فيلم يستدعي ذاكرة مدينة يافا من وسط أفلام روائية قديمة

المخرج يأخذ المشاهدين في رحلة تمتد 70 دقيقة في الأحياء والأزقة

فيلم يستدعي ذاكرة مدينة يافا
فيلم يستدعي ذاكرة مدينة يافا
TT

فيلم يستدعي ذاكرة مدينة يافا من وسط أفلام روائية قديمة

فيلم يستدعي ذاكرة مدينة يافا
فيلم يستدعي ذاكرة مدينة يافا

يشارك 43 فناناً عربياً وأجنبياً بمجموعة متنوعة من الأعمال الفنية في «مهرجان سين» لفن الفيديو والأداء، الذي بدأ دورته الخامسة في الأراضي الفلسطينية الليلة قبل الماضية.
يقام المهرجان كل عامين، وتتعاون في تنظيم أنشطته مؤسسات ثقافية وفنية عربية وأجنبية في رام الله والقدس وبيت لحم وغزة.
وشاهد الجمهور في الافتتاح فيلم «استذكار/ استعادة» للمخرج الفلسطيني كمال الجعفري، في مسرح بلدية رام الله.
وقال محمود أبو هشهش، مدير البرنامج الثقافي في مؤسسة عبد المحسن القطان إحدى المؤسسات المشاركة في تنظيم المهرجان: «فيلم استذكار أو استعادة لمخرجه الحاضر بيننا كمال الجعفري ليس فيلماً عادياً، بل هو اختراق فني يستوجب استحضار مهارات جديدة في المشاهدة ونقد الصورة وتتبعها».
وعمل الجعفري من خلال تقنيات خاصة على إنتاج فيلم صامت، تلعب الصورة فيه دور البطولة، من خلال عشرات الأفلام الروائية الإسرائيلية التي صورت في مدينة يافا في ستينات وسبعينات وثمانينات القرن الماضي.
ومسح الجعفري صور الممثلين أبطال الأفلام، وأبقى على صور الأماكن التي صورت فيها، وعلى صور سكان بالمدينة كانوا يظهرون في خلفيات الأفلام.
وقال أبو هشهش: «يصعب الرضا بتصنيف مريح لفيلم كمال الجعفري، حيث يقترح شكلاً سينمائياً مغايراً لما ألفناه، ما يجعله يصلح للعرض في صالات ومراكز الفنون المعاصرة، كما في صالات السينماتك».
وأضاف: «في هذا الفيلم، يواجه المخرج السينما بالسينما، والمحو بالمحو، لكن المحو الذي يمارسه الجعفري محو رمزي، أو قد يبحث في طبقات الصورة من أجل استرداد ذاكرة الأمكنة الأولى».
ويأخذ المخرج المشاهدين في رحلة تمتد 70 دقيقة في أحياء وأزقة وميناء مدينة يافا التي لم يبق منها الكثير، بعد أن حلت مبانٍ شاهقة مكان الحارات والأبنية القديمة التي كانت تشكل المدينة الساحلية ذات التاريخ العريق.
ويعرض في بداية الفيلم التقنية التي استخدمها من خلال لقطة لأحد الأفلام يظهر فيها الممثلون، ثم يمسحهم ليبقى فقط المكان.
وقال الجعفري، في كلمة قبل بداية العرض، إن الصدفة هي التي قادته لعمل هذا الفيلم الذي يعرض للمرة الأولى في الأراضي الفلسطينية، بعد أن شاهد عشرات الأفلام الروائية الإسرائيلية التي أنتجت في ستينات وسبعينات وثمانينات القرن الماضي.
وأضاف: «انتبهت أن كل فيلم روائي إسرائيلي تم تصويره في تلك الفترة كان في يافا»، مستطرداً: «بدأت أحضر هذه الأفلام، وكان عندي ألم كثير كل مرة بحضرها لأني كنت أشوف المدينة في الخلفية، المدينة غير الموجودة اليوم لأن كل أحيائها هدمت». وتابع قائلاً: «الأفلام الروائية الإسرائيلية كانت الوثيقة الوحيدة التي بقيت من المدينة».
ويضيف الجعفري، الذي تربطه علاقة وثيقة بمدينة يافا، بلد والدته التي عاش فيها، أن «الفيلم عبارة عن محاولة لبناء رواية جديدة، وفيلم جديد من هذه المواد، وكله انعمل بالكومبيوتر، ما صورت شي».
ويتيح الفيلم للمشاهدين التعرف على كثير من أحياء بلدة يافا التي لم تعد قائمة، حيث حلت مكانها أبراج سكنية حديثة.
وسيكون جمهور المهرجان على موعد خلال الأيام الأربعة المقبلة مع العشرات من عروض الفيديو لفنانين من مصر وتونس وفرنسا وألمانيا وليتوانيا، إضافة إلى الفنانين الفلسطينيين.



بارود «النار بالنار» موهبة صاعدة لفتت المشاهد

عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
TT

بارود «النار بالنار» موهبة صاعدة لفتت المشاهد

عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)

منذ الحلقة الأولى لمسلسل «النار بالنار» لفت تيم عزيز المشاهد في دور (بارود). فهو عرف كيف يتقمص شخصية بائع اليانصيب (اللوتو) بكل أبعادها. فألّف لها قالباً خاصاً، بدأ مع قَصة شعره ولغة جسده وصولاً إلى أدائه المرفق بمصطلحات حفظها متابع العمل تلقائياً.
البعض قال إن دخول تيم عزيز معترك التمثيل هو نتيجة واسطة قوية تلقاها من مخرج العمل والده محمد عبد العزيز، إلا أن هذا الأخير رفض بداية مشاركة ابنه في العمل وحتى دخوله هذا المجال. ولكن المخرج المساعد له حسام النصر سلامة هو من يقف وراء ذلك بالفعل. ويقول تيم عزيز لـ«الشرق الأوسط»: «حتى أنا لم أحبذ الفكرة بداية. لم يخطر ببالي يوماً أن أصبح ممثلاً. توترت كثيراً في البداية وكان همي أن أثبت موهبتي. وفي اليوم الخامس من التصوير بدأت ألمس تطوري».
يحدثك باختصار ابن الـ15 سنة ويرد على السؤال بجواب أقصر منه. فهو يشعر أن الإبحار في الكلام قد يربكه ويدخله في مواقف هو بغنى عنها. على بروفايل حسابه الإلكتروني «واتساب» دوّن عبارة «اخسر الجميع واربح نفسك»، ويؤكد أن على كل شخص الاهتمام بما عنده، فلا يضيع وقته بما قد لا يعود ربحاً عليه معنوياً وفي علاقاته بالناس. لا ينكر أنه بداية، شعر بضعف في أدائه ولكن «مو مهم، لأني عرفت كيف أطور نفسي».
مما دفعه للقيام بهذه التجربة كما يذكر لـ«الشرق الأوسط» هو مشاركة نجوم في الدراما أمثال عابد فهد وكاريس بشار وجورج خباز. «كنت أعرفهم فقط عبر أعمالهم المعروضة على الشاشات. فغرّني الالتقاء بهم والتعاون معهم، وبقيت أفكر في الموضوع نحو أسبوع، وبعدها قلت نعم لأن الدور لم يكن سهلاً».
بنى تيم عزيز خطوط شخصيته (بارود) التي لعبها في «النار بالنار» بدقة، فتعرف إلى باعة اليناصيب بالشارع وراقب تصرفاتهم وطريقة لبسهم وأسلوب كلامهم الشوارعي. «بنيت الشخصية طبعاً وفق النص المكتوب ولونتها بمصطلحات كـ(خالو) و(حظي لوتو). حتى اخترت قصة الشعر، التي تناسب شخصيتي، ورسمتها على الورق وقلت للحلاق هكذا أريدها».
واثق من نفسه يقول تيم عزيز إنه يتمنى يوماً ما أن يصبح ممثلاً ونجماً بمستوى تيم حسن. ولكنه في الوقت نفسه لا يخفي إعجابه الكبير بالممثل المصري محمد رمضان. «لا أفوت مشاهدة أي عمل له فعنده أسلوبه الخاص بالتمثيل وبدأ في عمر صغير مثلي. لم أتابع عمله الرمضاني (جعفر العمدة)، ولكني من دون شك سأشاهد فيلمه السينمائي (هارلي)».
لم يتوقع تيم عزيز أن يحقق كل هذه الشهرة منذ إطلالته التمثيلية الأولى. «توقعت أن أطبع عين المشاهد في مكان ما، ولكن ليس إلى هذا الحد. فالناس باتت تناديني باسم بارود وتردد المصطلحات التي اخترعتها للمسلسل».
بالنسبة له التجربة كانت رائعة، ودفعته لاختيار تخصصه الجامعي المستقبلي في التمثيل والإخراج. «لقد غيرت حياتي وطبيعة تفكيري، صرت أعرف ماذا أريد وأركّز على هدف أضعه نصب عيني. هذه التجربة أغنتني ونظمت حياتي، كنت محتاراً وضائعاً أي اختصاص سأدرسه مستقبلاً».
يرى تيم في مشهد الولادة، الذي قام به مع شريكته في العمل فيكتوريا عون (رؤى) وكأنه يحصل في الواقع. «لقد نسيت كل ما يدور من حولي وعشت اللحظة كأنها حقيقية. تأثرت وبكيت فكانت من أصعب المشاهد التي أديتها. وقد قمنا به على مدى يومين فبعد نحو 14 مشهداً سابقاً مثلناه في الرابعة صباحاً صورنا المشهد هذا، في التاسعة من صباح اليوم التالي».
أما في المشهد الذي يقتل فيه عمران (عابد فهد) فترك أيضاً أثره عنده، ولكن هذه المرة من ناحية الملاحظات التي زوده بها فهد نفسه. «لقد ساعدني كثيراً في كيفية تلقف المشهد وتقديمه على أفضل ما يرام. وكذلك الأمر بالنسبة لكاريس بشار فهي طبعتني بحرفيتها. كانت تسهّل علي الموضوع وتقول لي (انظر إلى عيني). وفي المشهد الذي يلي مقتلها عندما أرمي الأوراق النقدية في الشارع كي يأخذها المارة تأثرت كثيراً، وكنت أشعر كأنها في مقام والدتي لاهتمامها بي لآخر حد»
ورغم الشهرة التي حصدها، فإن تيم يؤكد أن شيئاً لم يتبدل في حياته «ما زلت كما أنا وكما يعرفني الجميع، بعض أصدقائي اعتقد أني سأتغير في علاقتي بهم، لا أعرف لماذا؟ فالإنسان ومهما بلغ من نجاحات لن يتغير، إذا كان معدنه صلباً، ويملك الثبات الداخلي. فحالات الغرور قد تصيب الممثل هذا صحيح، ولكنها لن تحصل إلا في حال رغب فيها».
يشكر تيم والده المخرج محمد عبد العزيز لأنه وضع كل ثقته به، رغم أنه لم يكن راغباً في دخوله هذه التجربة. ويعلق: «استفدت كثيراً من ملاحظاته حتى أني لم ألجأ إلا نادراً لإعادة مشهد ما. لقد أحببت هذه المهنة ولم أجدها صعبة في حال عرفنا كيف نعيش الدور. والمطلوب أن نعطيها الجهد الكبير والبحث الجدّي، كي نحوّل ما كتب على الورق إلى حقيقة».
ويشير صاحب شخصية بارود إلى أنه لم ينتقد نفسه إلا في مشاهد قليلة شعر أنه بالغ في إبراز مشاعره. «كان ذلك في بداية المسلسل، ولكن الناس أثنت عليها وأعجبت بها. وبعدما عشت الدور حقيقة في سيارة (فولسفاكن) قديمة أبيع اليانصيب في الشارع، استمتعت بالدور أكثر فأكثر، وصار جزءاً مني».
تيم عزيز، الذي يمثل نبض الشباب في الدراما اليوم، يقول إن ما ينقصها هو تناول موضوعات تحاكي المراهقين بعمره. «قد نجدها في أفلام أجنبية، ولكنها تغيب تماماً عن أعمالنا الدرامية العربية».