إسرائيل تبدأ تخفيض قدرة الكهرباء عن غزة

«حماس» تحذر... والسلطة تطالبها بالاستجابة لمبادرة عباس وتسليم القطاع

أطفال يدرسون على ضوء الشموع بسبب أزمة الكهرباء التي قررت إسرائيل أمس بدء خفض تيارها عن قطاع غزة (أ.ف.ب)
أطفال يدرسون على ضوء الشموع بسبب أزمة الكهرباء التي قررت إسرائيل أمس بدء خفض تيارها عن قطاع غزة (أ.ف.ب)
TT

إسرائيل تبدأ تخفيض قدرة الكهرباء عن غزة

أطفال يدرسون على ضوء الشموع بسبب أزمة الكهرباء التي قررت إسرائيل أمس بدء خفض تيارها عن قطاع غزة (أ.ف.ب)
أطفال يدرسون على ضوء الشموع بسبب أزمة الكهرباء التي قررت إسرائيل أمس بدء خفض تيارها عن قطاع غزة (أ.ف.ب)

خفّضت إسرائيل، بشكل رسمي، من قدرة الكهرباء المزودة إلى قطاع غزة، بعد موافقة المجلس الوزاري الإسرائيلي المصغر للشؤون السياسية والأمنية (الكابنيت)، على طلب السلطة الفلسطينية بتقليص تزويد الكهرباء لمحطة توليد الطاقة في القطاع بنسبة 35 في المائة.
وخفضت إسرائيل مبدئياً 8 ميغاواط على أن تواصل ذلك بشكل تدريجي.
ويتوقع أن يحصل الغزيون على ساعتين أو 3 من الكهرباء يومياً بدل 4 ساعات حالياً.
واستنكرت سلطة الطاقة في قطاع غزة، الإجراء الإسرائيلي، محملة الاحتلال والأطراف المتسببة، كامل المسؤولية عن العواقب الوخيمة المترتبة على هذا التقليص.
وقالت سلطة الطاقة إن «القرار ينذر بآثار خطيرة على واقع الكهرباء في قطاع غزة الذي يعاني أصلاً من نقص حاد وعجز كبير في إمدادات الطاقة، وهو ما سيؤثر بشكل كبير على برامج التوزيع وانتظامها».
وأوضح محمد ثابت الناطق باسم شركة توزيع الكهرباء في غزة، أن التقليص جرى على خط بغداد المغذي لمدينة غزة، حيث جرى تخفيضه من 12 ميغاواط إلى 8 ميغاواط، وعلى خط رقم 11 المغذي لمدينة خان يونس، الذي خفض بشكل مماثل.
وكانت السلطة الفلسطينية طلبت من إسرائيل عدم اقتطاع أي مبالغ من مستحقاتها الضريبية بدل تمويل أثمان الطاقة الكهربائية لقطاع غزة، في إطار الإجراءات التي قرر الرئيس الفلسطيني محمود عباس اتخاذها ضد حركة حماس الحاكمة هناك، وشملت أيضاً التوقف عن دفع أثمان الوقود وإلغاء الإعفاءات الضريبية عليه، وتنفيذ خصومات على رواتب الموظفين وقطعها عن آخرين، وإحالة بعضهم للتقاعد، في محاولة لإجبار حماس على تسليم غزة للسلطة.
وجاء القرار الإسرائيلي على الرغم من تحذيرات في إسرائيل نفسها من أن هذه الخطوة قد تتسبب بأزمة إنسانية في القطاع، وتدفع حماس إلى إشعال حرب في المنطقة، لكن المجلس الوزاري استجاب إلى توصية من الجيش الإسرائيلي.
وفوراً حذرت حركة حماس الاحتلال الإسرائيلي، قائلة إنه سيتحمل المسؤولية عن تداعيات تقليص كهرباء غزة، لأنه هو الذي يجبي ضرائب غزة على المعابر، وهي تكفي حاجة غزة من الكهرباء وغيرها.
كما حملت الحركة الرئيس عباس المسؤولية كذلك.
وقالت حماس إنها تحذر «من الاستمرار في هذه الإجراءات الخطيرة، التي من شأنها التسريع في تدهور الأوضاع في قطاع غزة كونها تمس بجميع مناحي الحياة وتعمل على تعطيلها».
وجاء في بيان الحركة: «وعليه، فإن المطلوب التراجع الفوري عن كل هذه الإجراءات التعسفية، كما ندعو الفصائل الفلسطينية إلى مواجهتها وفضحها وإفشال أي مخططات تستهدف عوامل ومقومات صمود شعبنا ومقاومته، تمهيداً لتمرير مشاريع استسلام وتصفية للقضية الفلسطينية».
وردت الحكومة الفلسطينية في رام الله بمطالبة حماس بالاستجابة لمبادرة الرئيس.
وقال الناطق باسم الحكومة طارق رشماوي، إن على حماس «الاستجابة فوراً لمبادرة الرئيس والتراجع عن كل إجراءاتها الانقلابية في قطاع غزة».
وأضاف رشماوي: «على حماس الآن حل ما يسمى اللجنة الإدارية لإدارة شؤون القطاع وتسليم كل المؤسسات الحكومية إلى حكومة الوفاق الوطني، حتى تستطيع الحكومة القيام بواجباتها تجاه شعبنا في قطاع غزة».
وتابع أن «استمرار حماس بممارسة سلطة الأمر الواقع في القطاع وفرضها ضرائب غير قانونية على المواطنين وجبايتها لهذه الضرائب وقرصنتها أموال الإيرادات التي تجمعها من أبناء الشعب في القطاع واستمرارها بإعفاء كوادرها من كل الالتزامات، وسرقة الدواء الذي ترسله حكومة التوافق إلى غزة، وفرض رسوم غير قانونية على معاملات التحويلات الطبية، وتعطيلها القيام بكثير من المشاريع في المحافظات الجنوبية مثل مشروع محطة تحلية المياه وغيرها من المشاريع التي من شأنها تخفيف معاناة أبناء شعبنا هناك، ومنعها بالقوة إجراء انتخابات الهيئات والمجالس المحلية، كل هذا سيؤدي إلى تعزيز الانقسام الذي يعتبر طعنة في خاصرة مشروعنا الوطني وإلى زيادة معاناة أهلنا وشعبنا في قطاع غزة».
وأردف: «يتوجب على حركة حماس التوقف أيضاً عن الإساءة إلى رموز وقيادات الشعب الفلسطيني، والارتقاء في خطابها إلى مستوى يليق بنضالات الشعب وتضحياته».



الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)

كثّفت الجماعة الحوثية استهدافها مدرسي الجامعات والأكاديميين المقيمين في مناطق سيطرتها بحملات جديدة، وألزمتهم بحضور دورات تعبوية وزيارات أضرحة القتلى من قادتها، والمشاركة في وقفات تنظمها ضد الغرب وإسرائيل، بالتزامن مع الكشف عن انتهاكات خطيرة طالتهم خلال فترة الانقلاب والحرب، ومساعٍ حثيثة لكثير منهم إلى الهجرة.

وذكرت مصادر أكاديمية في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن مدرسي الجامعات العامة والخاصة والموظفين في تلك الجامعات يخضعون خلال الأسابيع الماضية لممارسات متنوعة؛ يُجبرون خلالها على المشاركة في أنشطة خاصة بالجماعة على حساب مهامهم الأكاديمية والتدريس، وتحت مبرر مواجهة ما تسميه «العدوان الغربي والإسرائيلي»، ومناصرة فلسطينيي غزة.

وتُلوّح الجماعة بمعاقبة مَن يتهرّب أو يتخلّف من الأكاديميين في الجامعات العمومية، عن المشاركة في تلك الفعاليات بالفصل من وظائفهم، وإيقاف مستحقاتهم المالية، في حين يتم تهديد الجامعات الخاصة بإجراءات عقابية مختلفة، منها الغرامات والإغلاق، في حال عدم مشاركة مدرسيها وموظفيها في تلك الفعاليات.

أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

وتأتي هذه الإجراءات متزامنة مع إجراءات شبيهة يتعرّض لها الطلاب الذين يجبرون على حضور دورات تدريبية قتالية، والمشاركة في عروض عسكرية ضمن مساعي الجماعة لاستغلال الحرب الإسرائيلية على غزة لتجنيد مقاتلين تابعين لها.

انتهاكات مروّعة

وكان تقرير حقوقي قد كشف عن «انتهاكات خطيرة» طالت عشرات الأكاديميين والمعلمين اليمنيين خلال الأعوام العشرة الماضية.

وأوضح التقرير الذي أصدرته «بوابة التقاضي الاستراتيجي»، التابعة للمجلس العربي، بالتعاون مع الهيئة الوطنية للأسرى والمختطفين، قبل أسبوع تقريباً، وغطّي الفترة من مايو (أيار) 2015، وحتى أغسطس (آب) الماضي، أن 1304 وقائع انتهاك طالت الأكاديميين والمعلمين في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية التي اتهمها باختطافهم وتعقبهم، ضمن ما سمّاها بـ«سياسة تستهدف القضاء على الفئات المؤثرة في المجتمع اليمني وتعطيل العملية التعليمية».

أنشطة الجماعة الحوثية في الجامعات طغت على الأنشطة الأكاديمية والعلمية (إكس)

ووثّق التقرير حالتي وفاة تحت التعذيب في سجون الجماعة، وأكثر من 20 حالة إخفاء قسري، منوهاً بأن من بين المستهدفين وزراء ومستشارين حكوميين ونقابيين ورؤساء جامعات، ومرجعيات علمية وثقافية ذات تأثير كبير في المجتمع اليمني.

وتضمن التقرير تحليلاً قانونياً لمجموعة من الوثائق، بما في ذلك تفاصيل جلسات التحقيق ووقائع التعذيب.

ووفق تصنيف التقرير للانتهاكات، فإن الجماعة الحوثية نفّذت 1046 حالة اختطاف بحق مؤثرين، وعرضت 124 منهم للتعذيب، وأخضعت اثنين من الأكاديميين و26 من المعلمين لمحاكمات سياسية.

وتشمل الانتهاكات التي رصدها التقرير، الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري والتعذيب الجسدي والنفسي والمحاكمات الصورية وأحكام الإعدام.

عشرات الأكاديميين لجأوا إلى طلب الهجرة بسبب سياسات الإقصاء الحوثية وقطع الرواتب (إكس)

وسبق أن كشف تقرير تحليلي لأوضاع الأكاديميين اليمنيين عن زيادة في طلبات العلماء والباحثين الجامعيين للهجرة خارج البلاد، بعد تدهور الظروف المعيشية، واستمرار توقف رواتبهم، والانتهاكات التي تطال الحرية الأكاديمية.

وطبقاً للتقرير الصادر عن معهد التعليم الدولي، ارتفعت أعداد الطلبات المقدمة من باحثين وأكاديميين يمنيين لصندوق إنقاذ العلماء، في حين تجري محاولات لاستكشاف الطرق التي يمكن لقطاع التعليم الدولي من خلالها مساعدة وتغيير حياة من تبقى منهم في البلاد إلى الأفضل.

إقبال على الهجرة

يؤكد المعهد الدولي أن اليمن كان مصدر غالبية الطلبات التي تلقّاها صندوق إنقاذ العلماء في السنوات الخمس الماضية، وتم دعم أكثر من ثلثي العلماء اليمنيين داخل المنطقة العربية وفي الدول المجاورة، بمنحة قدرها 25 ألف دولار لتسهيل وظائف مؤقتة.

قادة حوثيون يتجولون في جامعة صنعاء (إعلام حوثي)

لكن تحديات التنقل المتعلقة بالتأشيرات وتكلفة المعيشة والاختلافات اللغوية الأكاديمية والثقافية تحد من منح الفرص للأكاديميين اليمنيين في أميركا الشمالية وأوروبا، مقابل توفر هذه الفرص في مصر والأردن وشمال العراق، وهو ما يفضله كثير منهم؛ لأن ذلك يسمح لهم بالبقاء قريباً من عائلاتهم وأقاربهم.

وخلص التقرير إلى أن العمل الأكاديمي والبحثي داخل البلاد «يواجه عراقيل سياسية وتقييداً للحريات ونقصاً في الوصول إلى الإنترنت، ما يجعلهم يعيشون فيما يُشبه العزلة».

وأبدى أكاديمي في جامعة صنعاء رغبته في البحث عن منافذ أخرى قائمة ومستمرة، خصوصاً مع انقطاع الرواتب وضآلة ما يتلقاه الأستاذ الجامعي من مبالغ، منها أجور ساعات تدريس محاضرات لا تفي بالاحتياجات الأساسية، فضلاً عن ارتفاع الإيجارات.

إجبار الأكاديميين اليمنيين على المشاركة في الأنشطة الحوثية تسبب في تراجع العملية التعليمية (إكس)

وقال الأكاديمي الذي طلب من «الشرق الأوسط» التحفظ على بياناته خوفاً على سلامته، إن الهجرة ليست غاية بقدر ما هي بحث عن وظيفة أكاديمية بديلة للوضع المأساوي المعاش.

ويقدر الأكاديمي أن تأثير هذه الأوضاع أدّى إلى تدهور العملية التعليمية في الجامعات اليمنية بنسبة تتجاوز نصف الأداء في بعض الأقسام العلمية، وثلثه في أقسام أخرى، ما أتاح المجال لإحلال كوادر غير مؤهلة تأهيلاً عالياً، وتتبع الجماعة الحوثية التي لم تتوقف مساعيها الحثيثة للهيمنة على الجامعات ومصادرة قرارها، وصياغة محتوى مناهجها وفقاً لرؤية أحادية، خصوصاً في العلوم الاجتماعية والإنسانية.

وفي حين فقدت جامعة صنعاء -على سبيل المثال- دورها التنويري في المجتمع، ومكانتها بصفتها مؤسسة تعليمية، تُشجع على النقد والتفكير العقلاني، تحسّر الأكاديمي اليمني لغياب مساعي المنظمات الدولية في تبني حلول لأعضاء هيئة التدريس، سواء في استيعابهم في مجالات أو مشروعات علمية، متمنياً ألا يكون تخصيص المساعدات لمواجهة المتطلبات الحياتية للأكاديميين غير مشروط أو مجاني، وبما لا يمس كرامتهم.