حركة التغيير تنفي سعيها إلى فصل السليمانية عن كردستان

خبير قانوني: من حق المحافظة إعلان إقليم بموجب الدستور العراقي

حركة التغيير تنفي سعيها إلى فصل السليمانية عن كردستان
TT

حركة التغيير تنفي سعيها إلى فصل السليمانية عن كردستان

حركة التغيير تنفي سعيها إلى فصل السليمانية عن كردستان

مع اشتداد الأزمة الحالية بين حركة التغيير الكردية المعارضة والاتحاد الوطني الكردستاني على خلفية طلب مجلس إدارة محافظة السليمانية (معقل الحزبين) بإقالة محافظ المدينة وانتخاب محافظ جديد بذريعة أن المحافظ الحالي يدير المحافظة وكالة ولم ينتخب مثل بقية المحافظات العراقية، ظهر حديث كان يدور من خلف الكواليس لكنه طرح في الإعلام أخيرا حول إمكانية فصل محافظة السليمانية عن إقليم كردستان، وإنشاء إقليم منفصل تنضم إليه فيما بعد منطقة كرميان المتاخمة للحدود الإدارية مع محافظة كركوك.
ورغم أن العوامل الجغرافية فرضت على الشعب الكردي بكردستان العراق واقعا انقساميا، بجعل التركيز السكاني مختلفا بمنطقتين محددتين، الأولى المنطقة المعروفة باسم (بهيدنان) التي يتحدث مواطنوها باللهجة الكرمانجية وتشمل محافظة دهوك وجزءا من شمال محافظة أربيل وشمالها الغربي، والثانية منطقة (سوران) التي تتحدث اللهجة السورانية بمحافظة السليمانية وجزء من أربيل، لكن المعاناة الكردية المشتركة والوحدة القومية غلبت على كل المحاولات التي بذلت من عدة أطراف دولية وإقليمية على مر التاريخ وأفشلت جميع مخططات إحداث الانقسام والتفرقة، واستطاعت القيادة الكردية بثوراتها المتتالية الحفاظ على تلك الوحدة القومية وذلك التماسك العضوي بين المكونات السياسية والقومية والدينية.
لكن الاقتتال الداخلي الذي وقع منتصف التسعينات من القرن الماضي (1994 - 2000) بين الحزبين الرئيسين الديمقراطي الكردستاني بزعامة مسعود بارزاني والاتحاد الوطني بزعامة الرئيس العراقي جلال طالباني، أسقط التابوهات، وفرض حالة من التقسيم المناطقي بين الحزبين بانقسام إدارة حكومة الإقليم الموحدة إلى حكومتين منفصلتين في أربيل تحت سيطرة حزب بارزاني، وحكومة السليمانية بقيادة حزب طالباني، لكن جهودا أميركية نجحت بتحقيق مصالحة بين الحزبين وطي صفحة القتال، وإعادة توحيد الحكومتين عام 2005.
مع ازدياد حدة الخلافات نتيجة تغير المعادلة السياسية بكردستان، خصوصا بعد ظهور نتائج الانتخابات البرلمانية الأخيرة التي غيرت مواقع الكثير من الأحزاب الكردية على الخارطة، حيث حلت حركة التغيير المعارضة كقوة ثانية متفوقة على حزب الاتحاد الوطني الذي احتفظ بتلك المكانة طوال 35 سنة الماضية، يدور الحديث هنا وهناك حول شكل وملامح المستقبل السياسي للإقليم، فهناك مخاوف حقيقية من إهمال أو إقصاء قوى المعارضة وأغلبيتها متركزة بمحافظة السليمانية من المشاركة في الحكم والسلطة، وبما أن حركة التغيير تتركز شعبيتها في تلك المحافظة فإن الحديث عن استقلالية أكبر سلطة محلية لا مركزية يفرض نفسه بكل قوة في أوساط المعارضة، وتحديدا حركة التغيير التي تواجه قيادتها ضغوطات من القاعدة الحزبية والشعبية أيضا لتحقيق المزيد من الاستقلالية الإدارية.
دخول رئيس الإقليم مسعود بارزاني على الخط وإصداره لبيان رئاسي واضح حول رفضه لأي محاولة تستهدف فصل محافظة السليمانية عن إقليم كردستان، هو دلالة واضحة على وجود مثل هذه النيات، أو على الأقل طرحها على نطاق البحث في بعض الأوساط الإعلامية والسياسية كما ذكر البيان، لكن أحد قياديي حركة التغيير أكد بشكل واضح أن «ليس واردا العمل على فصل المحافظة عن الإقليم». ويقول لطيف الشيخ مصطفى رئيس كتلة التغيير بالبرلمان العراقي وأحد قيادات الحركة أن «حركة التغيير لم تطالب مطلقا وفي أي مناسبة بفصل المحافظة أو إنشاء إقليم مستقل، كل ما هنالك أنها تطالب بمزيد من الاستقلالية واللامركزية وهذا حق دستوري». وتابع أن «مبدأ اللامركزية أقره الدستور الذي أعطى هذا الحق لكل المحافظات دون استثناء، ولكن السلطة بإقليم كردستان ممثلة بالاتحاد والديمقراطي يريدانها إدارة ديكتاتورية، ويريدان التحكم بكل شيء، ولذر الرماد بعيون الناس فإنهم يتحدثون اليوم عن مخاوفهم من انقسام الإقليم وفصل السليمانية».
وبحسب مشروع الدستور المقترح لإقليم كردستان تنص المادة الثانية منه على أنه «لا يجوز تأسيس إقليم جديد داخل حدود إقليم كردستان». لكن الدستور العراقي يجيز ذلك، إذ تشير المادة 119 على أنه «يحق لكل محافظة أو أكثر، تكوين إقليم بناء على طلب بالاستفتاء عليه، يقدم بإحدى طريقتين أولا: طلب من ثلث الأعضاء في كل مجلس من مجالس المحافظات التي تروم تكوين الإقليم. ثانيا: طلب من عشر الناخبين في كل محافظة من المحافظات التي تروم تكوين الإقليم».
وبحسب خبير قانوني تحدث لـ«الشرق الأوسط»، طالبا عدم الكشف عن هويته لحساسية الموضوع «فإن الدستور العراقي (الاتحادي) يعلو على دستور الأقاليم، وهناك نص المادة (120) الذي يقول: (يقوم الإقليم بوضع دستور له، يحدد هيكل سلطات الإقليم، وصلاحياته، وآليات ممارسة تلك الصلاحيات، على ألا يتعارض مع هذا الدستور)، وبذلك فإنه في حال أرادت أي محافظة من محافظات الإقليم أن تنشئ لها إقليما خاصا من حقها أن تلجأ إلى المحكمة الاتحادية التي أعتقد أنها ستعطيها هذا الحق لأنه لا يجوز سن أي نص بدستور الإقليم بما يتعارض مع نصوص الدستور العراقي».
ويشير الخبير القانوني إلى أنه «وفقا لنص الدستور العراقي فإن ثلث أعضاء مجلس إدارة المحافظة يحق لهم رفع طلب إنشاء الإقليم، وواقعا فإن حركة التغيير لها هذا الثلث داخل المجلس الحالي، فهي تتمتع بأغلبية 14 مقعدا من أصل 35 مقعدا لمجلس إدارة المحافظة، وإذا أضيفت إلى مقاعده، مقاعد الحزبين المعارضين الآخرين الاتحاد الإسلامي (خمسة مقاعد) والجماعة الإسلامية (ثلاثة مقاعد) فإن المجموع سيتجاوز أكثر من نصف أعضاء المجلس».
وختم المصدر «الخارطة السياسية تغيرت في إقليم كردستان بفعل نتائج الانتخابات البرلمانية، وحتى دول الإقليم بدأت تتعامل مع هذه المعادلة الجديدة، بدليل أن تركيا التي اعتادت أن تدعو الحزبين الرئيسين لمؤتمراتها واجتماعاتها، دعت بالمؤتمر الأخير لحل القضية الكردية حركة التغيير والاتحاد الإسلامي المعارضين باعتبارهما طرفين فائزين بالانتخابات، وعلى قيادة الإقليم أن تقر بهذا التغيير وتمنح المزيد من الاستقلالية واللامركزية للوحدات الإدارية، وإلا فإن خيار إنشاء الإقليم سيبقى مفتوحا خاصة وأنه مدعوم دستوريا في العراق».



تحذيرات من استمرار تأثير الفيضانات على الوضع الإنساني في اليمن

مستويات عالية من الأمطار يشهدها اليمن سنوياً (أ.ف.ب)
مستويات عالية من الأمطار يشهدها اليمن سنوياً (أ.ف.ب)
TT

تحذيرات من استمرار تأثير الفيضانات على الوضع الإنساني في اليمن

مستويات عالية من الأمطار يشهدها اليمن سنوياً (أ.ف.ب)
مستويات عالية من الأمطار يشهدها اليمن سنوياً (أ.ف.ب)

على الرغم من اقتراب موسم الأمطار في اليمن من نهايته مع رحيل فصل الصيف، تواصلت التحذيرات من استمرار هطول الأمطار على مناطق عدة، مع تراجع حدتها وغزارتها، مع استمرار تأثير الفيضانات التي حدثت خلال الأشهر الماضية، وتسببت بخسائر كبيرة في الأرواح والممتلكات والبنية التحتية.

ويتوقع خبراء ومراكز أرصاد استمرار هطول الأمطار على مناطق متفرقة مختلفة الطبيعة الجغرافية خلال الأيام المقبلة، وتشمل تلك المناطق محافظة المهرة أقصى شرقي اليمن، والمرتفعات الغربية في محافظات تعز، وإب، ولحج، وريمة، وذمار، وصنعاء، والمحويت، وعمران، وحجة وصعدة، بالإضافة إلى الساحل الغربي في محافظات حجة، والحديدة وتعز، والمناطق السهلية في محافظات أبين، وشبوة وحضرموت.

آثار عميقة تسببت بها الفيضانات في اليمن وأدت إلى تفاقم الظروف الإنسانية المتردية (أ.ف.ب)

وحذّر الخبراء الذين نشروا توقعاتهم على مواقع التواصل الاجتماعي من تشكل سحب عملاقة تنذر بأمطار غزيرة وسيول وعواصف وبروق شديدة، واحتمال هبوب رياح عنيفة، مع أجواء غائمة أغلب الوقت، داعين السكان إلى اتخاذ الاحتياطات اللازمة.

وشهد اليمن منذ مطلع الشهر الحالب تراجعاً في هطول الأمطار في مختلف أنحاء البلاد، بعد شهرين من الأمطار التي تسببت بفيضانات مدمرة في عدد من المحافظات، وتركزت الآثار العميقة لهذه الفيضانات في محافظتي الحديدة والمحويت غرباً.

وحذَّرت لجنة الإنقاذ الدولية من تفاقم الكارثة الإنسانية في اليمن مع استمرار الفيضانات، التي بدأت في مارس (آذار) واشتدت في يوليو (تموز) وأغسطس (آب)، وأدت إلى نزوح عشرات الآلاف من الأسر، وتدمير البنية التحتية الحيوية، وتأجيج الانتشار السريع للكوليرا، وتضرر أكثر من 268 ألف شخص في اليمن، في ظل موجة ماطرة شهدتها البلاد.

ونبهت اللجنة في بيان لها إلى أن استمرار احتمالية وجود خطر فيضانات مفاجئة إضافية بسبب تشبع الأرض بفعل الأمطار الغزيرة وأنظمة الصرف السيئة، رغم توقف هطول الأمطار خلال الشهر الحالب، ووصفت هذا الخطر بالمرتفع.

استمرار الكارثة

قالت اللجنة إن الفيضانات أثرت بشدة على محافظات الحديدة، وحجة، ومأرب، وصعدة وتعز، حيث تأثر ما يقرب من 268 ألف فرد في 38285 عائلة حتى الشهر الماضي، وفقاً لتقارير مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، وتسببت الأمطار الغزيرة، التي من المتوقع استمرارها هذا الشهر، في تدمير واسع النطاق للمنازل والأراضي الزراعية والبنية التحتية.

وقيَّدت الأمطار والفيضانات - وفق بيان اللجنة - من إمكانية الوصول إلى الغذاء، وهي قضية يعاني منها بالفعل أكثر من 17 مليون يمني بسبب الصراع والتدهور الاقتصادي وارتفاع أسعار المواد الغذائية، وكلها تفاقمت بسبب أزمة المناخ.

توقعات باستمرار الأمطار الغزيرة في اليمن رغم انتهاء موسمها برحيل فصل الصيف (رويترز)

وبينت المنظمة أن محافظة تعز (جنوب غرب) شهدت وحدها تدمير ما يقدّر بنحو 70 إلى 100 في المائة من الأراضي الزراعية جراء الأمطار.

ودعت المجتمع الدولي والجهات المانحة إلى تقديم المزيد من الدعم للحد من تفاقم الكارثة الإنسانية في اليمن جراء الفيضانات المدمرة الأخيرة التي ضربت البلاد، والتفشي المتسارع لوباء الكوليرا، مشددة على زيادة الدعم المالي واللوجيستي لتلبية الاحتياجات الفورية والطويلة الأجل للمتضررين من تفاقم الكارثة الإنسانية في اليمن.

ونوهت اللجنة إلى أن الكارثة الإنسانية في اليمن تتضاعف «مدفوعة بالتأثيرات المدمرة للفيضانات الأخيرة والتفشي المتسارع لوباء الكوليرا في معظم أنحاء البلاد»، مرجحة أنه، و«من دون اتخاذ إجراءات في الوقت المناسب، سيستمر الوضع في التدهور؛ مما يعرض المزيد من الأرواح للخطر».

انتشار سريع للكوليرا

قال إيزايا أوجولا، القائم بأعمال مدير لجنة الإنقاذ الدولية في اليمن، إن البلاد «تواجه أزمة على جبهات متعددة» بدءاً من الصراع المستمر إلى الفيضانات الشديدة، والآن «تفشي وباء الكوليرا الذي انتشر بسرعة في الكثير من المحافظات».

وأضاف: «إن حياة الناس معرّضة للخطر بشكل مباشر، ومن المرجح أن يؤدي تدمير مرافق المياه والصرف الصحي إلى تفاقم انتشار المرض»، في حين أطلقت اللجنة الدولية للصليب الأحمر عمليات طوارئ في المناطق الأكثر تضرراً في حجة، والحديدة، والمحويت وتعز، حيث قدمت مساعدات نقدية لنحو 2000 عائلة متضررة.

دمار هائل في البنية التحتية تسببت به الفيضانات الأخيرة في عدد من محافظات اليمن (أ.ب)

وأشار إلى أن المرحلة الأولية ركزت على تلبية الاحتياجات الفورية، مع التخطيط لمزيد من التقييمات لتوجيه التدخلات المحتملة في مجال المياه والصرف الصحي، مثل إنشاء نقاط المياه والمراحيض الطارئة.

وبيَّن أوجولا أن اللجنة الدولية للصليب الأحمر وشركاءها أجروا تقييمات في المناطق المتضررة، وكشفوا عن نزوح ما يقرب من 9600 شخص بسبب الفيضانات في تعز، وحجة والحديدة، حيث تعرَّضت البنية الأساسية للمياه والصرف الصحي والصحة لأضرار كبيرة؛ مما زاد من خطر تفشي الكوليرا في هذه المناطق.

وكان مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية وزَّع مساعدات إيوائية طارئة على المتضررين من السيول والفيضانات في مديرية موزع التابعة لمحافظة تعز، الثلاثاء الماضي.

وتضمنت المساعدات الطارئة 100 خيمة و370 حقيبة إيواء استفاد منها 2220 فرداً من المتضررين من السيول في المديرية.

ويأتي هذا التدخل بالتنسيق مع كتلة الإيواء ومكاتب مركز الملك سلمان للإغاثة في اليمن، وبالتنسيق مع السلطة المحلية ووحدة النازحين.