«مهرجان كناوة وموسيقى العالم» في الصويرة يحتفل بدورته العشرين

مديرته نائلة التازي: يتميز بقصة تستحق أن تروى

تمثل موسيقى «كناوة» أحد أبرز عناوين الانتماء الأفريقي للمغرب
تمثل موسيقى «كناوة» أحد أبرز عناوين الانتماء الأفريقي للمغرب
TT

«مهرجان كناوة وموسيقى العالم» في الصويرة يحتفل بدورته العشرين

تمثل موسيقى «كناوة» أحد أبرز عناوين الانتماء الأفريقي للمغرب
تمثل موسيقى «كناوة» أحد أبرز عناوين الانتماء الأفريقي للمغرب

مع دورة هذه السنة، التي تنطلق غداً، يكون «مهرجان كناوة وموسيقى العالم»، بالصويرة، قد وصل إلى محطته العشرين؛ لذلك أكد المنظمون أن دورة هذه السنة، التي ستتواصل على مدى أربعة أيام، ستكون «دورة الاحتفال بامتياز»، تخليداً للذكرى العشرين لإحداث هذا المهرجان الذي واصل رحلته بطموح أن يكون «الناطق الرسمي والمحافظ على التقليد والذاكرة والموسيقى (الكناوية)، الذي يشكل تواصل تنظيمه، حسب منتجته ومديرته، نائلة التازي العبدي (قصة إيمان وإصرار وصمود)».
وتمثل موسيقى «كناوة» أحد أبرز عناوين الانتماء الأفريقي للمغرب، لذلك تحضر في أكثر من منطقة بالبلد، غير أن «مهرجان كناوة وموسيقى العالم»، الذي تحتضنه مدينة الصويرة، منذ 1998، جعلها ترتبط، على مستوى الاحتفاء بها وتسويقها، عالمياً، بـ«مدينة الرياح»، المدينة، التي يرى أندري أزولاي، مستشار العاهل المغربي، الملك محمد السادس، والرئيس المؤسس لـ«جمعية الصويرة موغادور»، أنها، اليوم «عنوانٌ للمغرب المنفتح الذي يتقدم من دون عُقد. المغرب المتجذر في هويته وقيمه، مع وفاء كبير للذاكرة، من دون خوف أو تخوف من الذهاب نحو الآخر، والانفتاح على كل أنواع الموسيقى والثقافات والديانات والأعراق».
ونظراً لرمزية الذكرى وما تمثله بالنسبة للمنظمين، سواء على مستوى رفع التحديات وكسب رهان مواصلة التنظيم، أو الإشعاع الدولي الذي صار للمظاهرة والموسيقى التي يروج لها عبر العالم، فقد رأى المنظمون أن يخصصوا لاحتفالية الذكرى العشرين «برمجة غير مسبوقة»، متعددة المحاور، يتجاور فيها الشق الموسيقي مع شق النقاش الثقافي، فضلاً عن فقرات «على الهامش»، تعكس «روح الحوار والتبادل» التي تميز المظاهرة، بينها فقرة «شجرة الكلمات».
واستحضرت التازي بدايات المهرجان والتحديات التي واجهوها كمنظمين، حيث شددت، في تقديم دورة هذه السنة، على أن «لهذا المهرجان قصة تستحق أن تروى. إنها، فضلاً عن الترفيه، قصة إيمان ومقاومة».كما أشارت إلى أنه «قبل 20 سنة، شكل إحداث هذا المهرجان رهاناً على قدر كبير من الطموح، وكان مجازفة جريئة، في مناخ مختلف تماماً عن الوضع الراهن، حيث كان المغرب لا يزال مثقلاً بأعباء الماضي، وتقاليد عتيقة تخص المهرجانات. قبل 20 سنة، دخل الإنترنت إلى المغرب، محدثاً انفتاحاً هائلاً على العالم وعلى الجالية المغربية حيثما وجدت. منذ البدء، كان هذا المهرجان مهرجاناً رائداً. كان رائداً في خلقه لفضاء مخصص للثقافة بالمجان ومفتوح في وجه الجميع؛ كان رائداً في إنشاء موقع للمهرجان على الإنترنت، يبعث من خلاله إلى مغاربة العالم رسائل تشجيع وتضامن قوية. أدركنا آنذاك بسرعة أن المظاهرة التي أحدثناها تتعدى طموحنا. كنا نناضل من أجل خلق دينامية جديدة وإيجابية لإسقاط الحواجز وخلق انفتاح وتلاقح اجتماعي. آنذاك، اعتبرنا عدد كبير من أصحاب القرار مجرد شباب حالمين وديعين. قبل 20 سنة، ساهمنا من خلال إعادة الاعتبار لفن كناوة في إبراز هويتنا الأفريقية. آنذاك، لم يكن أولئك المسؤولون ينظرون إلينا بعطف دائم. وإن كانت أفريقيا التي نحن فخورون اليوم بالانتماء إليها في بعديها السياسي والاقتصادي، تتجسد أيضاً في بعدها الثقافي. مع حلول عهد محمد السادس، تغير كل شيء. حل الربيع الثقافي، والصحافة المستقلة، والحركة الثقافية المجددة المغربية، وحراك أحدث تحولات عميقة على مجتمعنا. كما ارتفعت أصوات بعض المحافظين، وإن كانت معتدلة، اعتبرت هذا المهرجان مجالا للفجور وخطراً على المجتمع. آنذاك جاء الرد عبر الشباب، ومن خلال البهجة العارمة التي غمرت جماهير المهرجان الغفيرة. كما تدخلت وسائل الإعلام، سواء المغربية أو الدولية، التي رأت في هذا المشروع الثقافي باباً مفتوحاً على مغرب متعدد، حداثي، فخور بهوياته وملتزم بقيمه. ثم جاء دور المجلس الوطني لحقوق الإنسان، الذي اعتبر هذا المهرجان فضاء يدافع عن قيم الحرية والمساواة والتنوع، ويعطي الكلمة للأقليات».
وتتميز دورة هذه السنة، بشكل خاص، بحفلات موسيقية يتجاور فيها البلوز الأسطوري لِلوكي بيتيرسون مع الجاز اللطيف لِبيل لورنس، والإيقاعات الساخنة للبرازيلي كارلينيوس براون مع الصوت المفعم بالحكمة لإسماعيل لو؛ مع مشاركة عدد من الفنانين أصدقاء المهرجان، ممن اعتادوا المشاركة في فعالياته، على غرار الإقامة التي أنشأها لمعلم عبد السلام عليكان وراي ليما، اللذين يتواصل تعاونهما منذ 20 سنة، أو الحفل الذي أبدعه لوي إرليش وفرقته «باند أوف كناوة». كما أحدثت، ضمن البرنامج، عدة عروض فنية، كالجمع بين الموسيقى الصوفية الهندية الباكستانية والتكناويت الذي اقترحه تيتي روبين، أو تقديم عرض عن الرحلة من غينيا إلى سيدي علي بن حمدوش، من إبداع لمعلم حسن بوسو ورفاقه.
من جهة ثانية، تنظم ضمن فعاليات المهرجان الدورة السادسة لـ«منتدى حقوق الإنسان»، تأكيداً من المنظمين لمسار «تعزيز المهرجان بفضاء للنقاش بين مختلف المتدخلين، مغاربة وأجانب، حول الإشكالات الراهنة لمجتمعاتنا».
وتتمحور دورة هذه السنة من المنتدى، التي تنظم بتعاون وتنسيق بين مهرجان الصويرة والمجلس الوطني لحقوق الإنسان، حول «الإبداع والسياسات الثقافية في العصر الرقمي»، بهدف مقاربة «إشكاليات على قدر كبير من الراهنية»، في سبيل «فهم الروابط بين المجال الرقمي والثقافة».
وتتوزع فعاليات منتدى هذه السنة أربعة محاور، تحمل عناوين «الفنون الحية، النشر، السينما، الموسيقى... ماذا يتغير مع المجال الرقمي؟» و«المجال الرقمي في خدمة التنوع» و«نحو بروز تخصصات فنية جديدة» و«أي سياسات عمومية؟ وأي تدابير تقع على عاتق مجموع الفاعلين؟».



بارود «النار بالنار» موهبة صاعدة لفتت المشاهد

عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
TT

بارود «النار بالنار» موهبة صاعدة لفتت المشاهد

عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)

منذ الحلقة الأولى لمسلسل «النار بالنار» لفت تيم عزيز المشاهد في دور (بارود). فهو عرف كيف يتقمص شخصية بائع اليانصيب (اللوتو) بكل أبعادها. فألّف لها قالباً خاصاً، بدأ مع قَصة شعره ولغة جسده وصولاً إلى أدائه المرفق بمصطلحات حفظها متابع العمل تلقائياً.
البعض قال إن دخول تيم عزيز معترك التمثيل هو نتيجة واسطة قوية تلقاها من مخرج العمل والده محمد عبد العزيز، إلا أن هذا الأخير رفض بداية مشاركة ابنه في العمل وحتى دخوله هذا المجال. ولكن المخرج المساعد له حسام النصر سلامة هو من يقف وراء ذلك بالفعل. ويقول تيم عزيز لـ«الشرق الأوسط»: «حتى أنا لم أحبذ الفكرة بداية. لم يخطر ببالي يوماً أن أصبح ممثلاً. توترت كثيراً في البداية وكان همي أن أثبت موهبتي. وفي اليوم الخامس من التصوير بدأت ألمس تطوري».
يحدثك باختصار ابن الـ15 سنة ويرد على السؤال بجواب أقصر منه. فهو يشعر أن الإبحار في الكلام قد يربكه ويدخله في مواقف هو بغنى عنها. على بروفايل حسابه الإلكتروني «واتساب» دوّن عبارة «اخسر الجميع واربح نفسك»، ويؤكد أن على كل شخص الاهتمام بما عنده، فلا يضيع وقته بما قد لا يعود ربحاً عليه معنوياً وفي علاقاته بالناس. لا ينكر أنه بداية، شعر بضعف في أدائه ولكن «مو مهم، لأني عرفت كيف أطور نفسي».
مما دفعه للقيام بهذه التجربة كما يذكر لـ«الشرق الأوسط» هو مشاركة نجوم في الدراما أمثال عابد فهد وكاريس بشار وجورج خباز. «كنت أعرفهم فقط عبر أعمالهم المعروضة على الشاشات. فغرّني الالتقاء بهم والتعاون معهم، وبقيت أفكر في الموضوع نحو أسبوع، وبعدها قلت نعم لأن الدور لم يكن سهلاً».
بنى تيم عزيز خطوط شخصيته (بارود) التي لعبها في «النار بالنار» بدقة، فتعرف إلى باعة اليناصيب بالشارع وراقب تصرفاتهم وطريقة لبسهم وأسلوب كلامهم الشوارعي. «بنيت الشخصية طبعاً وفق النص المكتوب ولونتها بمصطلحات كـ(خالو) و(حظي لوتو). حتى اخترت قصة الشعر، التي تناسب شخصيتي، ورسمتها على الورق وقلت للحلاق هكذا أريدها».
واثق من نفسه يقول تيم عزيز إنه يتمنى يوماً ما أن يصبح ممثلاً ونجماً بمستوى تيم حسن. ولكنه في الوقت نفسه لا يخفي إعجابه الكبير بالممثل المصري محمد رمضان. «لا أفوت مشاهدة أي عمل له فعنده أسلوبه الخاص بالتمثيل وبدأ في عمر صغير مثلي. لم أتابع عمله الرمضاني (جعفر العمدة)، ولكني من دون شك سأشاهد فيلمه السينمائي (هارلي)».
لم يتوقع تيم عزيز أن يحقق كل هذه الشهرة منذ إطلالته التمثيلية الأولى. «توقعت أن أطبع عين المشاهد في مكان ما، ولكن ليس إلى هذا الحد. فالناس باتت تناديني باسم بارود وتردد المصطلحات التي اخترعتها للمسلسل».
بالنسبة له التجربة كانت رائعة، ودفعته لاختيار تخصصه الجامعي المستقبلي في التمثيل والإخراج. «لقد غيرت حياتي وطبيعة تفكيري، صرت أعرف ماذا أريد وأركّز على هدف أضعه نصب عيني. هذه التجربة أغنتني ونظمت حياتي، كنت محتاراً وضائعاً أي اختصاص سأدرسه مستقبلاً».
يرى تيم في مشهد الولادة، الذي قام به مع شريكته في العمل فيكتوريا عون (رؤى) وكأنه يحصل في الواقع. «لقد نسيت كل ما يدور من حولي وعشت اللحظة كأنها حقيقية. تأثرت وبكيت فكانت من أصعب المشاهد التي أديتها. وقد قمنا به على مدى يومين فبعد نحو 14 مشهداً سابقاً مثلناه في الرابعة صباحاً صورنا المشهد هذا، في التاسعة من صباح اليوم التالي».
أما في المشهد الذي يقتل فيه عمران (عابد فهد) فترك أيضاً أثره عنده، ولكن هذه المرة من ناحية الملاحظات التي زوده بها فهد نفسه. «لقد ساعدني كثيراً في كيفية تلقف المشهد وتقديمه على أفضل ما يرام. وكذلك الأمر بالنسبة لكاريس بشار فهي طبعتني بحرفيتها. كانت تسهّل علي الموضوع وتقول لي (انظر إلى عيني). وفي المشهد الذي يلي مقتلها عندما أرمي الأوراق النقدية في الشارع كي يأخذها المارة تأثرت كثيراً، وكنت أشعر كأنها في مقام والدتي لاهتمامها بي لآخر حد»
ورغم الشهرة التي حصدها، فإن تيم يؤكد أن شيئاً لم يتبدل في حياته «ما زلت كما أنا وكما يعرفني الجميع، بعض أصدقائي اعتقد أني سأتغير في علاقتي بهم، لا أعرف لماذا؟ فالإنسان ومهما بلغ من نجاحات لن يتغير، إذا كان معدنه صلباً، ويملك الثبات الداخلي. فحالات الغرور قد تصيب الممثل هذا صحيح، ولكنها لن تحصل إلا في حال رغب فيها».
يشكر تيم والده المخرج محمد عبد العزيز لأنه وضع كل ثقته به، رغم أنه لم يكن راغباً في دخوله هذه التجربة. ويعلق: «استفدت كثيراً من ملاحظاته حتى أني لم ألجأ إلا نادراً لإعادة مشهد ما. لقد أحببت هذه المهنة ولم أجدها صعبة في حال عرفنا كيف نعيش الدور. والمطلوب أن نعطيها الجهد الكبير والبحث الجدّي، كي نحوّل ما كتب على الورق إلى حقيقة».
ويشير صاحب شخصية بارود إلى أنه لم ينتقد نفسه إلا في مشاهد قليلة شعر أنه بالغ في إبراز مشاعره. «كان ذلك في بداية المسلسل، ولكن الناس أثنت عليها وأعجبت بها. وبعدما عشت الدور حقيقة في سيارة (فولسفاكن) قديمة أبيع اليانصيب في الشارع، استمتعت بالدور أكثر فأكثر، وصار جزءاً مني».
تيم عزيز، الذي يمثل نبض الشباب في الدراما اليوم، يقول إن ما ينقصها هو تناول موضوعات تحاكي المراهقين بعمره. «قد نجدها في أفلام أجنبية، ولكنها تغيب تماماً عن أعمالنا الدرامية العربية».