويفاجأ بعد عودته بالسمعة السيئة لقصر العائلة المهجور الذي تسكنه الأشباح، ومع إقامته في القصر يكتشف مغامرة غير متوقعة. الفيلم من تأليف وإخراج وائل عبد الله، وإنتاج وتوزيع شركته وشقيقه لؤي عبد الله «أوسكار»، ويؤدي بطولته إلى جانب أحمد داود كل من دينا الشربيني، وشريف منير، وأروى جودة، كما يضم عدداً من نجوم الشرف من بينهم محمود عبد المغني، وفرح، وأحمد زاهر، ومحمود حافظ، وجومانا مراد، ووضع موسيقاه هشام خرما.
وقال مخرج الفيلم وائل عبد الله في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إنه ليس متفاجئاً بالإيرادات التي حققها الفيلم، ولكنه كان متخوفاً من الموسم نفسه ألا يكون جيداً، قائلاً إن «إقبال الجمهور حطم مقولة إن جمهور العيد لا يقبل إلا على الأفلام الكوميدية، وإنه يسعى للتنوع ولوجود أفلام أخرى غير كوميدية، وإن الفيصل في ذلك جودة الفيلم، مؤكداً أن الفيلم احتل المركز الأول في الإيرادات اليومية منذ انتهاء أسبوع العيد».
وكشف عبد الله أن الفيلم استغرق عامين، خلاف فترات التوقف بسبب جائحة كورونا، وأنه تضمن أعمال غرافيك كبيرة، ثم بعد ذلك بدأ العمل على التقنية ثلاثية الأبعاد التي استغرق العمل عليها عشرة أشهر كاملة، مؤكداً أنه درس طويلاً هذه التقنية وأدرك عيوبها ومميزاتها، وسعى لتلافي الأخطاء التي ظهرت في أفلام أجنبية والاستفادة من تجارب سابقة فيها.
وواصل المخرج أنه كان يراهن على تقديم الفيلم بهذه التقنية، لا سيما أن أحداً في السينما العربية لم يقدم عليها رغم ظهورها بالسينما العالمية قبل أكثر من عشرين عاماً، موضحاً أسباب ذلك، ومن بينها ارتفاع تكلفتها والوقت الذي تتطلبه، لذا رأى أنه لن يقدم على هذه الخطوة سوى أحد صناع السينما إنتاجياً وتوزيعياً، مشيراً إلى أن «ميزانية الفيلم وصلت إلى 50 مليون جنيه، وأنه حقق حتى الآن إيرادات وصلت إلى 20 مليون جنيه».
ورغم عدم جاهزية بعض السينمات في مصر لاستقبال الأفلام ثلاثية الأبعاد، فقد قام المخرج بعمل نسخ «2 دي» لبعض دور العرض غير المجهزة، مؤكداً أن استقبال الجمهور في القاهرة وبعض المحافظات للفيلم لم يختلف، منوهاً إلى أن ذلك سيشجع كثيراً على تقديم أفلام بتقنية ثلاثية الأبعاد في السينما العربية.