قطر... ودورها في دعم التطرف

من منطقة الخليج إلى ليبيا مروراً بسوريا ولبنان وفلسطين

قطر... ودورها في دعم التطرف
TT

قطر... ودورها في دعم التطرف

قطر... ودورها في دعم التطرف

سُلِّطت خلال الأسبوع الماضي كما لم تسلط من قبل الأضواء على دور دولة قطر في دعم مختلف الفصائل الإرهابية والمتشددة على امتداد العالم، منها «جبهة النصرة» و«الجماعة الليبية المقاتلة» و«الإخوان» وحركة حماس. والمثير في الأمر أن الدعم والاحتضان يتوازيان مع تنمية الدوحة علاقاتها المثيرة والمتناقضة مع كل من إسرائيل وإيران. وفيما يلي نسرد سجلاً للدعم القطري لقوى دأبت منذ سنين على إضعاف الاستقرار في العالم العربي، بما في ذلك الدول الخليجية المجاورة.
كشف البيان السعودي الحاسم بشأن الإجراءات السياسية والاقتصادية التي اتخذتها الرياض ضد دولة قطر، وقطع العلاقات معها، عن دور تحريضي تمارسه الدوحة في دعم الإرهاب بالقطيف (شرق السعودية)، التي تشهد نشاطاً متفاوتاً لخلايا إرهابية تعمل لحسابات إيران. إلا أن هذا الدور لا ينفصل عن دور قطر في لبنان إبان «حرب» يوليو (تموز) 2006، حين دخلت على خط الوساطة بين لبنان وإسرائيل للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار، أو دعمها «جبهة النصرة» وقوى متشددة شقت وحدة قوى الثورة السورية، وأنهكتها بمعارك جانبية، أو محاولتها إضعاف الرئيس الفلسطيني محمود عباس (أبو مازن) والسلطة الفلسطينية عبر دعم حركة حماس المعارضة. وهذا، بالإضافة إلى دورها المساند للجماعات المتطرفة في كل من مصر وليبيا وللانقلابيين الحوثيين في اليمن.

انتهاكات سراً وعلانية
وصف البيان السعودي «انتهاكات جسيمة» تمارسها السلطات القطرية، في السر والعلن، طوال السنوات الماضية بهدف شق الصف الداخلي السعودي، وذلك عبر دعم تنظيمات متطرفة منها الإخوان المسلمين و«داعش»، كذلك دعم نشاطات الجماعات الإرهابية المدعومة من إيران في محافظة القطيف بالمنطقة الشرقية من المملكة العربية السعودية، وفي مملكة البحرين، وتمويل وتبني وإيواء المتطرفين الذين يسعون لضرب استقرار ووحدة الوطن في الداخل والخارج، واستخدام وسائل الإعلام التي تسعى إلى تأجيج الفتنة داخلياً.
وللعلم، فإن الخلايا الإرهابية في القطيف، تعمل وفقاً لأجندات إيرانية، تهدف إلى إثارة البلبلة وشق الصف السعودي بافتعال الأزمات والخروج ضد سلطة الدولة، والاعتداء على المراكز الحكومية ورجال الأمن. ولم تكن تلك النشاطات الإرهابية بمعزل عن أحداث البحرين، التي عانت خصوصاً في عام 2011 من حراك طائفي ترافق مع الثورات العربية التي دعمتها وسائل إعلام قطرية، قبل أن تخمد فتنتها دول الخليج، عدا قطر، التي استمرت في خلق حالات الاستعداء بين الشيعة والسنّة في أوطانهم الخليجية. وشهد العام ذاته، نشاطا لخلايا إرهابية، بعضها كان في قطر، وتزامن حراكها مع جماعات الإرهاب في المنامة والقطيف، كانت الدوحة أعلنت القبض عليها، وكان الهدف من مكوثها في قطر أسوة بمن سبقوها أن قطر أساساً نقطة العبور نحو إيران.
أيضاً أرادت قطر أن تلعب دوراً إقليمياً، بمساندة من هم خارج حدودها لا سيما بين جيرانها الخليجيين، بدوافع لا تخرج عن استثمار علاقتها وتحالفها مع القيادة الإيرانية في طهران، التي تربطها معها اتفاقيات أمنية واقتصادية. وتسهم هذه الاتفاقيات في إغداق مالي وفير يسهّل لها أن تلعب على حبال المراوغة بوجهي الدعم للحركات بغية إسقاط والتأثير على الأنظمة الحاكمة، ووجه يتودد البراءة ببيانات شجب لم تُكتب إلا قليلاً.

التأجيج في اليمن
وفي اليمن، كشفت التطورات التي شهدتها البلاد، طوال السنوات الثلاثة الماضية، أن قطر لعبت دوراً كبيراً في تأجيج الصراعات الداخلية تحت يافطات وشعارات مختلفة. ووفق متابعين مطلعين، توزع الدور القطري على محورين رئيسيين: الأول دعم قديم - جديد لحركات الإسلام السياسي المتمثلة في الإخوان المسلمين (حزب التجمع اليمني للإصلاح)، والثاني دعم حركة التمرد الحوثية منذ بداياتها الأولى تحت غطاء الوساطات لإيقاف النزاع المسلح الذي كان محدوداً، في بدايته، بمحافظة صعدة. ومن أبرز الشواهد، رعاية الدوحة أول اتفاق بين الحكومة اليمنية والحوثيين مطلع عام 2008، وهو الاتفاق الذي مهّد لإخراج الحركة الحوثية من المحلية إلى المحيط الإقليمي، وفقاً للمتابعين.
وفي لقاء مع «الشرق الأوسط»، يشرح المحلل السياسي اليمني عبد الله إسماعيل أن الموقف القطري اتسق مع الحركات الآيديولوجية وأهدافها، ولدينا في اليمن كان الأمر أشد وضوحاً في تحركها مبكراً لصالح الحوثيين وتحويلهم إلى معادلة ضد الدولة ودعم «الإخوان» لاختطاف التحرك الشعبي بعد ثورة الشباب في 11 فبراير (شباط) 2011.
ويرى إسماعيل أن الدور القطري في اليمن «هو ما يبرز الآن في تبني هذه الحركات جانب قطر في مقابل الانتصار للشرعية والتحالف، واختيار التضحية بمعركة استعادة الدولة لصالح الانتقام السياسي».

وسيط بين «حزب الله» و«النصرة»
ولدى الانتقال إلى لبنان وسوريا، نجد أنه إبان حرب يوليو 2006، دخلت قطر على خط الوساطة بين لبنان وإسرائيل للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار. وبدا أن الدور القطري مقبولاً لدى حزب الله الذي رحب فيما بعد بالدعم القطري المالي لإعادة إعمار الجنوب، إذ قدمت قطر ما يقارب 300 مليون دولار أميركي خصّصت لإعادة إعمار مناطق في الجنوب بعد الحرب.
هذا الدور سمح للدوحة بأن تكون لاعباً على خط التسويات الداخلية، وتمثل الدور الأبرز لها في استضافة «مؤتمر الدوحة» الذي تلا هجوم حزب الله العسكري على مناطق في بيروت والجبل في مايو (أيار) 2008، وعرف بـ«غزوة 7 »، وخلف أزمة سياسية كبيرة.
وفي أواخر الشهر نفسه، عقد «مؤتمر الدوحة»، الذي أنتج ما يشبه التسوية مع الحزب، وبدا أن الغاية منه الحلول محل «اتفاق الطائف» الذي غدا جزءاً من الدستور اللبناني. ولكن، في أي حال حال، انتهى بالاتفاق على قانون جديد للانتخابات البرلمانية التي أُجريت في العام 2009، كما أسفر عن إيصال قائد الجيش آنذاك العماد ميشال سليمان إلى سدة الجمهورية، ولكن في ظل احتفاظ حزب الله بسلاحه ونفوذه.
كذلك تُرجم قبول الدور القطري بالنسبة لحزب الله، بزيارة أميرها السابق الشيخ حمد بن خليفة جنوب لبنان ليفتتح مشاريع في مدينة بنت جبيل الحدودية، بعدما أعادت إعمار 12000 وحدة سكنية في أربع بلدات جنوبية حدودية. ورفع له الحزب لافتات حملت شعار «شكراً قطر» الذي بقي مرفوعاً إلى حين اندلاع الأزمة السورية، وتنافر الحزب والدوحة حول الموقف من رئيس النظام السوري بشار الأسد.

ازدواجية في محنة سوريا
لكن التباين بالموقف السياسي في سوريا، لم يُفقد الدوحة دورها كوسيط غير مباشر بين الحزب أو النظام السوري من جهة، وجماعات متشددة في المعارضة السورية كانت تدعمها في سوريا، وأخرى مصنفة إرهابية على قوائم الإرهاب العربية والدولية، من جهة ثانية، فيما بدا أن خطوط الدوحة كانت مفتوحة عليها.
وتمثل هذا الدور في التوصل إلى تسوية أدت إلى الإفراج عن الزوّار اللبنانيين المخطوفين في مدينة أعزاز (شمال غربي سوريا) في العام 2013، الذين زاروا الدوحة، حيث التقوا أميرها الشيخ تميم بن حمد آل خليفة الثاني، الذي أقام حفل تكريم لهم بعد الإفراج عنهم.
وإذا كانت الصفقة أدت إلى الإفراج عن عشرات المعتقلات والمعتقلين في السجون السورية بجانب الإفراج عن الطيارين التركيين اللذين خُطِفا في لبنان في أغسطس (آب) من العام نفسه، فإن جهود الدوحة للإفراج عن راهبات معلولا الذين كانوا محتجزين لدى «جبهة النصرة» في ربيع 2014، تمت بعد تكفُّل قطر بدفع فدية مالية للتنظيم المصنف إرهابياً، قدّرت بنحو 16 مليون دولار، إلى جانب إطلاق سراح سجى الدليمي، طليقة زعيم تنظيم داعش أبو بكر البغدادي، التي كانت موقوفة في لبنان، بحسب ما ذكرت وسائل الإعلام المحلية آنذاك.
الدور نفسه، لعبته الدوحة في الخريف الماضي، حين أسفرت «الوساطة» القطرية بين جبهة النصرة والسلطات اللبنانية إلى الإفراج عن 15 عسكرياً لبنانياً كانوا مختَطَفِين لدى الجبهة منذ أغسطس 2014.

شق الصف الفلسطيني
بالنسبة لفلسطين، لم تكفّ قطر يوماً عن محاولاتها إضعاف الرئيس الفلسطيني محمود عباس (أبو مازن) والسلطة الفلسطينية، مستخدمة أولاً أدوات سياسية ومالية كحال دعمها حركة حماس المعارضة التي سيطرت على قطاع غزة منقلبة على السلطة عام 2007، وثانياً إعلامية عبر قناة «الجزيرة»، التي بذلت كل جهد لتشويه السلطة وفعلت كل ما يمكن لتمجيد حماس.
وحقاً، منذ سيطرت حماس على غزة، حصلت الحركة على دعم قطري ضخم لم يوازِهِ في مراحل محددة إلا الدعم الإيراني، بينما كانت السلطة تحاول استرجاع القطاع. وليس سرّاً أن هذا الدعم القطري - الإيراني مكّن حماس من الهيمنة على غزة وساعدها على مواجهة السلطة الفلسطينية، ما خلف انقساماً دامياً أضر بالقضية الفلسطينية كلها.
كذلك دخلت قطر على خط حماس بشكل مباشر عام 2008، حين بدأ حمد بن جاسم، رئيس الحكومة القطرية ووزير الخارجية (في حينه) التوسط بين إسرائيل وحركة حماس، متجاهلة بطبيعة الحال السلطة الفلسطينية. ولم يقف هذا الدعم القطري عند حدود تقوية حماس وإضعاف السلطة، بل تعداه إلى محاولة فرض حماس بديلاً للسلطة.
وبعد عام واحد فقط، انفضحت النيات القطرية، حين دعا أمير قطر عام 2009 رئيس حماس خالد مشعل لحضور قمة عربية مفترضة في قطر، ضارباً عرض الحائط شرعية الرئيس عباس، الذي خرج عن «دبلوماسيته»، آنذاك، واتهم قطر بالمس الخطير بالشرعية والتمثيل الفلسطيني.
وهذا المس بشرعية عباس أتبعه حمد بن جاسم، آنذاك، بمحاولة المس بشخص عباس نفسه وإظهاره تابعاً وضعيفاً، حين قال إن عباس أخبره أنه لم يحضر لأنه «خاف أن يذبح من الوريد للوريد»، وهو ما ردت السلطة عليه بتكذيبه فوراً مطالبة قطر الكف عن العبث، والتدخل في الشأن الفلسطيني.
وبموازاة الهجوم السياسي، عمدت قناة «الجزيرة» إلى تشويه عباس والسلطة فيما كانت تبث أفلاماً بطولية عن حماس. وفي 2011 بثت القناة نفسها وثائق سرية عن اجتماعات بين السلطة وإسرائيل اتهمت فيها السلطة «بالتنسيق مع إسرائيل من أجل قتل فلسطينيين»، وهو الأمر الذي عده كبير المفاوضين الفلسطينيين صائب عريقات بمثابة «نشر الفتنة في الأراضي الفلسطينية»، وأضاف: «إنهم يفتحون أبواب الثارات الشخصية والعائلية».
وبلغت ذروة الاستهداف القطري لعباس، عام 2012 حين زار الأمير السابق حمد بن خليفة قطاع غزة متجاهلاً الرئيس الفلسطيني الشرعي ومتعاملاً مع رئيس وزراء حكومة حماس إسماعيل هنية كممثل شرعي للفلسطينيين. وبطبيعة الحال أغدق الأمير القطري الأموال والثناء على حماس بطريقة جعلت السلطة تتهمه بالعمل على فصل غزة وليس فقط تعزيز الانقسام.
وهنا يقول بكر أبو بكر، القيادي في حركة فتح، عن علاقة قطر بالسلطة «لقد عملت قطر بعد سوريا عام 2012 جاهدةً على تخريب جسدنا عبر المؤتمرات، بأن تسحب التمثيل الفلسطيني من المنظمة لصالح الانقلابيين في حماس». وتساءل على صفحته على موقع «فيسبوك»: «من أين تم تمويل الأسلحة والمعدات والتجييش الإعلامي الملفَّق والكاذب ضدنا الذي به انقلبت ميليشيات (حماس) على غزة عام 2007؟».
واتهم أبو بكر، قطر بـ«تنقيط» الأموال على غزة «بهدف زعزعة الشرعية الفلسطينية»، كما اتهم قناة «الجزيرة» بأنها «فتحت منبرها لكل مشكك وطاعن وحاقد ومكفّر ومخوّن للقيادة الفلسطينية تحت عنوان الرأي والرأي الحاقد». وتابع أن الرئيس عباس «صبر عليها كثيراً وحمل على كتفيه ظلمها، ووهن السنين، ولم ينطق ضدها بكلمة لعلها تفهم وتدرك وترعوي وتحترم ولكن هيهات؟».

معاناة مصر... المستمرة
في مصر، المعروف أنها شهدت العديد من العمليات الإرهابية، في سيناء ومدن أخرى، راح ضحيتها مسؤولون وجنود من الجيش والشرطة ومواطنون، خصوصاً بعد عزل الرئيس الأسبق محمد مرسي الذي كان مدعوماً من قطر. وكان من آخر العمليات الإرهابية استهداف كنائس وأقباط، حيث اتهم السيسي دولاً لم يُسمِّها برعاية الإرهابيين، واستغلال الفوضى في ليبيا لتصدير المتطرفين عبر الحدود الغربية لمصر.
وهنا يُعتبر العميد أركان حرب، عادل العمدة، المستشار في أكاديمية ناصر العسكرية العليا في القاهرة، وعضو المجلس المصري للشؤون الخارجية، إن منافع مقاطعة قطر أكبر من أضرارها، بالنسبة لمصر وباقي الدول العربية، مشيراً إلى وجود كثير من الأدلة على رعاية الدوحة للإرهاب. وأوضح أن الرئيس عبد الفتاح السيسي، أشار إلى هذا المعنى، بشكل غير مباشر، في كلمته في القمة العربية الإسلامية الأميركية التي حضرها الرئيس الأميركي دونالد ترمب، في الرياض، قبل أسبوعين.
ووصف العمدة توقيت القرار المصري بقطع العلاقات مع قطر، بأنه جاء في وقته، بعد وضع تقدير للموقف من كل جوانبه، خصوصاً أن الدول العربية المحيطة بدولة قطر، تأثرت هي الأخرى بدعم الدوحة للإرهاب، مشيراً إلى أن القرار المصري «يؤتي ثماره، ويعطي مردوداً إيجابياً».
وعما إذا كان يعتقد بوجود أدلة عن أن قطر كانت وراء أعمال العنف في مصر، وتأييد الإرهابيين وتمويلهم، قال العمدة: «بالتأكيد... ولولا يقين القاهرة والدول العربية من هذه المعلومات، لما قطعوا العلاقات معها. لقد ظهرت أدلة دامغة على تورط عناصر إرهابية مدعومة من قطر داخل عدد من الدول العربية، منها مصر. ولهذا كان لا بد من وقفة مع قطر». وتابع قائلا إن قطر تأوي عناصر من جماعة الإخوان المصنفة بمصر ودول أخرى «منظمة إرهابية»، مشيراً إلى تحذير الرئيس السيسي، في كلمته بـ«قمة الرياض» من خطورة الملاذات الآمنة التي تتخذها بعض العناصر الإرهابية، بالإضافة إلى توفير التمويل المباشر إلى بعض العمليات الإرهابية التي وقعت على الأراضي المصرية.
ووفق العمدة، فإن مثل هذه الأعمال الإرهابية «استهداف لمصالحنا ولأمننا القومي... الرئيس السيسي وضع العالم أمام مسؤولياته، لمعاقبة كل من يرعى مثل هذه التصرفات»، وأشار العمدة إلى أن قطر «دعمت الفوضى التي وقعت في ليبيا، وهذا كان له تأثير على الأمن القومي المصري». وتابع موضحاً أن التهديد الإرهابي لم يقتصر على الحدود الغربية فقط، ولكن من الحدود الجنوبية ومن شبه جزيرة سيناء، ومن غزة التي تسيطر عليها حركة حماس.
وعن توقعه احتمال وجود تأثير سلبي على العمالة المصرية في قطر أو على الاستثمارات القطرية في مصر، قال العميد العمدة إن القطيعة مع قطر لو كانت اقتصرت فقط على مصر، لكان الضرر كبيراً، لكن «حينما تتحد عدة دول عربية في اتخاذ مثل هذا القرار، فإن الإيجابيات تكون أكثر من السلبيات».

تهديد الدولة في ليبيا
أما فيما يخص ليبيا، فقال الدكتور محمد الزبيدي، الرئيس السابق للجنة القانونية لمؤتمر القبائل الليبية، إن «محاور النشاط القطري في ليبيا أربعة كلها تسببت في القضاء على فرص عودة الدولة، من بينها دعم التيارات المتطرفة بالمال والسلاح، والوقوف مع قبائل ضد أخرى».
وتابع الزبيدي موضحاً أن المحور الأول انصَبَّ على العمل الإعلامي، حيث كان هدف مجموعة القنوات التلفزيونية المموَّلَة من قطر، إثارة الفتنة في ليبيا، وفبركة الأخبار وتزييف الحقائق ونشر ادعاءات باطلة. أما المحور الثاني فكان يتعلق بخلق أرضية قانونية لما حصل في ليبيا، منذ البداية، وذلك من خلال جلب المساندة الدولية للتنظيمات المتطرفة التي كنت تحارب القذافي. وأضاف: «حين كانت الدول العربية منشغلة بمواجهة ما يعرف بـ(الربيع العربي)، استغلت قطر الفرصة، ومررت قرارات ضد ليبيا، منها تجميد عضويتها في الجامعة العربية، ووقوفها وراء تقديم طلب من الجامعة لمجلس الأمن، ما ترتب عليه تدخل حلف شمال الأطلسي (ناتو) في ليبيا وتدمير المؤسسات ومقدرات الشعب».
وأما عن المحور الثالث للنشاط القطري في ليبيا، وفقاً للزبيدي، فهو التسبب في «تخريب وتمزيق النسيج الاجتماعي بواسطة شراء الذمم بالمال القطري»، إذ ذكر إن الدوحة استدعت وفوداً قبلية ليبية لزيارتها، و«أعطتها هدايا، منها سيارات فاخرة وساعات ذهبية، وأموال سائلة، وهناك من اعترف بهذا علانية بعد عودة هذه الوفود من قطر». وأردف أن هذا أدى لأن يكون هناك دعم قطري لمجموعة من القبائل ضد قبائل أخرى، الأمر الذي ترتب عليه دخول ليبيا في حرب قبلية ما زالت نتائجها ماثلة للعيان، إلى الآن.
واختتم، قائلاً، وفي ما يخص المحور الرابع الذي عملت عليه قطر، فهو دعم الميليشيات المؤدلجة التابعة لما يعرف بالتيار الإسلامي، بالمال والسلاح. «وهذا موثق بالصوت والصورة.. وأسهم في زعزعة الاستقرار والتأثير بالسلب على دول الجوار». وأعلن البرلمان الليبي والجيش، موقفاً واضحاً ضد قطر، بعكس المجلس الرئاسي. وتابع الدكتور الزبيدي إن تأخر «الرئاسي» في تحديد موقفه، يرجع إلى أنه ما زال في قبضة المتطرفين، مضيفاً أن تنظيم القاعدة، و«الجماعة الليبية المقاتلة» وجماعة الإخوان، كلهم يدينون بالولاء لقطر، وهم المهيمنون على المجلس الرئاسي حتى الآن.



نيتومبو ندايتواه... أول امرأة تترأس ناميبيا

نيتومبو ندايتواه... أول امرأة تترأس ناميبيا
TT

نيتومبو ندايتواه... أول امرأة تترأس ناميبيا

نيتومبو ندايتواه... أول امرأة تترأس ناميبيا

سطرت نيتومبو ناندي ندايتواه، 72 عاماً، اسمها في التاريخ بوصفها أول امرأة تتولى رئاسة ناميبيا منذ استقلال البلاد عام 1990، بعدما حصدت 57 في المائة من الأصوات في الانتخابات الرئاسية التي جرت نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، فيما حصل أقرب منافسيها باندوليني إيتولا على 26 في المائة فقط من الأصوات. شكَّل فوز نيتومبو الملقبة بـ«NNN»، حلقةً جديدةً في حياة مليئة بالأحداث، عاشتها المرأة التي ناضلت ضد الاحتلال، واختبرت السجن والنفي في طفولتها، قبل أن تعود لتثبت نفسها بصفتها واحدة من أبرز النساء في السياسة الناميبية وقيادية فاعلة في الحزب الحاكم «سوابو».

في أول مؤتمر صحافي لها، بعد أسبوع من إعلان فوزها بالانتخابات الرئاسية، تعهدت نيتومبو، التي ستتولى منصبها رسمياً في مارس (آذار) المقبل، بإجراء «تحولات جذرية» لإصلاح مستويات الفقر والبطالة المرتفعة في ناميبيا، الدولة الواقعة في الجنوب الأفريقي، والتي يبلغ عدد سكانها ثلاثة ملايين نسمة.

نيتومبو أشارت إلى أنها قد تنحو منحى مختلفاً بعض الشيء عن أسلافها في حزب «سوابو» الذي يحكم ناميبيا منذ استقلالها عن جنوب أفريقيا في عام 1990. وقالت نيتومبو: «لن يكون الأمر كالمعتاد، يجب أن نُجري تحولات جذرية من أجل شعبنا».

لم توضح نيتومبو طبيعة هذه التحولات الجذرية التي تعتزم تنفيذها، وإن أشارت إلى «إصلاح الأراضي، وتوزيع أكثر عدالة للثروة». وبينما يصنف البنك الدولي ناميبيا على أنها دولة ذات «دخل متوسط»، فإنها تعد واحدة من أكثر الدول التي تعاني من عدم المساواة في توزيع الدخل على مستوى العالم، مع ارتفاع مستويات الفقر التي ترجع جزئياً إلى إرث عقود الفصل العنصري وحكم الأقلية البيضاء.

ووفق تقرير رسمي من البنك الدولي صدر عام 2021 فإن «43 في المائة من سكان ناميبيا يعيشون فقراً متعدد الأبعاد». وهو مؤشر يأخذ في الاعتبار عوامل عدة إلى جانب الدخل، من بينها الوصول إلى التعليم والخدمات العامة.

ولأن طريق نيتومبو السياسي لم يكن أبداً ممهداً، لم يمر إعلان فوزها بالانتخابات دون انتقادات. وقالت أحزاب المعارضة إنها ستطعن على نتيجة الانتخابات الرئاسية، متحدثةً عن «صعوبات فنية وقمع ضد الناخبين». لكنَّ نيتومبو، المعروفة بين أقرانها بـ«القوة والحزم»، تجاهلت هذه الادعاءات، واحتفلت بالفوز مع أعضاء حزبها، وقالت: «أنا لا أستمع إلى هؤلاء المنتقدين».

نشأة سياسية مبكرة

وُلدت نيتومبو في 29 أكتوبر (تشرين الأول) عام 1952 في قرية أوناموتاي، شمال ناميبيا، وهي التاسعة بين 13 طفلاً، وكان والدها رجل دين ينتمي إلى الطائفة الأنغليكانية. وفي طفولتها التحقت نيتومبو بمدرسة «القديسة مريم» في أوديبو. ووفق موقع الحزب الحاكم «سوابو» فإن «نيتومبو مسيحية مخلصة»، تؤمن بشعار «قلب واحد وعقل واحد».

في ذلك الوقت، كانت ناميبيا تعرف باسم جنوب غرب أفريقيا، وكان شعبها تحت الاحتلال من دولة «جنوب أفريقيا»، مما دفع نيتومبو إلى الانخراط في العمل السياسي، والانضمام إلى «سوابو» التي كانت آنذاك حركة تحرير تناضل ضد سيطرة الأقلية البيضاء، لتبدأ رحلتها السياسية وهي في الرابعة عشرة من عمرها.

في تلك السن الصغيرة، أصبحت نيتومبو ناشطة سياسية، وقائدة لرابطة الشباب في «سوابو»، وهو ما أهّلها فيما بعد لتولي مناصب سياسية وقيادية، لكنها تقول إنها آنذاك «كانت مهتمة فقط بتحرير بلدها من الاحتلال»، مشيرةً في حوار مصوَّر نُشر عبر صفحتها على «فيسبوك» في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، إلى أن «السياسة جاءت فقط بسبب الظروف، التي لو اختلفت ربما كنت أصبحت عالمة».

شاركت نيتومبو في حملة «ضد الجَلْد العلنيّ»، الذي كان شائعاً في ظل نظام الفصل العنصري، وكان نشاطها السياسي سبباً في إلقاء القبض عليها واحتجازها، عدة أشهر عام 1973، وهي ما زالت طالبة في المرحلة الثانوية. ونتيجة ما تعرضت له من قمع واضطهاد، فرَّت نيتومبو إلى المنفى عام 1974، وانضمت إلى أعضاء «سوابو» الآخرين هناك، واستكملت نضالها ضد الاحتلال من زامبيا وتنزانيا، قبل أن تنتقل إلى المملكة المتحدة لاستكمال دراستها.

تدرجت نيتومبو في مناصب عدة داخل «سوابو»، فكانت عضواً في اللجنة المركزية للحركة من عام 1976 إلى عام 1986، والممثلة الرئيسية للحركة في لوساكا من عام 1978 إلى عام 1980. والممثلة الرئيسية لشرق أفريقيا، ومقرها في دار السلام من عام 1980 إلى عام 1986.

درست نيتومبو في كلية غلاسكو للتكنولوجيا، وحصلت على دبلوم في الإدارة العامة والتنمية عام 1987، ودبلوم العلاقات الدولية عام 1988، ودرجة الماجستير في الدراسات الدبلوماسية عام 1989 من جامعة كيل في المملكة المتحدة، كما حصلت على دبلوم في عمل وممارسة رابطة الشبيبة الشيوعية التابعة للاتحاد السوفياتي، من مدرسة «لينين كومسومول العليا» في موسكو.

ونالت الكثير من الأوسمة، من بينها وسام النسر الناميبي، ووسام «فرانسيسكو دي ميراندا بريميرا كلاس» من فنزويلا، والدكتوراه الفخرية من جامعة دار السلام بتنزانيا.

تزوجت نيتومبو عام 1983 من إيبافراس دينجا ندايتواه، وكان آنذاك شخصية بارزة في الجناح المسلح لجيش التحرير الشعبي في ناميبيا التابع لـ«سوابو»، وتولى عام 2011 منصب قائد قوات الدفاع الناميبية، وظل في المنصب حتى تقاعده في عام 2013، ولديها ثلاثة أبناء.

العودة بعد الاستقلال

بعد 14 عاماً من فرار نيتومبو إلى المنفى، وتحديداً في عام 1988، وافقت جنوب أفريقيا على استقلال ناميبيا، لتعود نيتومبو إلى وطنها، عضوة في حزب «سوابو» الذي يدير البلاد منذ الاستقلال.

تدرجت نيتومبو في المناصب وشغلت أدواراً وزارية عدة، في الشؤون الخارجية والسياحة ورعاية الطفل والمعلومات. وعُرفت بدفاعها عن حقوق المرأة.

وعام 2002 دفعت بقانون عن العنف المنزلي إلى «الجمعية الوطنية»، وهو القانون الذي يعد أحد أبرز إنجازاتها، حيث دافعت عنه بشدة ضد انتقادات زملائها، ونقلت عنها وسائل إعلام ناميبية في تلك الفترة تأكيدها أن الدستور يُدين التمييز على أساس الجنس.

وواصلت صعودها السياسي، وفي فبراير (شباط) من العام الماضي، أصبحت نائبة رئيس ناميبيا. كانت أول امرأة تشغل مقعد نائب رئيس حزب «سوابو» بعدما انتخبها مؤتمر الحزب في عام 2017 وأعيد انتخابها في مؤتمر الحزب نوفمبر 2022، مما أهَّلها لتكون مرشحة الحزب للرئاسة عام 2024، خلفاً للرئيس الحاج جينجوب، الذي توفي خلال العام الماضي، وتولى رئاسة البلاد مؤقتاً نانجولو مبومبا.

صعوبات وتحديات

لم تكن مسيرة نيتومبو السياسية مفروشة بالورود، إذ اتُّهمت في فترة من الفترات بدعم فصيل منشق في حزب «سوابو» كان يسعى لخلافة سام نجوما أول رئيس لناميبيا بعد الاستقلال، لكنها سرعان ما تجاوزت الأزمة بدعم من هيفيكيبوني بوهامبا، خليفة نجوما.

يصفها أقرانها بأنها قادرة على التعامل مع المواقف الصعبة بطريقة غير صدامية. خلال حياتها السياسية التي امتدّت لأكثر من نصف قرن أظهرت نيتومبو أسلوباً عملياً متواضعاً في القيادة، ولم تتورط -حسب مراقبين- في فضائح فساد، مما يمنحها مصداقية في معالجة مثل هذه الأمور، لكنَّ انتماءها منذ الطفولة إلى «سوابو»، وعملها لسنوات من خلاله، لا ينبئ بتغييرات سياسية حادة في إدارة البلاد، وإن تعهَّدت نيتومبو بذلك.

ويرى مراقبون أنها «لن تبتعد كثيراً عن طريق الحزب، ولن يشكل وجودها على سدة الحكم دعماً أكبر للمرأة». وأشاروا إلى أن نيتومبو التي كانت رئيسة المنظمة الوطنية الناميبية للمرأة (1991-1994)، والمقررة العامة للمؤتمر العالمي الرابع المعنيّ بالمرأة في عام 1995 في بكين، ووزيرة شؤون المرأة ورعاية الطفل 2000-2005، «لا يمكن وصفها بأنها نسوية، وإن دافعت عن بعض حقوق النساء».

خلال الانتخابات قدمت نيتومبو نفسها بوصفها «صوتاً حازماً يتمحور حول الناس، وزعيمة سياسية وطنية، مخلصة للوحدة الأفريقية، مناصرةً لحقوق المرأة والطفل والسلام والأمن والبيئة»، وتبنت خطاباً يضع الأوضاع المعيشية في قمة الأولويات، متعهدةً بـ«خلق 250 ألف فرصة عمل خلال السنوات الخمس المقبلة» ليتصدر هذا التعهد وسائل الإعلام الناميبية، لكن أحداً لا يعرف إن كانت ستنجح في تنفيذ تعهدها أم لا.

تبدأ نيتومبو فترة حكمها بصراعات سياسية مع أحزاب المعارضة التي انتقدت نتيجة الانتخابات التي جعلتها رئيسة لناميبيا، تزامناً مع استمرار تراجع شعبية الحزب الحاكم. وفي الوقت نفسه تواجه نيتومبو عقبات داخلية في ظل ظروف اقتصادية صعبة يعيشها نحو نصف السكان، مما يجعل مراقبون يرون أنها أمام «مهمة ليست بالسهلة، وأن عليها الاستعداد للعواصف».

ويندهوك عاصمة ناميبيا (أدوب ستوك)

حقائق

ناميبيا بلد الماس... و43% من سكانه يعيشون تحت خط الفقر

في أقصى جنوب غربي القارة الأفريقية تقع دولة ناميبيا التي تمتلك ثروات معدنية كبيرة، بينما يعيش ما يقرب من نصف سكانها فقراً متعدد الأبعاد.ورغم مساحة ناميبيا الشاسعة، فإن عدد سكانها لا يتجاوز 3 ملايين نسمة؛ ما يجعلها من أقل البلدان كثافة سكانية في أفريقيا، كما أن بيئتها القاسية والقاحلة تصعّب المعيشة فيها. ومن الجدير بالذكر أن البلاد هي موطن صحراء كالاهاري وناميب.وفقاً لموقع حكومة ناميبيا، فإن تاريخ البلاد محفور في لوحات صخرية في الجنوب، «يعود بعضها إلى 26000 عام قبل الميلاد»، حيث استوطنت مجموعات عرقية مختلفة، بينها «سان يوشمن»، و«البانتو» وأخيراً قبائل «الهيمبا» و«هيريرو» و«ناما»، أرض ناميبيا الوعرة منذ آلاف السنين.ولأن ناميبيا كانت من أكثر السواحل القاحلة في أفريقيا؛ لم يبدأ المستكشفون وصيادو العاج والمنقبون والمبشرون بالقدوم إليها؛ إلا في منتصف القرن التاسع عشر، لتظل البلاد بمنأى عن اهتمام القوى الأوروبية إلى حدٍ كبير حتى نهاية القرن التاسع عشر عندما استعمرتها ألمانيا، بحسب موقع الحكومة الناميبية.سيطرت ألمانيا على المنطقة التي أطلقت عليها اسم جنوب غربي أفريقيا في أواخر القرن التاسع عشر، وأدى اكتشاف الماس في عام 1908 إلى تدفق الأوروبيين إلى البلاد، وتعدّ ناميبيا واحدة من أكبر 10 دول منتجة للماس الخام في العالم، وتنتج وفق التقديرات الدولية نحو مليونَي قيراط سنوياً.شاب فترة الاستعمار صراعات عدة، وتمرد من السكان ضد المستعمر، تسبَّبا في موت عدد كبير، لا سيما مع إنشاء ألمانيا معسكرات اعتقال للسكان الأصليين، وعام 1994 اعتذرت الحكومة الألمانية عن «الإبادة الجماعية» خلال فترة الاستعمار.ظلت ألمانيا تسيطر على ناميبيا، التي كانت تسمى وقتها «جنوب غربي أفريقيا» حتى الحرب العالمية الأولى، التي انتهت باستسلام ألمانيا، لتنتقل ناميبيا إلى تبعية جنوب أفريقيا، فيما تعتبره الدولة «مقايضة تجربة استعمارية بأخرى»، وفق موقع الحكومة الناميبية.في عام 1966، شنَّت المنظمة الشعبية لجنوب غرب أفريقيا (سوابو)، حرب تحرير، وناضلت من أجل الاستقلال، حتى وافقت جنوب أفريقيا في عام 1988 على إنهاء إدارة الفصل العنصري. وبعد إجراء الانتخابات الديمقراطية في عام 1989، أصبحت ناميبيا دولة مستقلة في 21 مارس (آذار) 1990، وأصبح سام نجوما أول رئيس للبلاد التي ما زال يحكمها حزب «سوابو». وشجعت المصالحة بين الأعراق السكان البيض في البلاد على البقاء، وما زالوا يلعبون دوراً رئيسياً في الزراعة والقطاعات الاقتصادية الأخرى.وتعد ناميبيا دولة ذات كثافة سكانية منخفضة، حيث يعيش على مساحتها البالغة 824 ألف متر مربع، نحو ثلاثة ملايين نسمة. ويشير البنك الدولي، في تقرير نشره عام 2021، إلى أن ناميبيا «دولة ذات دخل متوسط»، لكنها تحتل المركز الثالث بين دول العالم من حيث عدم المساواة في توزيع الدخل، حيث يمتلك 6 في المائة فقط من السكان نحو 70 في المائة من الأملاك في البلاد، وتعيش نسبة 43 في المائة من سكان ناميبيا في «فقر متعدد الأبعاد». وتدير ثروات البلاد الطبيعية من الماس والمعادن شركات أجنبية.وتمتلك ناميبيا ثروة برية كبيرة، لكنها تعاني بين الحين والآخر موجات جفاف، كان آخرها الصيف الماضي، ما اضطرّ الحكومة إلى ذبح أكثر من 700 حيوان بري من أجناس مختلفة، بينها أفراس نهر، وفيلة، وجواميس وحمير وحشية، وهو إجراء ووجه بانتقادات من جانب جمعيات البيئة والرفق بالحيوان، لكن حكومة ناميبيا دافعت عن سياستها، مؤكدة أنها تستهدف «إطعام السكان الذين يعانون الجوع جراء أسوأ موجة جفاف تضرب البلاد منذ عقود».ووفق برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة منتصف العام الحالي، فإن «نحو 1.4 مليون ناميبي، أي أكثر من نصف السكان، يعانون انعداماً حاداً في الأمن الغذائي، مع انخفاض إنتاج الحبوب بنسبة 53 في المائة ومستويات مياه السدود بنسبة 70 في المائة مقارنة بالعام الماضي».