واشنطن مستعدة للتعاون مع موسكو في سوريا: حظر طيران ومراقبون وإغاثة... والوحدة ضد «داعش»

وزير الخارجية الأميركي.( أب)
وزير الخارجية الأميركي.( أب)
TT

واشنطن مستعدة للتعاون مع موسكو في سوريا: حظر طيران ومراقبون وإغاثة... والوحدة ضد «داعش»

وزير الخارجية الأميركي.( أب)
وزير الخارجية الأميركي.( أب)

قال وزير الخارجية الأميركي ريكس تيلرسون عشية لقاء الرئيسين دونالد ترمب وفلاديمير بوتين في هامبورغ إن بلاده مستعدة للتعاون مع موسكو في سوريا لإقامة «مناطق حظر الطيران، ونشر مراقبين لوقف إطلاق النار، وتنسيق تقديم المساعدة الإنسانية»، مشدداً على ضرورة توحيد جميع الأطراف الجهود لمحاربة «داعش» وعدم سعي دمشق للسيطرة على مناطق تحررها المعارضة من «داعش».
وأفاد تيلرسون في بيان، تسلم مكتب «الشرق الأوسط» في لندن نسخة منه، بأنه قبل أن يغادر لحضور قمة مجموعة العشرين في هامبورغ، أراد «التعليق على الوضع الحالي في سوريا، وهذا موضوع سيثيره الرئيس دونالد ترمب في اجتماعه مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين»، موضحاً: «أولاً، ينبغي على الأطراف في سوريا ضمان الاستقرار على الأرض. إذا لم نحقق الاستقرار في سوريا، قد يتهاوى تقدمنا في هزيمة (داعش). ثانياً، ينبغي على الأطراف أن تعمل من خلال عملية سياسية للتوصل إلى تسوية تحدد طريقاً أمام الشعب السوري. وأخيراً، تتحمل روسيا مسؤولية خاصة عن المساعدة في هذه الجهود».
وأضاف تيلرسون: «مع استمرار الجهود العسكرية المنظمة لهزيمة (داعش) على الأرض في سوريا، تلتزم الولايات المتحدة وشركاؤنا في التحالف لهزيمة (داعش) بضمان تمكن المدنيين من المناطق المحررة أخيراً، من بدء عملية العودة إلى ديارهم وإعادة بناء حياتهم. وينبغي على الجهات الفاعلة في سوريا أن تتذكر أنّ معركتنا هي ضد (داعش). وندعو الأطراف جميعهم، بما في ذلك الحكومة السورية وحلفاؤها، وقوات المعارضة السورية، وقوات التحالف التي تنفذ المعركة لهزيمة (داعش) إلى تجنب الصراع بعضها مع البعض الآخر والالتزام بحدود جغرافية متفق عليها لتجنب المواجهة العسكرية وبروتوكولات تخفيف التصعيد».
وزاد: «في حين أنه ما من خيارات مثالية لضمان الاستقرار، علينا أن نستكشف مختلف الإمكانات للصمود لمنع عودة ظهور (داعش)، أو الجماعات الإرهابية الأخرى».
وعن العلاقة مع روسيا، قال: «لا شك في أنّ للولايات المتحدة وروسيا خلافات لم تُحَلّ بعدُ بشأن عدد من القضايا، لكن لدينا القدرة على التنسيق بشكل مناسب في سوريا من أجل تحقيق الاستقرار وخدمة مصالحنا الأمنية المشتركة. وتعتقد الولايات المتحدة أنّ روسيا، بوصفها ضامناً لنظام الأسد ومشاركاً في الصراع السوري منذ فترة مبكرة، تتحمل مسؤولية ضمان تلبية احتياجات الشعب السوري وعدم قيام أي فصيل في سوريا باستعادة المناطق المحررة من (داعش) أو سيطرة الجماعات الإرهابية الأخرى أو احتلالها بشكل غير شرعي. وروسيا ملزمة أيضاً بمنع أي استخدام آخر للأسلحة الكيماوية من أي نوع من نظام الأسد».
وأشار تيلرسون إلى أنه «حققت الولايات المتحدة وروسيا بالفعل تقدماً في إقامة مناطق لتجنب المواجهة في سوريا، ما حال دون وقوع أضرار جانبية متبادلة وتواصل قادتنا العسكريون بوضوح بعضهم مع البعض الآخر للتأكد من عدم وقوع حوادث بين بلدينا في الساحة السورية. وحيثما وقعت حوادث طفيفة، تم حلها بسرعة وبسلام». وزاد: «هذا التعاون على عملية تجنب المواجهة هو دليل على أنّ بلديْنا قادران على إحراز المزيد من التقدم. والولايات المتحدة على استعداد لاستكشاف إمكانية إنشاء آليات مشتركة مع روسيا لضمان الاستقرار، بما في ذلك مناطق حظر الطيران، ومراقبون ميدانيون لوقف إطلاق النار، وتنسيق تقديم المساعدة الإنسانية. وإذا عمل بلدانا معاً على تحقيق الاستقرار على الأرض، فسيحددان أساساً للتقدم في تسوية مستقبل سوريا السياسي».
وعن معركة الرقة، قال وزير الخارجية الأميركي: «بما أنّ تحرير الرقة على قدم وساق الآن، أصيب (داعش) بجروح بالغة، وقد تكون على وشك الهزيمة الكاملة في سوريا إذا ركزت الأطراف جميعها على هذا الهدف. ومن أجل إكمال المهمة، ينبغي على المجتمع الدولي، خصوصاً روسيا، إزالة العقبات أمام هزيمة (داعش)، والمساعدة في توفير الاستقرار الذي يمنع تنظيم داعش من الانتفاض مجدداً من رماد الخلافة الفاشلة والاحتيالية».
التحالف الدولي
إلى ذلك, أفيد أمس بأن التحالف الدولي لقتال «داعش» بقيادة أميركا سيعقد اجتماعات في واشنطن الأسبوع المقبل لبحث نتائج تحرير الموصل في العراق من التنظيم والتقدم في معركة تحرير الرقة في سوريا.
وجاء في بيان رسمي أميركي أن المبعوث الرئاسي الخاص للتحالف الدولي لهزيمة «داعش» بريت ماكغورك يستضيف «كبار قادة التحالف في سلسلة من الاجتماعات في العاصمة واشنطن الأسبوع المقبل».
وفي 11 يوليو (تموز)، ستجتمع الفرق العاملة التابعة للتحالف والمعنية بـ«تمويل مكافحة الإرهاب والمقاتلين الإرهابيين الأجانب ودعم تحقيق الاستقرار والاتصالات بشكل فردي لتقييم الحملة ومناقشة سبل تكثيف الضغط على (داعش) في كل من هذه المجالات الحساسة»، على أن يجتمع في اليوم اللاحق أعضاء التحالف الاثنين والسبعين لـ«إجراء مناقشات متعمقة حول كيفية تسريع جهود التحالف لهزيمة (داعش) في المناطق المتبقية تحت سيطرته في العراق وسوريا وتعظيم الضغط العالمي على فروعه وشركاته التابعة وشبكاته».
وفي 13 من الشهر الحالي: «تجتمع المجموعة الصغيرة للتحالف لتلخيص نتائج اجتماعات الأيام السابقة ومناقشة الأولويات للبناء على التقدم المحرز في الموصل والرقة لتحويل (داعش) إلى مسار دائم ولا رجعة فيه نحو الهزيمة».
كما دعت المجموعة الصغيرة ممثلين من عدد من الدول الأفريقية والاتحاد الأفريقي وفرقة العمل المشتركة متعددة الجنسيات لحضور جلسة خاصة حول تهديد «داعش» في منطقة حوض بحيرة تشاد في غرب أفريقيا.
وتجري هذه الاجتماعات، بحسب البيان الأميركي، في «لحظة حاسمة من القتال المنسق وستساعد على تشكيل الجهود المشتركة لتدمير (داعش)». وأضاف: «من خلال دعم التحالف، باتت قوات الأمن العراقية على وشك تحرير الموصل ونقلت قوات سوريا الديمقراطية معركة (داعش) إلى الرقة مباشرة. ومع هزيمة (داعش) في ساحة المعركة، سيواصل التحالف زيادة جهوده الرامية إلى تحقيق الاستقرار من أجل تيسير العودة الطوعية لمن شردهم العنف إلى الوطن».



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.