احتجاج خجول لناشطين في لبنان على «التمديد الثالث» للبرلمان

سجال حول جدوى اعتماد البطاقة الممغنطة في الاستحقاق النيابي المقبل

احتجاج خجول لناشطين في لبنان على «التمديد الثالث» للبرلمان
TT

احتجاج خجول لناشطين في لبنان على «التمديد الثالث» للبرلمان

احتجاج خجول لناشطين في لبنان على «التمديد الثالث» للبرلمان

تحركت مجموعات صغيرة من المجتمع المدني اللبناني بالتزامن مع انعقاد جلسة مجلس النواب، أمس، التي تم خلالها تمديد ولاية البرلمان 11 شهرا، وإقرار قانون جديد للانتخاب يعتمد النظام النسبي وتقسيم لبنان إلى 15 دائرة. واعترض العشرات على لجوء القوى السياسية، للمرة الثالثة على التوالي، إلى تأجيل الانتخابات تحت مسمى «التمديد التقني» هذه المرة، ورشقوا مواكب النواب والوزراء خلال توجههم إلى الجلسة النيابية بالبيض؛ ما أدى إلى أكثر من مواجهة بينهم وبين عناصر الجيش وقوى الأمن الداخلي.
أحد الناشطين قال إنه تعرض للضرب المبرح، خلال محاولته اعتراض موكب أحد المسؤولين، بينما أعلن ناشطون آخرون أن القوى الأمنية رمتهم أرضا واستخدمت العصي لضربهم. وبخلاف السنوات الماضية، جاءت هذه المرة الحركة الاعتراضية على التمديد خجولة؛ إذ لم تسجل مشاركة كثيفة، لكن أن المجموعات التي نزلت إلى الشارع يوم أمس صوّبت انتقادها، وبشكل أساسي، على «تقاعس القوى السياسية عن القيام بواجبها بالاتفاق على قانون طوال السنوات والأشهر الماضية»، وعلى ما قالت إنها «لعبة مدروسة من قبلها لإقرار القانون قبل أيام من انتهاء ولاية المجلس كي لا تنظم الانتخابات في موعدها الذي كان محددا شهر مايو (أيار) الماضي».
هذا، ووزع الناشطون الذين نفذوا اعتصامهم في ساحة رياض الصلح بوسط العاصمة اللبنانية بيروت منشورات كُتب عليها «لا للتمديد الثالث»، ورفعوا لافتات كتبوا عليها «التمديد التقني = تمديد غير شرعي»، و«فلوا ع بيوتكم» (اذهبوا إلى منازلكم)». وكالعادة، منعت القوى الأمنية المتظاهرين من الاقتراب من ساحة النجمة، حيث مركز البرلمان اللبناني، وشددت الحضور الأمني على الحواجز الحديدية التي أقامتها في منطقة وسط بيروت والموجودة طوال أيام السنة.
من جانبه، قال أمين عام حزب «سبعة» جاد داغر، وهو أحد الأحزاب التي تمثل المجتمع المدني، شارحاً ضعف التحرك هذه المرة: «المشكل الكبير هذه المرة أنه لن يفيد بعدما أوصلتنا الطبقة السياسية لما هو أشبه بأمر واقع، ولذا رأينا أن الأجدى بدل توسيع الحراك بالشارع الانصراف إلى الاستعداد للمعركة الانتخابية المقبلة من خلال تجهيز الكوادر والماكينات والحملات واعتماد مقاربة شجاعة في الاستحقاق المقبل». وتابع داغر لـ«الشرق الأوسط» في لقاء معه «نسعى لإنشاء تحالف عريض من مجموعات المجتمع المدني لنخوض الانتخابات على لوائح موحدة تشكيل حالة قوية لنكون منافسين حقيقيين لمرشحي هذه الطبقة السياسية».
من ناحية أخرى، أدى قرار الحكومة ومجلس النواب اعتماد البطاقة الممغنطة في الانتخابات التي تم تحديد موعدها بعد 11 شهرا إلى سجال بين مؤيد لهذه البطاقة ومعارض لها. ففي حين استهجنت إحدى الناشطات التي كانت تتظاهر في وسط بيروت اعتماد لبنان هذه البطاقة بينما تقوم الكثير من دول أوروبا بالتخلي عنها نتيجة المشكلات التقنية التي تنتج منها، اعتبر رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، أن «اعتماد البطاقة الممغنطة في التصويت يخفف من مشقة الانتقال للناخبين من مناطق سكنهم إلى بلداتهم وقراهم الأساسية، كما يضع حدا لأي تزوير أو استغلال أو ممارسة ضغوط على الناخبين». لكن اللافت ما صدر عن وزير الداخلية نهاد المشنوق لدى دخوله إلى جلسة مجلس النواب؛ إذ تحدث عن «مواد في قانون الانتخاب بحاجة لتعديل منها البطاقة الممغنطة التي من الصعب إنجازها»، ما يطرح علامات استفهام كبيرة حول كيفية تضمين القانون هذه البطاقة: «وهو ما قد يؤدي لتمديد رابع لمجلس النواب في حال عدم إنجاز هذه البطاقات وتوزيعها قبل شهر مايو المقبل»، على حد تعبير وزير الداخلية السابق مروان شربل.
شربل قال لـ«الشرق الأوسط» موضحاً «هذه البطاقة حقيقة تعقّد الأمور بدل أن تسهلها... وسلبياتها أكثر بكثير من إيجابياتها». وتساءل «هل ستتمكن وزارة الداخلية من إعداد بطاقات لنحو 3 ملايين و600 ألف لبناني وتوزيعها في الوقت المحدد؟ وهل سيعرف كل اللبنانيين كيفية استعمالها؟ وكيف ستتمكن بعض المناطق اللبنانية وبخاصة في بيروت من خلال عدد محدد من أقلام الاقتراع استيعاب أعداد كبيرة من الناخبين الذين سيفضلون الاقتراع في أماكن سكنهم وعدم التوجه إلى بلداتهم وقراهم؟».
وفي حين نبّه شربل إلى «مشكلات تقنية متعددة قد تطرأ على هذه البطاقة كما إلى فيروسات معينة قد تصيب الآلية وتؤدي لتعطيلها». أصدر «مكتب إعلام وزارة الداخلية» يوم أمس بيانا استنكر فيه «الحملة التي ادّعت زوراً وبهتاناً تلزيم مشروع البطاقة الممغنطة لشركة محدّدة دون غيرها وبأسعار مضاعفة عن الكلفة الحقيقية»، مضيفا: «يستحيل إجراء أي تلزيم لأي مشروع للانتخابات قبل إقرار القانون ودون اتّباع إجراءات إدارية واحترام النصوص المرعية».



الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)

كثّفت الجماعة الحوثية استهدافها مدرسي الجامعات والأكاديميين المقيمين في مناطق سيطرتها بحملات جديدة، وألزمتهم بحضور دورات تعبوية وزيارات أضرحة القتلى من قادتها، والمشاركة في وقفات تنظمها ضد الغرب وإسرائيل، بالتزامن مع الكشف عن انتهاكات خطيرة طالتهم خلال فترة الانقلاب والحرب، ومساعٍ حثيثة لكثير منهم إلى الهجرة.

وذكرت مصادر أكاديمية في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن مدرسي الجامعات العامة والخاصة والموظفين في تلك الجامعات يخضعون خلال الأسابيع الماضية لممارسات متنوعة؛ يُجبرون خلالها على المشاركة في أنشطة خاصة بالجماعة على حساب مهامهم الأكاديمية والتدريس، وتحت مبرر مواجهة ما تسميه «العدوان الغربي والإسرائيلي»، ومناصرة فلسطينيي غزة.

وتُلوّح الجماعة بمعاقبة مَن يتهرّب أو يتخلّف من الأكاديميين في الجامعات العمومية، عن المشاركة في تلك الفعاليات بالفصل من وظائفهم، وإيقاف مستحقاتهم المالية، في حين يتم تهديد الجامعات الخاصة بإجراءات عقابية مختلفة، منها الغرامات والإغلاق، في حال عدم مشاركة مدرسيها وموظفيها في تلك الفعاليات.

أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

وتأتي هذه الإجراءات متزامنة مع إجراءات شبيهة يتعرّض لها الطلاب الذين يجبرون على حضور دورات تدريبية قتالية، والمشاركة في عروض عسكرية ضمن مساعي الجماعة لاستغلال الحرب الإسرائيلية على غزة لتجنيد مقاتلين تابعين لها.

انتهاكات مروّعة

وكان تقرير حقوقي قد كشف عن «انتهاكات خطيرة» طالت عشرات الأكاديميين والمعلمين اليمنيين خلال الأعوام العشرة الماضية.

وأوضح التقرير الذي أصدرته «بوابة التقاضي الاستراتيجي»، التابعة للمجلس العربي، بالتعاون مع الهيئة الوطنية للأسرى والمختطفين، قبل أسبوع تقريباً، وغطّي الفترة من مايو (أيار) 2015، وحتى أغسطس (آب) الماضي، أن 1304 وقائع انتهاك طالت الأكاديميين والمعلمين في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية التي اتهمها باختطافهم وتعقبهم، ضمن ما سمّاها بـ«سياسة تستهدف القضاء على الفئات المؤثرة في المجتمع اليمني وتعطيل العملية التعليمية».

أنشطة الجماعة الحوثية في الجامعات طغت على الأنشطة الأكاديمية والعلمية (إكس)

ووثّق التقرير حالتي وفاة تحت التعذيب في سجون الجماعة، وأكثر من 20 حالة إخفاء قسري، منوهاً بأن من بين المستهدفين وزراء ومستشارين حكوميين ونقابيين ورؤساء جامعات، ومرجعيات علمية وثقافية ذات تأثير كبير في المجتمع اليمني.

وتضمن التقرير تحليلاً قانونياً لمجموعة من الوثائق، بما في ذلك تفاصيل جلسات التحقيق ووقائع التعذيب.

ووفق تصنيف التقرير للانتهاكات، فإن الجماعة الحوثية نفّذت 1046 حالة اختطاف بحق مؤثرين، وعرضت 124 منهم للتعذيب، وأخضعت اثنين من الأكاديميين و26 من المعلمين لمحاكمات سياسية.

وتشمل الانتهاكات التي رصدها التقرير، الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري والتعذيب الجسدي والنفسي والمحاكمات الصورية وأحكام الإعدام.

عشرات الأكاديميين لجأوا إلى طلب الهجرة بسبب سياسات الإقصاء الحوثية وقطع الرواتب (إكس)

وسبق أن كشف تقرير تحليلي لأوضاع الأكاديميين اليمنيين عن زيادة في طلبات العلماء والباحثين الجامعيين للهجرة خارج البلاد، بعد تدهور الظروف المعيشية، واستمرار توقف رواتبهم، والانتهاكات التي تطال الحرية الأكاديمية.

وطبقاً للتقرير الصادر عن معهد التعليم الدولي، ارتفعت أعداد الطلبات المقدمة من باحثين وأكاديميين يمنيين لصندوق إنقاذ العلماء، في حين تجري محاولات لاستكشاف الطرق التي يمكن لقطاع التعليم الدولي من خلالها مساعدة وتغيير حياة من تبقى منهم في البلاد إلى الأفضل.

إقبال على الهجرة

يؤكد المعهد الدولي أن اليمن كان مصدر غالبية الطلبات التي تلقّاها صندوق إنقاذ العلماء في السنوات الخمس الماضية، وتم دعم أكثر من ثلثي العلماء اليمنيين داخل المنطقة العربية وفي الدول المجاورة، بمنحة قدرها 25 ألف دولار لتسهيل وظائف مؤقتة.

قادة حوثيون يتجولون في جامعة صنعاء (إعلام حوثي)

لكن تحديات التنقل المتعلقة بالتأشيرات وتكلفة المعيشة والاختلافات اللغوية الأكاديمية والثقافية تحد من منح الفرص للأكاديميين اليمنيين في أميركا الشمالية وأوروبا، مقابل توفر هذه الفرص في مصر والأردن وشمال العراق، وهو ما يفضله كثير منهم؛ لأن ذلك يسمح لهم بالبقاء قريباً من عائلاتهم وأقاربهم.

وخلص التقرير إلى أن العمل الأكاديمي والبحثي داخل البلاد «يواجه عراقيل سياسية وتقييداً للحريات ونقصاً في الوصول إلى الإنترنت، ما يجعلهم يعيشون فيما يُشبه العزلة».

وأبدى أكاديمي في جامعة صنعاء رغبته في البحث عن منافذ أخرى قائمة ومستمرة، خصوصاً مع انقطاع الرواتب وضآلة ما يتلقاه الأستاذ الجامعي من مبالغ، منها أجور ساعات تدريس محاضرات لا تفي بالاحتياجات الأساسية، فضلاً عن ارتفاع الإيجارات.

إجبار الأكاديميين اليمنيين على المشاركة في الأنشطة الحوثية تسبب في تراجع العملية التعليمية (إكس)

وقال الأكاديمي الذي طلب من «الشرق الأوسط» التحفظ على بياناته خوفاً على سلامته، إن الهجرة ليست غاية بقدر ما هي بحث عن وظيفة أكاديمية بديلة للوضع المأساوي المعاش.

ويقدر الأكاديمي أن تأثير هذه الأوضاع أدّى إلى تدهور العملية التعليمية في الجامعات اليمنية بنسبة تتجاوز نصف الأداء في بعض الأقسام العلمية، وثلثه في أقسام أخرى، ما أتاح المجال لإحلال كوادر غير مؤهلة تأهيلاً عالياً، وتتبع الجماعة الحوثية التي لم تتوقف مساعيها الحثيثة للهيمنة على الجامعات ومصادرة قرارها، وصياغة محتوى مناهجها وفقاً لرؤية أحادية، خصوصاً في العلوم الاجتماعية والإنسانية.

وفي حين فقدت جامعة صنعاء -على سبيل المثال- دورها التنويري في المجتمع، ومكانتها بصفتها مؤسسة تعليمية، تُشجع على النقد والتفكير العقلاني، تحسّر الأكاديمي اليمني لغياب مساعي المنظمات الدولية في تبني حلول لأعضاء هيئة التدريس، سواء في استيعابهم في مجالات أو مشروعات علمية، متمنياً ألا يكون تخصيص المساعدات لمواجهة المتطلبات الحياتية للأكاديميين غير مشروط أو مجاني، وبما لا يمس كرامتهم.