شبهات فساد تحوم حول وزراء في حكومة الشاهد

شبهات فساد تحوم حول وزراء في حكومة الشاهد
TT

شبهات فساد تحوم حول وزراء في حكومة الشاهد

شبهات فساد تحوم حول وزراء في حكومة الشاهد

تحول اتهام رياض المؤخر، وزير الشؤون المحلية والبيئة في حكومة يوسف الشاهد بالفساد، إلى حرب كلامية في تونس وتبادل اتهامات بالفساد بين ياسين إبراهيم رئيس حزب آفاق تونس المنضم إلى الائتلاف الحكومي، والمهدي بن غربية الوزير الحالي للعلاقة مع الهيئات الدستورية والمجتمع المدني وحقوق الإنسان، وقد أحيا بذلك حربا قديمة بينهما تعود إلى بداية 2016.
وتبادل الطرفان اتهامات بالفساد ضاربين بعرض الحائط واجب التحفظ، على اعتبار أن كليهما تقلد مناصب وزارية. ودعا ياسين إبراهيم، الذي شغل في السابق منصب وزير للنقل ووزير للتنمية والاستثمار والتعاون الدولي، إلى ضرورة تنظيف الحكومة قبل مكافحة الفساد خارجها، ملمحا إلى وجود أعضاء في الحكومة متهمين بالفساد، وذلك إثر فتح التحقيق ضد المؤخر، الذي يعد أحد قيادات حزب آفاق تونس.
ومن جهته، رفع مهدي بن غربية وزير العلاقة مع الهيئات الدستورية والمجتمع المدني وحقوق الإنسان أمس، شكوى قضائية ضدّ ياسين إبراهيم، رئيس حزب آفاق تونس، بتهمتي التلفيق والادعاء بالباطل على خلفية تصريحات اتهم فيها بن غربية بالفساد، على الرغم من انتمائه إلى التركيبة الحكومية.
وكان ياسين إبراهيم رئيس حزب آفاق تونس قد أكد في تصريح إعلامي أن رئيس الحكومة يوسف الشاهد مطالب في حربه على الفساد بالانطلاق في محاسبة من حوله، مبرزا أن «القاصي والدّاني على علم بقضايا الفساد التي تلاحق وزيرا في حكومة الشاهد، وهو مهدي بن غربية، وشركة مهدي بن غربية احتالت على شركة الخطوط التونسية، وهناك قضية منشورة لدى القضاء، إضافة إلى قضايا أخرى تتعلق به».
وتخلى بن غربية عن صفته الحكومية ورد الصاع صاعين، حيث انتقد تصريحات ياسين إبراهيم التي وصفها بـ«اللامسؤولة وبالكذب الصريح»، وقال في تصريح إعلامي: «هذا التشويش المتعمد لا يستهدف شخصي، وإنما يستهدف الحرب على الفساد وحكومة الوحدة الوطنية ورئيسها يوسف الشاهد»، مؤكدا أن اتهامات إبراهيم الموجهة له باطلة وافتراء، ونفى وجود أي قضية جارية ضده.
وتابع بن غربية قائلا: «ياسين إبراهيم لم يتعاف بعد من قضية بنك (لازار)، ولم يقنع التونسيين بأن لا علاقة لها بالفساد».
في السياق ذاته، أكد سفيان السليطي، المتحدث باسم المحكمة الابتدائية بتونس، أن النيابة العامة فتحت تحقيقا ضد رياض المؤخر الوزير في حكومة الوحدة الوطنية الحالية، ومنير الفرشيشي مستشاره السابق، وتعهد قاضي التحقيق بالقطب القضائي المالي بالنظر في ملف القضية المفتوحة منذ نحو أسبوع، على خلفية اتهامه باستغلال وظيفته والتصرف دون وجه حق في الأموال العمومية.
وتم فتح هذا البحث على خلفية اتهامات وجهتها النائبة سامية عبو عن حزب التيار الديمقراطي المعارض للوزير رياض المؤخر خلال جلسة عامة بالبرلمان، أكدت فيها أن الوزير عين مستشارا خاصا له تحوم حوله شبهة فساد وصدر ضده حكم قضائي، ومكنه من عقد لممارسة نشاط خاص مقابل أجر سنوي يُقدر بـ40 ألف دينار (نحو 16ألف دولار).
ولتأكيد مواصلة الحكومة حربها ضد الفساد، أكد شوقي الطبيب رئيس هيئة مكافحة الفساد لـ«الشرق الأوسط» أن الهيئة أحالت ملفات فساد ضد مسؤولين وإطارات كبرى في الدولة، بينهم ثلاثة وزراء أحدهم وزير برتبة مستشار لدى يوسف الشاهد ووزير سابق ووزير مستشار تمت إقالته.
وألقى ملف مكافحة الفساد بظلاله على منظومة الحكم كلها، ورمى الاتهامات نحو أعضاء الحكومة التي شنت حملة قوية ضد رجال أعمال ومهربين متهمين بالفساد. وأشار الطبيب إلى أن الهيئة قدمت قائمة المتهمين بالفساد بطلب من رئيس الحكومة يوسف الشاهد.



دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
TT

دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)

مع توجّه الحكومة اليمنية بطلب إلى الأمم المتحدة لعقد مؤتمر للمانحين لجهة دعم خطة الاستجابة الإنسانية في البلاد، بعد تزايد الاحتياجات الإنسانية الملحَّة، جددت منظمات دولية وأممية الدعوة إلى زيادة التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية.

وفي حين تواصل الجماعة الحوثية إعاقة جهود الإغاثة في البلاد، ذكر الإعلام الرسمي أن سفير اليمن لدى الأمم المتحدة، عبد الله السعدي، أكد على ضرورة أن تظل الأزمة الإنسانية في اليمن على رأس أولويات الأمم المتحدة والمجتمع الدولي للحد من المعاناة المتزايدة، داعياً إلى تكثيف الجهود للإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المختطَفين والمعتقَلين، ومحاسبة المسؤولين عن مختلف الانتهاكات، في إشارة إلى الجماعة الحوثية.

وفي بيان اليمن أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، خلال الجلسة الخاصة بتعزيز تنسيق المساعدات الإنسانية والإغاثية، حذَّر السعدي المجتمع الدولي من خطورة تجاهل الانتهاكات التي ترتكبها الجماعة الحوثية لخدمة أجندتها السياسية، بما في ذلك استخدام المساعدات الإنسانية لخدمة أهدافها العسكرية وتحويل المناطق الخاضعة لسيطرتها إلى سجون لمن يعارضونها.

أكثر من 19 مليون يمني بحاجة إلى المساعدات خلال العام المقبل حسب تقديرات أممية (الأمم المتحدة)

وأعاد البيان اليمني التذكير بأهمية نقل مقرات الوكالات الأممية والمنظمات الدولية إلى العاصمة المؤقتة عدن لضمان سلامة العاملين في المجال الإنساني، وتوفير بيئة آمنة للعمل بعيداً عن التدخلات؛ ما يساهم في تحسين القدرة على إيصال المساعدات إلى الفئات المحتاجة في مختلف المناطق. وتتهم الحكومة اليمنية وأوساط إغاثية وحقوقية محلية وأممية ودولية الجماعة الحوثية بالاستمرار في اختطاف العاملين بالمجال الإغاثي، وتبني حملات إعلامية مسيئة للعمل الإنساني، ورفض الاستجابة لطلبات عائلات المختطفين بالسماح بزيارتهم والاطمئنان على صحتهم الجسدية والنفسية، وتقديم الرعاية لهم.

سوء التنظيم والتخطيط

وجدَّدت الحكومة اليمنية التذكير بالأضرار الكبيرة التي تسببت بها الفيضانات والسيول التي ضربت عدة مناطق يمنية هذا العام، إلى جانب مختلف التطرفات المناخية التي ضاعفت من الآثار الناجمة عن الحرب في مفاقمة الأوضاع الإنسانية والاقتصادية؛ ما زاد من أهمية وضرورة تكثيف دعم المجتمع الدولي لليمن في مواجهة هذه التحديات.

جهات دولية تتهم الجماعة الحوثية بإعاقة أعمال الإغاثة بعد اختطاف موظفي المنظمات (رويترز)

ولا يتوقع جمال بلفقيه رئيس اللجنة العليا للإغاثة في الحكومة اليمنية أن يكون الدعم كبيراً أو كافياً لمواجهة مختلف المتطلبات والاحتياجات، مشيراً إلى أن عملية حشد الأموال لا بد أن تقترن بكيفية تنظيم إدارة العمل الإنساني والإغاثي، وخلق شراكة حقيقية بين الحكومة اليمنية والقطاع الخاص، والمنظمات المحلية والجهات الإغاثية الحالية، لإيصال المساعدات.

وفي حديثه لـ«الشرق الأوسط»، يصف بلفقيه الأزمة الإنسانية في بلاده بالأشد قسوة؛ ما يجعل من غير الممكن على اليمنيين الصمود أمام متطلبات معيشتهم، في ظل استمرارها وتصاعدها، منوهاً بأن حجم الأموال التي يمكن الحصول عليها ليس مهماً إذا لم يتم تنظيم عمليات الإغاثة للوصول بكفاءة إلى كل المستحقين.

وانتقد بلفقيه، وهو أيضاً مستشار وزير الإدارة المحلية، التوجهات الأممية الموسمية لزيادة التمويل، عند نهاية عام وبداية عام جديد، مع غياب التخطيط والتنظيم الفاعلين، وعدم مراعاة الاحتياجات المحلية للمتضررين من الأزمة الإنسانية في كل محافظة.

فيضانات الصيف الماضي في اليمن فاقمت من الأزمة الإنسانية وزادت من احتياجات الإغاثة (الأمم المتحدة)

من جهتها، أكدت منظمة «هيومن رايتس ووتش» أن اليمن أصبح يعيش «واحدة من أكبر الأزمات الإنسانية في العالم»، وفقاً لبيانات الأمم المتحدة؛ ما يزيد من احتياجات التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية، بما فيها الغذاء والمياه والإمدادات الطبية.

واتهمت المنظمة، في بيان حديث لها، الجماعة الحوثية، باحتجاز وإخفاء 17 شخصاً على الأقل من موظفي الأمم المتحدة، بالإضافة إلى عشرات الموظفين من المنظمات غير الحكومية ومنظمات المجتمع المدني والشركات الخاصة، ومواصلة احتجازهم دون تهم.

إيقاف التمويل

نقلت «هيومن رايتس ووتش» عن الأمم المتحدة، أن 24.1 مليون يمني، أي ما يساوي 80 في المائة من السكان، بحاجة إلى المساعدات الإنسانية والحماية».

ونبهت المنظمة الدولية إلى أن الحكومة السويدية أقرَّت، أواخر الشهر الماضي، «الإنهاء التدريجي» لمساعداتها الإنمائية لليمن، على خلفية الإجراءات التدميرية المتزايدة للجماعة الحوثية في الأجزاء الشمالية من اليمن، ومنها اختطاف موظفي الأمم المتحدة.

كما دعت الأمم المتحدة والمجتمع الدولي تصعيد مطالبة الحوثيين بالإفراج عن المعتقلين، وتنسيق جهودهما بشكل أفضل في هذا الهدف المشترك. وقالت: «يجب أن تضاعف وكالات الأمم المتحدة الجهود لحماية ودعم موظفيها المتبقين في اليمن».

رغم تراجع تمويل الإغاثة في اليمن لا تزال وكالات أممية تقدم مساعدات للنازحين والمحتاجين (الأمم المتحدة)

ويتفق الباحث الاقتصادي، عادل السامعي، مع مسؤول الإغاثة اليمني، بلفقيه، حول سوء إدارة أموال الإغاثة في اليمن، وتسبب ذلك في حلول جزئية ومؤقتة للأزمة الإنسانية في البلاد. ويوضح السامعي لـ«الشرق الأوسط» أن هناك تراجعاً ملحوظاً في تمويل خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن بسبب «الفساد» الذي أضر بالعملية الإغاثية وتجيير كثير من أوجه الدعم والمساعدات لصالح الجماعة الحوثية.

ويلفت إلى أن هناك تراكماً للفجوات بين الاحتياجات التي تفرضها الأزمة الإنسانية في اليمن والتمويل الموجَّه لها؛ فبعد أن كانت متطلبات الاستجابة الإنسانية خلال الـ12 عاماً الماضية تزيد على 33 مليار دولار، جرى تحصيل أقل من 20 مليار دولار فقط.

وخلال الأسبوع الماضي، كشفت الأمم المتحدة عن حاجتها إلى 2.5 مليار دولار لدعم خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن خلال العام المقبل (2025).

بسبب اختطاف الجماعة الحوثية موظفي الإغاثة في اليمن تراجعت عدد من الدول عن تمويل الاستجابة الإنسانية (أ.ف.ب)

وحذَّر «مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)»، في بيان له، من أن الظروف المعيشية لمعظم اليمنيين ستظل مزرية في عام 2025. ومن المتوقَّع أن تؤدي فرص كسب العيش المحدودة وانخفاض القدرة الشرائية إلى تعميق عدم الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي.

ووفقاً للمكتب الأممي، فإن 19.54 مليون شخص في اليمن بحاجة إلى المساعدة خلال العام المقبل، من بينهم 17 مليون شخص (49 في المائة من السكان) سيواجهون انعدام الأمن الغذائي الشديد، مع معاناة 5 ملايين شخص من ظروف «الطوارئ». بينما يؤثر سوء التغذية الحاد على نحو 3.5 مليون شخص، بمن في ذلك أكثر من 500 ألف شخص يعانون من سوء التغذية الحاد الشديد.