صباح فخري: صحتي حديد وانتظروني قريبا في عمل فني جديد

«الشرق الأوسط» تحدثت إلى زوجته التي أكدت أن خبر موته مجرد إشاعة مغرضة

صباح فخري أثناء حفلته الأخيرة الصيف الماضي في أسواق بيروت
صباح فخري أثناء حفلته الأخيرة الصيف الماضي في أسواق بيروت
TT

صباح فخري: صحتي حديد وانتظروني قريبا في عمل فني جديد

صباح فخري أثناء حفلته الأخيرة الصيف الماضي في أسواق بيروت
صباح فخري أثناء حفلته الأخيرة الصيف الماضي في أسواق بيروت

«أنا بخير وصحتي زي الحديد وانتظروني قريبا بعمل فني جديد». هذه الكلمات التي تحدّث بها المطرب صباح فخري لـ«الشرق الأوسط»، يوم أمس، أثناء اتصال لها معه، كانت كافية لنفي الإشاعة التي طالته مساء أمس وهي خبر وفاته.
فقد انشغلت مواقع التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام العربية بخبر وفاة المطرب صباح فخري، حتى إن بعضها نعاه وأكد غيابه مما أحدث بلبلة على الساحة الفنية العربية، فراح بعض الفنانين يكذّب الخبر، بينما لجأت شريحة من الناشطين على صفحات فيسبوك وتويتر وغيرها يؤكد الخبر.
وفي اتصال مع زوجة صباح فخري (الحاجة فاطمة) أكدت لـ«الشرق الأوسط» أنها تفاجأت بالخبر مثلها مثل الآخرين من الأقرباء والأصدقاء الذين راحوا يتصلون بها للاستفسار عن صحة المطرب الكبير. وقالت: «لا أدري لماذا يطلقون هكذا إشاعات مغرضة تتسبب بالأذيّة لنا ولكل من يحبّه؟ فلا أبالغ إذا قلت لكم إن وابلا من الاتصالات انهمر علينا بعد انتشار الإشاعة. فأهل سوريا كانوا السبّاقين وخاصة من مدينة حلب، كما أن ابني اتصل خائفا يستفسر من مقر إقامته في الولايات المتحدة، حتى إن سفير سوريا لدى لبنان علي عبد الكريم لم يتوان عن الاتصال بي مساء البارحة ليستوضح الموضوع الذي أثار ضجة كبيرة في لبنان وسوريا والعالم العربي أجمع». وتابعت: «هو بألف بخير وصحتّه زي الحصان وعندما تلقينا الخبر كنا واصلين توا من حفلة غنائية يحييها ابني أنس في أحد المطاعم اللبنانية (الديار) وكان أستاذ صباح معنا ورقص وغنى وسهرنا معا حتى خيوط النهار الأولى يعني إلى حين عودتنا إلى البيت ساعة تلقفنا الخبر».
وعما إذا كان قد دخل قريبا إلى المستشفى أو أحس بوعكة صحيّة ما، مما ساهم في إطلاق هذه الإشاعة ردّت موضحة: «يا عمّي صحته مثل الورد ولا توجد أي شائبة لديه، ونحن منذ الثاني من الشهر الحالي أي ذكرى تاريخ ميلاده ونحن نحتفل به وهو يشاركنا هذه الاحتفالات، فكلّ ما يقال هو عار عن الصحة ويا ليتهم وقبل تبني إشاعة مشابهة يتصلون ويتأكدون منها لأنها مؤذية كثيرا له ولأهله وأحبائه».
وقالت الحاجة فاطمة: «آخر مرة دخل بها المستشفى كان في شهر سبتمبر (أيلول) ومنذ ذلك الوقت يعيش هانئا والحمد لله ولا وعكة صحية ألمت به». ثم أضافت: «ما رأيك لو تتحدثين معه؟» وهكذا وبلحظة انتقلت سمّاعة الهاتف إليه، فكان المطرب صباح فخري معي مباشرة، وكانت زوجته قد لمّحت لي بأنه لا علم له بما جرى لأنهم لا يريدون إزعاجه، فبادرناه بالقول: «كيفك أستاذ صباح كيف صحتك؟»، فرد بصوته الجهوري: «أنا عال، تمام التمام أنتم كيفكم شو الأخبار هذه الأيام. أنا سعيد ابنة أخي ضيفة عندي مع أولادها الصغار وأضفوا البهجة على أجواء البيت». وعندما استوضحته عما إذا كان يحضّر عملا فنيا جديدا يشبه الذي قام به الصيف الفائت عندما شارك في إحياء المهرجان الفني في أسواق بيروت، أجاب: «طبعا فأنا أحضّر دائما للغد، والجديد بانتظاركم قريبا وترقبوني بعمل فني سيرضي ذواقة الفن والغناء، لأنه سيحمل الأصالة كالعادة.. أليس هذا ما تريدونه؟».
والمعروف أن صباح فخري كان قد أطلّ على جمهوره بعد فترة من الغياب، عندما شارك في مهرجانات أسواق بيروت الصيف الفائت في حفلة من العمر كما أطلق عليها مع ابنه أنس، فغنّى ورقص وأبدى استعداده لإعادة الكرّة والوقوف على المسرح نفسه في الموسم الثاني، أي هذا الصيف.
وأشارت زوجته إلى أن هذا النوع من الإشاعات سبق وعاشوه مرة عندما كانوا في ألمانيا منذ حوالي السنة والنصف ووقتها قامت الدنيا ولم تقعد لأنهم كانوا خارج لبنان وبعيدا عن سوريا، فكذبوا الخبر يومها الذي ترك أثره السيئ عليهم وقالت: «لا أدري ماذا يحصد هؤلاء الناس الذين يطلقون الإشاعات المؤذية ولكني أعود وأقول اتركوا صباح فخري بحاله فهو ليس بحاجة اليوم إلى البلبلة بل إلى تقدير عطائه رغم سنّه المتقدّمة».



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».