تهديد «داعش» يلوح في أفق الفلبين مع احتدام معركة مراوي

القوات الحكومية فشلت في تطهير المدينة من المسلحين

مدرعة فلبينية في محيط مدينة مراوي ضمن الحصار المفروض على المسلحين في المدينة (رويترز)
مدرعة فلبينية في محيط مدينة مراوي ضمن الحصار المفروض على المسلحين في المدينة (رويترز)
TT

تهديد «داعش» يلوح في أفق الفلبين مع احتدام معركة مراوي

مدرعة فلبينية في محيط مدينة مراوي ضمن الحصار المفروض على المسلحين في المدينة (رويترز)
مدرعة فلبينية في محيط مدينة مراوي ضمن الحصار المفروض على المسلحين في المدينة (رويترز)

تبكي كاماليا باونتو بهدوء وهي تتذكر آخر محادثة هاتفية مع زوجها. هو الآن محاصر في منطقة القتال بمدينة مراوي المحاصرة جنوبي الفلبين منذ أكثر من شهر. وتقول باونتو (43 عاما) وهي أم لستة أطفال: إن زوجها، نيكسون، ومدنيين آخرين محاصرين قد حاولوا الفرار إلى مكان آمن في 14 يونيو (حزيران)، لكنهم فشلوا عندما وقعت انفجارات وإطلاق نار. كما تقول: «كان ضعيفا ولم يكن قادرا على (الفرار)؛ ولذلك عاد إلى منزلنا. كانت هذه هي المرة الأخيرة التي تحدثت معه فيها، وربما نفد شحن بطارية هاتفه، لا أدري إلى متى يستطيع البقاء على قيد الحياة». يذكر أن زوج باونتو هو واحد من مئات المدنيين المحاصرين في المناطق التي لا تزال تحت سيطرة المسلحين في مدينة مراوي 800 كيلومتر جنوب مانيلا منذ أكثر من خمسة أسابيع عندما بدأ القتال، ويواجه هؤلاء كل يوم تهديد نيران القناصة من المسلحين والغارات الجوية من الجيش، إلى جانب الجوع ونقص الخدمات الطبية. وقالت سميرة جوتوك، وهي رئيسة منظمة مدنية تدعو إلى وقف إطلاق النار للسماح للمدنيين المحاصرين بالخروج من مراوي: «قال البعض إنهم يلتهمون البطاطين مع المياه التي يحصلون عليها من المطر... إنهم يأكلون الصناديق المصنوعة من الورق المقوى، ويتناولون أوراق شجر وجبات لهم». وبينما تقول السلطات إن نهاية الصراع قريبة، لم تعد تحدد مواعيد نهائية لذلك بعد أن فشلت القوات الحكومية في الوفاء بموعدين حددتهما لتطهير المدينة من المسلحين
وقال المتحدث باسم الجيش، البريجادير جنرال ريستيتوتو باديلا: «لم نعد نحدد جدولا زمنيا بسبب تعقيد البيئة الحضرية»، مؤكدا مجددا كيف يعوق المسلحون الذين يختبئون في المباني العالية والمساجد العملية العسكرية باستخدام المدنيين دروعا».
واندلع الصراع في 23 مايو (أيار) عندما خرج مئات من المسلحين في مدينة مراوي في حالة هياج، بعد أن حاولت القوات الحكومية اعتقال قيادي محلي لتنظيم داعش». ويقول الجيش إن المسلحين خططوا للهجوم قبل ذلك بشهور، وقصدوا حرق مدينة مراوي وإقامة «خلافة» في منطقة مينداناو جنوبي الفلبين، وأعلن الرئيس رودريجو دوتيرتي الأحكام العرفية في مينداناو لتعزيز القتال ضد المتمردين؛ ما منح الجيش السيطرة على المناطق المتضررة بالسماح للجنود باعتقال المشتبه بهم من دون أمر قضائي.
وترك القتال مدينة مراوي في حالة خراب، حيث تعرضت المنازل والمباني للحرق بأيدي المسلحين أو التدمير بسبب الضربات الجوية التي يشنها الجيش. وامتلأت الشوارع بالإسمنت المسحوق والصلب الملتوي والمركبات المهجورة والجثث المتحللة، وفقا للمدنيين الفارين. ولقي نحو 400 شخص حتفهم جراء القتال، من بينهم 299 مسلحا. كما نزح أكثر من 300 ألف شخص من سكان مراوي والبلدات المجاورة. ووسط تقارير مفادها أن المزيد من المقاتلين الأجانب يحاولون الوصول إلى مدينة مراوي لتعزيز المسلحين، أكد باديلا ضرورة أن يتوخى الشعب الحذر، ويدعم الحرب ضد الإرهابيين. وقال: «العدو الذي نواجهه الآن هو نوع مختلف... إنهم يمارسون أعمال تخويف عنيفة للغاية ويجندون العناصر عن بعد عبر الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي وغيره. وأضاف: «إذا لم نعمل كدولة ونجتمع معا لمحاربته، فإن التهديد ربما يزداد». وحذر المحللون من أن منطقة جنوبي الفلبين يمكن أن تصبح مركزا للمقاتلين الإرهابيين الأجانب؛ ما يجعل من المهم للغاية للجيش أن يحيِّد المسلحين في مدينة مراوي وزعيمهم إيسنيلون هابيلون. وقالت ياسميرا مونر، أستاذة العلوم السياسية في جامعة ولاية مينداناو: «إن الموقع الجغرافي لمينداناو، والحدود التي يسهل اختراقها المشتركة مع جيران آخرين من دول جنوب شرقي آسيا يجعل البلد معرضا لاستغلاله كقناة لشبكات إرهابية في المنطقة». وأوضحت أنه: «إذا لم يتم القبض على هابيلون، فإن إمكانية تزايد التجنيد (من قبل «داعش») سوف تزداد... يمكن أن تصبح مينداناو ملاذا للإرهابيين في المنطقة». ولا تعني مثل هذه المخاطر كاماليا باونتو التي تنتظر عودة زوجها، وتبقى ساهرة في مبنى حكومي ينقل إليه المدنيون الذين تم إنقاذهم». وتقول: «كل ما أعرفه هو أنني أكره هؤلاء الأشخاص الذين بدأوا القتال، وأحتاج إلى عودة زوجي إلينا سالما».
وتضيف: «ينكسر قلبي في كل مرة يتم فيها إنقاذ ناس من منطقة القتال، ولا أجد زوجي بينهم... متى سينتهي ذلك؟ متى سوف يعود؟



«داعش» يعلن مسؤوليته عن هجوم قتل فيه وزير من «طالبان»

وزير اللاجئين الأفغاني خليل حقاني يصل لحضور تجمع أقيم بمناسبة الذكرى الأولى لعودة «طالبان» إلى السلطة في كابل يوم 15 أغسطس 2022 (أ.ف.ب)
وزير اللاجئين الأفغاني خليل حقاني يصل لحضور تجمع أقيم بمناسبة الذكرى الأولى لعودة «طالبان» إلى السلطة في كابل يوم 15 أغسطس 2022 (أ.ف.ب)
TT

«داعش» يعلن مسؤوليته عن هجوم قتل فيه وزير من «طالبان»

وزير اللاجئين الأفغاني خليل حقاني يصل لحضور تجمع أقيم بمناسبة الذكرى الأولى لعودة «طالبان» إلى السلطة في كابل يوم 15 أغسطس 2022 (أ.ف.ب)
وزير اللاجئين الأفغاني خليل حقاني يصل لحضور تجمع أقيم بمناسبة الذكرى الأولى لعودة «طالبان» إلى السلطة في كابل يوم 15 أغسطس 2022 (أ.ف.ب)

أعلن تنظيم «داعش» مسؤوليته عن تفجير انتحاري أودى بحياة وزير اللاجئين الأفغاني في مكتبه في كابل، بحسب ما ذكر موقع «سايت»، اليوم (الأربعاء).

وقُتل وزير اللاجئين الأفغاني، خليل الرحمن حقاني، اليوم، من جرّاء تفجير وقع بمقر وزارته في كابل، نُسب إلى تنظيم «داعش» الإرهابي، وهو الأوّل الذي يستهدف وزيراً منذ عودة حركة «طالبان» إلى الحكم في عام 2021. واستنكر الناطق باسم حكومة الحركة «هجوماً دنيئاً» من تدبير تنظيم «داعش»، مشيداً بتاريخ «مقاتل كبير» قد «ارتقى شهيداً»، كما نقلت «وكالة الصحافة الفرنسية». ووقع الانفجار، الذي لم تتبنّ بعد أي جهة مسؤوليته، «في مقرّ وزارة اللاجئين»، وفق ما أفاد به مصدر حكومي «وكالة الصحافة الفرنسية»، مشيراً إلى أنه تفجير انتحاري. وأوضح المصدر، الذي طلب عدم الكشف عن اسمه: «للأسف وقع انفجار في وزارة اللاجئين، ويمكننا أن نؤكد أن الوزير خليل الرحمن حقاني قد استشهد إلى جانب عدد من زملائه». وضربت قوى الأمن طوقاً حول الحيّ حيث تقع الوزارة في وسط كابل. فيما أورد حساب الوزارة على منصة «إكس» أن ورشات تدريبية كانت تعقد في الأيام الأخيرة بالموقع. وكلّ يوم، تقصد أعداد كبيرة من النازحين مقرّ الوزارة لطلب المساعدة أو للدفع بملفّ إعادة توطين، في بلد يضمّ أكثر من 3 ملايين نازح من جراء الحرب.

«إرهابي عالمي»

وزير اللاجئين الأفغاني خليل حقاني خلال مؤتمر صحافي في كابل يوم 12 يونيو 2022 (أ.ف.ب)

كان خليل الرحمن يحمل سلاحاً أوتوماتيكياً في كلّ إطلالاته، وهو شقيق جلال الدين الذي أسس «شبكة حقاني» مع بداية سبعينات القرن الماضي وإليها تُنسب أعنف الهجمات التي شهدتها أفغانستان، قبل أن تندمج «الشبكة» مع حركة «طالبان» إبان حكمها الذي بدأ عام 1994 وأنهاه الغزو الأميركي للبلاد في عام 2001، ثم عودة الحركة إلى الحكم بعد انسحاب القوات الأميركية والدولية في 2021. وهو أيضاً عمّ وزير الداخلية الحالي سراج الدين حقاني. ورصدت الولايات المتحدة مكافأة مالية تصل إلى 5 ملايين دولار في مقابل الإدلاء بمعلومات عن خليل الرحمن، واصفة إياه بأنه «قائد بارز في (شبكة حقاني)» التي صنّفتها واشنطن «منظمة إرهابية». وفي فبراير (شباط) 2011، صنَّفته وزارة الخزانة الأميركية «إرهابياً عالمياً»، وكان خاضعاً لعقوبات من الولايات المتحدة والأمم المتحدة، التي قدّرت أن يكون في الثامنة والخمسين من العمر.

هجمات «داعش»

وزير اللاجئين الأفغاني خليل حقاني (وسط) خلال وصوله لتفقد مخيم للاجئين بالقرب من الحدود الأفغانية - الباكستانية يوم 2 نوفمبر 2023 (أ.ف.ب)

ويبدو أن «شبكة حقاني» منخرطة في نزاع على النفوذ داخل حكومة «طالبان». ويدور النزاع، وفق تقارير صحافية، بين معسكر يطالب بالتطبيق الصارم للشريعة على نهج القائد الأعلى لـ«طالبان» المقيم في قندهار، وآخر أكثر براغماتية في كابل. ومنذ عودة حركة «طالبان» إلى الحكم إثر الانسحاب الأميركي في صيف 2021، تراجعت حدة أعمال العنف في أفغانستان. إلا أن الفرع المحلي لتنظيم «داعش - ولاية خراسان» لا يزال ينشط في البلاد، وأعلن مسؤوليته عن سلسلة هجمات استهدفت مدنيين وأجانب ومسؤولين في «طالبان». وسُمع أكثر من مرّة دويّ انفجارات في كابل أبلغت عنها مصادر محلية، غير أن مسؤولي «طالبان» نادراً ما يؤكدون حوادث من هذا القبيل. وفي أواخر أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، قُتل طفل وأصيب نحو 10 أشخاص في هجوم استهدف سوقاً وسط المدينة. وفي سبتمبر (أيلول) الذي سبقه، تبنّى تنظيم «داعش» هجوماً انتحارياً أسفر عن مقتل 6 أشخاص، وجُرح 13 بمقرّ النيابة العامة في كابل. وأكّدت المجموعة أن هدفها كان «الثأر للمسلمين القابعين في سجون (طالبان)»، علماً بأن الحركة غالباً ما تعلن عن توقيف أعضاء من التنظيم أو قتلهم، مشددة في الوقت عينه على أنها تصدّت للتنظيم في البلد.