واصلت «قوات سوريا الديمقراطية» المدعومة من التحالف الدولي لمحاربة الإرهاب يوم أمس تقدمها داخل أحياء مدينة الرقة، عاصمة ومعقل تنظيم داعش في الشمال السوري. وفي حين اكتفى التنظيم المتطرف باتخاذ وضعية الدفاع مستخدما الألغام والقناصة في الرقة، أصر على مواصلة الهجوم في مدينة دير الزور، حيث أفاد ناشطون عن تقدم يحققه على حساب قوات النظام التي قتلت بالتعاون مع موسكو أكثر من 100 عنصر منه خلال 5 أيام.
وأفاد مصدر قيادي كردي بـ«تقدم سريع» تحققه «قسد» داخل مدينة الرقة التي وصلتها الثلاثاء، وقال لـ«الشرق الأوسط»، إن هذه القوات سيطرت على أحياء عدة في الجهة الشمالية والشمالية الشرقية. وقال «المرصد السوري لحقوق الإنسان»: إن قوات عملية «غضب الفرات» وبالتحديد «قوات سوريا الديمقراطية» التي تشكل وحدات الحماية الكردية عمودها الفقري و«قوات النخبة السورية»، تعملان على تثبيت نقاط سيطرتهما داخل حي المشلب، في شرق مدينة الرقة، والذي انسحب تنظيم داعش من نحو نصفه، لافتا إلى أنه تم تثبيت السيطرة على الجزء الشرقي من الحي، وهو الوحيد الذي جرى الدخول إليه.
وأوضح «المرصد»، أن عملية التثبيت هذه تتزامن مع قيام طائرات التحالف الدولي باستهداف مواقع ونقاط تمركز لعناصر «داعش»، مشيرا إلى أن عملية تقدم القوات المهاجمة يعيقها قناصة التنظيم المتمركزون في الحي، إضافة لكثافة الألغام المزروعة. وأضاف: «طائرات التحالف تعمد إلى قصف المواقع التي يتواجد فيها قناصة التنظيم، إضافة إلى قصف أهداف أخرى في الحي في محاولة لتهيئة الطريق أمام قوات عملية (غضب الفرات)، كما تدور اشتباكات داخل حرم الفرقة 17 وفي محيطها بشمال مدينة الرقة، بين قوات سوريا الديمقراطية من جهة، وعناصر (داعش) من جهة أخرى بالتزامن مع اشتباكات بين الطرفين في أطراف منطقة هرقلة في غرب حي السباهية الواقع في الأطراف الغربية للرقة».
من جهتها، أعلنت قيادة حملة «غضب الفرات» سيطرتها على قلعة هرقل التي تبعد نحو 2 كلم عن حدود مدينة الرقة، في حين أصرت على التكتم بما يتعلق بمسار المعارك داخل المدينة.
ولا يزال مصير المدنيين العالقين داخل الرقة والذي يبلغ عددهم نحو 160 ألفا مجهولا. وقد وثق «المرصد» مقتل 8 منهم في ضربات نفذتها طائرات التحالف الدولي على المدينة الرقة، تسببت أيضا بوقوع عدد من الجرحى، ليرتفع إلى 29 على الأقل بينهم 3 أطفال عدد الذين قضوا خلال الـ48 ساعة الفائتة، باستهداف طائرات التحالف الدولي لمدينة الرقة ومنطقة عبارات وتجمع قوارب عند أطراف نهر الفرات.
وكشفت حملة «الرقة تذبح بصمت» عن أن «أحد أمراء تنظيم داعش من الخط الشرقي (عبد الله الجلقيف) وهو من بلدة الكرامة واحد أقرباء المدعو أبو علي، الشرعي أحد أهم أمراء تنظيم داعش بالرقة، أقدم على الهرب والانضمام إلى قوات (قسد) بعدما كان منذ فترة قريبة يقوم بقتل المواطنين، بتهم، منها الانضمام أو مناصرة التحالف الدولي والميليشيات الكردية التي يبدو أنه قد أصبح جزءً منها». ورصدت الحملة الأحوال داخل المدينة، لافتة إلى «حركة قليلة جداً للمدنيين وتوقف كامل لخدمات (مياه – كهرباء – اتصالات) وفقدان تام للمحروقات بأنواعها، وكذلك عدم توفر الخضراوات في المحال التجارية التي فتحت أبوابها».
واستبعد نواف خليل، رئيس المركز الكردي للدراسات أن تكون معركة الرقة سهلة وسريعة كما يتم الترويج له، لافتا في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أن بعض الانسحابات التي يقوم بها التنظيم تندرج بإطار إعادة تموضعه في مواقع ومراكز يعتبرها أهم بالنسبة له. وقال: «للرقة رمزية خاصة لـ(داعش) فهي عاصمته؛ ولذلك أطلقت (قسد) على هذه المعركة توصيف المعركة الكبرى التي نتوقع أن تكون صعبة معقدة، لكن الاستعدادات كبيرة جدا من حيث الكثير والعتاد وحجم المكون العربي كما من حيث مستوى التنسيق مع التحالف الدولي».
وبمقابل اكتفاء «داعش» في الرقة في هذه المرحلة أقله بصد هجوم «قسد»، واصل التنظيم تقدمه في مدينة دير الزور على حساب قوات النظام السوري رغم الخسائر الكبيرة التي يتكبدها. وفي هذا الإطار، قال الناشط في حملة «فرات بوست» أحمد الرمضان، المتخصص بشؤون «داعش»: إن المعارك مستمرة بين طرفي التنظيم والنظام منذ نحو 5 أيام، وقد استقدم الأول تعزيزات إلى محور دير الزور الجنوبي وأوشك على فصل اللواء 137 تماما عن أحياء الجورة والقصر. وأضاف في تصريح لـ«الشرق الأوسط»: «يبدو أن (داعش) يسعى حاليا للسيطرة على اللواء 137 ويستخدم الانغماسيين بكثرة لتحقيق هدفه، علما بأنه تكبّد أكثر من 100 قتيل في الأيام الماضية جراء الحملة الجوية العنيفة التي تشنها موسكو والتي نفذت خلالها 300 غارة».
بالمقابل، أشارت وكالة «سانا» التابعة للنظام السوري إلى أن «سلاح الجو في الجيش السوري نفذ غارات ليل الثلاثاء - الأربعاء على تجمعات وتحركات لتنظيم داعش الإرهابي عند محطة وقود الإيمان وساتر منطقة البانوراما ودشمة القلعة وجسر الرقة والمجبل في محيط الفوج 137 وفي محيط مستودعات الوقود بقرية عياش ما أدى لوقوع قتلى وجرحى في صفوفه»، ولفتت إلى أن قوات النظام «قتلت في اليومين الماضيين أكثر من 50 إرهابيا من تنظيم داعش».ولا تقتصر المواجهات التي يخوضها «داعش» على الرقة ودير الزور، بل تطال ريف حلب الشرقي أيضا، بحيث أفاد «المرصد السوري» عن اشتباكات بين قوات النظام والمسلحين الموالين لها من جهة، وعناصر التنظيم المتطرف من جهة أخرى، عند الحدود الإدارية للرقة مع حلب: «في محاولة من قوات النظام التقدم في المنطقة بعدما تمكنت في الأيام الماضية من إجبار التنظيم على الانسحاب نحو مناطق سيطرته المتبقية في أقصى ريف حلب الشرقي وفي أقصى الريف الغربي للرقة، نتيجة لحتمية وقوعه في حصار مطبق ونتيجة القصف العنيف الذي يتعرض له».
«قسد» تتقدم داخل الرقة و«داعش» يرد في دير الزور
انشقاق أحد أمراء التنظيم وانضمامه للقوات المهاجمة
«قسد» تتقدم داخل الرقة و«داعش» يرد في دير الزور
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة