«الحساب يجمع»... عالم أسرار الخادمات واستغلال الفقراء

يسرا {تسرق} أحد بيوت زبائنها الأثرياء لسداد ديونها

يسرا في مشهد من مسلسل «الحساب يجمع» - أبطال «الحساب يجمع»
يسرا في مشهد من مسلسل «الحساب يجمع» - أبطال «الحساب يجمع»
TT

«الحساب يجمع»... عالم أسرار الخادمات واستغلال الفقراء

يسرا في مشهد من مسلسل «الحساب يجمع» - أبطال «الحساب يجمع»
يسرا في مشهد من مسلسل «الحساب يجمع» - أبطال «الحساب يجمع»

يدخل المسلسل المصري «الحساب يجمع» للنجمة المصرية يسرا، إلى أحياء مصر الشعبية بحاراتها وأزّقتها البسيطة، ويستعرض هذه المرة حياة الفقراء والمحتاجين من خلال عالم الخادمات. ويبتكر مخرجه هاني خليفة، في إظهار حياة المحتاجين للمال ورغبتهم في تلبية احتياجات أسرهم بالدخول إلى عوالمهم والتفكير بمنطقهم، وكيف تفرض الحاجة على الإنسان القيام بالمستحيل للتحرر من ذل الفقر.
المعالجة الدرامية لمؤلفي العمل، الثنائي محمد رجاء وإياد عبد المجيد، كانت واضحة في ابتكار لغة للحوار من خلال نماذج واقعية عاشت في منطقة الوراق (شمال القاهرة)، من خلال أحاديثهم في المقاهي، ورسم شخصيات العمل بملابسهم الفقيرة والرثة، وتصويرهم الحالة النفسية لممثليه ووقوعهم تحت وطأة الديون و«إيصالات الأمانة»، إلى طمع أغنياء الحي الذين يستغلون المديونين من سكان الأحياء الشعبية الفقيرة، وعجزهم عن تسديد ديونهم، وإجبارهم على التنازل عن مسكنهم بعد التهديد بإدخالهم إلى السجن.
المسلسل يعالج قضايا عدة في حلقاته الاثنتي عشرة الفائتة؛ ومن الحلقة الأولى إلى الحلقة العاشرة تتعرض «نعيمة» (يسرا) لكثير من المشكلات بسبب عجزها عن سداد ديونها وأقساطها لـ«فتحي» (ياسر ماهر)، البالغة 140 ألف جنيه، ليلجأ إلى تهديدها بالسجن أو بالزواج منه، لتختار الزواج، وفي ليلة زفافهما يقتل فتحي على يد ابنه مدمن المخدرات، وتُتّهم يسرا بقتله، هي وابن أخيها «كرم» (كريم فهمي)، ويحكم عليها بالسجن، لتخرج بعد أن يكشف ابن فتحي الثاني «نور» (محمود عبد المغني)، عن أخيه، القاتل الحقيقي، ليس حبا في إظهار العدالة بل طمعا في الاستيلاء على ما تركه والدهما من ميراث.
الحلقة من التاسعة إلى الثانية عشرة تتناول صراع «نعيمة» لتأمين المبلغ ودفعه لوالد «نور» القتيل الذي يهددها بديونها وإيصالات الأمانة، كما يهدد أهل المنطقة جميعاً بالسجن أو بيع منازلهم المطلة على النيل لإنشاء مشروعات استثمارية كبيرة؛ وبناء فنادق عائمة ومطاعم فاخرة؛ فيلجأ إلى ابتزاز الأهالي بترهيبهم، فتضطر يسرا إلى سرقة أحد بيوت ميسوري الحال بالاتفاق مع إحدى الخادمات (سماح)، وتدخل في صراع بين تأنيب الضمير وفك ضيقتها أو السجن وضياع عائلتها وبيتها.
«الحساب يجمع» يتناول أيضاً زاوية وقضية اجتماعية مهمة في المجتمع المصري وهي «عالم الأعمال والتسويق التجاري عبر الإنترنت»، وطرق استغلال الفتيات والشباب الباحثين عن عمل، ولجوءهم إلى أسوأ الأساليب للتحكم بهم. ويتجسد ذلك في «منّة» ابنة نعيمة (إيمان العاصي) التي تجسد شريحة كبيرة من خريجي الجامعات ورواد وسائل التواصل الاجتماعي الطامحين إلى العمل والشهرة.
يستعرض المسلسل في مجمله أحوال الحارة الشعبية وما يدور في عالم البيوت الثرية داخل مصر، بأدق تفاصيل حياة الأثرياء وحياة فتيات الشوارع، وكيف يعشن بلا مأوى إلّا من وُفّرت لهن حياة كريمة. كما يتناول أيضاً ظاهرة استخدام الأطفال في أعمال الخدمة المنزلية بسبب فقر أسرهم وعدم قدرتهم على تعليمهم في سن صغيرة.
أغنية «بكرة الحساب يجمع» تتر المسلسل للفنانة بوسي، وكلمات مدحت العدل، وألحان محمد رحيم، جاءت معبرة عن الحالة العامة في المسلسل بأن الحرام لا ينفع والفساد لن يدوم، وسيطرة رأس المال وتحكمه في مصائر الفقراء.
صوّر المسلسل في أماكن خُصّصت ببناء ديكورات تتناسب والأحياء الفقيرة على شاطئ النيل في جزيرة الوراق، حيث صوّرت غالبية المشاهد، وهي تشمل 3 مبانٍ أنشئت بالكامل، وسوقا شعبية تضم أكثر من 12 متجراً، إضافة إلى 3 استراحات ومقاهٍ شعبية على شاطئ النيل.
مع بدء تصوير المسلسل تقرّر تغيير اسمه من «على سلم الخدامين»، إلى «تحت أمر السيادة»، لينتهي باسم «الحساب يجمع».
مسلسل «الحساب يجمع» يعرض على قنوات «دبي» و«أون إي» و«dmc» و«أوربت مسلسلات»، من بطولة يسرا، وكريم فهمي، ومحمود عبد المغني، وإيمان العاصي، وعايدة رياض، والمطربة بوسي، وندى موسى، وتامر حبيب، وياسر ماهر، ومراد مكرم، والراقصة صفوة، ومن ﺇﺧﺮاﺝ هاني خليفة، وتأليف محمد رجاء، وإياد عبد المجيد، ومن إنتاج «العدل غروب».



بارود «النار بالنار» موهبة صاعدة لفتت المشاهد

عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
TT

بارود «النار بالنار» موهبة صاعدة لفتت المشاهد

عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)

منذ الحلقة الأولى لمسلسل «النار بالنار» لفت تيم عزيز المشاهد في دور (بارود). فهو عرف كيف يتقمص شخصية بائع اليانصيب (اللوتو) بكل أبعادها. فألّف لها قالباً خاصاً، بدأ مع قَصة شعره ولغة جسده وصولاً إلى أدائه المرفق بمصطلحات حفظها متابع العمل تلقائياً.
البعض قال إن دخول تيم عزيز معترك التمثيل هو نتيجة واسطة قوية تلقاها من مخرج العمل والده محمد عبد العزيز، إلا أن هذا الأخير رفض بداية مشاركة ابنه في العمل وحتى دخوله هذا المجال. ولكن المخرج المساعد له حسام النصر سلامة هو من يقف وراء ذلك بالفعل. ويقول تيم عزيز لـ«الشرق الأوسط»: «حتى أنا لم أحبذ الفكرة بداية. لم يخطر ببالي يوماً أن أصبح ممثلاً. توترت كثيراً في البداية وكان همي أن أثبت موهبتي. وفي اليوم الخامس من التصوير بدأت ألمس تطوري».
يحدثك باختصار ابن الـ15 سنة ويرد على السؤال بجواب أقصر منه. فهو يشعر أن الإبحار في الكلام قد يربكه ويدخله في مواقف هو بغنى عنها. على بروفايل حسابه الإلكتروني «واتساب» دوّن عبارة «اخسر الجميع واربح نفسك»، ويؤكد أن على كل شخص الاهتمام بما عنده، فلا يضيع وقته بما قد لا يعود ربحاً عليه معنوياً وفي علاقاته بالناس. لا ينكر أنه بداية، شعر بضعف في أدائه ولكن «مو مهم، لأني عرفت كيف أطور نفسي».
مما دفعه للقيام بهذه التجربة كما يذكر لـ«الشرق الأوسط» هو مشاركة نجوم في الدراما أمثال عابد فهد وكاريس بشار وجورج خباز. «كنت أعرفهم فقط عبر أعمالهم المعروضة على الشاشات. فغرّني الالتقاء بهم والتعاون معهم، وبقيت أفكر في الموضوع نحو أسبوع، وبعدها قلت نعم لأن الدور لم يكن سهلاً».
بنى تيم عزيز خطوط شخصيته (بارود) التي لعبها في «النار بالنار» بدقة، فتعرف إلى باعة اليناصيب بالشارع وراقب تصرفاتهم وطريقة لبسهم وأسلوب كلامهم الشوارعي. «بنيت الشخصية طبعاً وفق النص المكتوب ولونتها بمصطلحات كـ(خالو) و(حظي لوتو). حتى اخترت قصة الشعر، التي تناسب شخصيتي، ورسمتها على الورق وقلت للحلاق هكذا أريدها».
واثق من نفسه يقول تيم عزيز إنه يتمنى يوماً ما أن يصبح ممثلاً ونجماً بمستوى تيم حسن. ولكنه في الوقت نفسه لا يخفي إعجابه الكبير بالممثل المصري محمد رمضان. «لا أفوت مشاهدة أي عمل له فعنده أسلوبه الخاص بالتمثيل وبدأ في عمر صغير مثلي. لم أتابع عمله الرمضاني (جعفر العمدة)، ولكني من دون شك سأشاهد فيلمه السينمائي (هارلي)».
لم يتوقع تيم عزيز أن يحقق كل هذه الشهرة منذ إطلالته التمثيلية الأولى. «توقعت أن أطبع عين المشاهد في مكان ما، ولكن ليس إلى هذا الحد. فالناس باتت تناديني باسم بارود وتردد المصطلحات التي اخترعتها للمسلسل».
بالنسبة له التجربة كانت رائعة، ودفعته لاختيار تخصصه الجامعي المستقبلي في التمثيل والإخراج. «لقد غيرت حياتي وطبيعة تفكيري، صرت أعرف ماذا أريد وأركّز على هدف أضعه نصب عيني. هذه التجربة أغنتني ونظمت حياتي، كنت محتاراً وضائعاً أي اختصاص سأدرسه مستقبلاً».
يرى تيم في مشهد الولادة، الذي قام به مع شريكته في العمل فيكتوريا عون (رؤى) وكأنه يحصل في الواقع. «لقد نسيت كل ما يدور من حولي وعشت اللحظة كأنها حقيقية. تأثرت وبكيت فكانت من أصعب المشاهد التي أديتها. وقد قمنا به على مدى يومين فبعد نحو 14 مشهداً سابقاً مثلناه في الرابعة صباحاً صورنا المشهد هذا، في التاسعة من صباح اليوم التالي».
أما في المشهد الذي يقتل فيه عمران (عابد فهد) فترك أيضاً أثره عنده، ولكن هذه المرة من ناحية الملاحظات التي زوده بها فهد نفسه. «لقد ساعدني كثيراً في كيفية تلقف المشهد وتقديمه على أفضل ما يرام. وكذلك الأمر بالنسبة لكاريس بشار فهي طبعتني بحرفيتها. كانت تسهّل علي الموضوع وتقول لي (انظر إلى عيني). وفي المشهد الذي يلي مقتلها عندما أرمي الأوراق النقدية في الشارع كي يأخذها المارة تأثرت كثيراً، وكنت أشعر كأنها في مقام والدتي لاهتمامها بي لآخر حد»
ورغم الشهرة التي حصدها، فإن تيم يؤكد أن شيئاً لم يتبدل في حياته «ما زلت كما أنا وكما يعرفني الجميع، بعض أصدقائي اعتقد أني سأتغير في علاقتي بهم، لا أعرف لماذا؟ فالإنسان ومهما بلغ من نجاحات لن يتغير، إذا كان معدنه صلباً، ويملك الثبات الداخلي. فحالات الغرور قد تصيب الممثل هذا صحيح، ولكنها لن تحصل إلا في حال رغب فيها».
يشكر تيم والده المخرج محمد عبد العزيز لأنه وضع كل ثقته به، رغم أنه لم يكن راغباً في دخوله هذه التجربة. ويعلق: «استفدت كثيراً من ملاحظاته حتى أني لم ألجأ إلا نادراً لإعادة مشهد ما. لقد أحببت هذه المهنة ولم أجدها صعبة في حال عرفنا كيف نعيش الدور. والمطلوب أن نعطيها الجهد الكبير والبحث الجدّي، كي نحوّل ما كتب على الورق إلى حقيقة».
ويشير صاحب شخصية بارود إلى أنه لم ينتقد نفسه إلا في مشاهد قليلة شعر أنه بالغ في إبراز مشاعره. «كان ذلك في بداية المسلسل، ولكن الناس أثنت عليها وأعجبت بها. وبعدما عشت الدور حقيقة في سيارة (فولسفاكن) قديمة أبيع اليانصيب في الشارع، استمتعت بالدور أكثر فأكثر، وصار جزءاً مني».
تيم عزيز، الذي يمثل نبض الشباب في الدراما اليوم، يقول إن ما ينقصها هو تناول موضوعات تحاكي المراهقين بعمره. «قد نجدها في أفلام أجنبية، ولكنها تغيب تماماً عن أعمالنا الدرامية العربية».