تدشين مشاريع تعليمية في جامعة طيبة بالمدينة

فيصل بن سلمان: التعليم يعد المخزون الحقيقي للأمم في حضارتها ورقيها

الأمير فيصل بن سلمان أثناء رعايته لحفل تخريج الدفعة الثالثة عشرة من طلاب جامعة طيبة
الأمير فيصل بن سلمان أثناء رعايته لحفل تخريج الدفعة الثالثة عشرة من طلاب جامعة طيبة
TT

تدشين مشاريع تعليمية في جامعة طيبة بالمدينة

الأمير فيصل بن سلمان أثناء رعايته لحفل تخريج الدفعة الثالثة عشرة من طلاب جامعة طيبة
الأمير فيصل بن سلمان أثناء رعايته لحفل تخريج الدفعة الثالثة عشرة من طلاب جامعة طيبة

أكد الأمير فيصل بن سلمان أمير منطقة المدينة المنورة، أن التعليم يعد بمثابة المخزون الحقيقي للأمم في حضارتها ورقيها ويعكس مدى التطور الذي تعيشه في المجالات كافة.
جاء ذلك خلال تدشينه عددا من المشاريع التعليمية في جامعة طيبة والمحافظات التابعة لها، بقيمة 800 مليون ريال على مساحة إجمالية قاربت 600 ألف متر مربع، ورعايته لحفل تخريج الدفعة الثالثة عشرة من طلاب جامعة طيبة، بحضور الأمير سعود بن خالد الفيصل نائب أمير منطقة المدينة المنورة، وعدد من الوزراء والمسؤولين.
وأشار الأمير فيصل بن سلمان إلى أن الأمم السابقة التي ارتقت بمستوى التعليم تركت من ورائها تراثاً شاهداً على مبلغها من التحضر، ولنا في العلماء المسلمين خيرُ دلالة على ذلك، عندما كان العالم يستنير بمُصنفاتهم وعلومهم، وشكل ذلك تراثاً خالداً للحضارة الإسلامية.
وبين الأمير فيصل بن سلمان أن توسيع دائرة البحث العلمي في الجامعات يُمكن الدولة من النهوض بسواعد أبنائها ثقافياً واجتماعياً واقتصاديا، وهذا الأمر يتطلب توظيف الإمكانات كافة لخدمة الأبحاث العلمية والترجمة وتعميق الدراسات في مختلف المجالات الحضارية، وتمكين الأكاديميين والمختصين في ذلك الشأن.
وألقى الطالب الخريج أنس مخدوم كلمة نيابة عن زملائه الخريجين شكر فيها أمير منطقة المدينة المنورة على رعايته ومشاركتهم هذا الاحتفال والذي يأتي بعد جهود دراسية استمرت لأعوام، مثنياً على إدارة جامعة طيبة التي هيأت لهم البيئة التعليمية، مقدماً شكره لأولياء الأمور على صبرهم ودعمهم للخريجين خلال الأعوام الدراسية.
في المقابل قال مدير جامعة طيبة الدكتور عبد العزيز السراني، في كلمته إن الأمير فيصل بن سلمان لم يألو جهداً في دعم الجامعة، وهو ما مكنها من تحقيق أهدافها التعليمية والإنشائية والاجتماعية، ووجه الدكتور السراني كلمة للخريجين قال فيها: «إن الوطن أعطاكم وأكرمكم وعليكم الآن برد الجميل من خلال المشاركة في التنمية والانخراط في سوق العمل».
وأضاف أن رسالة جامعة طيبة هي تهيئة الحصن المتين للفكر والعلم والدين وموطن للإبداع ولذا وضعت الجامعة في أولوياتها بناء الإنسان المحصن المتسلح بتعاليم الدين والعلم والمعرفة.
وأشار السراني إلى أن الجامعة يدرس بها ما يقارب 75 ألف طالب وطالبة وتحتفي اليوم بتخريج أول دفعة من الطالبات من كلية الحقوق هذا العام، كما احتفت الجامعة في هذا العام بتخريج الدفعة الأولى على مستوى الخليج والثانية على مستوى الوطن العربي في تخصص الأطراف الصناعية من كلية التأهيل الطبي بالجامعة.
ثم ألقى عميد كلية الطب بجامعة طيبة الدكتور حمد المرامحي كلمة نيابة عن أعضاء القسم الطبي للخريجين في الأقسام الطبية.
ودشن أمير منطقة المدينة المنورة عددا من مشاريع جامعة طيبة، حيث افتتح المجمع الأكاديمي للطالبات في محافظة ينبع الذي بلغت تكلفته نحو 226 مليون ريال على مساحة تقدر بـ280 ألف متر مربع وتبلغ الطاقة الاستيعابية في مرحلته الأولى أكثر من 6000 طالبة، حيث يتكون المشروع من ثلاثة أقسام وهي الموقع العام والمباني التعليمية والمباني الخدمية والترفيهية والإسكان.
ثم افتتح المجمع الأكاديمي للطالبات بمحافظة العلا والذي بلغت تكلفة إنشائه نحو 208 ملايين ريال على مساحة تقدر بـ196 ألف متر مربع وتقدر الطاقة الاستيعابية في المرحلة الأولى أكثر من 5000 آلاف طالبة.
كما افتتح الأمير فيصل بن سلمان مشاريع الجامعة بالمدينة المنورة التي تضم مبنى الإدارة العليا وتقدر مساحته بـ22 ألف متر مربع بمبلغ يقارب 111 مليون ريال ويضم بدروما ومواقف للسيارات تبلغ سعتها 105 مواقف، ومبنى الفصول الدراسية الذي تبلغ مساحته 18 ألف متر مربع وبقيمة إجمالية بلغت 54 مليون ريال، ومبنى كلية المجتمع (طلاب) على مساحة بلغت 97 ألف متر مربع بقيمة تقدر بـ148 مليون ريل وطاقته الاستيعابية 2000 طالب، كذلك مشروع الملاعب الرياضية التي بلغت 22 ملعبا بتكفلة 37 مليون ريال.



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».