الوظائف الأميركية تنعش الأسواق وتخفف ضغوط {الفيدرالي}

TT

الوظائف الأميركية تنعش الأسواق وتخفف ضغوط {الفيدرالي}

زاد نمو الوظائف الأميركية أكثر من المتوقع في يونيو (حزيران) وزادت ساعات العمل، في مؤشر على تعزز سوق العمل على نحو قد يبقى معه مجلس الاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي الأميركي) متجها صوب رفع سعر الفائدة للمرة الثالثة هذا العام رغم انخفاض معدلات التضخم.
وقالت وزارة العمل الأميركية أمس الجمعة، إن «الوظائف غير الزراعية» قفزت 222 ألف وظيفة الشهر الماضي، متجاوزة توقعات المحللين التي كانت تقتصر على زيادة 179 ألفا فقط.
وجرت مراجعة بيانات أبريل (نيسان) ومايو (أيار) لتظهر 47 ألف وظيفة إضافية فوق التقديرات السابقة.
وفي حين ارتفع معدل البطالة إلى 4.4 في المائة من أدنى مستوى في 16 عاما البالغ 4.3 في المائة، فإن ذلك يرجع إلى تنامي أعداد الباحثين عن وظيفة، في مؤشر على الثقة في سوق العمل.
واستحدثت الوظائف في قطاع الرعاية الصحية 37 ألف وظيفة جديدة، والخدمات المالية 17 ألف وظيفة جديدة، والتعدين 8 آلاف وظيفة جديدة، وسط تعافٍ طفيف في قطاعات النفط والغاز منذ الصيف الماضي.
ولم يشهد قطاع التصنيع، الذي يعتبر رئيسيا في تعهد الرئيس دونالد ترمب لإنعاش الاقتصاد، تغيرا كبيرا، إذ أضاف ألف وظيفة جديدة بعد أن خسر ضعف هذا العدد في الشهر السابق.
وزاد متوسط «أسبوع العمل» الشهر الماضي إلى 34.5 ساعة، من مستوى 34.4 ساعة في مايو. وقد تشجع قوة سوق الوظائف البنك المركزي الأميركي على إعلان خطط للبدء في تقليص محفظته من سندات الخزانة والأوراق المالية المعززة برهون عقارية، والبالغة 4.2 تريليون دولار، في سبتمبر (أيلول) المقبل. كما شكلت تلك النتائج نبأ جيدا للبيت الأبيض، بعد أشهر كثيرة من البيانات الاقتصادية التي رجحت أن يبدأ اقتصاد أكبر دولة في العالم في التباطؤ.
وإثر الإعلان عن تلك النتائج أمس، فتحت الأسهم الأميركية أمس على ارتفاع.
وارتفع المؤشر «داو جونز» الصناعي بمعدل 54.64 نقطة بما يعادل 0.26 في المائة، ليصل إلى 21374.68 نقطة.
وزاد المؤشر «ستاندرد آند بورز 500» بمقدار 6.62 نقطة أو 0.27 في المائة، ليسجل 2416.37 نقطة. كما صعد المؤشر «ناسداك» المجمع 23.95 نقطة أو 0.39 في المائة، ليصل إلى 6113.41 نقطة.
وتراجع الدولار قليلا بشكل أولي عقب إعلان النتائج، ثم عاد إلى تصحيح وضعه والصعود على كافة منصات التداول عصر أمس.. كان الهبوط الأولي نتيجة لقراءة اتصلت بأنه رغم زيادة الوظائف ومتوسط ساعات العمل الأسبوعي، فإن متوسط أجر الساعة زاد بنسبة 0.2 في المائة فقط، بينما كان من المتوقع أن يزيد إلى مستوى نحو 0.3 في المائة.. لكن قوة التقرير بشكل عام والتفاؤل بشأن تبعاته على الاقتصاد الأميركي، دفعت الدولار إلى الصعود مجددا. وكان الدولار صباح أمس سجل أعلى مستوياته في سبعة أسابيع مقابل الين، بعد أن زاد بنك اليابان المركزي مشترياته من السندات الحكومية، ليتوسع في التيسير النقدي؛ في وقت تتجه فيه البنوك المركزية الرئيسية الأخرى صوب التشديد.
وقال بنك اليابان صباح أمس إنه سيشتري «قدرا غير محدود» من السندات، مع سعيه لكبح جماح أسعار الفائدة المحلية، التي شهدت ارتفاعا بفعل تراجع أسعار السندات بالأسواق المتقدمة.



وسط تحديات مناخية… كيف أصبحت السعودية أكبر منتج للمياه المحلاة عالمياً؟ 

وسط تحديات مناخية… كيف أصبحت السعودية أكبر منتج للمياه المحلاة عالمياً؟ 
TT

وسط تحديات مناخية… كيف أصبحت السعودية أكبر منتج للمياه المحلاة عالمياً؟ 

وسط تحديات مناخية… كيف أصبحت السعودية أكبر منتج للمياه المحلاة عالمياً؟ 

قبل أكثر من مائة عام، بدأت رحلة السعودية ذات المناخ الصحراوي والجاف مع تحلية المياه بآلة «الكنداسة» على شواطئ جدة (غرب المملكة)، قبل أن تصبح اليوم أكبر منتج للمياه المحلاة في العالم، وحاصلة على 9 شهادات قياسية من «غينيس».

وسميت «الكنداسة» اشتقاقاً من اسمها اللاتيني (Condenser) والتي تعني المكثف، هذه الآلة كانت تعمل بالفحم الحجري لتكثيف وتقطير مياه البحر لتنتج المياه العذبة.

وفي عام 1926، وبسبب معاناة الحجاج والمعتمرين من قلة المياه العذبة عند وصولهم إلى جدة، إذ كانت بالكاد تكفي السكان، أمر الملك المؤسس عبد العزيز آل سعود باستيراد آلتين كبيرتين لتقطير مياه البحر لتأمين احتياجهم من الماء.

أما نقطة التحول فكانت في 1974، العام الذي أنشئت فيه المؤسسة العامة لتحلية المياه المالحة في السعودية (الهيئة السعودية للمياه حالياً). وتدير حالياً 33 محطة تحلية، من بينها 8 محطات على ساحل الخليج العربي و25 محطة على ساحل البحر الأحمر.

وتنتج هذه المحطات 5.6 مليون متر مكعب من المياه العذبة يومياً، ما يعادل نحو 70 في المائة من إنتاج المياه المحلاة في المملكة، ما يجعلها أكبر منتج للمياه المحلاة في العالم.

وقد سجّلت في فبراير (شباط) الماضي المؤسسة العامة لتحلية المياه المالحة تسعة أرقام قياسية سعودية جديدة في موسوعة «غينيس» العالمية، وذلك لإنتاجها ما يزيد على 11.5 مليون متر مكعب يومياً.

استثمارات ضخمة

أصبحت السعودية من كبرى الدول في العالم من حيث حجم الاستثمارات في تحلية المياه، إذ ضخت استثمارات كبيرة في بناء محطات التحلية، بحسب وكيل الرئيس للشراكات الاستراتيجية والمحتوى المحلي في الهيئة السعودية للمياه المهندس محمد آل الشيخ، خلال حديثه في مؤتمر الأطراف (كوب 16) المقام حالياً في الرياض.

وأوضح آل الشيخ أن العاصمة الرياض على سبيل المثال تحصل على المياه المحلاة من بحر الخليج العربي عبر خط أنابيب يمتد لمسافة 500 كيلومتر، وهو نظام نقل مياه متطور لنقل المياه المحلاة، مضيفاً أن هناك استثمارات في البنية التحتية قد تمت على مدار أكثر من أربعة عقود.

ووفقاً لآخر الأرقام المعلنة، فقد رصدت البلاد ميزانية تجاوزت 80 مليار دولار لتنفيذ مئات المشاريع المائية خلال السنوات المقبلة.

تعميم التجربة

ولم تدخر السعودية الخبرات التي جمعتها منذ أن تحولت تحلية المياه من «الكنداسة» إلى أكبر منتج للمياه المحلاة في العالم.

فقد وقّعت في يوليو (تموز) 2024 اتفاقية مع البنك الدولي تهدف في أحد بنودها إلى تعميم تجربة المملكة الناجحة في قطاع المياه إلى الدول الأقل نمواً.

وتشمل أيضاً نقل المعرفة وتبادل الخبرات في إدارة الموارد المائية وتقليل التكاليف التشغيلية للمرافق.

وتسعى البلاد إلى مساعدة الدول الأخرى في تحسين كفاءة قطاع المياه وتطوير حلول مستدامة، ما يحقق الهدف السادس لهيئة الأمم المتحدة: «المياه النظيفة والنظافة الصحية»، وفق البيان.

تقنيات الطاقة

وفيما يخص التقنيات المتطورة في تحلية المياه، تحدث آل الشيخ عن التوجهات المستقبلية لتحسين تقنيات التحلية، إذ انتقلت المملكة من استخدام تقنيات التحلية الحرارية إلى تقنيات أكثر كفاءة وأقل استهلاكاً للطاقة بنسب تصل في توفير الطاقة لأكثر من 80 في المائة، وتهدف إلى أن تصبح 83 في المائة من مياه البحر المحلاة، وتعتمد على تقنية التناضح العكسي، وهو ما يمثل خطوة مهمة نحو تحقيق الاستدامة.

وتُستخدم تقنية التناضح العكسي بشكل واسع في تحلية مياه البحر للحصول على مياه صالحة للشرب، وفي معالجة مياه الصرف الصحي، وكذلك في العديد من التطبيقات الصناعية التي تحتاج إلى مياه نقية وخالية من الشوائب.

آل الشيخ متحدثاً للحضور خلال إحدى الجلسات على هامش مؤتمر (كوب 16) بالرياض (الشرق الأوسط)

وأشار آل الشيخ إلى أن المملكة قامت بتنفيذ تجارب مبتكرة، مثل المشروع التجريبي في مدينة حقل (شمال غربي السعودية)، من خلال إنشاء محطة هجينة تعتمد على الطاقة الشمسية والرياح والطاقة التقليدية.

و«قد أثبت المشروع أن هذه التكنولوجيا يمكن أن تساهم في تقليل استهلاك الطاقة في تشغيل محطات التحلية، حيث يمكن للطاقة المتجددة أن تساهم في تشغيل المحطات بنسبة تصل إلى 60 في المائة في بعض الفصول».

انخفاض تكلفة الإنتاج

وفيما يتعلق بتكاليف الإنتاج، أكد آل الشيخ أن تكلفة تحلية المياه قد انخفضت بشكل ملحوظ، إذ كانت تكاليف إنتاج متر مكعب واحد من الماء تتجاوز 4 ريالات (1.06 دولار) في الماضي، بينما الآن لا تتجاوز التكلفة 2.5 ريال (نحو 0.67 دولار)، مع توقعات بتحقيق انخفاض أكبر في المستقبل.

وخلال الجلسة الحوارية على هامش «كوب 16»، قال المدير العالمي لقطاع الممارسات العالمية للمياه بمجموعة البنك الدولي ساروج كومار جاه إن الدول التي تعاني من ندرة المياه يجب أن تسعى إلى إعادة استخدام كل قطرة مياه في البلاد عدة مرات.

وأشار إلى أن سنغافورة تعد نموذجاً في هذا المجال، حيث تعيد استخدام كل قطرة مياه 2.7 مرة. وفيما يتعلق بالسعودية، ذكر أن المملكة تستخدم المياه مرتين تقريباً، مع إمكانية تحسين هذه النسبة بشكل أكبر في المستقبل.

المدير العالمي لقطاع الممارسات العالمية للمياه بمجموعة البنك الدولي ساروج كومار خلال الجلسة الحوارية (الشرق الأوسط)

وفيما يخص تكلفة تحلية المياه، قال إنها انخفضت بنسبة 80 في المائة تقريباً عالمياً، بفضل استخدام الطاقة الشمسية وتطور التقنيات المستخدمة في التحلية، مما يجعل هذه الطريقة أكثر جدوى في البلدان مثل السعودية التي تقل فيها معدلات هطول الأمطار.

ولفت كومار جاه إلى زيارته الأخيرة منطقة أنتوفاغاستا في تشيلي، وهي الأشد جفافاً في العالم، إذ لا تسقط فيها الأمطار على الإطلاق.

ورغم ذلك، تُعد هذه المنطقة من أكثر المناطق الاقتصادية ازدهاراً في العالم، بفضل تبني تقنيات تحلية المياه وإعادة استخدامها، مما يعكس إمكانية بناء المرونة المائية في المناطق الجافة مثل السعودية، بحسب كومار جاه.