رابطة الأدباء الكويتيين تحتفل بيوبيلها الذهبي

أطلقت منتدى لرعاية مواهب «الأدباء الشباب».. وقدمت كتاب «الحركة الأدبية والفكرية بالكويت»

وزير الإعلام الكويتي سلمان الحمود الصباح مكرما أحد الأعضاء المؤسسين لرابطة الأدباء
وزير الإعلام الكويتي سلمان الحمود الصباح مكرما أحد الأعضاء المؤسسين لرابطة الأدباء
TT

رابطة الأدباء الكويتيين تحتفل بيوبيلها الذهبي

وزير الإعلام الكويتي سلمان الحمود الصباح مكرما أحد الأعضاء المؤسسين لرابطة الأدباء
وزير الإعلام الكويتي سلمان الحمود الصباح مكرما أحد الأعضاء المؤسسين لرابطة الأدباء

تحت رعاية من أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الصباح، وحضور وزير الإعلام ووزير الدولة لشؤون الشباب الشيخ سلمان الحمود الصباح، احتفلت رابطة الأدباء الكويتيين بمناسبة مرور 50 سنة على تأسيسها في نوفمبر (تشرين الثاني) 1964.
وقالت الرابطة إنها أخذت على عاتقها منذ ذلك الحين رعاية الحركة الفكرية والأدبية في الكويت، والعمل على ازدهارها عبر «الاتجاه بالأدب اتجاها يخدم المجتمع الكويتي، ويعمل على تنمية الوعي القومي، والحث على الإنتاج النفيس في الفكر والثقافة، وتشجيع البحوث والدراسات التي تهدف إلى صيانة التراث العربي، وتراث الكويت».
وأقامت الرابطة بهذه المناسبة احتفالا ثقافيا على مدى يومين (13 - 14 مايو/أيار) تضمن ندوات وورش عمل بحضور الكثير من الشخصيات الأدبية والثقافية من الكويت ودول الخليج والعالم العربي، وتناولت الندوات تاريخ رابطة الأدباء الكويتيين، ودورها في إثراء الحراك الثقافي والمعرفي.
وفي تعليقه على هذا الحدث قال وزير الإعلام الكويتي الشيخ سلمان الحمود الصباح في كلمة ألقاها في افتتاح المناسبة: «إن الحركة الأدبية والثقافية في الكويت ومنذ مطلع القرن العشرين سارت نحو النمو والتطور تلامس مناكب حركة الفكر والأدب العربي تأثرا وتأثيرا، فالكويت منذ مطلع القرن العشرين اعتمدت على زخم التيارات الثقافية والأدبية المتدفقة إلى المجتمع الكويتي من خارجه وتنشيط العوامل الساكنة بداخله التي أبدعت في تأسيس الصروح الثقافية والعلمية الكويتية آنذاك».
وأكد الشيخ سلمان أن الكويت أدركت أهمية الأدب والثقافة ودورهما في تطور الشعوب والأوطان منذ قرن مضى في عهد الشيخ مبارك الصباح حينما بدأت الحركة الأدبية والثقافية بالكويت على أسس سليمة، مبينا أنها أنتجت ثقافة منفردة وأدبا مبنيا على خصائصه الكويتية الخليجية ومرتبطا بنبضه العربي.
وأشار إلى أن بداية حركة الفكر بالكويت كانت بظهور الشاعر والأديب عبد الجليل الطبطبائي في نهاية القرن التاسع عشر والذي ترك أثرا بارزا في الحياة الفكرية الكويتية وأكمل تلامذته من بعده مشواره وفي مقدمتهم الراحل الأستاذ عبد العزيز الرشيد الذي أسهمت أعماله في تأكيد صورة الكويت زاخرة بالفكر والحيوية في العالمين العربي والإسلامي.
وأوضح الشيخ سلمان أن رابطة الأدباء الكويتيين لا تزال منذ تأسيسها إحدى مؤسسات المجتمع المدني الكويتية التي عنيت بالنهوض بالحركة الأدبية والثقافية والفكرية الكويتية، مشيدا بدورها في رعاية نشء ثقافي وأدبي من الكتاب والأدباء الكويتيين الذين كان لهم دور ملموس في إبراز الوجه الحضاري لدولة الكويت داخليا وخارجيا جيلا بعد جيل.
من جانبه شكر أمين عام رابطة الأدباء الكويتيين طلال الرميضي الرعاية الحكومية المستمرة في دولة الكويت ودعمها غير المحدود للأدباء والمثقفين، وتطوير المؤسسات الثقافية التي تعتبر رافدا مميزا لمفردات الإبداع في المجتمع الكويتي الحضاري.
وقال الرميضي «في هذه الاحتفالية بمرور خمسة عقود على إنشاء رابطة الأدباء الكويتيين نتذكر الجهود الرائعة للأدباء السابقين والمعاصرين»، مشيرا إلى «إنجازات الرابطة في تلك الفترة والعطاء الذي بذلته من فعاليات ثقافية هامة ونشر عدد من المطبوعات المهمة والقيمة لتساهم في إثراء الحراك الثقافي في صفحة مشرقة من صفحات تاريخ الكويت».
وقال الرميضي لـ«الشرق الأوسط» إن رابطة الأدباء في الكويت تسعى إلى ربط جيل الشباب الجديد بالجيل القديم من الأدباء، حتى لا تحدث فجوة بين الأجيال ويفقد الجيل الحديث هويته وأصالته.
ويرى الرميضي أن هناك اهتماما كبيرا في الوقت الحاضر لدى الجيل الشاب بالأدب، وبالأخص في مجال القصة والراوية، ولذلك سعت الرابطة من خلال هذه الاحتفالية إلى ربط الأجيال الأدبية في الكويت بعضها ببعض ومراجعة المسيرة وتذكرها والإشادة بها، وتلمس خطواتها.
كما أنه وفي ذات السياق أسست الرابطة منتدى «المبدعون الجدد»، فوفقا للرميضي يسعى هذا المنتدى إلى صقل ورعاية مواهب الشباب، الذين تتراوح أعمارهم ما بين (13 - 30 سنة)، في الشعر والأدب وتطويرها على يد الأدباء المخضرمين في الرابطة، وأصدر المنتدى كتابا بعنوان «إشراقات» يحوي مجموعة من الحصيلة الإبداعية لشباب المنتدى.
وبدوره قال نائب الأمين العام للاتحاد العام للأدباء والكتاب العرب إبراهيم بوهندي إن للكويت دائما مواقف وطنية عربية منذ نهضتها في دعم الإبداع الأدبي والفكري والفني وكان لروادها دور مهم في إثراء المشهد الثقافي الخليجي والعربي بإبداعاتهم المتميزة على مستوى الشعر والسرد القصصي والروائي وعلى مستوى المسرح وغيرها من الآداب والفنون.
أما صالح المسباح، مدير تحرير مجلة البيان، الصادرة عن الرابطة، فقال لـ«الشرق الأوسط» إن هذه الاحتفالية تذكرنا بالبدايات الأولى لأول عمل أدبي مؤسسي انطلق في الكويت عام 1924، حيث شعر جماعة من الأدباء بحاجتهم إلى مكان لائق يجتمعون فيه ويتداولون الشؤون الأدبية والاجتماعية، فتأسس «النادي الأدبي الأول»، ومنذ ذلك الحين شقت النوادي الأدبية والجمعيات الثقافية طريقها إلى المجتمع الكويتي.
وبمناسبة الاحتفالية قدمت الرابطة إلى الحضور الطبعة الثانية من كتاب «الحركة الأدبية والفكرية في الكويت» لمؤلفه الأديب المصري محمد حسن علون، الذي صدرت طبعته الأولى عام 1973 في حجم يتجاوز الـ700 صفحة، لكنه انقطع عن الأسواق ونفد، فأعادت الرابطة طباعته لاستشعارها أهمية هذا الكتاب الذي يعد من «المراجع الأساسية، والمصادر المهمة للباحثين حول تاريخ الثقافة والأدب في الكويت».



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».