أيمي مشكاتي: زرع شعر بديل الحل المثالي للمصابين بالصلع الكامل

مهما حاول الرجل أن ينأى بنفسه عن عمليات التجميل والادعاء بأنه لا يتابع الموضة ولا يهتم بها سوى فيما يخص الأساسيات ومتطلبات الحياة، فإن الحقيقة تقول غير ذلك. فالأرقام والدلائل تشير إلى انتعاش قطاع الأزياء الرجالية ومنتجات التجميل الموجهة له بشكل تصاعدي في السنوات الأخيرة، كما اعترف جراحو التجميل بأن عددا لا يستهان به من الرجال باتوا يلجأون إليهم لشفط الدهون وحقن البوتوكس وما شابه من عمليات كانت مقتصرة سابقا على المرأة، أو على الأقل كان هذا الاعتقاد السائد. وتؤكد الإحصائيات وفقا للنشرات الطبية السنوية أن نحو 89 في المائة من عمليات زراعة الشعر زبائنها رجال بينما النسبة الأقل هي للنساء، من اللواتي يعانين من الصلع الجزئي أو الكامل لأسباب جينية أو نتيجة تلقيهن علاجات كيمائية.
ما تؤكده هذه الدراسات أنه حتى في حال الفئة التي تستهجن عمليات التجميل باعتبارها تتعارض مع الرجولة، هناك ضُعف أمام عمليات زرع الشعر. والدليل هو العيادات في أوروبا الشرقية وتركيا وغيرها من دول شرق آسيا التي تجذب بأسعارها وتسهيلاتها السياحية الكثير ممن يرغبون في عمليات زرع الشعر. فسواء اعترفوا أم لم يعترفوا، يبدو أن بداخل كل واحد من هؤلاء شمشوناً يعتقد أن فحولته تكمن في شعره.
وكالعادة ما إن يشم صناع الجمال رائحة حاجة من هذا النوع حتى يتسابقوا بكل الوسائل والطرق، تارة من خلال إصدار مستحضرات تعد بإحياء البصيلات ومساعدتها على النمو ثانية، وتارة من خلال شامبوهات وكريمات وسيرومات وغيرها تعد بأن توقف تساقط الشعر وغيره من الوعود. لكن لو سالت أي مجرب لأجاب من دون تردد بأن هذه المستحضرات لا تنفع عندما تكون حالة الصلع قصوى، وأنه لا سبيل لتحقيق المنى سوى بزراعة الشعر على يد جراح متمكن وخبير. وهو ما توافق عليه البروفسور إيمي مشكاتي، وهي واحدة من أشهر المتخصصين في معالجة مختلف مشاكل الشعر سواء صلع الرجال أو ضعف البصيلات عند المرأة. أيمي مشكاتي افتتحت مؤخرا مركزا كبيرا وسط لندن، وتحديدا بمنطقة بلغرافيا الراقية تُحول فيه الحلم إلى حقيقة.
وإذا كانت دول كثيرة حظيت بشهرة في مجال زراعة الشعر عبر الجراحات التقليدية بنقل بصيلات من الأجزاء الكثيفة إلى الأقل كثافة، فإن مشكاتي سبقتهم بتقنية حديثة تعتمد على نقل شعر بديل يتوافق مع الجينات الوراثية للمصاب أو بالأحرى الأحماض الأمينية، وهي مركبات عضوية تلعب دورا حيويا في بنية الخلية لجميع الكائنات الحية المعروفة. غني عن القول إنها تقنية تفتح الأمل للذين يعانون من الصلع الكامل سواء لأسباب وراثية أو مرضية، فيما يُعتبر ثورة في هذا المجال، خصوصا أن من مميزات هذه التقنية أيضا عدم تعرض الشعر المزروع للسقوط مرة أخرى.
المشكلة التي كانت تقف حجر عثرة أمام من يعانون من الصلع الكامل حسب البروفسور أيمي مشكاتي أن «التقنيات المتعامل بها غالبا تعتمد على أخذ شعر من الجزء الكثيف لرأس المُصاب وزرعه في الجزء المتضرر. وفي حال كان الشخص يعاني صلعا كاملا فإن المسألة تكون صعبة ومستعصية، لكن بوجود التقنية الحديثة المعتمدة على بنوك الشعر وعلى اختبارات الحمض النووي للتأكد من تطابق العوامل الوراثية أصبح لا يوجد مستحيل في زراعة الشعر».
ما تقصده البروفسور أيمي مشكاتي هنا هي تقنيتها الرائدة DNA - MATCH التي لا يعرف عنها سوى قلة من النخبة والنجوم والأثرياء لحد الآن، بينما تريد هي أن تعم فوائدها على أكبر عدد من الناس. تقول: «أنا أعرف مدى أهمية الشعر بالنسبة للرجل والمرأة على حد سواء بحكم أني كبرت على ثقافة تعتبر شعر المرأة نصف جمالها وكثافة شعر الرجل عنوانا لفحولته». وتتابع: «كنت ولا أزال أشعر بالألم وأنا أرى معاناة المرأة وهي تفقد شعرها بالتدريج معتقدة بأن عليها الاستسلام لواقعها المرير وبأنه لا حل أمامها سوى تقبل وضعها والبكاء على قدرها. وإذا كان الأمر نصف مصيبة بالنسبة للرجل فهو مصيبة كاملة بالنسبة للمرأة».
درست مشكاتي علوم البيولوجيا والوراثة في أوروبا، وركزت في أبحاثها الجامعية على طرق علاج مختلف أمراض فروة الشعر الوراثية وغير الوراثية. وخلال مسيرتها المهنية التي تجاوزت 30 سنة ساهمت في إعادة الابتسامة للآلاف من النساء والرجال على حد سواء. مارست الكثير من التقنيات وكانت كلها ناجحة لكنها لم تكن مناسبة للكل، ما جعلها في حالة بحث دائم عن تقنيات جديدة تكون أكثر فعالية. تعلق: «في كل يوم يجد علينا كأطباء جديد علينا أن نُلم به ونتابعه حتى نبقى مواكبين للتطورات». وبالفعل هذا ما تُترجمه في مركزها الجديد وأصبح مرجعية في مجال زراعة واستنبات الشعر بكل الطرق وعلى رأسها تقنية DNA - MATCHED الثورية.
تشرح مشكاتي أن أهم ما يُحسب لهذه التقنية أنها تُتيح خلق كثافة غير محدودة من الشعر دون المساس بالشعر الأصلي أو الحاجة إليه أساسا. الشرط الوحيد أن تتوافق الجينات الوراثية للمُصاب مع نوع الشعر الذي تختاره من بنك الشعر الذي يتوفر عليه مركزها.
تقول إن ما لاحظته خلال أبحاثها الطويلة أن جذور الشعر العادية تحتوي على خلايا أصلية يمكن أن تتكاثر بشكل طبيعي، وهو ما تستفيد منه في مختبراتها. وهو أيضا ما شجعها على إنشاء «بنوك الشعر» لإفادة من لا يتمتعون بأي جذور أو خلايا من الأساس. «رغم توسع عمليات زرع الشعر بطرق الغرس إلا أن الكثيرين ممن يعانون من الصلع يشعرون بخيبة أمل لأنهم يدركون أن ملء فراغ جزء يأتي على حساب جزء آخر لا يريدون الاستغناء عنه أو لا يتمتعون به، وهنا تكمن أهمية تقنية الزرع من شعر بديل يتشابه في خواص ال(DNA) مع شعر الشخص». لقد أكدت هذه التقنية نجاحها عالميا بعد أن تمت تجربتها وتطبيقها بنجاح في كل من أوروبا وأميركا من دون أي مضاعفات جانبية، بل أعطت نتائج مُذهلة حتى لمن يعانون من الصلع الكامل.
وعن كيفية الزراعة الجينية تشرح مشكاتي بأنها عملية تبدأ بإخضاع شعر الشخص لسلسلة من الاختبارات المعملية لتحديد مواصفاته الطبيعية مثل اللون والتموجات والسماكة.
بعد التأكد من تطابق (DNA) الشعر البديل مع الشعر الأصلي وبناء على ما يتم التوصل إليه يتم زرعه بنية أن تكون النتيجة مضمونة وطبيعية.
قد تستغرق العملية نحو 20 ساعة أو أكثر، تقسم على يومين أو ثلاثة أيام متتالية، حسب الحاجة وعدد بصيلات الشعر المطلوبة، لا سيما أن هناك إمكانية لتغطية الرأس الأصلع بالكامل من دون أي مخاوف أو تحفظات.
شخصيات مهمة ونجوم كبار لجأوا لهذه التقنية واستفادوا منها لكن أيمي مشكاتي ترفض البوح بأسمائهم: «فنحن نتعامل مع الكل بنفس المهنية وكل زبون بالنسبة لنا نجم يستحق أن يخرج من المركز وهو ينعم بشعر كثيف وثقة عالية».