مصر: القضاء يدرس حل «البناء والتنمية» بتهمة تمويل الإرهاب

حزب «الجماعة الإسلامية» يُناور بقبول استقالة الزمر والإسلامبولي لتفادي مأزق حله

مصر: القضاء يدرس حل «البناء والتنمية» بتهمة تمويل الإرهاب
TT

مصر: القضاء يدرس حل «البناء والتنمية» بتهمة تمويل الإرهاب

مصر: القضاء يدرس حل «البناء والتنمية» بتهمة تمويل الإرهاب

ناور حزب «البناء والتنمية» الذراع السياسية للجماعة الإسلامية في مصر بقبول استقالة رئيسه طارق الزمر (هارب)، ومحمد شوقي الإسلامبولي (مقيم بإيران) من الحزب، عقب إدراجهما على قائمة الإرهاب في اجتماع عاصف لقيادات الحزب الليلة قبل الماضية، في وقت تنظر محكمة مصرية ملف حل الحزب وتصفية أمواله بتهمة تمويل ودعم الإرهاب والتطرف.
وأسس حزب الجماعة الإسلامية عقب ثورة «25 يناير (كانون الثاني)» في مصر عام 2011 عقب تنحي الرئيس الأسبق حسني مبارك عن السلطة... وانضم مع أحزاب أخرى هي «الوسط، والوطن، والأصالة، والفضيلة، والإصلاح، والاستقلال، والعمل الجديد، والراية، والحزب الإسلامي» إلى تحالف أطلق عليه «دعم الشرعية» الذي حرض على العنف والقتل والتظاهر ضد السلطة الحاكمة في البلاد، عقب عزل الرئيس الأسبق محمد مرسي، المنتمي لجماعة الإخوان الإرهابية، عن السلطة في عام 2013.
وعقدت الهيئة العليا لحزب «البناء والتنمية» (أعلى هيئة سياسية به) جلسة طارئة مساء (الثلاثاء) أول من أمس وقبلت استقالة الهارب طارق الزمر رئيس الحزب التي تقدم بها مؤخرا.
وأدرج الزمر والإسلامبولي ضمن قائمة ضمت 59 إرهابيا، أعلنت عنها أربع دول هي المملكة العربية السعودية ومصر والإمارات والبحرين في بيان مشترك على خلفية قطع العلاقات الدبلوماسية مع قطر لتمويل الجماعات الإرهابية.
ويحاكم الزمر غيابيا بمصر في قضية التجمهر المسلح لجماعة الإخوان الإرهابية بمنطقة رابعة العدوية (شرق القاهرة) وهي القضية التي تضم 739 متهما يحاكمون أمام محكمة الجنايات.
وقبلت الهيئة العليا للبناء والتنمية أيضا استقالة محمد شوقي الإسلامبولي من عضويتها، وهو قيادي متطرف، يُعد أبرز منظري الجماعات الإرهابية ذات الآيديولوجية الدينية، وهو الشقيق الأكبر لخالد الإسلامبولي، المتهم الأول في قضية قتل الرئيس الأسبق أنور السادات، وكان له الدور الأكبر في اعتناق شقيقه الفكر المتطرف، وصدر ضده حكمبالسجن المؤبد سنة 1999 في القضية المعروفة إعلاميا باسم «العائدون من ألبانيا».
بحسب مختصين في شؤون الحركات الإسلامية، غادر الإسلامبولي إلى إيران في عام 2003 بصحبة سيف العدل المسؤول العسكري لتنظيم القاعدة، وسعد نجل أسامة بن لادن... وفي مايو (أيار) 2003 عقب وقوع تفجيرات الرياض كان يقيم في جنوب غربي إيران تحت حماية الحرس الثوري الإيراني لنحو 5 سنوات.
والإسلامبولي من أوائل الإسلاميين المصريين الذين رحلوا من أفغانستان إلى إيران... ويعتقد أنه الشخص الوحيد الذي وفر ملاذا آمنا لقيادات «القاعدة» في إيران عقب سقوط حركة طالبان بسبب علاقاته القوية مع الحرس الثوري الإيراني.
لُقب بأكثر من كنية، من بينها أبو جعفر، وخالد عبد الودود، وعبد الفتاح أبو زيد، وهو أحد الـ14 المطلوبين من قبل السلطات المصرية على الإنترنت. كما أكدت هيئة الحزب في اجتماعها أيضا التزام الحزب بالسياسات التي تُعلي الأمن القومي والمصلحة العليا للبلاد، واعتبارها فوق كل الاعتبارات.
في السياق نفسه، تلقت المحكمة الإدارية العليا بمجلس الدولة بمصر أمس، ملف لجنة شؤون الأحزاب السياسية الخاص بحل حزب «البناء والتنمية» لتحديد جلسة طارئة للنظر في طلب حله وتصفية أمواله وتحديد الجهة التي يؤول إليها.
وقالت مصادر قضائية إن «قرار لجنة شؤون الأحزاب السياسية بهذا الشأن في ضوء مخالفة الحزب لقانون الأحزاب السياسية ودعم الإرهاب والتطرف».
مضيفة أنه بموجب قانون الأحزاب فإن السلطة المختصة بحل أي حزب سياسي تنعقد للجنة شؤون الأحزاب السياسية بعد إجراء تحقيق بمعرفة النيابة العامة... ويكون القرار الصادر من هذه اللجنة هو الذي يخضع لرقابة المحكمة الإدارية العليا، وهو الأمر الذي تقضي معه المحكمة بحل الحزب من عدمه وفقا للإجراءات المقدمة والأدلة والبراهين.
وتنص المادة الرابعة من قانون الأحزاب السياسية بمصر على عدم تعارض مبادئ الحزب أو أهدافه أو برامجه أو سياساته أو أساليبه في ممارسة نشاطه مع المبادئ الأساسية للدستور أو مقتضيات حماية الأمن القومي المصري، أو الحفاظ على الوحدة الوطنية والسلام الاجتماعي والنظام الديمقراطي، وعدم قيام الحزب في مبادئه أو برامجه أو في مباشرة نشاطه أو في اختيار قياداته أو أعضائه على أساس ديني، أو طبقي، أو طائفي، أو فئوي، أو جغرافي، أو بسبب الجنس أو اللغة أو الدين أو العقيدة، وعدم انطواء وسائل الحزب على إقامة أي نوع من التشكيلات العسكرية أو شبه العسكرية، وعدم كون الحزب فرعا لحزب أو تنظيم سياسي أجنبي.
وكانت لجنة شؤون الأحزاب السياسية برئاسة المستشار عادل الشوربجي، قد سبق أن أرسلت مذكرة عاجلة إلى النائب العام المستشار نبيل صادق بطلب إجراء التحقيق وإعداد التقرير اللازم في شأن مخالفة حزب «البناء والتنمية» للقواعد المقررة بنص المادة الرابعة من قانون الأحزاب السياسية، حيث ورد تقرير النائب العام إلى اللجنة متضمنا أن الحزب خالف بالفعل شروط التأسيس المقررة قانونا.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.