اليمن يستنجد لإغاثة سكان تهامة غداة أمطار وسيول مميتة

اتهامات للحوثيين بالمتاجرة بالكارثة والتقاعس عن تقديم العون

منازل من القش والطين يسكنها غالبية أهالي تهامة اليمنية كانت عرضة لتجريف السيول (إكس)
منازل من القش والطين يسكنها غالبية أهالي تهامة اليمنية كانت عرضة لتجريف السيول (إكس)
TT

اليمن يستنجد لإغاثة سكان تهامة غداة أمطار وسيول مميتة

منازل من القش والطين يسكنها غالبية أهالي تهامة اليمنية كانت عرضة لتجريف السيول (إكس)
منازل من القش والطين يسكنها غالبية أهالي تهامة اليمنية كانت عرضة لتجريف السيول (إكس)

تواجه منطقة تهامة اليمنية الواقعة على الساحل الغربي المحاذي للبحر الأحمر وضعاً مأساوياً بعد أمطار غزيرة خلال الأيام الماضية تسببت بسيول جارفة خلَّفت أكثر من 45 قتيلاً على الأقل، ونحو ضعفهم من المفقودين في وضع كارثي غير مسبوق، مع قصور تام لأعمال الإغاثة وتقديم العون للمنكوبين.

وبينما استنجدت الحكومة اليمنية الشرعية لإغاثة سكان المنطقة التي تضم محافظة الحديدة بكاملها إلى جانب أجزاء من محافظات حجة والمحويت شمالاً، وريمة في الوسط وتعز إلى الجنوب، تتهم الجماعة الحوثية بالسيطرة على موارد ومقدرات المنطقة مثل الموانئ والزراعة والأراضي دون تقديم أي عون للمتضررين.

خسائر هائلة لحقت بأهالي تهامة في اليمن جراء السيول التي طالت الأرواح والممتلكات والأراضي الزراعية (إكس)

ومع غياب الإحصائيات الفورية وصعوبة الحصول عليها، تشير التقديرات إلى أكثر من 100 مفقود ممن انقطع التواصل معهم، وأكثر من 500 منزل تعرضت لأضرار متفاوتة، ونزوح آلاف العائلات التي تسكن غالبيتها في منازل من الطين أو القش، وتداول رواد مواقع التواصل الاجتماعي صوراً ومقاطع فيديو تبين حجم الكارثة.

وذكرت مصادر محلية في المديريات المنكوبة لـ«الشرق الأوسط» أن أعداد المفقودين بالعشرات، ورجحت بعض المصادر أن أعدادهم تزيد على 100 شخص مع انقطاع وسائل التواصل بين السكان وتوقف الحركة على أغلب الطرق.

ووجهت الحكومة اليمنية نداء استغاثة إلى المنظمات الأممية والدولية لتقديم العون والإغاثة العاجلين للمتضررين من كوارث الفيضانات التي ضربت المنطقة.

وقالت الحكومة إن رئيسها، أحمد عوض بن مبارك، استمع خلال اتصالات مكثفة أجراها مع الوزراء والمعنيين ومحافظي المحافظات وغرف الطوارئ والوحدات التنفيذية لإدارة مخيمات النازحين، إلى تقارير أولية حول الأضرار الناجمة عن السيول، موجهاً دعوة عاجلة إلى المنظمات الأممية والدولية، لمساندة الجهود الحكومية في تقديم العون الإنساني والإغاثي الطارئ للمتضررين.

سيول وألغام

زعمت الجماعة الحوثية تشكيل لجنة طوارئ لمعالجة أضرار السيول؛ في حين أبدى يمنيون من مختلف الفئات غضبهم من الجماعة التي رأوا أن ممارساتها في تهامة وأعمالها العسكرية أسهمت في وقوع المأساة، إلى جانب استغلالها خيرات وموارد منطقة تهامة، وترك أهاليها دون تقديم أي نوع من المساعدات لهم بعد الكارثة.

وقال علي حميد الأهدل، مسؤول الإعلام في محافظة الحديدة، لـ«الشرق الأوسط» إن المتضررين من الفيضانات أغلبهم في المناطق الواقعة تحت سيطرة الجماعة الحوثية، داعياً الشركاء الدوليين والمحليين والجمعيات والمؤسسات الخيرية، إلى سرعة إغاثتهم.

وحمّل الأهدل الجماعة الحوثية المسؤولية عن تفاقم الكارثة بسبب لجوئها إلى بناء حواجز كبيرة وخنادق عسكرية في مجاري السيول، مما أدى إلى خروجها عن تلك المجاري وتدفقها باتجاه المنازل والممتلكات الخاصة والعامة والمزارع.

وناشد السكان اتخاذ الحيطة والحذر والبقاء في منازلهم حفاظاً على أرواحهم من الألغام التي زرعتها الجماعة الحوثية، وتسببت السيول بجرفها من حقول الألغام إلى الطرقات والمزارع والمراعي، مطالباً بسرعة فتح منفذ الطريق الرابطة بين منطقتي حيس والجراحي الذي تغلقه الجماعة.

وأظهرت صور ومقاطع فيديو انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي عشرات الألغام التي سحبتها السيول في طريقها بعد أن ظلت مدفونة في حقول رفضت الجماعة الحوثية الكشف عنها خلال السنوات الماضية، ومثلت خطراً يتهدد حياة وسلامة السكان ومواشيهم.

من جهته اتهم وليد القديمي، وكيل أول محافظة الحديدة، الجماعة الحوثية بالمتاجرة بمعاناة أبناء منطقة تهامة وتحديداً في محافظتي الحديدة وحجة، وتعمدها تنفير المنظمات التي كانت تقدم المعونات للأهالي، لافتاً إلى أنه جرى حصر تضرر 1527 أسرة، حتى مساء الأربعاء، في مديرية حيس وحدها.

وطالب القديمي السكان في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية بموافاة الجهات الرسمية بأي أرقام أو إحصائيات عن المتضررين من السيول، لتسهيل تقديم العون لهم، محذراً من ألغام الجماعة المموهة على هيئة أحجار في ممرات الأودية والمزارع والطرق، التي كشفتها السيول أو حرَّكتها من أماكنها.

أوهام الإغاثة الحوثية

نفى سكان محليون في المديريات المنكوبة من منطقة تهامة أن يكونوا تلقوا أي مساعدات إغاثية من سلطات الجماعة الحوثية التي تسيطر على مناطقهم، مشيرين إلى أنهم لم يحصلوا على أبسط أشكال الإغاثة، التي تتمثل في تحذيرهم من الأمطار الغزيرة والسيول الكارثية، وبعد مرور أكثر من يومين على الفيضانات، لم تصل إليهم أي مساعدات إيوائية أو غذائية.

واستنكر علي ماهر، من أهالي مديرية حيس، في حديث لـ«الشرق الأوسط» ما وصفها بادعاءات الجماعة الحوثية بدء أعمال الإغاثة ومساعدة المتضررين، في حين أنها لم تبدأ باتباع أولويات أعمال الإغاثة في مثل هذه الحالة، وهو البحث عن المفقودين، وتقديم الخدمات الإيوائية لمن فقدوا منازلهم.

وتساءل عن مصير موارد مؤسسات الحديدة، مثل الموانئ، والجبايات المفروضة على مختلف فئات السكان، بالإضافة إلى النهب المنظم والعشوائي للأموال العامة والخاصة، التي يفترض أن تكون في خدمة المتضررين من الكوارث كما هو حاصل حالياً.

وفي الوقت الذي عاش فيه أهالي محافظات الحديدة وريمة والمحويت وحجة أوضاعاً مأساوية بسبب الأمطار وكوارث السيول؛ استبشرت الجماعة الحوثية خيراً بتلك الأمطار، إذ ورد في قناة «المسيرة» التابعة لها أن هذه الأمطار تسببت بعودة السيول إلى عدد من الأودية الجافة التي انقطعت عنها منذ عقود.

من جهته نبه عبد الرحمن مشهور، من سكان مدينة الحديدة، حيث مركز المحافظة التي تحمل الاسم نفسه، إلى أن فساد الجماعة الحوثية في نهب إيرادات وخزينة صندوق المجلس المحلي للمدنية لتنفيذ مشروع تصريف مياه الأمطار، انكشف عند أول اختبار بهطول الأمطار الغزيرة التي يندر أن تشهدها المدينة الساحلية.

منذ عقود لم تشهد تهامة اليمنية فيضانات كارثية مثل التي حدثت أخيراً (إكس)

وتحدث مشهور لـ«الشرق الأوسط» عن الوضع الكارثي الذي عاشه سكان مدينة الحديدة بعد أن اقتحمت المياه منازلهم ومحالهم وأتلفت الممتلكات وتسبب بتوقف الحركة، وهو الوضع الذي عاشته المديريات المحيطة بالمدينة مثل الدريهمي والزهراء.

ووجه مكتب الوحدة التنفيذية لإدارة مخيمات النازحين في محافظة الحديدة (حكومية) دعوة لجميع الشركاء الدوليين والمحليين والجمعيات والمؤسسات الخيرية ورجال المال والأعمال وفاعلي الخير، إلى سرعة إغاثة المتضررين من الأمطار الغزيرة التي ضربت مديريتي «حيس والخوخة» جنوبي الحديدة الخاضعتين للشرعية.

وتحدث صندوق الأمم المتحدة للسكان، عن نزوح وتشرد آلاف العائلات جراء السيول التي ضربت ثلاث محافظات غربي اليمن، معلناً عن تسخير الموارد المتاحة لديه للإغاثة الطارئة، بالتزامن مع رفع مستوى الاستجابة العاجلة للمتضررين، مشدداً على الحاجة المُلحة لمزيد من الدعم من أجل إنقاذ الأرواح.


مقالات ذات صلة

تضرر 30% من الأراضي الزراعية في اليمن خلال عام

العالم العربي جانب من مشاركة اليمن في فعاليات قمة مؤتمر المناخ في باكو (سبأ)

تضرر 30% من الأراضي الزراعية في اليمن خلال عام

أفاد وزير المياه والبيئة اليمني، توفيق الشرجبي، بأن بلاده خسرت 30 في المائة من الأراضي الزراعية خلال عام، داعياً إلى تمويل دولي إضافي لمواجهة آثار المناخ.

«الشرق الأوسط» (تعز)
العالم العربي منظر عام لقلعة «القاهرة» التاريخية في مدينة تعز اليمنية (إكس)

مبادرتان أميركيتان لتعزيز حماية التراث الثقافي في اليمن

أعلنت السفارة الأميركية لدى اليمن عن دعم مبادرتين؛ الأولى لترميم قلعة تاريخية في تعز، والثانية لمكافحة الاتجار غير المشروع بالممتلكات الثقافية في اليمن.

«الشرق الأوسط» (عدن)
العالم العربي أب إثيوبي عثر على ابنه بعد أن تقطعت به السبل داخل الأراضي اليمنية عدة أشهر (الأمم المتحدة)

ارتفاع المهاجرين الأفارقة إلى اليمن 136 %

ارتفع عدد المهاجرين من القرن الأفريقي إلى اليمن بنسبة 136 في المائة خلال شهر أكتوبر (تشرين الأول) الماضي وفق بيانات وزعتها المنظمة الدولية للهجرة.

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي الجماعة الحوثية متهمة بإطلاق سجناء «القاعدة» من السجون في صنعاء ضمن صفقة للتعاون المتبادل (إ.ب.أ)

تحذير يمني من خطر التنسيق القائم بين الحوثيين و«القاعدة»

حذر وزير يمني من خطر التنسيق القائم بين الحوثيين و«القاعدة» داعياً إلى موقف دولي، وذلك في أعقاب قيام الجماعة بإطلاق سراح عناصر من التنظيم الإرهابي.

«الشرق الأوسط» (عدن)
العالم العربي ملايين الأسر اليمنية خصوصاً في مناطق الحوثيين ستواجه فجوات مستمرة في استهلاك الغذاء (الأمم المتحدة)

19 مليون يمني يحتاجون إلى مساعدات غذائية في العام المقبل

أفادت بيانات حديثة بأن المحتاجين للمساعدات الإنسانية في اليمن سيرتفعون إلى 19 مليوناً مع حلول العام المقبل، مع استمرار الملايين في مواجهة فجوات في انعدام الغذاء

محمد ناصر (تعز)

«الحوثيون»: استهدفنا «هدفاً حيوياً» في إيلات

عناصر من الشرطة الإسرائيلية في موقع انفجار طائرة مسيّرة تبنتها الجماعة الحوثية في يوليو (تموز) الماضي (إ.ب.أ).
عناصر من الشرطة الإسرائيلية في موقع انفجار طائرة مسيّرة تبنتها الجماعة الحوثية في يوليو (تموز) الماضي (إ.ب.أ).
TT

«الحوثيون»: استهدفنا «هدفاً حيوياً» في إيلات

عناصر من الشرطة الإسرائيلية في موقع انفجار طائرة مسيّرة تبنتها الجماعة الحوثية في يوليو (تموز) الماضي (إ.ب.أ).
عناصر من الشرطة الإسرائيلية في موقع انفجار طائرة مسيّرة تبنتها الجماعة الحوثية في يوليو (تموز) الماضي (إ.ب.أ).

أعلنت جماعة «الحوثي» اليمنية، مساء السبت، شن عملية عسكرية ضد هدف إسرائيلي في منطقة إيلات.

وأوضحت الجماعة، في بيان، أن «سلاح الجو المسيّر (...) نفذ عملية عسكرية استهدفت هدفاً حيوياً للعدو الإسرائيلي في منطقةِ أم الرشراش (إيلات) بعدد من الطائرات المسيّرة».

وأكدت جماعة «الحوثي» في بيانها أن العملية حققت أهدافها بنجاح دون ذكر مزيد من التفاصيل.

وتنفذ جماعة الحوثي قصفاً من الأراضي التي تسيطر عليها في اليمن بطائرات مسيّرة وصواريخ باليستية تجاه أهداف في إسرائيل، وتقول إن هذه العمليات تأتي دعماً لـ «صمود الشعبين الفلسطيني واللبناني في وجه العدوان الإسرائيلي».