في وقت دخلت معركة غرب الموصل مرحلة الحسم، مع انحسارها إلى مساحة أربعة كيلومترات مربعة في المدينة القديمة، باتت آخر ما يسيطر عليه تنظيم «داعش»، وتوقع رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي، أمس، إعلان تحرير المدينة بالكامل «خلال أيام قليلة».
وأخرجت فرق الدفاع المدني، أمس، جثث عشرات المدنيين من تحت أنقاض المنازل القديمة المحيطة بجامع النوري الكبير ومنارته الحدباء التاريخية اللذين اتهمت السلطات مسلحي «داعش» بتفجيرهما، مساء أول من أمس.
وقال مسؤول الإعلام في «الاتحاد الوطني الكردستاني» في الموصل غياث سورجي لـ«الشرق الأوسط»، إن فرق الدفاع المدني والقوات تواصل إخراج «نحو 100 جثة» لا تزال تحت أنقاض منازل قديمة في محيط الجامع «انهارت بفعل الانفجار». وأضاف أن المدنيين الذين كانوا يقطنون قرب الجامع «لم ينجُ أي شخص منهم».
وكانت قيادة عمليات نينوى قالت في بيان، أول من أمس، إن «عصابات داعش أقدمت على ارتكاب جريمة تاريخية أخرى أثناء تقدم (مقاتلي) جهاز مكافحة الإرهاب باتجاه أهدافهم في عمق المدينة القديمة ووصولهم مسافة 50 متراً عن جامع النوري». واتهم «داعش» التحالف الدولي بقصف الجامع، لكن الناطق باسم التحالف الكولونيل جون دوريان نفى تنفيذ غارات في منطقة الجامع والمنارة اللذين يعود تاريخهما إلى القرن الثاني عشر.
وأثار تفجير الجامع ومنارته التاريخية إدانات واسعة. ورغم أن الأمر كان متوقعاً، خصوصاً مع تفجير «داعش» جامع النبي يونس وتدمير مواقع أثرية في محافظتي نينوى العراقية وتدمر السورية العام الماضي، إلا أن كثيرين كانوا يعلقون آمالاً كبيرة على تمكن قوات الجيش من طرد عناصر «داعش» قبل أن يتمكنوا من تفجير المبنيين.
وقال رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي إن «تفجير داعش لمنارة الحدباء وجامع النوري إعلان رسمي لهزيمته». ودان الرئيس فؤاد معصوم في شدة «الجريمة الانتقامية» التي رأى أنها «دليل على قرب الهزيمة النهائية لداعش»، فيما أكد رئيس مجلس النواب سليم الجبوري أن «جرائم داعش تخطت الحدود وفاقت كل التصورات، وهذا ناتج بالتأكيد عن فكره المريض وذهنيته الانتقامية». ودعا القوات إلى الإسراع بتحرير المدينة القديمة في غرب الموصل.
وقال الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة في العراق يان كوبيش، أمس، إن «تدمير داعش لهذا المسجد الذي أعلن من منبره زعيم التنظيم ما سماه بالخلافة، وحيث تطبق الآن قوات الأمن الخناق على الإرهابيين المتبقين إنما يظهر يأس التنظيم ويدل على دنو نهايته المحتومة». وأضاف أن «هذا العمل الهمجي الأخير المتمثل بتفجير موقع إسلامي تاريخي يضاف إلى سجلات جرائم داعش ضد الحضارة الإسلامية والعراقية والبشرية».
واعتبرت مديرة منظمة الأمم المتحدة للتربية والثقافة والعلوم (يونيسكو) إيرينا بوكوفا، أمس، أن تدمير «داعش» لمنارة الحدباء التاريخية في الموصل «يعمق الجروح» في العراق. ودعت إلى «التحرك الدولي الفوري والقوي». وقالت في بيان إن «هذا التدمير الجديد يعمق جروح مجتمع يعاني أصلاً من مأساة إنسانية غير مسبوقة». وأعربت عن «الاستعداد لدعم وإعادة ترميم وتأهيل الإرث الثقافي متى أمكن».
ولفتت بوكوفا إلى أن «(يونيسكو) بدأت العمل على حماية المنارة في 2012، إلا أن الأعمال تعرقلت بسبب النزاع». وأضافت أنه «تم الانتهاء من وضع دراسة شاملة بشأن حفظ المنارة، يمكن أن تكون مفيدة مستقبلاً».
ولم تتبق أمام القوات لاستعاد السيطرة الكاملة على الموصل بشقيها سوى أربعة كيلومترات مربعة، يتحصن فيها من تبقوا من مسلحي «داعش» الذين تقدر أعدادهم بنحو 500. وغالبيتهم من الأجانب، بحسب معلومات أمنية عراقية. وتعتقد السلطات أن غالبية المسلحين في المدينة القديمة من «الانغماسيين» الذين يخوضون اشتباكات بأسلحة خفيفة وقنابل يدوية عن قرب مع القوات، قبل تفجير أنفسهم.
وقالت مصادر أمنية لـ«الشرق الأوسط»، أمس، إن مسلحي «داعش» فخخوا غالبية بنايات الموصل القديمة، «ويسعون إلى تفجير معالم هذه المنطقة التاريخية، الواحدة تلو الأخرى، بعدما تأكدوا من أنهم لن يتمكنوا من البقاء في الموصل».
واشتدت المعارك في أزقة الموصل القديمة وبين بيوتها المتلاصقة التي شهدت موت عشرات بسبب النقص الحاد في الطعام ومياه الشرب. ويقطن نحو 100 ألف مدني هذه المنطقة، ويمنعهم «داعش» من الفرار. وأكد قائد الشرطة الاتحادية الفريق رائد شاكر جودت، أمس، أن «لا فرصة أمام مسلحي داعش للهرب والنجاة، لأن القوات العراقية تحاصرهم من الاتجاهات كافة».
وأشار جودت إلى «مقتل 43 مسلحاً من التنظيم في حيي رأس الجادة وباب البيض، بينهم ثلاثة من خبراء التفخيخ». وأضاف لـ«الشرق الأوسط»: «دمرت قطعاتنا خمس عجلات مفخخة، وفككت 15 عبوة ناسفة، وأربعة منازل ملغمة، واستولت على مستودع للذخيرة». وكشف عن تحرير قواته جامع الحامدين في باب البيض، ومواصلة التقدم باتجاه كنيسة شمعون للسيطرة عليها.
ولفت إلى أن قواته «تخوض معارك شرسة في أحياء باب البيض وباب جديد وباب الطوب قبل الوصول إلى أهدافها الحيوية في منطقة السرجخانة». وتقدمت وحدات من الشرطة الاتحادية، أمس، مسافة 100 متر من جنوب المدينة القديمة باتجاه جامع الزيواني، «وقتلت ثمانية مسلحين من التنظيم، بينهم خمسة قناصين وثلاثة انتحاريين يستقلون درجات نارية».
7:49 دقيقة
معركة الكيلومترات الأربعة تقرب الحسم في الموصل
https://aawsat.com/home/article/958246/%D9%85%D8%B9%D8%B1%D9%83%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D9%83%D9%8A%D9%84%D9%88%D9%85%D8%AA%D8%B1%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D8%A3%D8%B1%D8%A8%D8%B9%D8%A9-%D8%AA%D9%82%D8%B1%D8%A8-%D8%A7%D9%84%D8%AD%D8%B3%D9%85-%D9%81%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%88%D8%B5%D9%84
معركة الكيلومترات الأربعة تقرب الحسم في الموصل
عشرات الضحايا بتفجير جامع النوري... والعبادي يتوقع «إعلان التحرير بالكامل خلال أيام»
معركة الكيلومترات الأربعة تقرب الحسم في الموصل
مقالات ذات صلة
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة