اتفاق «أوبك» قد لا يفشل لكنه سيواجه تحديات كثيرة

هيكل الأسعار وارتفاع الإنتاج أبرز العقبات

اتفاق «أوبك» قد لا يفشل لكنه سيواجه تحديات كثيرة
TT

اتفاق «أوبك» قد لا يفشل لكنه سيواجه تحديات كثيرة

اتفاق «أوبك» قد لا يفشل لكنه سيواجه تحديات كثيرة

لا يزال هناك انقسام بين المحللين حول مدى نجاح الاتفاق المنعقد بين أعضاء منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) ومنتجين آخرين من خارج المنظمة تقودهم روسيا العام الماضي على خفض الإنتاج 1.8 مليون برميل يوميا لتقليص تخمة مخزونات الخام ودعم الأسعار.
فهناك من يعتبر بقاء المخزونات عالية حتى الآن وانخفاضها ببطء دليلاً على فشل الاتفاق، فيما يعتبر البعض هذا الأمر دليل على نجاح الاتفاق فالمهم أن تنخفض المخزونات حتى لو ببطء.
لكن أهم معيار لقياس نجاح الاتفاق حتى الآن هو أسعار النفط فعقود خام برنت على سبيل المثال هبطت بنحو 9 دولارات بين 23 مايو (أيار) و21 يونيو (حزيران) لتصل إلى 45 دولار وعادت في الأيام القليلة الماضية إلى التحسن ووصلت بالأمس إلى مستويات 49 دولاراً ولكنها لا تزال أقل مما ترجوه جميع الدول الداخلة في الاتفاق.
ويتوقع وزير الطاقة السعودي خالد الفالح ووزراء آخرون مثل وزير النفط الكويتي عصام المرزوق أو حتى وزير الطاقة الروسي ألكسندر نوفاك أن تتحسن أسعار النفط في الربع الثالث من العام الحالي مع ارتفاع الطلب ووضوح تأثير تمديد اتفاق التخفيض على المخزونات والسوق.
وهناك مؤشرات على تحسن الالتزام بالاتفاق من قبل بعض الدول وليس كل الدول بطبيعة الحال، كما أن بيانات تتبع الناقلات تظهر أن الصادرات تنخفض تارة من بعض الدول وترتفع تارة ولكن في المجمل فإن صادرات دول أوبك كاملة انخفضت في يونيو بنحو 300 إلى 400 ألف برميل يومياً. وهذه كمية جيدة لدعم الأسعار في يوليو (تموز) ولكن ليست كافية لتخفيض المخزونات بشكل كبير خاصة أن إنتاج المنظمة في ارتفاع.
وقد ينجح الاتفاق كما يتوقع الوزراء له ولكن هذا الأمر قد يأخذ وقتاً أكثر من المتوقع، ولا تزال نسبة نجاح الاتفاق ليست مضمونة مائة في المائة نظراً لوجود تحديات كثيرة أمامه وفيما يلي أبرزها:
* هيكل أسعار النفط: إن أحد أبرز التحديات للاتفاق هو تحويل هيكل أسعار النفط لبرنت وغرب تكساس إلى وضعية الباكورديشين بدلاً من الكونتانغو، حيث إن بقاء أسعار النفط في الكونتانغو معناها أن أسعار عقود النفط اليوم أقل من المستقبل وهو ما يشجع على تخزين النفط. ويرى مصرف بانك أوف أميركا أن أسعار برنت قد لا تتحول إلى الباكورديشين إلا في صيف العام المقبل وهذا تحد كبير لنجاح اتفاق أوبك.
لكن بالنسبة لدول مثل السعودية والكويت والعراق فإن وضعية أسعار نفط دبي لا تقل أهمية عن التحدي الذي يواجه أسعار برنت، فغالبية صادرات النفط من هذه الدول تتجه إلى آسيا وليس إلى أوروبا وأميركا وفي آسيا يتم الاعتماد على خام دبي لتسعير النفوط المقبلة من الشرق الأوسط.
وعقود دبي حالياً ليست في وضعية الباكورديشين وتحولت إلى الكونتانغو وزاد الأخير في يونيو ليصل إلى 60 سنتاً مقابل 44 سنتاً في مايو بحسب بيانات بلاتس، وهو ما سيجعل السعودية تخفض أسعارها الشهرية لزبائنها والتي ستصدر خلال أيام وقد تعطيهم الدول الأخرى تخفيضات أكثر لأن النفط الذي يتم شحنه في يوليو سيصل إلى العملاء في أغسطس (آب) وحينها ستكون الأسعار أعلى ولهذا حتى لا يتأثروا ستضطر السعودية إلى تخفيض أسعار نفطها إلى آسيا.
* ارتفاع إنتاج أوبك: أظهر أكثر من مسح أجرته جهات مثل وكالة «بلومبيرغ» و«رويترز» وشركات مثل جي بي سي وبيرا وغيرها أن إنتاج أوبك في شهر يونيو ارتفع عن مايو، مع ارتفاع إنتاج ليبيا ونيجيريا. وتتفاوت الزيادات في تقديرات هذه الوكالات من 50 ألفاً إلى أكثر من 300 ألف برميل يومياً.
ولا يزال إنتاج ليبيا في ارتفاع مستمر، حيث وصل الإنتاج اليومي حالياً إلى أكثر من مليون برميل وهو أعلى مستوى له في 4 سنوات. وكان من المتوقع أن تصل ليبيا إلى هذا الرقم بنهاية العام إلا أنها تمكنت من الوصول إليه مبكراً جداً.
وسبق وأن أوضح وزير الطاقة السعودي خالد الفالح الشهر الماضي في حوار مع «الشرق الأوسط» أن الزيادة من ليبيا ونيجيريا في حدود 500 ألف برميل تم أخذها في الحسبان عندما تم عقد اتفاق أوبك في الجزائر في العام الماضي. لكن ليبيا زادت إنتاجها بنحو 500 ألف برميل في شهر واحد تقريباً كما زادت نيجيريا إنتاجها بنحو مائتي ألف برميل في يونيو عن مايو. وإذا ما استمرت الزيادة من نيجيريا وليبيا في الصعود فسوف يصعب هذا من توازن السوق نظراً لأن الإنتاج من دول أخرى خارج أوبك في زيادة.
وإمدادات النفط الإضافية من نيجيريا وليبيا المعفاتين من خفض الإنتاج بسبب تضرر إمداداتهما من الصراع تعني أن إنتاج دول أوبك الثلاث عشرة المشاركة من الأصل في الاتفاق ارتفع أكثر فوق المستوى المستهدف.
ولا تستطيع أوبك أن تتخذ قراراً حيال ليبيا ونيجيريا حتى اجتماعها الوزاري المقبل في نوفمبر (تشرين الثاني). وحتى في ذلك الحين سيبقى السؤال الصعب هو من سيقوم بالتخفيض حتى تدخل ليبيا ونيجيريا وما هي حجم التخفيضات المطلوبة منهما وهل سيتمثلان لها أم سيطالبان بحصة أكبر.
ويضاف ذلك التعافي من ليبيا ونيجيريا إلى التحدي الذي تواجهه الجهود التي تقودها أوبك لدعم السوق جراء استمرار تخمة المخزونات. وإذا استمر التعافي قد تتزايد الدعوات داخل أوبك لإشراك البلدين المعفيين في اتفاق خفض الإنتاج وهو ما يعني احتمالية اجتماع استثنائي لأوبك قبل نوفمبر.
* عدم رضاء بعض الدول: على السطح قد يبدو كل شيء هادئاً ولكن هناك الكثير من الدول غير الراضية عن تمديد الاتفاق حتى مارس (آذار) المقبل في مقدمتها العراق وكازاخستان. وبذل وزير الطاقة السعودي جهداً كبيراً لإقناعهما بالالتزام وقبوله.
وعبر وزير النفط العراقي جبار اللعيبي أمس خلال مناسبة في لندن أن بلاده لها الحق في الوصول بإنتاجها النفطي إلى مستوى يتناسب مع احتياطياتها من الخام. وأنه لم يكن من المفروض أن يتم طلب أي تخفيض من العراق ولكن العراق امتثل. والعراق ثاني أكبر منتج للنفط في منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) بعد السعودية. وبموجب الاتفاق وافق العراق على تقليص الإنتاج بمقدار 210 آلاف برميل يوميا.
وفي ظل هذا السخط سيكون من الصعب الطلب من العراق وغيرها زيادة حجم التخفيضات إذا ما تطلب السوق ذلك كما أنه سيكون من الصعب الطلب منهم تمديده إلى ما بعد مارس المقبل.



رئيس غانا: لا انسحاب من اتفاق صندوق النقد الدولي... بل تعديلات

الرئيس الغاني المنتخب جون دراماني ماهاما خلال المقابلة مع «رويترز» (رويترز)
الرئيس الغاني المنتخب جون دراماني ماهاما خلال المقابلة مع «رويترز» (رويترز)
TT

رئيس غانا: لا انسحاب من اتفاق صندوق النقد الدولي... بل تعديلات

الرئيس الغاني المنتخب جون دراماني ماهاما خلال المقابلة مع «رويترز» (رويترز)
الرئيس الغاني المنتخب جون دراماني ماهاما خلال المقابلة مع «رويترز» (رويترز)

قال الرئيس الغاني المنتخب جون دراماني ماهاما، إنه لن يتخلى عن حزمة الإنقاذ البالغة 3 مليارات دولار والتي حصلت عليها البلاد من صندوق النقد الدولي، لكنه يريد مراجعة الاتفاق لمعالجة الإنفاق الحكومي المسرف وتطوير قطاع الطاقة.

وأضاف ماهاما، الرئيس السابق الذي فاز في انتخابات 7 ديسمبر (كانون الأول) بفارق كبير، لـ«رويترز» في وقت متأخر من يوم الجمعة، أنه سيسعى أيضاً إلى معالجة التضخم وانخفاض قيمة العملة للتخفيف من أزمة تكاليف المعيشة في الدولة الواقعة بغرب أفريقيا.

وكان ماهاما قال في وقت سابق، إنه سيعيد التفاوض على برنامج صندوق النقد الدولي الذي حصلت عليه حكومة الرئيس المنتهية ولايته نانا أكوفو في عام 2023.

وقال ماهاما: «عندما أتحدث عن إعادة التفاوض، لا أعني أننا نتخلى عن البرنامج. نحن ملزمون به؛ ولكن ما نقوله هو أنه ضمن البرنامج، يجب أن يكون من الممكن إجراء بعض التعديلات لتناسب الواقع». وأعلنت اللجنة الانتخابية في غانا فوز ماهاما، الذي تولى منصبه من 2012 إلى 2016، بالانتخابات الرئاسية بحصوله على 56.55 في المائة من الأصوات.

وقد ورث الرئيس المنتخب لثاني أكبر منتج للكاكاو في العالم، دولة خرجت من أسوأ أزمة اقتصادية منذ جيل، مع اضطرابات في صناعتي الكاكاو والذهب الحيويتين.

التركيز على الإنفاق والطاقة ساعد اتفاق صندوق النقد الدولي في خفض التضخم إلى النصف وإعادة الاقتصاد إلى النمو، لكن ماهاما قال إن هناك حاجة إلى مزيد من العمل لتخفيف الصعوبات الاقتصادية.

وقال ماهاما، الذي فاز حزبه المؤتمر الوطني الديمقراطي بسهولة في تصويت برلماني عقد في 7 ديسمبر: «الوضع الاقتصادي مأساوي... وسأبذل قصارى جهدي وأبذل قصارى جهدي وأركز على تحسين حياة الغانيين».

وأوضح أن «تعدد الضرائب» المتفق عليها بوصفها جزءاً من برنامج صندوق النقد الدولي، جعل غانا «غير جاذبة للأعمال». وقال: «نعتقد أيضاً أن (صندوق النقد الدولي) لم يفرض ضغوطاً كافية على الحكومة لخفض الإنفاق المسرف»، مضيفاً أن المراجعة ستهدف إلى خفض الإنفاق، بما في ذلك من جانب مكتب الرئيس.

ولفت إلى أن صندوق النقد الدولي وافق على إرسال بعثة مبكرة لإجراء مراجعة منتظمة، مضيفاً أن المناقشات ستركز على «كيفية تسهيل إعادة هيكلة الديون» التي وصلت الآن إلى مرحلتها الأخيرة. وقال إن الاتفاق المنقح مع صندوق النقد الدولي سيسعى أيضاً إلى إيجاد حلول مستدامة لمشاكل الطاقة، لتجنب انقطاع التيار الكهربائي المستمر.

وقال ماهاما: «سنواجه موقفاً حرجاً للغاية بقطاع الطاقة. شركة الكهرباء في غانا هي الرجل المريض لسلسلة القيمة بأكملها ونحن بحاجة إلى إصلاحها بسرعة».