«أرض جو»... تجسيد لمعاناة الشباب المصري بين الهجرة والإرهاب والابتزاز

محمد كريم لـ «الشرق الأوسط»: تلقيت دورة في تعلّم الطيران... والشخصية استفزّتني

غادة عبد الرازق في المحكمة -  محمد كريم يتلقى دورة في تعلّم الطيران («الشرق الأوسط»)
غادة عبد الرازق في المحكمة - محمد كريم يتلقى دورة في تعلّم الطيران («الشرق الأوسط»)
TT

«أرض جو»... تجسيد لمعاناة الشباب المصري بين الهجرة والإرهاب والابتزاز

غادة عبد الرازق في المحكمة -  محمد كريم يتلقى دورة في تعلّم الطيران («الشرق الأوسط»)
غادة عبد الرازق في المحكمة - محمد كريم يتلقى دورة في تعلّم الطيران («الشرق الأوسط»)

قدّم الفنان المصري محمد كريم دور الطيار يوسف زيدان، في مسلسل «أرض جو»، بأسلوب مزج ما بين خفّة الظل والشاب الذي تحيط به الفتيات من كل جانب... شاب يبحث عن أحلامه وطموحاته، وهو الطيار المسؤول عن أرواح المسافرين في الطائرة وحمايتهم.
وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» قال كريم، إنه قبل فترة التصوير أخذ دورة لتعلّم فن قيادة الطائرات؛ ليكون مؤهلاً لقيادتها خلال مشاهد المسلسل، وبالنسبة لمشاهد الخطف فقد صُوّرت بالفعل داخل إحدى كبائن الطائرات لشركة «مصر للطيران». وأضاف: «مشهد خطف الطائرة بغض النظر عن كونه مشهداً تمثيلياً، إلّا أنّني تأثّرت جداً به؛ واعتبرته مشهداً حقيقياً، مما أدى إلى خروجه بصورة جميلة. ومن الطبيعي أن يشعر أي شخص بالقلق والخوف للوهلة الأولى لو كان بالفعل حقيقياً، ولكن إذا كان الموقف خطيراً بدرجة كبيرة فبالتأكيد سآخذ خطوة ضد الخاطفين، كما حدث مع الكابتن يوسف زيدان». وتابع: «حوادث خطف الطائرات والمطالبة بفدية أو مبادلة الرهائن عمل مشين جداً، أيّاً كان الدافع الذي يجعل الخاطف يقدم على مثل هذا الفعل، وتعريض حياة الأبرياء للخطر... شخصية الكابتن طيار يوسف زيدان التي أقدمها في المسلسل، هي شخصية جديدة ومليئة بالمغامرات والتشويق، وهذا سر حبّي لتقديم مثل هذه الشخصية؛ إذ استفزتني وجعلتني أخرج الملكات التمثيلية المركبة بها».
واستطرد كريم: «المخرج محمد جمعة رشّحني وعرض علي سيناريو (أرض جو)، وأصرّ علي قائلاً لي إنه دور جديد ولا بدّ أن أقبله وشجعني عليه، وبعدها أصبحت متحمساً جداً له وشُددت إليه».
وعن كيفية إتقانه دور الطيار قال: «شخصية الطيار لم أقدّم مثلها من قبل، وهذا الدور تطلّب منّي كممثل، كثيراً من العمل؛ ففي البداية قمت بالكثير من البروفات، وتلقّيت كثيراً من دورات التدريب على الطيران، وجلست مع كثير من أصدقائي الطيارين لدراسة شخصية الطيار، وعملت على الشخصية من حيث الشكل والملابس، كما قرأت كثيراً من الكتب فيما يخصّ موضوع الطيران، وتعلّمت لغة الطيارين و(الرموز) التي يتحدثون بها داخل كابينة الطائرة، والكلمات التي يستخدمونها».
وفيما يخص وضع شارة «16+» قبل عرض حلقات «أرض جو»... أوضح كريم: «الرقابة هي التي تُصنّف الأعمال الفنية، وتلزم شركات الإنتاج باستخدام التصنيف العمري؛ وصُنّف مسلسل أرض جو (16+)؛ لاحتوائه على مشاهد عنف ودماء».
وعن أدواره واختياراته الفنية ومشاريعه الفنية الدرامية المقبلة وعن تقييمه للأعمال الرمضانية قال: «عند قبول أي عمل فني أدرس الشخصية التي سأقدمها للجمهور دراسة جيدة قبل التصوير، وأهتم جداً بجميع تفاصيلها. ولم أستقر حالياً على عمل معين بعد (أرض جو)، ولكن الأفضل قادم بإذن الله... وفي الوقت الحالي كل أفراد المسلسل وطاقمه مشغولون جداً في تصوير الحلقات الأخيرة من المسلسل، وبالتالي لا يوجد وقت كافٍ لمتابعة أي أعمال فنية أخرى تعرض في هذا الشهر الكريم». وتابع: «أما بالنسبة للسينما فأجهز لتصوير فيلم جديد سيكون مفاجأة بعد العيد، بجانب استئناف تصوير فيلم (خطيب مراتي). وبالنسبة لتجربة تقديم البرامج الفنية مثل (ذا فويس) فهي تجربة ناجحة، وأفخر بها».
وبالعودة لتغطية حلقات مسلسل «أرض جو»، فإنّ الأحداث تتسارع ويتطور الصراع الدرامي بدءاً من الحلقة السابعة؛ فبعد خطف ياسين شقيق سلمى (غادة عبد الرازق) طائرة الركاب، وإنقاذها للطائرة، بعد مساعدتها التي كانت الأساس في اعتقال شقيقها، نرى أنّ محاميها يطلب منها أن تشهد زوراً لكي يكون الحكم على أخيها بالسجن المخفف بدلاً من الإعدام، وبعد شهادتها ضده يُحكم عليه بالمؤبد، ليهرب بعدها من السجن.
تصبح «سلمى» بعد هروب أخيها مطاردة ومحاصرة بجميع المشاكل؛ منها تحرش وابتزاز مدير شركة الطيران حيث تعمل، لتفصل عن العمل بتقرير سوء السلوك في محاولة منه لابتزازها وإرغامها على الزواج به عرفياً، ولكنها ترفض.
الحلقات من الـ12 إلى الـ26، تزداد الأحداث سخونة؛ فـ«ياسين» الإرهابي يطارد سلمى للانتقام منها، محاولاً قتلها، وأيضاً محاربة مدير شركتها السابق لها ومنعها من العمل في جميع شركات الطيران، وتحت هذه الظروف ترفض الاستسلام للضغوط وتتزوج من حبيبها صلاح وتسافر إلى أوروبا للعيش معه حيث شركاته هناك.
تتعرض عائلتها أيضاً للضغوط حين يحرق شقيقها «طارق» بإيعاز من عمّه مكتبة والده، للضّغط عليه وإقناعه ببيعها، ويتعرّض والدها لمحاولة قتل، ثم تكتشف «سلمى» بعد ذلك أن زوجها «صلاح» هو من أجبر أخاها «ياسين» على خطف الطائرة، وجعلها تشترك معه في عمليات غسل الأموال، وهو قائد التنظيم الإرهابي أيضاً؛ وعندها تسعى «سلمى» للانتقام من زوجها بتسليمه للإنتربول الدولي، وأخيها للعدالة.
ناقش «أرض جو» في الحلقات الأولى منه قضايا تمس الشباب المصري، ومنها الهجرة غير الشرعية إلى أوروبا التي تكاثرت، وخصوصاً بعد النزاع في سوريا، كما يتناول أيضاً استغلال الرجال المسنين من الطبقات الغنية للشابات الجميلات.
مسلسل «أرض جو» بطولة غادة عبد الرازق، وعباس أبو الحسن، وفريال يوسف، ومحمد كريم، وأحمد فؤاد سليم، وعبد الرحمن أبو زهرة، ومها أبو عوف، وأحمد عبد الوارث، وعمرو صالح، ونادية خيري، وسيناريو وحوار محمد عبد المعطي، وإنتاج تامر مرسي، وإخراج محمد جمعة.



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».