«يونيسكو» تضيف منطقة البحيرات في انجلترا إلى قائمتها

تعتبر مصدر إلهام لكبار المؤلفين البريطانيين

«يونيسكو» تضيف منطقة البحيرات في انجلترا إلى قائمتها
TT

«يونيسكو» تضيف منطقة البحيرات في انجلترا إلى قائمتها

«يونيسكو» تضيف منطقة البحيرات في انجلترا إلى قائمتها

من بين أجمل بقاع الطبيعة في بريطانيا، تأتي منطقة البحيرات أو «ليك ديستريكت» (Lake District) في المقدمة، وهي تقع في شمال غربي إنجلترا ضمن مقاطعة كمبريا، وتعد من أهم وجهات السياحة في بريطانيا، بعد لندن. وأخيراً، أضافت لجنة التراث العالمي التابعة لليونيسكو إلى قائمتها الشهيرة متنزه منطقة البحيرات، حيث تتلاقى الجبال والبحيرات مشكلة مصدر إلهام لكبار المؤلفين البريطانيين.
واستشهدت اللجنة بأسماء الشاعر ويليام ووردسوورث (1770 - 1850)، والكاتب جون راسكن (1819 - 1900)، وبياتريكس بوتر (1866 - 1943) مؤلفة شخصية الأرنب بيتر، لتوضح أن منطقة البحيرات ليست مجرد متنزه وطني يزوره ملايين السياح، بل هي أيضاً مصدر إلهام لكبار الفنانين.
وقد أدرج الموقع على قائمة التراث الثقافي، وليس التراث الطبيعي. ومنطقة البحيرات هي الموقع البريطاني الحادي والثلاثون الذي يدرج في هذه القائمة.
وقد أرفقت اللجنة قرارها بعدة توصيات، مقترحة على السلطات البريطانية الحد من أنشطة مقالع الحجارة، والحفاظ على نمط العيش التقليدي للرعاة هناك، وتفادي نزوح السكان.
وتعد معظم أراضي المنطقة محميات طبيعية وحدائق عامة، يمنع البناء فيها أو قيام أي نشاط صناعي أو تجاري، وذلك منذ بداية الخمسينات. وتضم المنطقة أعلى جبال بريطانيا، واسمه «سكافيل بايك»، وبها أيضاً أعمق بحيرات في إنجلترا، مثل «واستووتر» و«وندرمير».
وضمن المنطقة السياحية تقع بقعة خلابة ومحمية طبيعية اسمها «بيك ديستريكت»، يزورها سنوياً نحو 16 مليون سائح، وهي أكبر محمية طبيعية في إنجلترا وويلز، والثانية على مستوى بريطانيا. وتمتد المحمية لمسافة 32 ميلاً من الشرق إلى الغرب، و40 ميلاً من الشمال إلى الجنوب.
وتضم المنطقة 4 قرى رئيسية، أهمها «وندرمير»، وكثير من القرى الصغيرة. ويعتمد اقتصاد المنطقة في معظمه على العوائد السياحية من الزوار، من داخل وخارج بريطانيا. وتخدم المنطقة شبكة طرق جيدة ترتبط في نهاياتها بالطرق السريعة الواصلة إلى اسكوتلندا شمالاً ولندن جنوباً. كما تخدمها شبكة سكك حديدية مخصصة للساحل الغربي، مع شبكة قطارات سياحية على قضبان ضيقة تنتقل بين القرى والمعالم المختلفة للمنطقة.
وتضم المنطقة 19 بحيرة، وهناك أيضاً سفن بخارية وأخرى مرتبطة بكابل بحري تنقل الركاب عبر أكبر البحيرات، وبعضها يعمل موسمياً خلال فصل الصيف. ومن ناحية المناخ، تتمتع المنطقة بمعدل أعلى من الأمطار، ولذلك تزدهر فيها الخضرة والغابات عن أي موقع آخر. وتعتبر المنطقة مأوى طبيعياً لكثير من الحيوانات، مثل السنجاب الأحمر، وكثير من الطيور، ومنها النسور الذهبية والصقور التي تهاجر صيفاً من شمال أفريقيا إلى منطقة البحيرات سنوياً.
ويعود النشاط السياحي في المنطقة إلى القرن السابع عشر، عندما زارت المنطقة الرحالة البريطانية سيليا فاينس في عام 1698، ووصفت رحلتها بين الجبال التي لم تشهد مثلها في إرجاء البلاد حينذاك، وقالت إن البحيرات تكونت من سيول المياه المتدفقة من أعلى قمم الجبال إلى أسفل الوديان.
وفي عام 1724، نشر المؤلف دانييل ديفو كتاباً عن رحلاته في الجزر البريطانية، جاء فيه أن منطقة البحيرات مخفية بسلسلة جبال يصعب اختراقها. وفي القرن الثامن عشر، اشتهرت المنطقة سياحياً، وكانت معظمها سياحة داخلية، حيث كان السفر إلى أوروبا محفوفاً بالمخاطر بسبب الحروب المتكررة فيها. وفي عام 1778، كتب توماس ويست أول دليل سياحي لمنطقة البحيرات، لكي تبدأ حقبة السياحة الحديثة فيها. وذكر ويست أفضل المواقع لمشاهدة الجبال والبحيرات المختلفة.
وتبعه ويليام وردورث بدليل آخر عام 1810، طبعت منه 5 طبعات حتى عام 1835. وكان هذا الكتاب وراء شهرة المنطقة سياحياً. ثم فتح امتداد السكك الحديدية للمنطقة آفاق الزيارة إليها بسهولة، كما انتشرت الزوارق البخارية في كثير من بحيرات المنطقة. ثم انتشر النشاط السياحي باستخدام السيارات بدلاً من المواصلات العامة. وفي عام 1951، تحولت المنطقة إلى محمية طبيعية.
وفي الستينات، صدرت كتب مصورة عن المنطقة زادت من شعبيتها، وبعضها ما يزال يستخدم من الزوار من كبار السن إلى الآن. ويقبل السياح إلى المنطقة من كل أنحاء العالم، خصوصاً من الصين واليابان وأميركا وألمانيا. ومن أشهر عوامل الجذب السياحي السفن البخارية في بحيرة وندرمير التي يستقلها سنوياً نحو مليون ونصف المليون راكب.
إلى ذلك، أضافت لجنة التراث العالمي التابعة لليونيسكو، المجتمعة في كراكوفا البولندية، سلسلة من المواقع الجديدة على قائمتها الشهيرة، من بينها موقع رصيف فالونغو الأثري في وسط ريو دي جانيرو، وحي نويشتات الألماني في ستراسبورغ.
وأدرجت منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونيسكو) على قائمة التراث العالمي للبشرية موقع رصيف فالونغو الأثري في وسط ريو دي جانيرو، الذي وصل عبره نحو 900 ألف عبد أفريقي إلى القارة الأميركية.
وبات حي نويشتات الألماني في ستراسبورغ مدرجاً على قائمة التراث العالمي للبشرية التي تعدها منظمة اليونيسكو، في خطوة رأى فيها رئيس بلدية المدينة الفرنسية تكريساً لبعدها الأوروبي.
وكان وسط ستراسبورغ القديم، المعروف باسم غراند ايل، حول كاتدرائية المدينة مدرجاً منذ عام 1988 على هذه القائمة للمواقع التي لها قيمة عالمية استثنائية. ويشكل القرار الجديد توسيعاً للموقع. وحي نويشتات، أي «المدينة الجديدة»، غير معروف جداً من الجمهور، إلا أنه من المواقع الألمانية القليلة التي لم يدمرها الحلفاء في الحرب العالمية الثانية. وقد بني نويشتات في عهد الإمبراطور غيوم الثاني، ويمتد على 90 هكتاراً، ويضم مجموعة كبيرة من الأبنية على الطراز القوطي الجديد وآر ديكو والنهضة الجديدة.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».