عند القط «آخيل» الخبر اليقين لنتائج كأس القارات في روسيا

القط «آخيل» أمام العلم الروسي
القط «آخيل» أمام العلم الروسي
TT

عند القط «آخيل» الخبر اليقين لنتائج كأس القارات في روسيا

القط «آخيل» أمام العلم الروسي
القط «آخيل» أمام العلم الروسي

تمكن قط أبيض أصم اسمه «آخيل» من التنبؤ بنتيجة المباراة الأولى في بطولة كأس القارات التي تستضيفها روسيا هذه الأيام. وهذا القط ليس مجرد قط عادي، بل جزء رئيسي من حكاية متحف الإرميتاج الشهير في بطرسبورغ، عاصمة روسيا القيصرية، يعيش في ذلك المتحف، ويحظى برعاية خاصة من المسؤولين هناك، واهتمام خاص من جانب ملايين الزوار المحليين والأجانب. ويمثل القط «آخيل» استمرارا لتقليد تاريخي، هناك أكثر من رواية حول بداياته. ففي رواية أولى يُقال إن الإمبراطور بطرس الأول (بطرس الأكبر) جلب قطاً من هولندا، وقرر أن يدعه يعيش في القصر الشتوي (المبنى الرئيسي للإرميتاج حالياً)، وفي رواية ثانية فإن أول قط عاش في الإرميتاج اسمه «فاسيلي» وأخذه بطرس الأول عام 1724 من تاجر هولندي كان يعرض تجارته في روسيا. وحينها أصدر بطرس أمراً بأن «تمتلك المستودعات والحظائر (مخازن المواد الغذائية والحبوب) قططاً بهدف مطاردة وردع الفئران والجرذان». وفي القرن الثامن عشر انتشرت القوارض بأعداد كبيرة في القصر الشتوي، وأحدثت ثقوبا في جدرانه، حينها لفتت قطط مدينة قازان انتباه الإمبراطورة إليزابيث، ابنة بطرس الصغرى، وأصدرت أمرا بجلب قطط من قازان لتعيش في حظائر ومستودعات القصر الشتوي للقضاء على القوارض، ونجحت بذلك.
ومنذ عهد بطرس وإليزابيث، ما زال القصر الشتوي، أي الإرميتاج، يحافظ على تقليد الاحتفاظ بقطط، لتقوم بذات المهمة، لكن هذه المرة مطاردة الفئران والجرذان، كي لا تخرب اللوحات والتماثيل التاريخية في المتحف. وجرت العادة منح القطط هناك أسماء شخصيات تاريخية أو لوحات عالمية، ولهذا أطلق على القط الأبيض، الأصم، اسم «آخيل». وحسب المسؤول عن المواكبة الإعلامية لبطولة كأس القارات، ومسؤولين من بطرسبورغ ومن الإرميتاج، فقد وقع الخيار على «آخيل»، دون حيوانات أخرى، ليكون المتنبئ بنتائج مباريات بطولة كأس القارات، لأنه أظهر خلال الاختبارات قدرة على التنبؤ والتوقع.
ولتسهيل مهمة «آخيل» اعتمد المنظمون خطة خاصة، حيث يضعون أمامه وعاءين فيهما طعام للقطط، وأمام كل وعاء علم واحد من المنتخبين المتنافسين، وعلى «آخيل» اختيار أمام أي من الوعاءين سيقف، أو من أيهما سيتناول الطعام، وبهذا يتنبأ بالنتيجة. وهو ما جرى قبل ساعات على المباراة الأولى في بطولة كأس القارات أول من أمس، التي واجه فيها المنتخب الروسي منتخب نيوزيلندا. إذ تم وضع وعاءين أمام «آخيل»، أحدهما تحت العلم الروسي والآخر تحت العلم النيوزيلندي، واقترب القط «آخيل»، وتوقف أمام الوعاء تحت العلم الروسي، متنبئاً بذلك بفوز منتخب روسيا. وبعد ساعات انتهت المباراة وأتت النتيجة مطابقة للتنبؤات، مما يعني أن «مواطن الإرميتاج»، القط الأبيض الأصم «آخيل» نجح في أول اختبار له، وما زالت أمامه عشرات المباريات ليثبت جدارته ويظهر مهاراته في التنبؤ. وهذه ليست المرة الأولى التي يقوم فيها قط من بطرسبورغ بمهمة التنبؤ، إذ سبق وأن تنبأت قطط من المدينة بنتائج مسابقات فنية ورياضية، مثل مسابقة الأغنية الأوروبية «يورفيجين»، ونتائج الألعاب الأولمبية الأخيرة. وتراوحت دقة تنبؤاتها ما بين 85 إلى 100 في المائة.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».