رمضان والسقا وتامر... من يقتنص «العيدية»؟

TT

رمضان والسقا وتامر... من يقتنص «العيدية»؟

لم نلتقط بعد أنفاسنا من ماراثون رمضان عبر الشاشة الصغيرة ليغادر الناس البيوت إلى دور العرض، حيث يتجدد الصراع على كعكة «العيدية» لنعرف من يحصل على القضمة الأكبر بين النجوم، الأسبوع الأول دائماً هو الذي يحدد مدى جماهيرية بطل لفيلم، الناس تقطع التذكرة من أجل نجمها المفضل، هذا هو معيار الأسبوع الأول فقط مهما كان مستوى الفيلم فإن جاذبية النجم قادرة على الصمود، بينما نبدأ في اكتشاف قيمة الشريط السينمائي بعد ذلك، خصوصاً وأن جمهور السينما في موسم الأعياد في القسط الأكبر منه هو جمهور استثنائي، السينما بالنسبة له لا تشكل ثقافة اعتيادية بل هي موسمية، مرتبطة فقط بالأعياد.
أول الأسماء التي نترقبها هو أحمد السقا، خرج السقا من السباق الرمضاني مثخناً بالجراح وهو يعاني من هزيمة، فلم يحقق مسلسله «الحصان الأسود» أي وجود يذكر على خريطة الشاشة الصغيرة وكأنه لم يكن، فلا متابعات نقدية ولا حتى تراشقات صحافية، رغم أنه أسند الإخراج للموهوب أحمد خالد موسى، وهو نفس المخرج الذي سيقف معه أيضاً في فيلمه «هبوط اضطراري». الذي يدخل به سباق العيد، واضح من العنوان وأيضاً «التترات» و«البروم» المعروضة عبر «الميديا»، أن الفيلم يعود به أحمد السقا إلى ملعبه الأثير «الأكشن»، وهو الورقة الرابحة للسقا، خصوصاً وأن آخر أفلامه «من 30 يوم» الذي عرض العام الماضي لم يحقق الإيرادات المتوقعة، تستطيع أن ترى فعلاً أن السقا لديه معركة خاصة لإثبات أنه لا يزال يحظى بالمكانة الأولى، كممثل حركة تلعب لياقة الفنان دوراً هاماً في إقناع الجمهور بالدور الذي يؤديه.
فنان الأكشن في العالم كله يتأثر سلباً كلما مضت به الأيام، أحمد السقا بدأ المشوار منذ التسعينات وكان المخرج عاطف الطيب يرى فيه بذرة موهبة قادرة على أن تنضج مع الأيام، واشترك بدور صغير في فيلم «ليلة ساخنة» 1994، حتى جاءت القفزة الكبرى في فيلم «شورت وفانلة وكاب» عام 2000 وبعدها تعددت الأفلام التي تسند له كورقة سينمائية رابحة، وبالتأكيد فيلم «الجزيرة» بجزأيه الأول والثاني للمخرج شريف عرفة يعتبر بمثابة علامة فارقة في حياته الفنية التي تجاوزت أكثر من ربع قرن يشارك معه في البطولة هذه المرة، أمير كرارة الذي حقق نجاحاً طاغياً في التلفزيون بمسلسله «كلابش» ومعه فتحي عبد الوهاب وغادة عادل.
يقف أيضاً وبقوة في نفس مساحة أفلام «الأكشن» محمد رمضان الذي يحرص على إعلان أنه الأكثر نجومية والأعلى أجراً بين الجميع، وهو الوحيد الذي أثار غضب عادل إمام عندما أصر على تغيير يافطة المسرح التجاري الذي يعرض عليه مسرحيته «أهلا رمضان» من مسرح «الزعيم» إلى «الأسطورة»، وحديثه الدائم عن الإيـــــرادات لم يتوقف، سائراً على نفس منهج عادل إمام الذي كان كثيراً ما يشــــــير في أحاديثه على مدى 40 عاماً إلى تفوقه على زملائه رقميــــــــاً.
رمضان لم يبلغ بعد الثلاثين من عمره، الجيل السابق تخطوا جميعاً الأربعين، فهو علمياً بينه وبينهم نحو جيل، بالطبع فإن رمضان لا يتوقف عن محاولة جس نبض الجمهور هل لا يزال على العهد؟، خصوصاً وأنه صار مستهدفاً باعتباره المسؤول عما يجري في الشارع من انفلات وتحرش، الكل حتى في اللقاءات التي يحضرها مواطنون مع الرئيس عبد الفتاح السيسي يقولون إن الأزمة التي يعانيها المجتمع سببها فيلم «عبده موتة» ومسلسل «الأسطورة»، وهكذا صار هو لوحة التنشين، على الجانب الآخر هو أكثر فنان تردد له الناس لزمة «ثقة في الله»، وهذا يعني اقترابه من مشاعرهم، غاب عن الشاشة الصغيرة في رمضان بسبب أدائه الخدمة العسكرية، إلا أنه استطاع من خلال إعلان لإحدى شركات الاتصالات أن يحقق نجاحاً لافتاً، بل كان يبدو الإعلان وكأنه يضرب عصفورين بحجر واحد، فهو يدافع عن نفسه أيضاً بإعادة تقديم كل الشخصيات التي شاهدناها له في الأفلام والمسلسلات، مؤكداً نجاحها رغم أنف المعترضين.
يعود إلى السينما بفيلم «جواب اعتقال» للمخرج محمد سامي وهو أيضاً مؤلف الفيلم، كان رمضان قد قدم من قبل فيلم «آخر ديك في مصر» الذي لقي فشلاً ذريعاً بالقياس لإيرادات رمضان المعتادة، فهو لم يتجاوز 30 في المائة مما هو متوقع، الناس لم تقتنع به على الشاشة في هذا الدور، كما أن الفيلم على مستوى الكتابة والإخراج شهد تراجعاً ملحوظاً، رمضان لم يتورط في الدفاع عن الفيلم، صحيح هو لم يهاجمه أو يتبرأ من التجربة، ولكنه لم يتورط في الدفاع عن فيلم متواضع فنياً.
ولم يكن العيب في الكوميديا التي فشل فيلم «آخر ديك» في تحقيقها، فلقد سبق رمضان في فيلم «واحد صعيدي» أن أدى بنجاح دوراً كوميدياً، ولكن الفيلم كان مفتعلاً، الفيلم الجديد «جواب اعتقال» تشاركه دينا الشربيني وإياد نصار وسيد رجب، والفيلم تعرض لمشكلات رقابية، بسبب الصراع بين الشرطة وإرهابي يؤدي دوره رمضان، وبالطبع كانت لديه بعض الانتصارات عليهم. ولهذا طالبت الرقابة بإعادة تصوير عدد من المشاهد التي رأت فيها استهانة بالشرطة وخصوصا رجال الأمن المركزي، في كل الأحوال الكل ينتظر نتيجة تلك المعركة لتي يطل فيها رمضان على الجمهور.
ولا يمكن أن نغفل في معادلة الإيرادات تامر حسني بفيلمه «تصبح على خير» فهو المطرب الوحيد الذي يتمكن من الوجود سينمائياً كل عام وله جمهوره ويعود هذه المرة مع كل من درة ونور اللبنانية ومي عمر، هل يستطيع تامر بفيلمه المرح الغنائي أن يقدم عملاً فنياً جاذباً للجمهور؟، تامر المولع بالألقاب التي يطلقها على نفسه، مثل نجم الجيل ومطرب مصر الأول ومطرب العالم العربي الأول، وفي توقيت ما أطلق على نفسه المطرب الأسطورة، والعالمي، وصوت القدس، وسفير الخير، وهو حريص أن يطلق على نفسه النجم الأعلى في الإيرادات، آخر أفلامه «أهواك» حقق نجاحاً لافتاً في دار العرض، فهل يتحقق أمله مجدداً ومن ثم يطلق على نفسه لقب جديد «تامر قاهر نجوم السينما» أو «تامر الذي حطم الإيرادات تحطيما»!!.
محمد هنيدي كان قبل نحو عشرين عاماً هو الورقة الرابحة الأولى في السينما المصرية، أحدث هنيدي وقتها طفرة في الإيرادات وثورة سينمائية بفيلمه «إسماعيلية رايح جاي» الفيلم بطولة محمد فؤاد؛ ولكن الكل أجمع على أن هنيدي هو البطل الذي قطع من أجله الجمهور تذكرة السينما، ومن بعدها تأكد ذلك في «صعيدي في الجامعة الأميركية» واستمرت مسيرته حتى «يوم مالوش لازمة» الذي عرض قبل عامين، شهد هنيدي منذ 15 عاماً تراجعاً في الإيرادات مع بداية انطلاق محمد سعد بفيلم «اللمبي» 2002 ولكنه صمد وظل في الرقعة، بينما محمد سعد صار خارج الرقعة تماما. «عنتر ابن ابن ابن شداد» هو الفيلم الكوميدي الوحيد في الساحة، وهذا بالطبع يمنحه قوة دفع، وتقف معه درة، إخراج شريف إسماعيل، نعم لم يعد هنيدي في بؤرة جماهيريته، إلا أنه أيضاً لا يزال يتمتع بقدر من الجاذبية لدى الأطفال وهم خاصة في أفلام العيد يشكلون قوة مؤثرة في تحديد بوصلة الإيرادات.
ويبقى الفيلم السينمائي «الأصليين» الذي يجمع مجدداً بين الكاتب أحمد مرد والمخرج مروان حامد بعد فيلم «الفيل الأزرق»، الذي حقق نجاحاً لافتاً قبل عامين، الفيلم الجديد بطولة جماعية لكل من منة شلبي وماجد الكدواني وخالد الصاوي، في قالب فني يجنح للفانتازيا وهو بالتأكيد حالة مغايرة للأربعة أفلام الأخرى.
لمن تؤول العيدية لا أحد يملك الإجابة القاطعة؟، شفرة الجمهور لا يمكن قراءتها مسبقاً، ولكني أتصور إيرادات ضخمة وأيضاً ضربات تحت الحزام من عدد من شركات التوزيع لصالح فيلم ضد آخر، وعلينا أن ننتظر النتيجة بعد ساعات!.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».