معرض للأسلحة والألبسة الحربية الإسلامية في فلورنسا

سقوط القسطنطينية أول برهان على أهمية استعمال سلاح المدفعية

من غرفة الأسلحة الإسلامية (متحف فريدريك ستيبرت)، أسلحة وعتاد من المعرض (أرشيف متحف فريدريك ستيبرت)
من غرفة الأسلحة الإسلامية (متحف فريدريك ستيبرت)، أسلحة وعتاد من المعرض (أرشيف متحف فريدريك ستيبرت)
TT

معرض للأسلحة والألبسة الحربية الإسلامية في فلورنسا

من غرفة الأسلحة الإسلامية (متحف فريدريك ستيبرت)، أسلحة وعتاد من المعرض (أرشيف متحف فريدريك ستيبرت)
من غرفة الأسلحة الإسلامية (متحف فريدريك ستيبرت)، أسلحة وعتاد من المعرض (أرشيف متحف فريدريك ستيبرت)

هذه المرة لا تحتضن مدينة فلورنسا العريقة بوسط إيطاليا ومهد النهضة الأوروبية معرض الأزياء الجديدة أو الأشياء والتحف العتيقة (أنتيكا) أو الذكرى الـ150 لولادة الكاتب المعروف غابرييل داننزيو أو الموسيقار ريتشارد شتراوس، بل معرضا فريدا من نوع خاص في أوروبا هو معرض الأسلحة والألبسة للجيوش الإسلامية من عهود المماليك والإيرانيين والدولة العثمانية. افتتح المعرض مؤخرا في متحف فريدريك ستيبرت في ضاحية قريبة، وسيستمر حتى شهر نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل.
أسس المتحف محارب وباحث إنجليزي عاش في فلورنسا وسمي باسمه، ويحتوي على قسم نادر للتحف والأسلحة الإسلامية في أوروبا بأجمعها، إذ ترى فيه براعة الحرفيين في نهاية القرون الوسطى وبدء عصر النهضة والتقنيات المبتكرة في تلك الأيام وكيفية استخدام المعادن وصقل الأحجار الثمينة. رأينا خلال الجولة في المتحف ألبسة وأسلحة وتصاوير منمقة من عهود المماليك والتركمان والمسلمين في شمال الهند والمغول والفرس والعثمانيين، وتحفا مصنوعة من الفضة أو الذهب الخالص والبنادق وكذلك السيوف والدروع التي استحوذ عليها ستيبرت من مركز القديسة ايرين في اسطنبول، والتي يعود زمنها إلى القرن الخامس عشر حتى الثامن عشر. يذهل الزائر حين يشاهد مدى دقة الصناعة والنوعية العالية للألبسة والدروع التي كان المحاربون يستخدمونها في ساحة المعارك لتحفظ سلامتهم وتتيح لهم الحركة والدفاع والانقضاض.
يرى الزائر في المعرض كيف كانت تقاليد الحرب والفروسية أيام حكم المماليك، وكيف وصل المحارب المسلم آنذاك إلى ذروة التقدم في الفنون العسكرية، فهناك دليل للصحة البدنية وتمارين استعمال السلاح وركوب الخيل. برع سلاطين المماليك في تعبئة مواطنيهم وتحفيزهم على إتقان التمارين القتالية واحترامهم للمقاتلين البارعين الذين يثبتون مهارتهم. وحين وصل الأتراك إلى الذروة أيام حكم العثمانيين نجد نماذج من الأسلحة التي استخدمت أثناء عهد السلطان الفاتح محمد الثاني والسلطان سليمان القانوني وبنادق فرقة الانكشارية، أما الألبسة فصنعت إما من ربط الخواتم المسطحة ببعضها البعض أو من الفولاذ مع سترة من الحديد لتتيح أكبر قدر من الحماية دون أن تحد من حركة المحارب. وحين سيطر الأتراك على بلاد الفرس ظهرت صناعات حربية في أوج التقدم والنوعية الجيدة، وتحف مثل العصا وعليها رأس الثور، والدرع بأربع عيون ومرايا، والسوار المطعم بالنحاس والذهب.
في شمال الهند تقدم الفن الإسلامي خلال عهد المغول، فتطور فن الزخرفة، وأصبحت التحف والأحجار الكريمة ترمز إلى أهمية وارتفاع قدر صاحبها، كما أن الألبسة والمنمنمات في منطقة القوقاز المسلم تدل، بالإضافة إلى إتقانها الفني، على التقدم في مزج الحضارات والتناغم والانسجام في الأساليب المتنوعة السائدة في تلك المنطقة.
يضاهي المعرض مثيلاته في فلورنسا التي تهتم بالفن والتحف عبر العصور، فالمدينة نفسها صغيرة نسبيا، وهي بمثابة متحف تطالعك فيه التماثيل والمتاحف المشهورة واللوحات الخالدة لكبار الفنانين. أما المعرض الحالي فسيتذكر التاريخ وكيفية صنع السلاح في القرنيين الـ15 والـ16 والخوذات المتطورة التي تقي المحاربين التي اخترعها العثمانيون ولبسها في ما بعد الجنود الألمان في حروبهم ضد الإنجليز بدءا من عام 1618. وكان العثمانيون أول من استعمل المدفعية في معركة كوسوفو عام 1389، وكان سقوط القسطنطينية ونهاية الإمبراطورية البيزنطية والقرون الوسطى في مثل هذا الشهر الحالي عام 1453 دليلا على أهمية استعمال سلاح المدفعية، ثم طوروه في عهد السلطان بايزيد الثاني حين ساعد اليهود الهاربون من إسبانيا ومحاكم التفتيش المسيحية على صنع المدافع الجديدة، وجربت الدولة العلوية العثمانية بنجاح سلاح المدفعية في البوسنة وصربيا وإيطاليا وألمانيا كما استعادت بغداد من الفرس عام 1638، وأقامت حكمها في جزيرة القرم لمدة 342 سنة حتى احتلال روسيا لها عام 1783.
يذكرنا المعرض الحالي بالأسلحة المعروضة بقصر توبكابي الشهير في إسطنبول والبنادق العثمانية في المتحف الحربي بباريس. ولمتحف ستيبرت قصة، فقد جاءت العائلة من إنجلترا إلى إيطاليا بعد أن حارب والد مؤسس المتحف الحالي جيوش نابليون في إسبانيا، وولد فريدريك ستيبرت في فلورنسا عام 1838 وتلقى علومه في جامعة كمبردج بإنجلترا، لكنه فضل العيش في مسقط رأسه، ثم التحق بقوات غاريبالدي موحد إيطاليا وحارب معه في شمال البلاد في إقليم ترينتينو ونال وساما رفيعا، ثم أضاف العديد من القطع الثمينة لمجموعة العائلة وحول الفيلا التي يقطنها إلى متحف بعد إقامة الوحدة الإيطالية عام 1870 ووهب داره إلى مدينة فلورنسا بعد وفاته عام 1906. يحتوي المتحف حاليا على خمسين ألف قطعة موزعة على 47 غرفة، وفيه مجموعة نادرة للأسلحة اليابانية والأوروبية (من أروعها قاعة الفرسان) والأزياء القديمة وأعمال الخزف واللوحات الفنية التي قضى ستيبرت حياته في تجميعها.
قبل الخروج من هذا المعرض النفيس سمعت أحد العاملين في المتحف يتحدث مع زميلته عن تاريخ فلورنسا وعلاقة العثمانيين بإيطاليا قبل الوحدة والاتصالات التي كانت تجري بين ملكة فرنسا كاثرين دي ميديتشي، وهي من العائلة النبيلة التي كانت تحكم فلورنسا في القرون الوسطى، ونور بانو (1525 - 1583) والدة السلطان العثماني سليم الثاني التي كانت تحابي جمهورية البندقية (فينيسيا)، مما أثار غضب جمهورية جنوا فصار الناس فيها يفزعون من الأتراك ويصيح أطفالهم خائفين «يا أمي جاء الأتراك!» (ماما ليه توركي بالإيطالية).
يثير المعرض الاهتمام بالتاريخ بحسناته وسيئاته لكنه يفسح المجال خاصة لليافعين للتعرف على تطورات الأحداث ويقرب بين الشعوب ويبرهن على أن الجيران يقتبسون ويتعلمون من بعضهم البعض، فهذا هو جوهر الحضارة.



إشادة بانفتاح السعودية على تقديم الفن الراقي

نجوم حفل روائع الموجي في ضيافة المستشار تركي آل الشيخ «فيسبوك»
نجوم حفل روائع الموجي في ضيافة المستشار تركي آل الشيخ «فيسبوك»
TT

إشادة بانفتاح السعودية على تقديم الفن الراقي

نجوم حفل روائع الموجي في ضيافة المستشار تركي آل الشيخ «فيسبوك»
نجوم حفل روائع الموجي في ضيافة المستشار تركي آل الشيخ «فيسبوك»

شهدت الرياض وجدة فعاليات مسرحية وغنائية عقب انتهاء شهر رمضان، انطلقت مع عيد الفطر واستقطبت مشاركات مصرية لافتة، منها مسرحية «حتى لا يطير الدكان»، من بطولة الفنانَيْن أكرم حسني ودرة، في موسمها الثاني على مسرح «سيتي ووك جدة»؛ إلى عرض ستاند أب كوميدي «ذا إيليت» المقام على «مسرح محمد العلي» بالرياض، بينما شاركت الفنانة المصرية أنغام بحفلات «عيد القصيم»، والفنان عمرو دياب بحفلات «عيد جدة».
وتشهد العاصمة السعودية حفل «روائع الموجي»، الذي تحييه نخبة من نجوم الغناء، بينهم من مصر، أنغام وشيرين عبد الوهاب ومي فاروق، بالإضافة إلى نجوم الخليج ماجد المهندس وعبادي الجوهر وزينة عماد، مع صابر الرباعي ووائل جسار، بقيادة المايسترو وليد فايد وإشراف فني يحيى الموجي، ومشاركة الموسيقار رمزي يسى.
عن هذا الحفل، يعلّق الناقد الفني المصري طارق الشناوي لـ«الشرق الأوسط»: «نشجّع تكريس الكلمة الرائعة والنغم الأصيل، فحضور نجوم مصر في فعاليات المملكة العربية السعودية، يشكل حالة تكامل من الإبداع»، معرباً عن غبطته بمشهدية الزخم الفني، التي يواكبها في الرياض وجدة.
ووفق «جمعية المؤلفين والملحنين الرسمية» في مصر، ورصيد محمد الموجي، صاحب مقولة «أنا لا أعمل كالآلة تضع فيها شيئاً فتخرج لحناً؛ إنها مشاعر وأحاسيس تحتاج إلى وقت ليخرج اللحن إلى النور»، قد وصل إلى 1800 لحن، ليعلّق رئيسها مدحت العدل لـ«الشرق الأوسط» بالتأكيد على أنّ «الاحتفاء بالرموز الفنية من (الهيئة العامة للترفيه)، كاحتفالية الموجي، أمر غاية في الرقي ويدعو للفخر»، موجهاً التقدير للجميع في المملكة على النهضة الفنية الكبيرة.
واستكمالاً لسلسلة الفعاليات الفنية، فإنّ مدينة جدة على موعد مع حفلين للفنان تامر عاشور يومي 5 و6 مايو (أيار) الحالي، بجانب حفل الفنانَيْن محمد فؤاد وأحمد سعد نهاية الشهر عينه. وعن المشاركات المصرية في الفعاليات السعودية، يشير الناقد الموسيقي المصري محمد شميس، إلى أنّ «القائمين على مواسم المملكة المختلفة يحرصون طوال العام على تقديم وجبات فنية ممتعة ومتنوعة تلائم جميع الأذواق»، مؤكداً أنّ «ما يحدث عموماً في السعودية يفتح المجال بغزارة لحضور الفنانين والعازفين والفرق الموسيقية التي ترافق النجوم من مصر والعالم العربي». ويلفت شميس لـ«الشرق الأوسط» إلى أنّ «هذا التنوع من شأنه أيضاً إتاحة مجال أوسع للمبدعين العرب في مختلف الجوانب، التي تخصّ هذه الحفلات، وفرصة لاستقطاب الجمهور للاستمتاع بها بشكل مباشر أو عبر إذاعتها في القنوات الفضائية أو المنصات الإلكترونية»، معبّراً عن سعادته بـ«الحراك الفني الدائم، الذي تشهده المملكة، بخاصة في الفن والثقافة وتكريم الرموز الفنية والاحتفاء بهم».
وشهد «مسرح أبو بكر سالم» في الرياض قبيل رمضان، الحفل الغنائي «ليلة صوت مصر»، من تنظيم «الهيئة العامة للترفيه»، احتفالاً بأنغام، إلى تكريم الموسيقار المصري هاني شنودة في حفل بعنوان «ذكريات»، شارك في إحيائه عمرو دياب وأنغام، بحضور نخبة من نجوم مصر، كما أعلن منذ أيام عن إقامة حفل للفنانة شيرين عبد الوهاب بعنوان «صوت إحساس مصر».
مسرحياً، يستعد الفنان المصري أحمد عز لعرض مسرحيته «هادي فالنتين» في موسمها الثاني، ضمن فعاليات «تقويم جدة» على مسرح «سيتي ووك‬» بين 3 و6 مايو (أيار) الحالي. وعنه كان قد قال في حوار سابق مع «الشرق الأوسط»، إنّ «الحراك الثقافي الذي تشهده المملكة يفتح آفاقاً وفرصاً متنوعة للجميع لتقديم المزيد من الفن الراقي».