«بيرد ستريت»... شارع لندني ذكي يليق بالقرن الـ 21

تجربة تسوق مدعمة بالتكنولوجيا المتقدمة تخلق «واحة» بيئية وتجارية بالقرب من «أكسفورد ستريت»

أرضية ذكية تحلل خطوات المارة وتستخرج منها طاقة كهربائية - مرآة تلتقط «سيلفي» للمتسوق وترسلها له عبر الهاتف الذكي - مقعد خشبي ينقي الهواء في محيطه
أرضية ذكية تحلل خطوات المارة وتستخرج منها طاقة كهربائية - مرآة تلتقط «سيلفي» للمتسوق وترسلها له عبر الهاتف الذكي - مقعد خشبي ينقي الهواء في محيطه
TT

«بيرد ستريت»... شارع لندني ذكي يليق بالقرن الـ 21

أرضية ذكية تحلل خطوات المارة وتستخرج منها طاقة كهربائية - مرآة تلتقط «سيلفي» للمتسوق وترسلها له عبر الهاتف الذكي - مقعد خشبي ينقي الهواء في محيطه
أرضية ذكية تحلل خطوات المارة وتستخرج منها طاقة كهربائية - مرآة تلتقط «سيلفي» للمتسوق وترسلها له عبر الهاتف الذكي - مقعد خشبي ينقي الهواء في محيطه

في شارع «أكسفورد ستريت»، أحد أكثر الأماكن في بريطانيا ازدحاما بالمارة وبوسائل النقل، مما يجعله الأكثر تلوثا، يقام مشروع صغير يحاول خلق مساحة نظيفة وصديقة للبيئة تستخدم آخر مستحدثات التكنولوجيا لتقديم تجربة جديدة للتسوق في العاصمة البريطانية. اسمه «بيرد ستريت»، وهو أحد الشوارع الصغيرة المتفرعة من شارع «أكسفورد ستريت» الشهير بمتاجره الشهيرة وبحركة البيع والشراء التي لا تتوقف، وأطلق أول من أمس بحلة جديدة وباسم «أذكى شارع في العالم».
بداية، الوصول لـ«بيرد ستريت» سهل للغاية فهو من الأماكن التي يمر عليها المتسوق في المنطقة دائما، ولكنه شارع خال من الشخصية ومن الحركة الشرائية، فهو «مساحة مهملة» كما عبر مسؤول شركة «هوبز ديزاين» التي تولت تصميم الشارع بشكله الجديد.
مع أول خطوة نحو الشارع بحلته الجديدة يبدو أن هناك عدداً من أكشاك البيع (مصممة بطريقة الأوريجامي على هيئة الطيور) التي تتخصص في منتجات الجلود والعطور والمأكولات السريعة، حتى الآن، فالأمر لا يبدو مختلفا كثيرا عن الشارع الضخم الذي عبرنا منه لهنا. ولكن مع كل خطوة تتكشف أمامنا ملامح تفسر تسمية «بيرد ستريت» بأنه «شارع ذكي»، فبداية نمر فوق مستطيل من المربعات السوداء وسرعان ما نسمع تغريد الطيور، ولكن الشارع لا يحمل هذا الكم من الأشجار ليسمح بوجود الطيور، هي إحدى الخصائص التقنية التي تتضمنها تلك المربعات السوداء.
وبالحديث مع الفريق الإعلامي الموجود في الشارع تخبرني إحداهن أن المشروع تدعمه شركة «نيو وست إند كومباني» وهي الشركة المسؤولة عن شارعي «أكسفورد» و«بوند ستريت»، كما تشارك شركة النقل العام «ترانسبورت فور لندن» بدعم المشروع. تقول إن المشروع يهدف لخلق «واحة» داخل المنطقة المزدحمة ومساحة تسوق تليق بالقرن الـ21 فيها الاهتمام بالبيئة والصحة والتسوق مع التكنولوجيا.
يشير هاري دوبس من شركة التصميم المعماري التي تحمل نفس الاسم، إلى أن الفكرة الرئيسية خلف المشروع هي تطوير الشارع المهمل بأكثر من محاولة تجميله، يضيف: «أرادت شركة (وست إند كومباني) أن تخلق مناخا خاصا وطريقة جديدة للتجارة وأيضاً للاستفادة من المساحات العامة الموجودة في مناطق التسوق».
يشير إلى المباني على جانبي الطريق قائلا: «أمامك هنا خمسون مترا من الحوائط التي يمكن أن تصبح خلفية لأكشاك تسوق. ولكن المساحة أيضا يمكن أن تستضيف فعاليات ثقافية مختلفة من جدول فعاليات لندن مثل أسبوع الموضة أو أسبوع التصميم عبر إقامة أكشاك تجارية ملائمة لها، فهي مساحة مطواعة».
«بيرد ستريت» كما يراه دوبس يعد مكانا فريدا لتجربة آخر صيحات التكنولوجيا، ومكاناً يعرض فيه أصحاب المحلات المستقلة، وهي محاولة لاستكشاف بعض ملامح تجربة التسوق والترفيه والطعام في القرن الحالي التي لا توجد على الإنترنت.
التجربة، والتي يصر دوبس على أنها «استطلاعية»، تعتمد على التغيير سواء في المحلات التجارية التي تعرض فيها أو في طبيعة الفعاليات التي يمكن أن تقام فيها، ويركز على أن الهدف هو جذب الزوار لها طوال الوقت: «نريد أن تمثل زيارة (بيرد ستريت) أهم نقطة في يوم الزائر، وهي أيضا فرصة لتجربة آخر مستجدات التكنولوجيا، مثل المربعات السوداء على الأرض التي ترينها هنا، فهي تحول خطوات المارة عليها لطاقة كهربائية تنير بها المصابيح المعلقة وتشغل تسجيل أصوات الطيور كما تقوم بتحليل خطوات المارة لمعرفة عدد زوار الشارع».
المشروع أحدث محاولات التخطيط لمستقبل «أكسفورد ستريت»، فالدراسات قائمة حول إعادة تقييم فكرة زيادة مساحة المارة وتقليل مرور السيارات والباصات الضخمة فيه. «بالنسبة لنا كمصممين معماريين من المهم العمل على الخروج من نطاق الشارع المخنوق بالحركة وخلق واحة للتجارة المصغرة.»
تتردد كلمة «واحة» كثيرا على ألسنة المشاركين في تحويل الشارع الصغير إلى مشروع يستشرف المستقبل، وفي الحقيقة يمنحك المكان الإحساس بالسكينة والمتعة خاصة مع وجود أصوات الطيور وننظر على بعد خطوات للشارع الضخم المزدحم فيبدو لنا وكأنه على بعد أميال.
* طلاء ينقي الهواء ويقتل البكتريا
التجربة تضفر بين التكنولوجيا والتجارة، من الناحية التقنية هناك إلى جانب الرصيف الصغير الأسود هناك أيضا المقعد الخشبي النصف دائري والذي يمتص السموم من الهواء في نطاقه، وأيضا الطلاء الأزرق على أكشاك البيع والذي نعرف من كريستين غروف من شركة «إيرلايت» أنه أيضا يعمل على التخلص من السموم في الهواء. أسألها عن الطلاء وتكوينه، تقول: «قد يبدو لك كطلاء عادي ولكنه مختلف عن أي طلاء. تخيلي أنه حائط حي، يتفاعل بالضوء لتفتيت السموم في الهواء بنسبة 90 في المائة ويخلق مناخا لا تستطيع البكتريا الحياة فيه.الطلاء معد من مواد طبيعية ولا رائحة له ويقام التلوث والعفن».
للتقريب أكثر تضيف غروف: «تعادل مساحة المتر المربع من الطلاء مساحة متر مربع من الأشجار. قمت بحساب مساحة الواجهات في (أكسفورد ستريت) فوجدتها 23 ألف متر مربع إذا تم طلاؤها بهذا الطلاء بصبح لدينا ما يعادل 23 ألف متر مربع من الغابات».
* مساحة للتسوق والتكنولوجيا
في أحد الأكشاك التجارية «داندي لاب» يشير الشاب المسؤول أن الهدف من المحل الصغير هو أن يكون بمثابة مجلة حية، يشرح أكثر: «نستخدم وسائل تكنولوجية لتساعدنا في خلق الإحساس بأننا في مجلة متحركة، فعلى سبيل المثال هنا مرآة تلتقط صور الـ(سيلفي)، يستطيع المتسوق استخدامها لرؤية شكل مشترواته، فهي تلتقط الصورة ويقوم المتسوق بإدخال رقم هاتفه عبر النقر عليها ليتم إرسال الصورة له وكأنها غلاف مجلة للأزياء.
نستخدم أيضا طريقة جديدة للدفع حيث يمكن للزائر مسح (كود) معين على كل بضاعة بواسطة الهاتف الذكي ليقوم بالدفع عبر (آبل باي) أو باستخدام بطاقة ائتمانية مسجلة في الهاتف». ويضيف ضاحكا: «لا نخاف من عدم الدفع فالنظام يبعث لنا برسالة فورية لتأكيد تسلم قيمة البضاعة. هي طريقة للدفع ملائمة للمحلات الصغيرة المتنقلة وتوفر على المتسوق الوقوف في طابور الدفع».



بارود «النار بالنار» موهبة صاعدة لفتت المشاهد

عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
TT

بارود «النار بالنار» موهبة صاعدة لفتت المشاهد

عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)

منذ الحلقة الأولى لمسلسل «النار بالنار» لفت تيم عزيز المشاهد في دور (بارود). فهو عرف كيف يتقمص شخصية بائع اليانصيب (اللوتو) بكل أبعادها. فألّف لها قالباً خاصاً، بدأ مع قَصة شعره ولغة جسده وصولاً إلى أدائه المرفق بمصطلحات حفظها متابع العمل تلقائياً.
البعض قال إن دخول تيم عزيز معترك التمثيل هو نتيجة واسطة قوية تلقاها من مخرج العمل والده محمد عبد العزيز، إلا أن هذا الأخير رفض بداية مشاركة ابنه في العمل وحتى دخوله هذا المجال. ولكن المخرج المساعد له حسام النصر سلامة هو من يقف وراء ذلك بالفعل. ويقول تيم عزيز لـ«الشرق الأوسط»: «حتى أنا لم أحبذ الفكرة بداية. لم يخطر ببالي يوماً أن أصبح ممثلاً. توترت كثيراً في البداية وكان همي أن أثبت موهبتي. وفي اليوم الخامس من التصوير بدأت ألمس تطوري».
يحدثك باختصار ابن الـ15 سنة ويرد على السؤال بجواب أقصر منه. فهو يشعر أن الإبحار في الكلام قد يربكه ويدخله في مواقف هو بغنى عنها. على بروفايل حسابه الإلكتروني «واتساب» دوّن عبارة «اخسر الجميع واربح نفسك»، ويؤكد أن على كل شخص الاهتمام بما عنده، فلا يضيع وقته بما قد لا يعود ربحاً عليه معنوياً وفي علاقاته بالناس. لا ينكر أنه بداية، شعر بضعف في أدائه ولكن «مو مهم، لأني عرفت كيف أطور نفسي».
مما دفعه للقيام بهذه التجربة كما يذكر لـ«الشرق الأوسط» هو مشاركة نجوم في الدراما أمثال عابد فهد وكاريس بشار وجورج خباز. «كنت أعرفهم فقط عبر أعمالهم المعروضة على الشاشات. فغرّني الالتقاء بهم والتعاون معهم، وبقيت أفكر في الموضوع نحو أسبوع، وبعدها قلت نعم لأن الدور لم يكن سهلاً».
بنى تيم عزيز خطوط شخصيته (بارود) التي لعبها في «النار بالنار» بدقة، فتعرف إلى باعة اليناصيب بالشارع وراقب تصرفاتهم وطريقة لبسهم وأسلوب كلامهم الشوارعي. «بنيت الشخصية طبعاً وفق النص المكتوب ولونتها بمصطلحات كـ(خالو) و(حظي لوتو). حتى اخترت قصة الشعر، التي تناسب شخصيتي، ورسمتها على الورق وقلت للحلاق هكذا أريدها».
واثق من نفسه يقول تيم عزيز إنه يتمنى يوماً ما أن يصبح ممثلاً ونجماً بمستوى تيم حسن. ولكنه في الوقت نفسه لا يخفي إعجابه الكبير بالممثل المصري محمد رمضان. «لا أفوت مشاهدة أي عمل له فعنده أسلوبه الخاص بالتمثيل وبدأ في عمر صغير مثلي. لم أتابع عمله الرمضاني (جعفر العمدة)، ولكني من دون شك سأشاهد فيلمه السينمائي (هارلي)».
لم يتوقع تيم عزيز أن يحقق كل هذه الشهرة منذ إطلالته التمثيلية الأولى. «توقعت أن أطبع عين المشاهد في مكان ما، ولكن ليس إلى هذا الحد. فالناس باتت تناديني باسم بارود وتردد المصطلحات التي اخترعتها للمسلسل».
بالنسبة له التجربة كانت رائعة، ودفعته لاختيار تخصصه الجامعي المستقبلي في التمثيل والإخراج. «لقد غيرت حياتي وطبيعة تفكيري، صرت أعرف ماذا أريد وأركّز على هدف أضعه نصب عيني. هذه التجربة أغنتني ونظمت حياتي، كنت محتاراً وضائعاً أي اختصاص سأدرسه مستقبلاً».
يرى تيم في مشهد الولادة، الذي قام به مع شريكته في العمل فيكتوريا عون (رؤى) وكأنه يحصل في الواقع. «لقد نسيت كل ما يدور من حولي وعشت اللحظة كأنها حقيقية. تأثرت وبكيت فكانت من أصعب المشاهد التي أديتها. وقد قمنا به على مدى يومين فبعد نحو 14 مشهداً سابقاً مثلناه في الرابعة صباحاً صورنا المشهد هذا، في التاسعة من صباح اليوم التالي».
أما في المشهد الذي يقتل فيه عمران (عابد فهد) فترك أيضاً أثره عنده، ولكن هذه المرة من ناحية الملاحظات التي زوده بها فهد نفسه. «لقد ساعدني كثيراً في كيفية تلقف المشهد وتقديمه على أفضل ما يرام. وكذلك الأمر بالنسبة لكاريس بشار فهي طبعتني بحرفيتها. كانت تسهّل علي الموضوع وتقول لي (انظر إلى عيني). وفي المشهد الذي يلي مقتلها عندما أرمي الأوراق النقدية في الشارع كي يأخذها المارة تأثرت كثيراً، وكنت أشعر كأنها في مقام والدتي لاهتمامها بي لآخر حد»
ورغم الشهرة التي حصدها، فإن تيم يؤكد أن شيئاً لم يتبدل في حياته «ما زلت كما أنا وكما يعرفني الجميع، بعض أصدقائي اعتقد أني سأتغير في علاقتي بهم، لا أعرف لماذا؟ فالإنسان ومهما بلغ من نجاحات لن يتغير، إذا كان معدنه صلباً، ويملك الثبات الداخلي. فحالات الغرور قد تصيب الممثل هذا صحيح، ولكنها لن تحصل إلا في حال رغب فيها».
يشكر تيم والده المخرج محمد عبد العزيز لأنه وضع كل ثقته به، رغم أنه لم يكن راغباً في دخوله هذه التجربة. ويعلق: «استفدت كثيراً من ملاحظاته حتى أني لم ألجأ إلا نادراً لإعادة مشهد ما. لقد أحببت هذه المهنة ولم أجدها صعبة في حال عرفنا كيف نعيش الدور. والمطلوب أن نعطيها الجهد الكبير والبحث الجدّي، كي نحوّل ما كتب على الورق إلى حقيقة».
ويشير صاحب شخصية بارود إلى أنه لم ينتقد نفسه إلا في مشاهد قليلة شعر أنه بالغ في إبراز مشاعره. «كان ذلك في بداية المسلسل، ولكن الناس أثنت عليها وأعجبت بها. وبعدما عشت الدور حقيقة في سيارة (فولسفاكن) قديمة أبيع اليانصيب في الشارع، استمتعت بالدور أكثر فأكثر، وصار جزءاً مني».
تيم عزيز، الذي يمثل نبض الشباب في الدراما اليوم، يقول إن ما ينقصها هو تناول موضوعات تحاكي المراهقين بعمره. «قد نجدها في أفلام أجنبية، ولكنها تغيب تماماً عن أعمالنا الدرامية العربية».