«كيف تستطيع الدوحة دون غيرها التفاوض مع الجماعات المتطرفة وتحقق نتائج إيجابية؟» كان سؤالا لم يحمل سوى إجابات الغموض، وهو كذلك يرمي بيد الإشارة إلى دور آخر تلعبه دولة قطر في دعم الإرهاب، يحمل أوجها تمثّل سياسة اعتادت عليها منذ أكثر من عشرين عاما وزادت وتيرتها منذ بداية الألفية.
وأعطى الإعلان المشترك لدول السعودية ومصر والإمارات والبحرين، بالشخصيات والكيانات القطرية أو التي تؤويها وتدعمها قطر، وتضمن أسماء 59 شخصا من جنسيات مختلفة، و12 كيانا من ثلاث دول غالبيتها قطرية؛ الأجوبة عن أسرار مكشوفة وغامضة تقودها الدوحة لدعم الإرهاب.
أسماء أصبحت في قوائم الإرهاب لدى الدول الأربع، وكياناتها التي استغلت نشاطها الخيري للعمل وفق ذلك الغطاء لتمويل الجماعات والأفراد، حيث تشكل القائمة خطرا على الأمن والسلم في الدول التي أعلنت قطع العلاقات مع قطر وفي المنطقة بنشاطاتها الإرهابية، ومنها شخصيات مطلوبة دوليا، أو من دول عدة، وبعضها مفروض عليه عقوبات لدعمه الإرهاب.
الأمر الذي يعطي دلالات عن امتلاك السعودية ومعها مصر والإمارات والبحرين، تأكيدات حول الأسماء والكيانات التي تعمل وفق عقيدة قطر الإرهابية لخلق البلبلة في دول المنطقة، وكذا مناطق تعيش اضطرابات سياسية واقتصادية منذ أكثر من سبعة أعوام، وبخاصة في دول شاء لقطر أن تجعل الربيع العربي الذي تسميه وروّجت له تسمية ومنهجا، خريفا على هذه الدول.
فمنذ عام 2013، والدوحة الضامن الأول والوحيد عالميا في التفاوض مع الحركات الإرهابية، تكشفه إعلاناتها ومشاركاتها لوضع وجه إنساني إعلاميا ووجه حقيقي ينمّ عن دعم الإرهاب، فالعلاقة التي تكوّنت مع القاعدة كان طرفها الأساسي من قبل قطر، هو وزير داخليتها الأسبق عبد الله بن خالد آل ثاني (وزير الداخلية 2000 - 2013) الذي كان من أوائل من تم تضمينه على قائمة الإرهاب أول من أمس، حيث كان الطرف الأساسي في تشكيل قناة تواصل سياسية مع إمارة الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني، وقناة تواصل إعلامية لقناة الجزيرة لبث تسجيلات زعيم القاعدة أسامة بن لادن.
ونجحت الدوحة في قيادة مفاوضات وتخليص رهائن من شرك تنظيمات متطرفة في عدد من دول المنطقة، كان لافتا فيها في سبتمبر (أيلول) من عام 2014، حيث ساعدت الأجهزة في قطر في التفاوض على إطلاق سراح 45 جنديا من فيجي يتبعون قوة حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة في الجولان، من يد تنظيم النصرة (أحد أفرع القاعدة) ومنح الخاطفين مبالغ مالية لا تبرئ الدوحة أنها استغلال لضمان وصول التمويل للتنظيم.
كذلك ساعدت قطر في تأمين إطلاق سراح 13 راهبة من الروم الأرثوذكس احتجزهم تنظيم النصرة، لأكثر من ثلاثة أشهر، وفي اليمن ساهم أفراد الدوحة الممولين للتنظيم من تخليص رهائن من أيادي ميليشيا الحوثي ومن القاعدة، ومنهم أميركي ومعلمة سويسرية على التوالي، كذلك كانت الدوحة عاملة على توفير تمويل كبير لمختطفي الجنود اللبنانيين في عرسال، حيث كان القطريون وعناصر الدولة على طاولة المفاوضات السرية والمعلنة في آن.
آخر تلك الشكوك التي جعلت التأكيد في دائرة الضوء بعد قائمة الإرهاب؛ تخليص الدوحة في أبريل (نيسان) الماضي 26 صيادا قطريا بمبلغ مالي كبير اختطفتهم جماعة إرهابية شيعية تتبع إيران في العراق، على الحدود العراقية السورية.
وقال الباحث في شؤون الجماعات الإسلامية، فهد القناعي: إن سهولة تواصل الدوحة مع الجماعات المتشددة يحمل الشكوك في قدرتها على العمل على تحريك أجنداتها، وأضاف، أن القبول دائما بدفع الفدية المبالغ بها هو يؤكد كل الاتهامات أن المانح يعد شريكا في التمويل لهذه الجماعات أو أفرادها.
وأضاف في اتصال هاتفي مع «الشرق الأوسط»، أن الخطف وطلب الفدية هو منهج بدأته تنظيمات الإسلام السياسي للتفاوض مع السلطات، وتلجأ إليه في حالة غياب أو نقص التمويل الذي يغذي عملياتها، كذلك الأمر تتفق معه الدولة أو الجهة المانحة للفدية، مشيرا القناعي إلى أن تكرار الوساطات من قبل طرف واحد مع المتطرفين يؤكد تعاملها معهم، حيث يقعون في المجال الحيوي الذي تعمل عليه أجنداتها السياسية، مما يعمق من الأزمات ويمنح التنظيمات عمرا أطول.
قائمة ليست من الجنسية القطرية فحسب؛ وإن كان 18 اسما إرهابيا يحمل الجنسية القطرية إلا أن القائمة تواجد فيها 26 مصريا من الدعاة ورجال الدين التابعين لتنظيم الإخوان المسلمين، وسعوديان وخمسة ليبيين وكويتيان وبحرينيان ويمني وإماراتي.
حراك السياسة القطرية كان له أوجه متعددة، نجح منذ أيام تنظيم القاعدة في ضمان تدفق الأموال للتنظيم حتى ما يسبق هجمات 11 سبتمبر ، بدأه وساهم فيه وزير الداخلية عبد الله بن خالد آل ثاني، وكان معه أذرع لم تغب عن الأجهزة الأمنية الدولية، وصنفت وزارة الخزانة الأميركية بعضهم في قوائمها لثبوت تورطهم في تمويل الإرهاب.
وعلمت واشنطن وفق عملها الاستخباراتي أن قطريا يقوم بإيواء أحد الإرهابيين المطلوبين الذي كان يخطط لتفخيخ طائرات تتجه إلى أميركا. وصل الطلب إلى قطر، لكن الـ«إف بي آي» حين أصدر تقريره قبل هجمات 11 سبتمبر قال: إن المطلوب فرّ من الدوحة بعد أن أُبلغ بملاحقة الأمن الأميركي له. كان ذلك مخطط هجمات سبتمبر، خالد شيخ محمد.
الأسماء القطرية الأخرى، كانت نقطة اتصال ودعم لوجيستي لدعم الجماعات في سوريا والعراق، مستغلين وظائفهم المسماة رجال أمن أو عاملين في الاستخبارات القطرية، بعضهم أيضا على اللوائح السوداء في أميركا والأمم المتحدة، منهم عبد الرحمن النعيمي، وﺍﻟﻤﺘﻬﻢ بتحويل ونقل 1.5 مليون دولار شهريا للقاعدة في العراق، ونصفها شهريا للقاعدة في سوريا. ومن الأسماء أيضا، عبد العزيز العطية، المرتبط قرابة بوزير الخارجية القطري السابق، وسبق أن أدين في محكمة لبنانية بتمويل منظمات إرهابية تتصل بالقاعدة.
رجال الدين المصريين الذين ينعمون في رغد المال القطري، ويعيشون بين قطر وتركيا، كان رأسهم يوسف القرضاوي على رأس الأسماء في قائمة الإرهاب التي تمولها وترعاها الدوحة، ووجدي غنيم وطارق الزمر، وآخرون كانوا أصحاب ردات فعل في دعم الإرهاب وعناصره بالفتاوى عبر منابر إعلامية قطرية بعد سقوط حكم الإخوان المسلمين في مصر، ومثلهم كان عبد الحكيم بلحاج الليبي الذي أرادت له الدوحة دورا سياسيا مزدوجا، لكن الواقع الليبي كسر جهود إرهابه.
كيانات قطرية وبحرينية، وواحدة ليبية، كانت أذرعا في تمويل الإرهاب، وفق الغطاء الخيري الإنساني، الذي تكشفه حجم التدفقات المالية؛ ما يعزز نظرية التأكيد على أخذ قطر منحى التمويه على الأنشطة الداعمة، رغم أنها أحد الموقعين على اتفاقيات كثيرة أمنية، آخرها ما شهدته قمم الرياض، عقب القمة الخليجية الأميركية بتوقيع اتفاقية ومذكرة تفاهم بين دول الخليج والولايات المتحدة؛ لمراقبة مصادر تمويل الإرهاب.
قائمة الإرهاب تكشف سر نجاح الدوحة في التفاوض مع التنظيمات المتطرفة
قادت مفاوضات مع «النصرة» لتخليص رهائن... ومع الحوثيين لتسليم أميركي ومعلمة سويسرية
قائمة الإرهاب تكشف سر نجاح الدوحة في التفاوض مع التنظيمات المتطرفة
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة