قوات السراج تحسم معارك العاصمة ضد مجموعات الغويل المسلحة

حفتر يعلن بدء الرحلات الجوية من مطار بنغازي لأول مرة منذ 3 سنوات

ليبيون يعاينون آثار الدمار الذي لحق ببناية جراء المعارك التي شهدتها منطقة أبو سليم في طرابلس (رويترز)
ليبيون يعاينون آثار الدمار الذي لحق ببناية جراء المعارك التي شهدتها منطقة أبو سليم في طرابلس (رويترز)
TT

قوات السراج تحسم معارك العاصمة ضد مجموعات الغويل المسلحة

ليبيون يعاينون آثار الدمار الذي لحق ببناية جراء المعارك التي شهدتها منطقة أبو سليم في طرابلس (رويترز)
ليبيون يعاينون آثار الدمار الذي لحق ببناية جراء المعارك التي شهدتها منطقة أبو سليم في طرابلس (رويترز)

أعلن تحالف لميليشيات مسلحة موالية لفائز السراج، رئيس حكومة الوفاق الوطني في العاصمة الليبية طرابلس، أنه حسم المعارك الجارية لصالحه بعد أن صد أمس هجوما شنته مجموعات مسلحة موالية لحكومة الإنقاذ الوطني برئاسة خليفة الغويل، شرق طرابلس، وذلك بعد معارك استمرت ثلاثة أيام.
وجاءت هذه التطورات، فيما أعلن المشير خليفة حفتر، القائد العام للجيش الوطني الليبي، أن مطار بنينا الدولي في بنغازي سيبدأ اعتبارا من السبت المقبل في تسيير رحلاته إلى داخل وخارج ليبيا، بعد نحو ثلاث سنوات من التوقف نتيجة الهجمات الإرهابية المتوالية عليه. وقال حفتر في بيان أصدره أمس: «ها هو مطار بنينا الدولي يعود للخدمة مجددا بفضل تضحيات أبنائنا من القوات المسلحة الباسلة والشباب المساند لها، الذي سطر ملاحم البطولة والعزة والشرف»، مشددا على أن «القيادة العامة لقوات الجيش عملت على صيانة المطار وإعادة افتتاحه، واستئناف تسيير الرحلات منه وإليه تخليدا لشهداء الوطن، الذين بذلوا دماءهم لكي يهنأ الليبيون بكرامتهم وأرزاقهم، خصوصا أن الجهات المسؤولة لم تحرك ساكنا تجاه المطار، وهو ما دعا القيادة إلى التدخل».
وأعلن حفتر الموالي لمجلس النواب في شرق ليبيا تحرير مدينة بنغازي الأسبوع الماضي من قبضة الميليشيات المسلحة، التي هيمنت عليها طيلة السنوات الست والتي تلت إسقاط نظام العقيد الراحل معمر القذافي عام 2011، لكن حفتر ما زال يرفض الاعتراف بشرعية حكومة السراج أو التعاون معها، ويطالبها في المقابل بفك ارتباطها بالميليشيات المسلحة الموجودة في طرابلس.
من جهتها، قالت قوة الردع والتدخل المشتركة «محور أبو سليم الكبرى» في بيان مقتضب، إن القوات المشتركة وصلت أمس إلى مشارف قصر الأخيار بعد طرد من وصفتهم بـ«المجموعات المسلحة الخارجة عن القانون»، وتمشيط المناطق التي كانت تتمركز فيها.
وكانت قوة الردع التابعة لحكومة السراج، قد أعلنت مساء أول من أمس عن التصدي للقوات المهاجمة للعاصمة في هجوم استباقي، وطردهم إلى ما بعد محطة وقود الجوادي شرق القره بولي الساحلية، التي تبعد نحو ستين كلم شرق طرابلس.
وأكد رئيس بلدية القره بولي، حسين أبو غنيمة، لوكالة الصحافة الفرنسية، انتهاء المعارك، موضحا أن قوة تابعة لحكومة السراج بقيت في القره بولي لتأمينها، وفتح الطرق التي قطعت جراء المعارك، وتحدث عن تسجيل «أضرار مادية فادحة وكثير من الضحايا من ضمن المدنيين».
وحذرت حكومة السراج المجموعات «الخارجة عن القانون» من التقدم باتجاه العاصمة، وأصدرت أوامر لقواتها بصد أي هجوم على طرابلس، علما بأن ميليشيات هذه الحكومة وسعت نفوذها نهاية شهر مايو (أيار) الماضي في طرابلس بعد أن طردت خصومها من مواقع كانوا يتمركزون فيها جنوب العاصمة.
من جهة أخرى، من المنتظر أن يزور وزير الداخلية الإيطالي ماركو مينّيتي اليوم الخميس طرابلس لبحث استراتيجيات مقاومة الهجرة السرية مع سلطاتها المحلية. ونقلت وكالة «آكي» الإيطالية عن مصادر إعلامية إيطالية أن مينيتي سيلتقي فائز السراج، رئيس حكومة الوفاق الوطني المدعومة من بعثة الأمم المتحدة، بالإضافة إلى وزير داخليته عارف الخوجة، ورؤساء بلديات المناطق الأكثر تضررا من أنشطة الاتجار بالبشر، أو بالأحرى «منطقة فزان الساحلية الغربية».
وقالت الوكالة إن هدف الزيارة إشراك السلطات المحلية بعمل واسع النطاق لمحاربة ظاهرة الهجرة السرية، يقوم أيضا على أساس تنمية ومساعدة هذه المناطق.
في غضون ذلك، احتل ملف ليبيا صدارة المحادثات التي أجراها في القاهرة السفير طارق القوني، مساعد وزير الخارجية المصري للشؤون العربية، مع سفير الولايات المتحدة لدى ليبيا بيتر بودي، ونائبة مساعد وزير الخارجية الأميركي لشؤون مصر والمغرب العربي يال لامبرت.
وقال بيان للخارجية المصرية، إنه جرى مناقشة تطورات الأوضاع في ليبيا وإمكانيات دفع الحوار السياسي، وبحث سبل الوساطة بين الأطراف الليبية المختلفة لحل المشكلات العالقة في الاتفاق السياسي الليبي.
وأكد السفير القوني، خلال اللقاء الأهمية التي توليها مصر لحل الأزمة الليبية، وحرص الجانب المصري على إرساء الأمن والاستقرار في جميع المناطق الليبية، ووقوفها على مسافة واحدة من جميع الأطراف السياسية الليبية، وذلك لدفع العملية السياسية، وإيجاد حل شامل للأزمة يحافظ على وحدة واستقلال البلاد، مشيرا إلى استقبال القاهرة مؤخرا لوفد من الشخصيات السياسية والقيادات الفاعلة من مدينة مصراتة.
من جانبه، أشار الوفد الأميركي إلى توافق الرؤيتين المصرية والأميركية فيما يتعلق بضرورة مكافحة الإرهاب في ليبيا، نظرا لتبعاته السلبية على المنطقة، وكذا أهمية مواصلة التنسيق بين البلدين في جهود التسوية السياسية في ليبيا، مشيدا بالجهود المصرية الرامية إلى حلحلة الأزمة الليبية، لا سيما فيما يتعلق بالاجتماعات التي يتم عقدها في القاهرة للأطراف الليبية المختلفة.



الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)

كثّفت الجماعة الحوثية استهدافها مدرسي الجامعات والأكاديميين المقيمين في مناطق سيطرتها بحملات جديدة، وألزمتهم بحضور دورات تعبوية وزيارات أضرحة القتلى من قادتها، والمشاركة في وقفات تنظمها ضد الغرب وإسرائيل، بالتزامن مع الكشف عن انتهاكات خطيرة طالتهم خلال فترة الانقلاب والحرب، ومساعٍ حثيثة لكثير منهم إلى الهجرة.

وذكرت مصادر أكاديمية في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن مدرسي الجامعات العامة والخاصة والموظفين في تلك الجامعات يخضعون خلال الأسابيع الماضية لممارسات متنوعة؛ يُجبرون خلالها على المشاركة في أنشطة خاصة بالجماعة على حساب مهامهم الأكاديمية والتدريس، وتحت مبرر مواجهة ما تسميه «العدوان الغربي والإسرائيلي»، ومناصرة فلسطينيي غزة.

وتُلوّح الجماعة بمعاقبة مَن يتهرّب أو يتخلّف من الأكاديميين في الجامعات العمومية، عن المشاركة في تلك الفعاليات بالفصل من وظائفهم، وإيقاف مستحقاتهم المالية، في حين يتم تهديد الجامعات الخاصة بإجراءات عقابية مختلفة، منها الغرامات والإغلاق، في حال عدم مشاركة مدرسيها وموظفيها في تلك الفعاليات.

أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

وتأتي هذه الإجراءات متزامنة مع إجراءات شبيهة يتعرّض لها الطلاب الذين يجبرون على حضور دورات تدريبية قتالية، والمشاركة في عروض عسكرية ضمن مساعي الجماعة لاستغلال الحرب الإسرائيلية على غزة لتجنيد مقاتلين تابعين لها.

انتهاكات مروّعة

وكان تقرير حقوقي قد كشف عن «انتهاكات خطيرة» طالت عشرات الأكاديميين والمعلمين اليمنيين خلال الأعوام العشرة الماضية.

وأوضح التقرير الذي أصدرته «بوابة التقاضي الاستراتيجي»، التابعة للمجلس العربي، بالتعاون مع الهيئة الوطنية للأسرى والمختطفين، قبل أسبوع تقريباً، وغطّي الفترة من مايو (أيار) 2015، وحتى أغسطس (آب) الماضي، أن 1304 وقائع انتهاك طالت الأكاديميين والمعلمين في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية التي اتهمها باختطافهم وتعقبهم، ضمن ما سمّاها بـ«سياسة تستهدف القضاء على الفئات المؤثرة في المجتمع اليمني وتعطيل العملية التعليمية».

أنشطة الجماعة الحوثية في الجامعات طغت على الأنشطة الأكاديمية والعلمية (إكس)

ووثّق التقرير حالتي وفاة تحت التعذيب في سجون الجماعة، وأكثر من 20 حالة إخفاء قسري، منوهاً بأن من بين المستهدفين وزراء ومستشارين حكوميين ونقابيين ورؤساء جامعات، ومرجعيات علمية وثقافية ذات تأثير كبير في المجتمع اليمني.

وتضمن التقرير تحليلاً قانونياً لمجموعة من الوثائق، بما في ذلك تفاصيل جلسات التحقيق ووقائع التعذيب.

ووفق تصنيف التقرير للانتهاكات، فإن الجماعة الحوثية نفّذت 1046 حالة اختطاف بحق مؤثرين، وعرضت 124 منهم للتعذيب، وأخضعت اثنين من الأكاديميين و26 من المعلمين لمحاكمات سياسية.

وتشمل الانتهاكات التي رصدها التقرير، الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري والتعذيب الجسدي والنفسي والمحاكمات الصورية وأحكام الإعدام.

عشرات الأكاديميين لجأوا إلى طلب الهجرة بسبب سياسات الإقصاء الحوثية وقطع الرواتب (إكس)

وسبق أن كشف تقرير تحليلي لأوضاع الأكاديميين اليمنيين عن زيادة في طلبات العلماء والباحثين الجامعيين للهجرة خارج البلاد، بعد تدهور الظروف المعيشية، واستمرار توقف رواتبهم، والانتهاكات التي تطال الحرية الأكاديمية.

وطبقاً للتقرير الصادر عن معهد التعليم الدولي، ارتفعت أعداد الطلبات المقدمة من باحثين وأكاديميين يمنيين لصندوق إنقاذ العلماء، في حين تجري محاولات لاستكشاف الطرق التي يمكن لقطاع التعليم الدولي من خلالها مساعدة وتغيير حياة من تبقى منهم في البلاد إلى الأفضل.

إقبال على الهجرة

يؤكد المعهد الدولي أن اليمن كان مصدر غالبية الطلبات التي تلقّاها صندوق إنقاذ العلماء في السنوات الخمس الماضية، وتم دعم أكثر من ثلثي العلماء اليمنيين داخل المنطقة العربية وفي الدول المجاورة، بمنحة قدرها 25 ألف دولار لتسهيل وظائف مؤقتة.

قادة حوثيون يتجولون في جامعة صنعاء (إعلام حوثي)

لكن تحديات التنقل المتعلقة بالتأشيرات وتكلفة المعيشة والاختلافات اللغوية الأكاديمية والثقافية تحد من منح الفرص للأكاديميين اليمنيين في أميركا الشمالية وأوروبا، مقابل توفر هذه الفرص في مصر والأردن وشمال العراق، وهو ما يفضله كثير منهم؛ لأن ذلك يسمح لهم بالبقاء قريباً من عائلاتهم وأقاربهم.

وخلص التقرير إلى أن العمل الأكاديمي والبحثي داخل البلاد «يواجه عراقيل سياسية وتقييداً للحريات ونقصاً في الوصول إلى الإنترنت، ما يجعلهم يعيشون فيما يُشبه العزلة».

وأبدى أكاديمي في جامعة صنعاء رغبته في البحث عن منافذ أخرى قائمة ومستمرة، خصوصاً مع انقطاع الرواتب وضآلة ما يتلقاه الأستاذ الجامعي من مبالغ، منها أجور ساعات تدريس محاضرات لا تفي بالاحتياجات الأساسية، فضلاً عن ارتفاع الإيجارات.

إجبار الأكاديميين اليمنيين على المشاركة في الأنشطة الحوثية تسبب في تراجع العملية التعليمية (إكس)

وقال الأكاديمي الذي طلب من «الشرق الأوسط» التحفظ على بياناته خوفاً على سلامته، إن الهجرة ليست غاية بقدر ما هي بحث عن وظيفة أكاديمية بديلة للوضع المأساوي المعاش.

ويقدر الأكاديمي أن تأثير هذه الأوضاع أدّى إلى تدهور العملية التعليمية في الجامعات اليمنية بنسبة تتجاوز نصف الأداء في بعض الأقسام العلمية، وثلثه في أقسام أخرى، ما أتاح المجال لإحلال كوادر غير مؤهلة تأهيلاً عالياً، وتتبع الجماعة الحوثية التي لم تتوقف مساعيها الحثيثة للهيمنة على الجامعات ومصادرة قرارها، وصياغة محتوى مناهجها وفقاً لرؤية أحادية، خصوصاً في العلوم الاجتماعية والإنسانية.

وفي حين فقدت جامعة صنعاء -على سبيل المثال- دورها التنويري في المجتمع، ومكانتها بصفتها مؤسسة تعليمية، تُشجع على النقد والتفكير العقلاني، تحسّر الأكاديمي اليمني لغياب مساعي المنظمات الدولية في تبني حلول لأعضاء هيئة التدريس، سواء في استيعابهم في مجالات أو مشروعات علمية، متمنياً ألا يكون تخصيص المساعدات لمواجهة المتطلبات الحياتية للأكاديميين غير مشروط أو مجاني، وبما لا يمس كرامتهم.