أميركا: الاستحواذات والاندماجات سلاح الشركات لمواجهة المخاطر المالية

وارن بافيت يدرس شراء شركة نقل للكهرباء

TT

أميركا: الاستحواذات والاندماجات سلاح الشركات لمواجهة المخاطر المالية

في ظل معطيات عالمية بتغير المناخ الاستثماري والمالي لكثير من الاقتصادات العالمية، والشركات الكبرى بالتبعية، فإن الأخيرة تحاول التكيف مع الأوضاع الجديدة لتلك المتغيرات، إما بالتخارج من أسواق أو قطاعات بعينها، وإما بالتوسع واقتناص الفرص من خلال الاستحواذ أو الاندماج مع شركات أخرى، كي تستطيع مواجهة المتغيرات المتسارعة الحالية.
وانتشرت أنباء عدة في أسواق أكبر اقتصاد في العالم، الأسبوع الماضي، بشأن استحواذ شركات على أخرى، غيرت من وضعية المستثمرين وأسهم هذه الشركات في البورصة الأميركية. بيد أن عدد الشركات المتداولة في «وول ستريت» تراجع حاليا إلى 3 آلاف و600 شركة من نحو 7 آلاف و322 شركة في عام 1996.
ووفقا لوسائل إعلام محلية في الولايات المتحدة، تخطط شركة بيركشير هاثاوي، المملوكة للملياردير الأميركي وارن بافيت، للاستحواذ على إحدى أكبر شركات نقل الكهرباء في الولايات المتحدة الأميركية «أونكور» في صفقة تقدر قيمتها بـ17.5 مليار دولار، شاملة ديون الشركة.
وشركة أونكور مملوكة لشركة إنيرجي فيوتشرز، التي أعلنت إفلاسها عام 2014. ويعتبر المحللون الاستثمار في شركات الخدمات، بما فيها خدمات نقل الكهرباء، استثمارا آمنا وله حوافز ضريبية، خصوصا حال استثمرت هذه الشركة في توليد الطاقة المتجددة.
وتملك شركة أونكور ما يقدر بـ195 ألف كيلومتر من خطوط نقل الكهرباء. وفي حال تم هذا الاستحواذ سيكون ثالث أكبر استحواذ في تاريخ شركة وارن بافيت، بعد استحواذها على شركتي بريسجن كاستبارتس وبيرلنغتون.
وعلى صعيد آخر، أعلنت الشركتان المتنافستان «QVC» و«HSNI» الاندماج في خطوة مفاجئة لجميع المراقبين للسوق الأميركية. وتعتبر هاتان الشركتان إحدى أكبر شركات «التسوق عبر التلفاز» في الولايات المتحدة الأميركية. وتقدر قيمة هذا الاندماج بـ2.1 مليار دولار. يأتي هذا الاندماج بعد تباطؤ المبيعات في كلتا الشركتين، حيث انخفضت مبيعات «QVC» في آخر ثلاثة أرباع مالية بالمقارنة مع انخفاض في آخر ستة أرباع مالية لشركة «HSNI». ويرى المحللون أن الاندماج يأتي لحماية الشركتين من الضغط المستمر من عملاق التجارة الإلكترونية «أمازون». وبحسب صحيفة «وول سترت جورنال»، قال مايك جورج، الرئيس التنفيذي لشركة «QVC»، إن هذا الاندماج سيتيح للشركتين الاستثمار بشكل أكبر في تكنولوجيا التسوق.
وفي وقت سابق تم إعلان استحواذ «أمازون» على سلسلة محلات المواد الغذائية «هول فودز» في صفقة تقدر بـ13.7 مليار دولار. تملك شركة «هول فودز» أكثر من 460 محلا موزعة في أنحاء الولايات المتحدة الأميركية، مما سيتيح لشركة أمازون التوسع في سوق توصيل الوجبات الغذائية المعدة مسبقا.
ولم تكن «أمازون» الوحيدة التي تجري خلف الاستحواذ على «هول فودز»، فإنه، وبحسب تقارير كشفت عنها صحيفة «وول ستريت جورنال»، كانت هناك ستة عروض شراء استقبلتها الشركة قبل الموافقة المبدئية على عرض شركة أمازون.
وفي سياق آخر، كشفت صحيفة «وول ستريت جورنال»، أن هناك محادثات تعاون وشراكة بين «أمازون» وشركة «DISH» المختصة في مجال البث التلفزيوني الفضائي. وحيث إن كيفية وتفاصيل التعاون لا تزال مجهولة، نص التقرير على أنه من المتوقع أن يكون أحد الخيارات هو تمويل «أمازون» لمشروع شركة «DISH» لتطوير تقنية جديدة لتوصيل الإنترنت بالتقنيات الحديثة مثل الطائرات من دون طيار. والخيار الآخر المطروح هو أن يتم تأسيس شركة اتصالات وإضافتها لتكون أحد خدمات «أمازون برايم».
الجدير بالذكر أن جميع الاتفاقيات المبدئية بالاندماج أو الاستحواذ لا تتم بشكل نهائي إلا بعد مراجعتها من قبل قسم مكافحة الاحتكار في وزارة العدل الأميركية التي بدورها تمنع الشركات من احتكار خدمة أو سلعة معينة بدواعي حماية المنافسة في السوق الأميركية.



الشركات البريطانية تخفض التوظيف بأكبر وتيرة منذ الجائحة بسبب الضرائب

حي كناري وارف المالي في لندن (رويترز)
حي كناري وارف المالي في لندن (رويترز)
TT

الشركات البريطانية تخفض التوظيف بأكبر وتيرة منذ الجائحة بسبب الضرائب

حي كناري وارف المالي في لندن (رويترز)
حي كناري وارف المالي في لندن (رويترز)

خفضت الشركات البريطانية أعداد موظفيها بأكبر وتيرة منذ جائحة «كوفيد - 19»، وسجلت أدنى مستوى من الثقة منذ فترات الإغلاق، وفقاً لنتائج مسحين ألقيا باللوم بشكل رئيس على الزيادات الضريبية التي فرضتها الحكومة الجديدة.

وأظهرت البيانات الصادرة عن مؤشر مديري المشتريات العالمي الأولي لشهر ديسمبر (كانون الأول)، إلى جانب استطلاع ربع سنوي أجرته هيئة التصنيع «ميك يو كيه»، مزيداً من الإشارات على تباطؤ الاقتصاد المرتبط بموازنة وزيرة المالية، راشيل ريفز، التي أُعلنت في 30 أكتوبر (تشرين الأول)، وفق «رويترز».

وبالإضافة إلى الامتناع عن استبدال الموظفين الذين غادروا، قامت بعض الشركات بتقليص ساعات العمل، واستكمال عمليات إعادة الهيكلة المخطط لها مسبقاً. وباستثناء الوباء، يعد هذا أكبر انخفاض في التوظيف منذ الأزمة المالية العالمية في عام 2009.

ورغم تراجع التوظيف، ارتفع مقياس مؤشر مديري المشتريات للأسعار التي تفرضها الشركات، مما قد يثير قلق لجنة السياسة النقدية في بنك إنجلترا، التي تراقب تأثير زيادات مساهمات الضمان الاجتماعي على أرباب العمل. وعقب نشر البيانات، شهد الجنيه الإسترليني زيادة مؤقتة، حيث ركز المستثمرون على الضغوط السعرية التي وردت في التقرير.

وقال توماس بوغ، الخبير الاقتصادي في شركة المحاسبة «آر إس إم يو كيه»: «تواجه لجنة السياسة النقدية الآن معادلة صعبة بين النمو البطيء وارتفاع التضخم، مما سيضطرها إلى خفض أسعار الفائدة بشكل تدريجي العام المقبل». وأضاف: «من غير المرجح أن يقدم بنك إنجلترا هدية عيد الميلاد المبكرة هذا الأسبوع»، في إشارة إلى قرار البنك بشأن أسعار الفائدة لشهر ديسمبر، الذي يُتوقع أن يبقي تكاليف الاقتراض ثابتة.

واستقر مؤشر مديري المشتريات الرئيس عند 50.5 متجاوزاً بقليل مستوى الـ50 الذي يشير إلى الاستقرار، لكنه جاء أقل من توقعات الخبراء التي كانت تشير إلى ارتفاعه إلى 50.7.

وفيما يتعلق بالقطاعات، انخفض نشاط التصنيع إلى أدنى مستوى له في 11 شهراً، رغم تحسن قطاع الخدمات. ومع ذلك، تراجعت معدلات التوظيف في كلا القطاعين بأكبر قدر منذ يناير (كانون الثاني) 2021، وفي المقابل، شهدت الأسعار التي تفرضها الشركات أكبر زيادة خلال تسعة أشهر، مدفوعة بارتفاع تكاليف المدخلات، بما في ذلك الأجور.

وقال كريس ويليامسون، كبير الخبراء الاقتصاديين في «ستاندرد آند بورز غلوبال ماركتس إنتليجنس»: «لقد فقد الاقتصاد الزخم الذي شهده في وقت سابق من العام، حيث استجابت الشركات والأسر بشكل سلبي لسياسات حكومة حزب (العمال) المتشائمة».

من جانب آخر، أظهرت مسوحات «ميك يو كيه» انخفاضاً أشد في الثقة بين الشركات المصنعة منذ بداية الجائحة، حيث قال فاهين خان، كبير خبراء الاقتصاد في «ميك يو كيه»: «بعد مواجهة الارتفاع المستمر في التكاليف طوال العام، يواجه المصنعون الآن أزمة حقيقية في التكاليف».

بالإضافة إلى زيادة قدرها 25 مليار جنيه إسترليني (32 مليار دولار) في مساهمات الضمان الاجتماعي التي فرضها أصحاب العمل وفقاً لموازنة ريفز، من المقرر أن يرتفع الحد الأدنى للأجور في بريطانيا بحلول أبريل (نيسان) بنسبة 7 في المائة.

وأظهرت استطلاعات حديثة أيضاً انخفاضاً في نيات التوظيف من قبل أصحاب العمل، في حين أظهرت البيانات الرسمية الأسبوع الماضي انكماش الاقتصاد البريطاني في شهري سبتمبر (أيلول) وأكتوبر، وهو أول انخفاض متتالٍ في الناتج منذ عام 2020.